محمد بن المقتدر من القصر المعروف بالحسنى وبين يديه لواء عقده له أبوه المقتدر على المغرب ومعه القواد كلهم والغلمان الحجرية وجماعة الخدم حول ركابه وعلى بن عيسى عن يمينه ومونس الخادم عن يساره ونصر الحاجب بين يديه فسار في الشارع الاعظم ورجع في الماء والناس معه فاعترضه رجل بمربعة الحرشى فنثر عليه دراهم مسيفة وقال له بحق أمير المؤمنين إلا أذنت لى في طلى الفرس بالغالية فوقف له وجعل الرجل يطلى وجه الفرس فنفر منه وقيل له دع وجهه واطل سائر بدنه فأقبل يطلى عرف الفرس وقوائمه بالغالية فقال محمد بن المقتدر لمن حوله اعرفوا لنا هذا الرجل (وفى هذه السنة) قلد أبو بكر محمد بن على الماذرائى أعمال مصر الاشراف على أعمال الشأم وتدبير الجيوش وخلع عليه وذلك يوم الخميس للنصف من شهر رمضان وخلع في هذا النهار أيضا على القاسم بن سيما وعقد له على الاسكندرية وأعمال برقة (وفى هذه السنة) في جمادى الآخرة ورد الخبر بوفاة على بن أحمد الراسبى وكان يتقلد جندي سابور والسوس وما ذرايا إلى آخر حدودها وكان يورد من ذلك ألف ألف دينار وأربعمائة ألف دينار في كل سنة ولم يكن معه أحد يشركه في هذه الاعمال من أصحاب السلطان لانه تضمن الحرب والخراج والضياع والشحنة وسائر ما في عمله فتخلف فيما وردت به الاخبار من العين ألف ألف دينار ومن آنية الذهب والفضة قيمة مائة ألف دينار ومن الخيل والبغال والجمال ألف رأس ومن الخز الرفيع الطاقى أزيد من ألف ثوب وكان مع ذلك واسع الضيعة كثير الغلة وكان له ثمانون طرازا ينسج له فيها الثياب من الخز وغيره فلما ورد الخبر بوفاة الراسبى أنفذ المقتدر عبد الواحد بن الفضل بن وارث في جماعة من الفرسان والرجالة لحفظ ماله إلى أن يوجه من ينظر فيه ثم وجه مونس الخادم للنظر في ذلك فيقال إنه صار إليه منه مال جليل وخلع على ابراهيم بن عبد الله المسمعى وولى النظر في دور الراسبى وتوفى مونس الخازن يوم الاحد لثمان بقين من شهر رضمان ولم يتخلف أحد عن جنازته من الرؤساء وصلى عليه القاضى محمد ابن يوسف ودفن بطرف الرصافة وكان جليل القدر عند السلطان فلما مات قلد ابنه الحسن ما كان يتولاه من عرض الجيوش فجلس ونظر وعاقب وأطلق وفرق سائر الاعمال التى كانت إلى مونس على جماعة من القواد الذين كانوا في رسمه وضم أصحابه إلى ملازمة أبى العباس بن المقتدر ولم يخلع على الحسن بن مونس للولاية مكان أبيه فعلم أن ولايته لا تتم وعزل بعد شهرين وعزل محمد بن عبيد الله بن طاهر وكان خليفته على الجانب الشرقي وقدم مكانه بدر الشرابى وعزل خزرى بن موسى خليفة مونس على الجانب الغربي وولى مكانه اسحاق الاشروسى ؟ ؟ وولى شفيع اللؤلؤي البريد وسمى شفيعا الاكبر * وورد الخبر في شعبان بأن أحمد بن اسماعيل ابن أحمد صاحب خراسان قتله غلمانه غيلة على فراشه وكان قد أخاف بعضهم فتواطؤا على قتله ثم اجتمع سائر غلمانه فضبطوا الامر وبايعوا لابنه نصر بن أحمد وورد كتابه على المقتدر يسأله تجديد العهد له ووردت كتب عمومته وبنى عمه يسأله كل واحد منهم ناحية من نواحى خراسان فأفرد الخليفة بالولاية ابنه وتم له الامر قال الصولى شهدت في هذا العام بين يدى محمد بن عبيد الله الوزير مناظرة كانت بين ابن الجصاص وابراهيم بن أحمد الماذرائى فقال ابراهيم بن أحمد الماذرائى في بعض كلامه لابن الجصاص مائة ألف دينار من مالى صدقة لقد أبطلت في الذى حكيته وكذبت فقال له ابن الجصاص قفيز دنانير من مالى صدقة لقد صدقت أنا وأبطلت أنت فقال له ابن الماذرائى من جهلك أنك لاتعلم أن مائة ألف دينار أكثر من قفيز دنانير فعجب الناس من كلامهما قال الصولى وانصرفت إلى أبى بكر بن حامد فخبرته الخبر فقال نعتبر هذا بمحنة فأحضر كيلجة وملاها دنانير ثم وزنها فوجد فيها أربعة آلاف دينار فنظرنا فإذا القفيز ستة وتسعون ألف دينار
صفحہ 32