بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب العيادة وما يجانسها
ذكر التشكي والمرض
عرض لي مرض أساء بالنجاة ظني، وكاد يصرف وجه الإفاقة عني. لو رآني لرآني خلالًا، ولو شئته لطرقته خيالًا. هو شورى بين أمراض أربعة: حمى لا تغب، وصداع لا يخف، وزكام يكد، وسعال لا يكف. علة هو في أسرها معتقل، وبقيدها مكبل. أمراض توالت علي، وأساءت بي وإلي، فأنا أشكوها وأشكر الله تعالى إذ جعلها عظة وتذكيرًا، ولم يبق منها حتى الآن إلا يسيرًا. أحسب الأمراض قد أقسمت على أن تجعل أعضائي مرابعها، وآلت على أن تصير جوارحي مراتعها. علل لا يصدر منها آت إلا لتكرير ورد، ولا يعزل فيها وال إلا بولي عهد. قد كرت تلك العلة فعادت عللا، وسقاني بعد نهل عللا، حليف علة أقعدتني عن الحركة، وألزمتني من المنزل عرصة العجزة. علة برته بري الأخلة، ونقصته نقص الأهلة. تركته حرضًا، وأوسعته مرضًا، وغادرته والخيال أكثف منه جثة، والطيف أوفر قوة.
اشتداد العلة وسوء الظن بها
عرض له من المرض ما صار له القنوط يغاديه ويراوحه، واليأس يخاطبه ويصافحه، ورد من سوء الظن أوخم المناهل، وبات من حسن الرجاء
1 / 86