قوله ولما كان الانقطاع سببا للغسل فاذا انقطع دم ثم اسلمت لايلزمها الغسل اذ وقت الانقطاع كانت كافرة هذا ابتداء مسالة فرعها على كون السبب هو الانقطاع وبنى عليه الفرق بينها وبين مسألة اخرى ولابد علينا ان نبسط الكلام اولا في ما اشار اليه اجمالا من ان الكفار غير مخاطبين بالشرائع عندنا ثم نقرر الكلام مع ايضاح المرام ثم نعقبه بما يليق من النقض والابرام فاعلم انهم اختلفوا في كون الكفار مخاطبين بالفروع كالصلوة والصيام والطهارة وامثالها فذهب بعض المشايخ ماوراء النهران الكفار غير مخاطبين بها لا بالمحرمات ولا بالعبادات الا ما قام عليه دليل شرعي تنصيصا او استثناء في عهود الذمة من حرمة الربو او وجوب الحدود والقصاص وغيرها وذهب اهل التحقيق من مشائخ ماوراء النهر انهم غير مخاطبين بالطاعات ومخاطبون بالحرمات كالزنا والسرقة وكذا بالمعاملات وقالت الشاقعية ومن وافقهم انهم مخاطبون بالكل كذا اذكره الاتقاني في التبيين شرح المنتخب الحسامي وذكر ابن الهمام في تحرير الاصول ان عدم كون الكفار مكلفين بالفروع مذهب مشائخ سمرقندي ومن عداهم متفقون على التكليف بها وانما اختلفوا في انه في حق الاعتقاد فقط او الاعتقاد والاداء كليهما فقال البخاريون بالاول فعندهم يعاقب الكفار على ترك الاعتقاد بها وعلى ترك الاعتقاد بالايمان وترك ادائه وقال العراقيون بالثاني كالشافعية فعندهم يعاقبون على ترك الاعتقاد والاداء كليهما كالايمان وهذا الخلاف انما هو في العبادات واما في العقوبات والمعاملات فاتفاق بتكليفهم بها لعقد الذمة وهذه المسألة ليست بخصوصها مروية عن ابي حنيفة واصحابه وانما استنبطوها من مسائل ذكرها محمد في كتبه اما القائلون بتكليفهم بالفروع فاستدلوا بظواهر النصوص كقوله تعالى ولله على الناس حج البيت فان الناس عام وكقوله تعالى ياايها الناس اعبدو ربكم الذي خلقكم وكقوله تعالى يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر قالوا الم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين فانه يدل على انهم يعاقبون على ترك هذه الطاعات والتاويل في الاول والثاني بان المراد بالناس المسلمون وفي الثالث بان المراد بالمصلين المسلمون بعيد كل البعد واما القائلون بالتكليف بحسب الاعتقاد فاستند وابان الاداء موقوف على الايمان اذ الايمان شرط الاداء كل العبادات فمع وجود الكفر كيف يخاطبون بادائها واجيب عنه بانه يمكن مخاطبتهم باداءها في زمان الكفر بان يومنوا او لا ثم يودوا الطاعات والممتنع انما هو مخاطبيتهم بالاداء بشرط الكفر والنافون مطلقا بظاهر حديث معاذ انه قال له رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين بعثه الى اليمن انك تاتى اقواما من اهل كتاب فادعهم الى شهادة لا اله الا الله وان محمد رسول الله فان هم اطاعوك فاعلمهم ان الله قد فرض عليهم خمس صلوات في اليوم واليللة فان هم اطاعوا لذلك فاعلمهم ان الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من اغنيائهم ترد الى فقرائهم الحديث اخرجه البخاري ومسلم وغيرهما هذا خلاصة ما اورده في هذه المسألة والتفصيل في كتب الاصول اذا عرفت هذا كله فاعرف ان حاصل كلام الشارح ههنا انه اذا انقطع دم امراة كافرة ثم اسلمت بعد الانقطاع لايلزمها الغسل لان موجب الغسل هو نفس الانقطاع وهو امرغير مستمر قد يوجد انا فيعدم وفي ذلك الان كانت المراة كافرة والكفار غير مامور بن بالفروع عند ناقلا تومن الغسل في ذلك الوقت وبعد ما اسلمت لم يوجد السبب وهو الانقطاع لانه قد وجد فانعدم ولم يبق لداثر فلو قلنا بوجوب الغسل عليها بعد الاسلام لقلنا بوجوبه بلا سبب وهو محال وهذا بخلاف ما اذا اجنبت الكافرة بان احتلمت او وطيت ثم اسلمت حيث يجب عليها غسل الجنابة عند الاسلام لان موجب الغسل ههنا هو الجنابة وهو وصف مستمرة دائم مالم يوجد ما يزيله فان من اجنب يبقى جنبا مالم يغتسل وان كان حدوثه ايضا آنيا فتكون مجنبة بعد الاسلام ايضا وان لم توجد حدوث الجنابة فانه يقال لها من حين اجنبت الى ان تغسيل انها مجنبة فوجد هذا الوصف الذي هو السبب بعد الاسلام ايضا فيجب عليها الغسل عند ذلك فافترق انقطاع الدم قبل الاسلام والجنابة من حيث ان الاول لايوجب لاقبله لعدم مخاطبة الكفارة ولا بعده لانتفائه والثاني يوجب بعده لبقائه وان كان لايوجب قبله لعدم المخاطبة هذا غاية التوضيح لكلام الشارح وهو ماخوذ من الذخيرة وعبارتها قال محمد في السير الكبير فينبغي للرجل اذا اسلم ان يغتسل غسل الجنابة لان المشركين لايغتسلوا من الجنابة ولا يدرون كيف الغسل من ذلك وانما اراد محمد والله اعلم بما قال ان من المشركين من لايتدين الاغتسال من الجنابة ومنهم من يتدين كقريش وبنى هاشم فانهم توارثوا ذلك من اسمعيل على نبينا وعليه الصلوة والسلام الا الهم لايدورن كيفيته فحال الكفار على ما اشار اليه في الكتاب لايخلو من وجهين اما لايغتسلون من الجنابة ويغتسلون عنها ولا يدرون كيفيته وايا كان يومرون بالاغتسال بعد الاسلام لبقاء حلم الجنابة بعد الاغتسال ثم في ما ذكر محمد بيان ان صفة الجنابة يتحقق في حق الكفار عند وجود سبها وبه يتبين ان ماذكره بعض مشائخنا ان الغسل بعد الاسلام مستحب فذلك في حق من لم يكن قبل ذلك اجنب وبه ظهران من قال بان الجنابة في حق الكفار لايوجب الاغتسال بعد الاسلام لان الكفار غير مخاطبين بالشرائع غير سديد وهذا فصل اختلف المشائخ فيه فن قال يخاطبون بها يقول الغسل عليه يجب حال كفره ولهذا لواتي به يصحح وهذا ظاهر ومن قال بالهم لايخاطبون بها ينبغي ان يقول بوجوب الغسل بعد الاسلام ولذلك وجهان احدهما ان الاغتسال لايجب بالجنابة ليقال انه وقت وجوب الاغتسال غير مخاطب بالشرائع وانما وجوبه بارادة الصلوة وهو جنب كما ان الوضوء لايجب بالحدث وانما يجب بارادة الصلوة وهو محدث فههنا هو عند ارادة الصلوة جنب مسلم فلذلك يلزمه الاغتسال والثاني ان صفة الجنابة مستدامة الى ما بعد الاسلام واستدامها بعد الاسلام كانشائها ولهذا قلنا انه لو انقطع دم الحيض قبل ان يسلم ثم اسلمت لايلزمها الاغتسال لانه لاستدامة للانقطاع حتى يجعل دوامه كابتدائه فلو يوجد سبب وجوب الاغتسال في حقها بعد الاسلام لا حقيقة ولاحكما فلا يلزمها الاغتسال انتهت عبارة الذخيرة وبمثله صرح شمس الايمة السرخسي في شرح السير الكبير حيث قال في شرح قوله محمد المذكور في هذا البيان ان الجنابة تتحقق في الكفار بمنزلة الحدث اذا وجد سببه ولكن اختلف مشائخنا في ان الغسل متى يلزم فمن يقول يخاطبون بالشرئاع يقول الغسل واجب عليه حال كفره ولهذا الواتي به صحح ومن يقول لايخاطبون بالشرائع يقول انما يلزمه الاغتسال بعد الاسلام لان صفة الجنابة مستدامة بعد الاسلام كانشائه وصحة الاغتسال منه قبل الاسلام لوجود سببه وهذا بخلاف ما لو انقطع دم الحائض قبل ان تسلم ثم اسلمت لايلزمها الاغتسال لانه لاستدامة للانقطاع فاذا لم يوجد السبب بعد الاسلام حقيقة وحلما لايلزمها الاغتسال انتهى ومثله في فتاوى قاضيخان ومختارات النوازل وغيرهما واعترض الفاضل التفتازاني على الشارح بان ماذكره خلاف الجمهور فانهم صرحوا ان السبب للغسل مطلق ارادة الصلوة على مافي شرح الهداية العصامي ويؤيده ان الطهارة ليس عبادة مقصودة بل المقصود من شرعها التوسل بها الى الصلوة وما في معناها ولو سلم فكون الكفار غير مخاطبين بالشرائع ليس باتفاق المشائخ بل فيه خلاف على ما ذكر في المحيط والذخيرة من غير ترجيح ولو سلم فللانقطاع بقاء حكما وله لازم باق فلو اعتبر في الجنابة بقاءها دون حدوثها ولم يعتبر في انقطاع الحيض بقاءه ولايبعد اعتبار البقاء في الانقطاع كما في الردة التي هي زوال الاسلام انتهى اقول هذه ايرادات جيدة لاسيما الاخير ولم يظهر لي الى الان سر الفرق الذي ذكره الشارح وصاحب الذخيرة كما ينبغي قال لاوطئ بهيمة بلا انزال اي لايوجب الغسل وطئ بهيمة اذا لم ينزل فان انزل وجب الغسل وفيه خلاف الايمة الثلثة فانهم قالوا لا فرق بين وطئ المراة ووطئ للبهيمة في وجوب الغسل وان لم ينزل ونحن نقول انما وجب الغسل بالايلاج لانه سبب الانزال وهو قد يخفى عن الحس فاقيم السبب مقامه وهذه السببية انما تتحقق في ما تتكامل فيه الشهوة وفرج البهائم ليس كذلك بخلاف القبل والدبر تكميل ذكر الشر نبلالى في مراقي الفلاح ان عشرة اشياء لاتوجب الغسل المذى والودى واحتلام بلا بلل ولادة من غير روية دم على الصحيح وهو قولهما لعدم النفاس وقال ابو حنيفة عليها الغسل وايلاج بخرقة مانعة من وجود اللذة وحقنة لانها الاخراج الفضلات لاقضاء الشهوة وادخال اصبع ونحوه كشبه ذكر مصنوع من نحو جلد في احد السبيلين على المختار لقصور الشهوة ووطئ بهيمة وامراة ميتة من غير انزال واصابه لكر لم تزل بكارتها من غير انزال لان البكارة تمنع القتاء الختانين انتهى ملخصا ويزاد عليه سيلان المنى في القبل بدون الايلاح والايلاح في السرة ونحوها والايلاج في فرج خنثى على ما قيل وايلاج ذكر البهائم وايلاج حشفة ميت والايلاج في دبر نفسه وانقطاع الحيض والنفاس حالة الكفر على ما قيل وخروج المني تغير شهوة والايلاج في فرج الصغيرة والتبطين ونحو ذلك وقد ذكرنا كل هذا سابقا قال وسن للجمعة والعيدين لما فرغ عن الغسل المفروض وما يوجبه شرع في عد الغسل المسنون وذكر منه الغسل للجمعة والعيدين وعرفة والاحرام ولم يذكر المندوب ولابد علينا ان نفصل في التقسيم تفصيلا فنقول الغسل منه ماهو فرض ومنه ماهو مسنون ومنه ماهو مندوب اما القسم الاول فمنه الغسل بعد الانزال وعند الاحتلام وبعد غيبة الحشفة في قبل او دبر عند روية المستيقظ المذى وان لم يذكر الاحتلام وعند انقطاع الحيض والنفاس وقد مر ذكر هذه مع دلائلها ومنه الغسل بعد الاسلام لو حصلت شيء من موجباته قبل ذلك لم يغتسل غسلا شرعيا على الاصح كما كما في البرهان والايضاح ومراقي الفلاح وغيره خلافا لما ذكره الشارح في الانقطاع وقد مر ما عليه ويجب الغسل اذا بلغ لا بالسن بان احتلم الصبي او الصبية وانزلا على وجه الدفق اول مرة او حاضت المراة اول مرة او نفست وقال بعضهم لايجب الغسل لان الخطاب انما بتوجه عقيب البلوغ فهو سابق على الخطاب والاحوط هو الوجوب قاله قاضيخان وغيره كذا في الغنية واما القسم الثاني فمنه الغسل للجمعة وقد وردت احاديث بفضله بعضها تدل على وجوبه وبعضها على استنانه وبعضها على استحبابه فروى الطبراني في الاوسط قال المنذري اسناده قريب الى الحسن عن عبد الله بن ابي قتادة قال دخل على ابي وانا اغتسل يوم الجمعة فقال غسلك هذا من جنابة وللجمعة قلت من جنابة قال اعد غسلا آخر قاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول من اغتسل يوم الجمعة كان في طهارة الى الجمعة الاخرى ورواة ابن خزيمة في صحيحه وقال هذا حديث غريب لم يروه غير هارون يعني ابن مسلم ورواه الحاكم وقال صحيح على شرطهما ورواه ابن حبان في صحيحه بلفظ من اغتسل يوم الجمعة لم يزل طاهر الى الجمعة الاخرى وروى ابن خزيمة في صحيحه عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم اذا كان يوم الجمعة فاغتسل الرجل وغسل راسه ثم تطيب من اطيب طيبة وليس من صالح ثيابه ثم خرج الى الصلوة ولم يفرق بين اثنين ثم استمع الامام غفر له من الجمعة وزيادة ثلثة ايام وروى احمد والطبراني وابن خزيمة عن ابي ايوب الانصاري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب ان كان عنده وليس من احسن ثيابه ثم خرج حتى ياتي المسجد فيركع ما بدأ له ولم يوذ احد ثم انصت حتى يصلى كان كفارة لما بينها وبين الجمعة الاخرى وروى احمد والطبراني عن ابي الدراء مروعا من اغتسل يوم الجمعة ثم لبس من احسن ثيابه ومس طيبا ان كان عنده ثم مشى الى الجمعة وعليه السكينة ولم يتخط احد ولم يوذه ثم ركع ماقضى له انتظر حتى ينصرف الامام غفر مابين الجمعتين وروى احمد عن عطاء الخراساني قال كان نبيشة الهذلي يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم انه قال ان المسلم اذا اغتسل يوم الجمعة ثم اقبل الى المسجد لايؤذى احد فان لم يجد الامام خرج صلى ما بدأ له وان وجد الامام قد خرج جلس واستمع وانصت حتى يقضي الامام جمعة ان لم يغفر له في جمعته تلك ذنوبه كلها ان تكون كفارة الجمعة الى تليها وروى الطبراني في الكبير والاوسط عن ابي بكر الصديق وعمران بن حصين قالا قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من اغتسل يوم الجمعة كفرت عنه ذنوبه وخطاياه فاذا اخذ في المشي كتب له بكل خطوة عشرون حسنة وروى احمد قال المنذري ورجاله رجال الصحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا من غسل واغتسل دنى اقترب واستمع كان بكل خطوة يخطوها قيام سنة وصبامها وروى احمد وابو داود والترمذي وقال حديث حسن والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان والحالم عن اوس بن اوس القفي سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول من غسل واغتسل وبكر ابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الامام فاستمع ولم بلغ كان له بكل خطوة عمل سنة اجر صيامها وقيامها فهذه الاخبار وامثالها وهي كثيرة شهيرة تدل على فضل الغسل يوم الجمعة وقد اجمع العلماء على ذلك لاخلاف بينهم في ذلك واختلفوا في انه واجب او سنة مؤكدة او مستحب فطائفة ذهبوا الى انه واجب وهم الظاهرية وبه قال الحسن البصري وعطاء بن ابي رباح والمسيب بن رافع كذا قال العيني في البناية وهو المحكى عن جماعة من السلف منهم ابو هريرة وعمار بن ياسر والمروى عن احمد الروايتن عنه كذا في ارشاد السارق وتنسب صاحب الهداية الوجوب الى مالك ونسبة غير مطابقة لما في الاستذكار لا اعلم احد اوجب الغسل للجمعة الا اهل الظاهر فانهم اوجبوه وروى ابن وهب عن مالك انه سئل عن غسل يوم الجمعة اواجب هو قال هو سنة قيل له في الحديث انه واجب قال ليس كلما جاء في الحديث يكون كذلك وروى اشهب عن مالك انه سئل عن غسل يوم الجمعة اواجب هو قال حسن وليس بواجب انتهى ملخصا لكن ذكر النووي في شرح صحيح مسلم ان ابن المنذر قد حكى الوجوب عن مالك وطائفة ذهبوا الى انه سنة مؤكدة وهم الاكثرون فمن اصحابنا القدورى نص على سنية الغسل للجمعة والعيدين وعرفة والاحرام في مختصرة والمصنف والشارح في النقاية وصاحب المنية وشارحها ابن امير حاج حيث قال الذي يظهر واستنان غسل الجمعة لما روى عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يغتسل من اربع من جنابة ويوم الجمعة وغسل الميت ومن الحجامة رواه ابو داود وصححه ابن خزيمة والحاكم وقال على شرط الشيخين وقال البيهقي رواته كلهم ثقات فان هذا الحديث ظاهرا تقييد المواظبة انتهى وصاحب الكنز وصاحب خزانة المفتين وصاحب تحفة الملوك وقاضيخان في فتاواه وصاحب الخلاصة وصاحب التاتار خانية نقلا عن المحيط وصاحب الهداية في مختارات النوازل وصاحب الدرة المنيفة وصاحب الدرر وصاحب النهر وصاحب مراقي الفلاح وصاحب التنوير وغيرهم من المتقدمين والمتاخرين ومن الشافعية النووي والقسطلاني وابن ارسلان في صفوة الزبد وزين الدين المليباري في قرة العين وغيرهم ومن المالكية ابن ابي زيد حيث قال في رسالته الغسل للجمعة واجب اي وجوب السنن وقال ايضا الغسل للعيدين حسن وليس بلازم وخليل بن اسحق في مختصره وابن عبد البر والزرقاني وغيرهم وطائفة ذهبوا الى انه مستحب وهم شرذمة قليلة من اصحابنا آخذين ذلك من قول محمد في الاصل انه حسن واختاره ابن الهمام وقال النظر يوجب الاستحباب والحلبي فقال في شرح المنية الصغير الاصح انه مندوب اما الطائفة الاولى فاستندت بظواهر بعض الاخبار التي تدل على الوجوب منها حديث ابن عراخرجه مالك في الموطأ ومن طريقة البخاري والنسائي في صححيهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم اذا جاء احدكم الجمعة فليغتسل ورواه الترمذي بلفظ من اتى الجمعة فليغتسل وقال حديث ابن عمر حديث حسن غريب ورواه ابن ماجة عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول على المنبر من اتى الجمعة فليغتسل واخرج الطحاوي في شرح معاني الاثار عن يحيى قال سمعت رجلا يسأل ابن عمر عن الغسل يوم الجمعة فقال امر نابه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومنها حديث ابي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم اخرجه مالك والبخاري وابن ماجة والنسائي ومسلم والطحطاوي وغيرهم واخرجه النسائي ومسلم ايضا بلفظ الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم والسواك ويمس من الطيب ماقدر عليه ومنها حديث عمر اخرجه مالك والبخاري ومسلم عن ابن عمر ان عمر بن الخطاب بينما هو قائم في الخطبة يوم الجمعة اذ دخل رجل من المهاجرين الاولين من اصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فناداه عمراية ساعة هذه قال اني شغلت فلو انقلب الى اهلي حتى سمعت التاذين فلم ازد ان توضأت فقال والوضوء ايضا وقد علمت ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يامر بالغسل وروى مسلم عن ابي هريرة قال بينما عمر بن الخطاب يخطب الناس يوم الجمعة اذ دخل عثمان بن عفان فعرض به عمر فقال ما بال رجال يتاخرون بعد النداء فقال عثمان ياامير المؤمنين مازدت حين سمعت النداء الا ان توضأت ثم اقبلت فقال عمرو الوضوء ايضا الم تسمعوا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول اذا جاء احدكم الى الجمعة فليغتسل وروى الطحاوي عن ابن عباس بينما عمر يخطب الجمعة اذا قبل رجل فدخل المسجد فقال له عمر الان فقال ما زدت حين سمعت النداء على ان توضأت ثم جئت فلما ادخل امير المؤمنين عم ذكرته فقلت ما سمعت ما قال قال حدثنا قلت قال مازدت على ان توضأت حين سمعت النداء فقال اما انه قد علم انه امرنا بغير ذلك قلت وماهو قال الغسل قلت انتم ايها المهاجرون الاولون ام الناس جميعا قال لا ادري ومنها حديث ابي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حق الله على كل مسلم ان يغتسل في كل سبعة ايام اخرجه البخاري ومسلم زاد البزار والطحاوي وذلك يوم الجمعة ومنها حديث جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على كل رجل مسلم في كل سبعة ايام غسل يوم هو يوم الجمعة اخرجه النسائي واخرجه الطحاوي بلفظ الغسل واجب على كل مسلم في كل اسبوع يوما يوم الجمعة ومنها حديث البراء بن عازب قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ان من الحق على المسلم ان يغتسل يوم الجمعة وان يمس طيبا ان كان عند اهله اخرجه الطحاوي ومنها حديث حفصة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على كل محتلم الرواج الى الجمعة وعلى من راح الى المسجد الغسل اخرجه الطحاوي ومنها حديث عائشة ان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يامرنا بالغسل اخرجه الطحاوي واخرج الطحاوي ايضا اثارا موقوفة على سعيد وابي قتادة وابي هريرة وعن عبد الله قال كنت قاعدا مع سعد فذكر الغسل يوم الجمعة فقال سعد ما كنت ارى مسلما يدع الجمعة وروى عن طاوس قال سمعت ابا هريرة يقول حق الله واجب على كل مسلم في سبعة ايام يغتسل ويمس طيبا ان كان لاهله وروى عن ثابت ابن ابي قتادة ان اباه قال له اغتسلت للجمعة فقلت له اغتسلت من جنابة فقال اغتسل للجمعة فانك انما اغتسلت للجنابة فهذه وامثالها اخبار مرفوعة وموقوفة دالة على الوجوب وللجمهور في الجواب عنها طرق ثلثة الطريق الاول المعارضة باحاديث تدل على عدم الوجوب منها حديث من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فهو افضل اخرجه ابو داود والترمذي والنسائي وغيرهم عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه ايضا احمد في مسنده والبيهقي في سننه وابن ابي سيبة في مصنفه والدارمي في سننه وغيرهم فان قلت الحديث معلول بان الحسن لم يسمع من سمرة كما قاله ابن حبان في النوع الرابع من القسم الخامس من صحيحه وقال النسائي والدار قطني لم يسمع منه الا حديث العقيقة قلت قد ذكر البخاري في تاريخه الوسط عن علي بن المديني سماعه منه ونقله الترمذي عن البخاري في جامعه وسكت عليه واختاره الحالم في المستدرك وقد نقل الزيلعي في نصب الراية عبارتهم فارجع اليه واخرج ابن ماجة بسند ضعيف عن انس مرفوعا من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت تجزى عنه الفريضة ومن اغتسل فالغسل فضل واخرجه الطحاوي والبزار بسند فيه الضحاك بن حمزة وهو ضعيف واخرجه الطبراني في معجمه الوسط من طريق اخرون البيهقي والبزار عن اب سعيد الخدري مرفوعا مثله وفي سنده لسيد ابن زيد وهو كذاب قاله ابن معين واخرج البزار في مسنده عن ابي هريرة مرفوعا مثله ابن عدي في الكامل واعله بابي بكر الهذلي واخرج عبد بن حميد في مسنده وعبد الرزاق والبزار عن جابر مرفوعا نحوه وروى نحوه الطبراني العقيلي في التاب الضعفاء عن جابر مرفوعا بسند ضعيف ورواه البيهقي في سننه بسند غريب من حديث ابن عباس فان قلت كيف يكون هذا الحديث معارضا لاحاديث الوجوب وهي قوية منه قلت هذا الحديث بكثرة طرقه تفيد قوة وثاقه كما تقرر في محله فيصلح معارضا ومنها حديث ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من توضأ واحسن الوضوء ثم اتى الجمعة فدنى واستمع وانصت غفر له مابينه وبين الجمعة وزيادة ثلثة ايام ومن مس الحصى فقد لغا اخرجه الترمذي وقال حسن صحيح وابن ماجة في باب الرخصة في ترك الغسل ومنها ما اخرجه الطحاوي في شرح معاني الاثار عن انس مرفوعا توضأ يوم الجمعة ومن اغتسل فالغسل حسن واخرج طريق اخر عنه مرفوعا من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت وقد ادى الفرض ومن اغتسل فالغسل افضل ثم قال قد بين رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا الحديث ان الفرض هو الضوء وان الغسل افضل والطريق الثاني ادعاء نسخ الوجوب فقال طائفة بحديث سمرة المذكور سابقا ورده ابن الجوزي في التحقيق في هذا بعد اذ لاتاريخ معهم وايضا فاحاديث الوجوب اقوى والضعيف لاينسخ القوي انتهى وقال طائفة بحديث ابن عباس وعائشة فالهما يدلان على ان الوجوب كانت لعلة فبارتفاعها يرتفع الوجوب فقد روى ابو داود عن عائشة قالت كان الناس مهان انفسهم فيروحون الى الجمعة بهيأتهم فقيل لهم لو اغتسلتم وروى عن عكرمة ان اناسا من اهل العراق جاؤا الى ابن عباس فقالوا ترى الغسل يوم الجمعة واجبا قال ولكنه اطهر وخير لمن اغتسل ومن لم يغتسل فليس عليه بواجب وسأخبر كم كيف بدؤا الغسل كان الناس مجهودين يلبسون الصوف ويعملون على ظهورهم وكان مسجدهم ضيقا مقارب السقف فخرج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في يوم حار وعرق الناس في ذلك الصوف حتى ثارت منهم رياح اذى لك بعضهم بعضا فلما وجد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تلك الريح قال ايها الناس اذا كان هذا اليوم فاغتسلوا وليمس احدكم افضل ما يجد من دهنه وطيبة وقال ابن عباس ثم جاء الله تعالى ذكره بالخبر ولبسوا غير الصوف وكفوا العمل ووسع مسجدهم وذهب بعض الذي كان يؤذى بعضهم بعضا من العرق وروى النسائي عن القاسم بن محمد اابي بكر انه قال ذكروا غسل يوم الجمعة عند عائشة فقالت انما كان الناس يسكنون العالية فيحضرون الجمعة ولهم وسخ فاذا اصابهم الريح سطعت ارواحهم فيتاذى به الناس فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال او لايغتسلون وروى مسلم عن عمرة عن عائشة قالت كان الناس اهل عمل ولم تكن لهم كفاة فكانوا يكون لهم تفل فقيل لهم لو اغتسلتم وروى عن عروة عنها قالت كان الناس ينتابون الجمعة من منازلهم ومن العوالي فيأتون في العباء ويصيبهم الغبار فيخرج منهم الريح فاتى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم انسان منهم وهو عندي فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لو انكم تطهرتم ليومكم هذا وروى البخاري عن عمرة عن عائشة نحوه وروى الطحاوي في شرح معاني الاثار عن ابن عباس مثل رواية ابي داود وقال فهذا ابن عباس يخبران الامر الذي امر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يكن للوجوب عليهم وانما كان لعلة ثم ذهبت تلك العلة فذهب الغسل وهو احد من روى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم انه كان يامر بالغسل انتهى ثم روى عن عائشة مثل رواية ابي داود ايضا وقال فهذه عائشة تخبر بان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم انما كان ندبهم الى الغسل للعلة كما اخبر بها ابن عباس وانه لم يجعل ذلك عليهم حتما وهي احد من روينا عنها ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يامر بالغسل انتهى وفي نصب الراية مما يدل على النسخ ماروده ابن عدي في الكامل من حديث الفضل ابن المختار عن ابان بن ابي عياش عن انس قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من جاء منكم للجمعة فليغتسل فلما كان الشتاء قلنا يارسول الله امرتنا بالغسل للجمعة وقد جاء الشتاء ونحن نجد البرد فقال من اغتسل فبها ونعمت ومن لم يغتسل فلا حرج الا ان هذا سند ضعيف يشد بغيره انتهى الطريق الثالث عدم تسليم دلالة ماذكره القائلون بالوجوب من الاحاديث على الوجوب اما حديث ابن عمر فلان الامر فيه محمول على الاستحباب توفيقا بينه وبين حديث من توضأ فبها فأن قلت هذا الحديث ضعيف وحديث ابن عمر صحيح فكيف التوفيق بين الصحيح والضعيف قلت قد روى هذا الحديث عن سبعة انفس من الصحابة فحديث سمرة صحيح كما نص عليه الترمذي وحديث انس انما ضعيف لاجل زيد الرقاشي قال ابن عدي ارجو انه لاباس به لرواية الثقات عنه مع ان الاحاديث الضعيفة اذا ضم بعضها الى بعض اخذت قوة كما قاله البيهقي وغيره كذا في البناية واما حديث ابي سعيد الخدري فلان معنى قوله واجب اي متأكد في حقه كما يقال حقك واجب اي متأكد لان المراد بالواجب المتحتم المعاقب عليه كذا قال النووي في شرح صحيح مسلم وقال القرطبي ظاهر حديث ابي سعيد وجوب الاستنان والطيب لذكرهما بالعاطف والتقدير الغسل واجب والاستناد والطيب كذلك وليسا واجبين اتفاقا فدل على ان الغسل ليس بواجب اذ لايصح تشريك ماليس بواجب مع الواجب بلفظ واحد انتهى وفيه نظر اما اولا فلان دعوى الاجماع في الطيب مردوده فقد روى سفيان بن عينينة في جامعه باسنا حسن عن ابي هريرة انه كان يوجب الطيب يوم الجمعة وبه قال بعض اهل الظاهر واما ثانيا فلانه يمكن خروج الطيب والاستنان عن الوجوب بدليل اخر فيبقى ماعداه على الاصل كذا اذكره ابن المنير واما ثالثا فلانه لايمتنع عطف ماليس بواجب على ماهو واجب لاسيما اذا لم يقع التصريح بحكم المعطوف كذا قال الطيبي في شرح المشكوة واما حديث عمر فلما قال الطحاوي في شرح معاني الاثار من ان عثمان لم يغتسل واكتفى بالوضوء وقد قال له عمر قد علمت ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يامر بالغسل ولم يامره عمر ايضا بالرجوع للامر ففي ذلك دليل على ان الغسل الذي امر به لم يكن عندهما للوجوب وانما كان لعلة على ما قال ابن عباس او لغير ذلك ولو ذلك ماتركه عثمان ولما سكت عمر عن امره اياه بالرجوع حتى يغتسل وذلك بحضرة اصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما سمعه عمر وعلموا معناه ولم ينكروا من ذلك شيئا ولم يامروا بخلافه ففي هذا اجماع منهم على نفي الغسل انتهى وسبقه الى ذلك الامام الشافعي فقال في الرسالة بعد ان اورد حديث ابن عمر وحديث الخدري احتمل قوله واجب معنين احدهما انه واجب فلا يجزي الطهارة لعبادة الجمعة الا بالغسل واحتمل انه واجب بالاختيار وكرم الاخلاق والنظافة ثم استدل الشافعي على الاحتمال الثاني بقصة عثمان مع عمر قال فلما يترك عثمان الصلوة للغسل ولم يامره عمر بالخروج للغسل دل ذلك على انهما قد علما ان الامر بالغسل للاختيار كذا نقله الحافظ ابن حجر في فتح الباري ثم قال وعلى هذا الجواب قول اكثر المصنفين في هذه المسألة كابن خزيمة والطبري والطحاوي وابن حبان وابن عبد البر وهلم جرا وزاد بعضهم فيه ان من حضره من الصحابة واتفقوا على ذلك فكان اجماعا منهم على ان الغسل ليس شرطا في صحة الصلوة وهو استدلال قوي وقد نقل الخطابي وغيره اجماع اهل الظاهر على ان صلوة الجمعة بدون الغسل محرمة لكن حكى الطبري عن قوم انهم قالوا بوجوبه ولم يقولوا انه شرط بل هو واجب مستقل يصح الصلوة بدونه انتهى كلامه قلت ماذكره الشافعي والطحاوي وغيرهما انما ينهض رد اعلى من قال بكون الغسل شرطا للصلوة واما من يقول بوجوبه مستقلا فلا لان له ان يقول الغسل وان كان واجبا لكن لما شغل عثمان بامر وضاق الوقت ترك الغسل لوجوب السعي عند سماع الاذان فهو معذورة في تركه ولا يلزم من تركه ان لايكون واجبا نعم لو تركه اختيار مع سعة الوقت لكان فيه دلالة على عدم الوجوب وانما لم يامره عمر بالرجوع الى الغسل لانه قد واجب اخر وهو سماع الخطبة فوق الغسل فلو امره بالرجوع لزم اختيار الادنى وترك الاعلى فلا يلزم من عدم امره للرجوع ايضا عدم الوجوب وبالجملة وجوب الغسل مقيد بسعة الوقت وعند ضيقه وخوف فوت واجب اخر فوقه يسقط وجوبه فاذن الاولى ان يجاب بان قصة عمر لادلالة على الوجوب اصلا لان زجرة عثمان على ترك الغسل وترك الخطبة لاجل يحتمل ان يكون لترك سنة مؤكدة فان الصحابة رضى الله عنهم كانوا مبالغين في لام بالسنن نحو اهتمامهم بالواجبات فلا ينهض هذه القصة دليلا على القائلين بالسنية نعم تنهض على القائلين بمجرد الاستحباب البته واما حديث ابي هريرة وحديث البراء فلان كون الغسل حقا لله على عبادة لايستلزم وجوبه بل يشمل السنية ايضا واما حديث جابر وحفصة فلان كلمة على تدل على اللزوم وهو موجود في السنية واما حديث عائشة فلان الامر مستعمل في الندب ايضا واما اثر سعد فلما ذكره الطحاوي من ان معناه ماكنت ارى مسلما يدع الغسل يوم الجمعة لما فيه من الفضل مع خفة مؤقتة واما اثر ابي هريرة فلانه ورد فيه ويمس طيبا فلم يكن مس الطيب على الفرض فذكلك الغسل كذا قال الطحاوي وفيه نظر لما مر من ان مذهب ابي هريرة وجوب الطيب والغسل فلا حاجة الى تأويله وفي فتح الباري حكى ابن حزم الوجوب عن عمرو جم غفير من الصحابة ومن بعدهم ثم ساق الرواية عنهم لكن ليس فيها عن احد منهم التصريح بذلك الا نادرا وانما اعتمد في ذلك على اشياء محتملة كقول سعد ما كنت اظن مسلما يدع غسل يوم الجمعة انتهى واما اثر ابي قتادة فقال الطحاوي هو ارادة منه للقصد بالغسل للجمعة لاصابة الفصل هذا كله كان كلاما في استدلالات الطائفة الاولى مع ما لهم وما عليهم واما الطائفة الثانية القائلة بالسنية فاستدلت بالمواظبة الثابتة من حديث عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يغتسل من اربع من الجنابة ويوم الجمعة ومن الحجامة ومن غسل الميت كما نقله من حلية المحلى وفيه نظر لانه لم يثبت انه عليه الصلوة السلام وغسل ميتا فكيف يصح نسبة الغسل منه اليه فلابد ان يصار الى ان معنى يغتسل يامر بالغسل فلا دلالة له على المواظبة الفعلية فالاولى ان يستدل بما رواه احمد في مسنده والطبراني في المعجم الكبير عن الفاكه قال كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يغتسل يوم الجمعة ويوم الفطر ويوم النحر ويوم عرفة وذكر صاحب البحر وغيره لاثبات السنية حديث سمرة ومن اغتسل فهو افضل وانت تعلم انه لايدل الا على الفضل والاستحباب دون الاستنان واما الطائفة الثالثة فقالت ان غسل الجمعة لامرد لشرعيته وكان واجبا على ما تفيده رواية مالك عن ابن عمر فان عول في الجواب على النسخ مع مادفع به ان الناسخ وان صححه الترمذي لايقوى قوة حديث الوجوب وليس فيه تاريخ ايضا فعند التعارض يقدم الموجب فاذا انسخ الوجوب لايبقى حكم بخصوصه الا بدليل والدليل يفيد الاستحباب وهو حديث سمرة وكذا ان عول على انه من قبيل انتهاء علته كما يفيده ما ارخجه ابو داود عن عكرمة وان عول على ان المراد بالامر في حديث ابن عمر الندب وبالوجوب في حديث الخدري الثبوت شرعا على وجه الندب بالقرينة المنفصلة اعني قوله عليه السلام ومن اغتسل فهو افضل فدليل الندب يثبت الاستحباب اذ لاسنة بدون المواظبة عليه السلام وليس ذلك بلازم كذا ذكره ابن الهمام في فتح القدير وفيه نظر لما مر من حديث المواظبة ومنه الغسل للعيدين وفيه قولان احدهما انه سنة مؤكدة وهو قول الجمهور فكل من صرح بسنية غسل الجمعة صرح بهذا وبسنية غسل الاحرام وعرفة ويدل عليه ما رواه ابن ماجة عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يغتسل يوم الفطر ويوم الاضحى وروى ايضا عن الفاله بن سعد ان رسول الله عليه الصلوة والسلام كان يغتسل يوم الفطر ويوم النحر ويوم عرفة وذكر الحافظ ابن حجر في تخريج شرح الوجيز للرافعي انه رواه البزار والبغوي وابن قانع وعبد الله بن احمد في زيادات المسند من حديث الفاكه واسناده ضعيف ورواه البزاز من حديث ابي رافع واسناده ضعيف ايضا وفي الباب من الموقوف عن على رواه الشافعي وعن ابن عمر رواه مالك وروى البيهقي عن عروة بن الزبير انه اغتسل للعيد وقال انه السنة انتهى وثانيهما انه مستحب وهو قول من قال باستحباب غسل الجمعة وقد اختلفوا في ان غسل الجمعة لليوم او للصلوة كما سياتي وتقريره في شرح الشرح ولم يذكروا ان غسل العيدين هل هو لليوم او للصوة ولذا قال صاحب المنبع شرح المجمع فان قلت هل يتاتي هذا الاختلاف في غسل العيدين قلت يحتمل ذلك ولكني ماظفرت به انتهى وقال صاحب البحر الظاهر انه للصلوة ايضا ويشهد له ماصح في موطأ مالك عن نافع عن ابن عمر انه كان يغتسل يوم الفطر قبل ان يغدو انتهى وتعقبه صاحب النهر بانه قال فلا خسروا في الغرر مالفظه ويس لصلوة جمعة ولعيد وقال في شرحه الدرر اعاد اللام لئلا يفهم كونه سنة لصلوة العيد وهذا صريح في انه لليوم فقط وذلك لانه يوم سرور والسرور فيه عام فيندب فيه التنظيف لكل قادر عليه صلى ام لا انتهى وفي شرح النقاية لا لياس زاده لم ينقل في هذا الغسل انه لليوم او للصلوة وينبغي ان يكون مثل الجمعة لان العيدين ايضا الاجتماع فيستحب الاغتسال دفعا للرائحة انتهى ومنه الغسل اللاحرام وهو له لليوم قاله صاحب النهر ودليله ماروى من طرق انه عليه الصلوة والسلام كان يغتسل لاحرامه فروى الترمذي والدارمي في سننه من طريق ابن ابي الزناد عن ابيه عن خارجه بن زيد بن ثابت عن ابيه انه رأى النبي عليه الصلوة والسلام تجرد لا هلاله واغتسل قال الترمذي هذا حديث غريب حسن واخرجه الطبراني والدار قطني بلفظ اغتسل لاحرامه واخرجه العقيلي بسند الدار قطني واعله بابي عذبة قال عنه مناكير ولا يتابع عليه الا من طريق فيه ضعف انتهى واخرج الطبراني في معجمه الوسط حدثنا عيسى بن محمد الواسطي حدثنا محمد بن عمرو الهروي حدثنا عبيد الله بن المجيد الحنفي حدثنا بن الياس عن صالح بن ابي حسان عن عبد الملك ابن مروان عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان اذا خرج مكة اغتسل حين يريد ان يحرم وروى الحاكم في المستدرك وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه عن يعقوب بن عطاء بن ابي رباح عن ابيه عن ابن عباس قال اغتسل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم لبس ثيابه فلما اتى ذا الحليفة صلى ركعتين ثم قعد على بعيرة فلما استوى احرام روى ابن ابي شيبه في مصنفه عن سهل بن يوسف عن حميد عن بكر بن عبيد الله المزني عن ابن عمر قال من السنة ان يغتسل اذا اراد ان يحرم واخرجه البزاز في مسنده والدار قطني في سننه والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجا وروى الدارمي في سننه ومسلم عن عائشة قالت نفست اسماء محمد بن ابي بكر بالشجرة فامر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ابا بكر ان يامرها بان تغتسل وتهل واخرجه النسائي مطولا قاله النووي في شرح صحيح مسلم فيه استحباب اغتسال الحائض والنفساء للاحرام وهو مجمع عليه لكن مذهبنا ومذهب مالك وابي حنيفة والجمهور انه مستحب وقال الحسن واهل الظاهر هو واجب انتهى وقال ابن الهمام ان الغسل للاحرام مستحب اي ليس بسنة ايضا وقال اماما روى الترمذي عن خارجة بن زيدي ثابت عن زيد بن ثابت انه عليه السلام تجرد لاهلاله واغتسل فوافقه حال لاتستلزم المواظبة فاللازم الاستحباب الا ان يقال الاهلال جنس مضاف فيعم اللفظ كل اهلال صدر منه فيثبت سنيه هذا الغسل انتهى وانت تعلم انه لاحاجة الى هذا التكلف لثبوت السنية باخبار اخر ومن الغسل يوم عرفة واختار ابن الهمام ومن تبعه انه مستحب ليس بينة وقد مر مايدفعه سابقا وفي البدائع يجوز ان يكون غسل عرفة صلى الخلاف السابق في الجمعة انتهى وقال ابن امير حاج في الحلية الظاهر انه للوقوف وما اظن احد ذهب الى استانة ليوم عرفة من غير حضور عرفات انتهى وفي رد المحتار عن شرح نظم الكنز للمقدسي اقول لايستبعد ان يقول احد بسنيته لليوم لفضيلته حق لو حلف لطلاق امراته في افضل ايام العام تطلق يوم عرفة ذكره ابن مالك في شرح المشارق وقد وقع السؤال عن هذا في هذه الايام وداريين الاقوم وكتب بعضهم بافضلية يوم الجمعة والنقل بخلافه انتهى واما القسم الثالث فمنه الاغتسال لدخول مكة والوقوف بمزدلقة ودخول مدينة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومن اغتسل الميت والحجامة لشبهة الخلاف وليلة القدر اذا راها وللجنون اذا افاق والصبي اذا بلغ بالسن كذا في فتح القدير وذكر صاحب الحلية ان الظاهر ان الغسل لدخول مكة سنة للمواظبة كما يدل عليه مارواه البخاري وغيره عن نافع قال كان ابن عمر اذا ادخل ادنى الحرام وامسك ثم يبيت بذي طوى ثم يصلى به الصبح ويغتسل ويحدث ان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يفعل ذلك ومنه غسل الكافر اذا اسلم بذلك امر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من جاء يريد الاسلام كذا في التجنيس وهو ما اخرج احمد في مسنده عن ابي هريرة ان ثامة ابن اثال اسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم اذدهبوا به الى حائط بني فلان ومروه ان يغتسل واخرج ابو نعيم في حلية الاولياء في ترجمة منصور بن عمار حدثنا سليمان بن احمد حدثنا محمد بن ادريس بن مطيب المصيصي ثنا سليم ابن منصور بن عمار حدثنا ابي ثنا معروف ابو الخطاب عن واثلة بن الاسقع قال لما اسلمت اتيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال اغتسل بماء سدر واحلق عنك شعر الكفر وفي شرح السير الكبير لشمس الايمة السرخسي عن كليب انه قدم على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فبايعه وقال احلق عنك شعر الكفر فحلق راسه قال محمد ولا يرى هذا من الواجب على الناس الا ترى انه لم يامر به اكثر الصحابة ولعلع راى كليبا معجبا بشعره فامره ان يزيل عنه او استحب له زيادة التطهير بخلاف ماتقدم من الاغتسال فان الامر به كان على سبيل الايجاب انتهى قلت هذا ما مر في بحث الغسل يفيدك ان غسل الكافر اذا اسلم واجب لان الكفارة لايدرون كيفية الغسل يغتسلون على وجه يطهرون به وحكم الاستحباب في ماعدا ذلك ومنه الغسل في ليلة البراءة اي ليلة النصف من شعبان وليلة عرفة كذا في التاتار خانية نقلا عن خزانة الفقه ومن الغسل في كل يوم من ايام التشريق والغسل لطواف الوداع وعند دخوله في منى يوم النحر كذا في مفاتيح الجنان شرح شرعة الاسلام ومنه الغسل لصلوة الكسوف وصلوة الخسوف وصلوة الاستسقاء كذا في الدرة المنيفة والدرر شرح الغرور ومنه الغسل للتائب من الذنب وللقادم من سفر ولمن يراد قتله وللمستحاضة اذا انقطع دمها كذا في حلية المحلى نقلا عن خزانة انهالاكمل ومنه الغسل لطواف الزيادة ولصلوة من فزع من مخوف ومن ظلمة حصلت نهارا من ريح شديد في ليل او نهار كذا في راقي الفلاح ومنه الغسل لحضور مجمع الناس كذا في شرح المهذب للنووي قال صاحب البحر لم اجده لايمتنا اقو هو مصرح في البناية شرح الهداية للعيني ومعراج الدراية ومنه الغسل لمن لبس ثوبا جديد كذا في خزائن الاسرار شرح تنوير الابصار نقلا عن النتف ومنه الغسل للرمي يوم البحر الاغتسال يوم النحر خمسة للوقوف بمزدلفة بعد طلوع الفجر ودخول منه ورمى الجمار ودخول مكة والطواف الظاهر انه ينوب غسل واحد عنها كذا في رد المحتار ومنه الغسل لمحتلم اراد معاودة اهله لحديث ورد بذاك ومنه غسل من اصابته نجاسة وخفى مكانها فيغتسل جميع بدنه وجميع ثوبه احتياطا كذا في مراقي الفلاح قال الطحاوي في حواشيه عده في البحر من الغسل المقروض وهو الذي تفيده عبارة السيد وهو الصحيح خلافا لمن قال انه يطهر يغسل طرف منه انتهى وليعلم انه ذكر صاحب المنية وغيره قسم رابعا للغسل وهو الواجب ومثلوه بغسل الميت مع كالاجنبي من المبحث لانه غسل خارج من ذات من كلف به فكان كغسل الثوب مع ان الظاهر من الادلة ان غسل الميت فرض كفاية اذا قام به البعض سقط عن الكل كذا في الغنية قوله فغسل الجمعة سن الصلوة الجمعة وهو الصحيح لايدر ماهذه الفاء وقدمنا ان الشارح شديد المحبة بحرف الفاء حيك في الشيء يعمر ويصم وبيان الاختلاف في غسل الجمعة انهم اختلفوا في ذلك على قولين الاول انه لليوم وهو قول الحسن بن كما حيك في الهداية وغيرها وبه قال محمد وداود الظاهري وهو رواية عن ابي يوسف كما في البناية والدليل اما عقلا فهو يوم الجمعة سيد الايام واشرفها فيسن فيه الغسل اظهار للفضيلة واما نقلا فحديث غسل يوم الجمعة واجب على كل محتار غير ذلك من الاحاديث الدالة على اضافة الغسل الى اليوم الجواب عنه انه قدم من حديث ابن عباس وعائشة ان شرعية في الغسل انما هو لازالة الرائحة لئلا يتاذى به الناس واضافته الى اليوم لايدل على انه مع قطع النظر عن الصلوة الثاني وهو الصحيح عند الجمهور وهو قول ابي يوسف على مافي الهداية وغيرها انه للصلوة لالليوم والدليل عليه حديث ابن عباس عائشة وحديث اذا جاء احدكم الجمعة فليغتسل وغيره ذلك من الاحاديث المارة وثمرة هذا الاختلاف تظهر في مسائل انها مافي البناية ومختارات النوازل وغيرهما ان من لاتجب عليه صلوة الجمعة كالمرآة والعبد والمسافرين لهم الغسل على قول حسن عند ابي يوسف ومنها مافي الخلاصة والبناية وغيرهما انه لو اغتسل يوم الجمعة ثم احدث وصلى بوضوء مستحدث لا ينال اب غسل الجمعة عند ابي يوسف وعند الحسن ينال وفيه ما اورده عبد الغني النابلسي في شرح هدية ابن العماد من انهم رحوا ان هذه الاغسال الاربعة للنظافة لا للطهارة مع انه لو تخلل الحدث تزداد النظافة بالضوء ثانيا ولئن كان للطهارة ضافهى حاصلة بالوضوء ثانيا مع بقاء النظافة فالاولى عندي الاجزاء وان تخلل الحدث لانه مقتضى الاحاديث الوادرة في ذلك لب حصول النظافة كذا نقل عنه ابن عابدين في رد المحتار وفي فتح الباري استدل بالحديث مالك في انه يعتبر ان يكون الغسل متصلا بالذهاب ووافقه الاوزاعي ولليث والجمهور قالوا يجزى من بعد الفجر وقال الاثرم سمعت احمد بن حنبل سئل عن من اغتسل ثم احدث هل يكفيه الوضوء فقال نعم ولم ار فيه اعلى من حديث ابن ابزي يشير الى ما اخرجه ابن ابي شيبة باسناد صحيح من سعيد بن عبد الرحمن بن ابوي عن ابيه وله صحبة انه كان يغتسل يوم الجمعة ثم يحدث فيتوضأ ولا يعيد الغسل انتهى ومنها في الخلاصة وغيرها انه لو اغتسل قبل الصبح ودام على ذلك حتى صلى الجمعة ينال فضل الغسل عند ابي يوسف وعند الحسن لا فيه مااورده الزيلعي في شرح الكنز من انه لايشترط وجود الاغتسال في ما سن الاغتسال لاجله وانما يشترط ان يكون متطهرا لاغتسال الا ترى لايشترط الاغتسال في الصلوة وانما يشترط ان يصلي بطهارة الاغتسال فكذا ينبغي ان يكون متطهر بطهارة الى ساعة من اليوم عند الحسن لا ان ينشي الغسل فيه انتهى ويؤيد هذا الايراد مافي فتاوى قاضيخان من انه ان اغتسل قبل الصبح وصلى بذلك كانت الصلوة بغسل عند الحسن انتهى وذكر في البناية نقلا عن صلوة الجلابي انه لو اغتسل يوم الخميس او ليلة اخذ بالسنة لحصول المقصود وهو قطع الرائحة وقال صاحب البحر بعد نقله عن معراج الدراية ينبغي ان لاتحصل السنة عند ابي يوسف لاشتراطه ان لايتخلل بين الغسل والصلوة حدث والغالب في مثل هذا القدر من الزمان حصول حدث بينهما ولا تحصل السنة ايضا عند الحسن لانه يشترطان ان يكون متطهر بطهارة الاغتسال في اليوم ولا قبلة انتهى ومنها انه لو اغتسل بعد الصلوة قبل الغروب يكون اتيا بالسنة عند الحسن لا عند ابي يوسف كذا في البناية وغيرها وفيه ان المذكور في مختارات النوازل والمحيط وفتاوى قاضيخان انه لو اغتسل بعد الصلوة لايعتبر بالاجماع لايعتبر وقال صاحب البحر هو الاولى في ما يظهر لي لان سبب مشروعية هذا الغسل الاوساخ من بدن الانسان اللازم منها لدى الناس وهذا المعنى لايحصل بالغسل بعد الصلوة انتهى وقال الجونفور في حواشي الهداية ان قلت اذا اغتسل بعد الصوة لايكون مقيما للسنة بالانفاق ويجب ان يكون مقيما لها غند من يقول بأنه لليوم أجيب بان فضل اليوم للصلوة فأذا أديت الصلوة خرج يوم الجمعة حكما انتهى وفي فتح الباري قال ابن دقيق العيد لقد ابعد الظاهرى حيث ام يشترط تقدم الغسل على اقامة صلوة الجمعة حتى لو اغتسل قبل الغروب كفى عنده تعلقا باضافة الغسل الى اليوم وقد تبين من بعض الرويات ان الغسل لا زالة الروائح الكراهية وفهم منه المقصود عدم اذى الحاضرين وذلك لاينال بعد اقامة الجمعة ولذلكاقةل لو قدمه بحيث لا يحصل منه المقصود لم يعتد به والعنى اذا كان معلوما كانص قطعا أو ظنا مقارنا للقطع فاتباعه وتعليق الحكم به اولى من اتباع مجرد اللفظ قلت وقد حكى ابن عبد البر الاجماع على ان من اغتسل بعد الصلوة لم يغتسل للجمعة ولا فعل ما امر به وادعى ابن حزم انه قول جماعة من الصحابة والتبعين واطال في تقرير ذلك بما جله بصدد المنع والرد ولم يورد عن احد التصريح بتاخير الاغتسال بعد الصلوة وانما اورد عنهم مايدل على انه لايشترط اتصال الغسل بالذهاب الى الجمعة فاخذ به هو انه لافرق بين ماقبل الزوال وبعده والفرق بينهما ظاهر كالشمس انتهى فرع اذا اجتمع يوم عيد وجمعة او يوم عرفة وجمعة يكتفي غسل واحد لهما كذا في معراج الدراية هذا اخر شرح بحث الغسل ولله الحمد على اتمامه وكما فرغ المصنف عن بحث الوضوء والغسل شرع في بحث المياه التي تجوز به الطهارة وما لاتجوز به فنشرع الان في شرحه مستعينا بواهب الجود انه مفيض كل خير ومقصود قال ويجوز الوضوء انما خص الوضوء بالذكر مع ان الاولى ان يقوم الطهارة ليشمل الوضوء والغسل والتطهير عن النجاسات من الثوب والبدن لانه اكثر وقوعا فكان الاهتمام به اكثر قال بماء السماء والارض كالمطر والعين ذكر من المياء مائين ماء السماء الذي مبدأه السماء ومثله بالمطر وماء الارض اي الذي منبعه الارض ومثله بالعين ولم يدكم ماء البحار والاودية والابار ونحوها لدخولهما في ماذكره وتفصيل المقام ان المياه على ما يشاهد انواع يشملها جنسان ماء السماء والارض احدها المطر الذي ينزل من السحاب وهو داخل تحت جنس ماء السماء لانه مبدأه في الغالب والذي يدل عليه قوله تعالى او كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق وقوله وانزلنا من السماء ماء وقوله تعالى انزل من السماء وقوله تعالى وينزل من السماء من جبال فيها برد وقوله تعالى في السماء رزقكم الى غير ذلك من الايات الدالة على ان مبدأ المطر هو السماء واخرج ابو الشيخ بن حيان في كتاب العظمة انه سئل الحسن عن المطر امن السماء ام من السحاب قال من السماء انما السحاب علم ينزل الله عليه الماء من السماء واخرج ابن ابي حاتم وابو الشيخ عن خالد بن معدان قال المطر ماء يخرج من تحت العرش فينزل من سماء الى سماء حتى يجمتمع في السماء الددنيا في موضع يقال له الابزم فيجيئ السحاب السود فتدخله فتشربه فيسوقها الله حيث شاء واخرج ابن ابي حاتم وابو الشيخ عن عكرمة قال ينزل الماء من السماء السباعة فتقع القطرة على السحاب مثل البعير واخرج ابن ابي حاتم وابو الشيخ عن خالد بن يزيد قال المطر منه من السماء ومنه مايسقيه الغيم من البحر فلما ماكان من البحر فلايكون له نبات واما النبات فيما كان من السماء واخرج الشافعي في الام وابن ابي الدنيا في كتاب المطر وابو الشيخ في كتاب العظمة عن المطلب بن حنطب ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال ما من ساعة من ليل ولا نهار الا والسماء تمطر فيها يصرفه الله حيث يشاء واخرج ابن ابي الدنيا وابو الشيخ عن ابن عباس انه قال المطر مزاجه من الجنة فاذا اكثر المزاج عظمت البركة وان قل المطر واذا قل المزاج قلت البركة وان كثر المطر والدليل على طهارة ماء السماء وانه يجوز الطهارة به قوله تعالى وينزل من السماء ماء ليطهر كعبه ويذهب عنكم رجي الشيطان قال ابن عباس ان المشركين غلبوا المسلمين يوم بدر في اول امرهم على الماء فظى المسلمون وصلوا مجنبين محدثين وكانت بينهم رمال فالقى الشيطان في قلوبهم الحزن وقال تزعمون ان فيكم نبيا وانكم اولياء الله وتصلون مجنبين محدثين فانزل الله من السماء ماء فسال عليهم وادى ماء فشرب المسلمون وتطهروا كذا اخرجه عنه ابن المنذر وابو الشيخ وقد نستدل على المدعى بقوله تعالى وانزلنا من السماء ماء طهورا فان الطهور بالفتح بمعنى المطهر لقوله تعالى ليطهركم به وهو اسم لما يتطهر به كالوضوء والوقود لما يتوضأ ويوقد به قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم التراب طهور المؤمن وقال طهورا اناء احدكم اذا ولغ فيه الكلب ان يغسل سبعا كذا في تفسير البيضاوي في تفسير الامام الرازي واختلفوا في ان الطهور ماهو قال كثير من العلماء الطهور مايتطهر به كالسحور اسم لما يتسحر وهو مروى ايضا عن ثعلب وانكر صاحب الكشاف ذلك وقال ليس فعول من التفعيل في شيء والطهور في العربية على وجهين صفة واسم غير صفة فالصفه كقولك ماء طهور كقولك طاهر والاسم قولك طهور لما يتطهر حجة القول الاول قوله عليه السلام التراب طهور المسلم ولو لم يجد الماء عشر حجج ولو كان معنى الطهور الطاهر لكان معناه التراب طاهر للسلم وح لاينتظم الكلام وكذا قوله عليه السلام طهور اناء احدكم اذا ولغ فيه الكلب ان يغسله سبعا ولانه تعالى قال وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به فبين ان المقصود من الماء انما هو التطهير به فوجب ان يكون المراد من كونه طهورا انه هو المطهر به لانه تعالى ذكره في معرض الانعام فوجب حمله على الوصف الاكمل ولا شك ان المطهر اكمل من الطاهر انتهى وفي حواشي الخفاجي على تفسير البيضاوي الطهور بمعنى المطهر عند اهل اللغة كما ذكره الازهري وغيره من الثقات لا لانه من التفعيل كما ظنه الزمخشري بل لانه اله للطهارة كالفطور لما يفطر به والة الطهارة هي المطهرة فلاحاجة الى ما تكلفوا لتوجيهه انتهى وفي البحر الرائق اورد ان التمسك بالاية لايصح الا اذا كان الطهور بمعنى المطهر كما هو مذهب الشافعي ومالك واما اذا كان بمعنى الطاهر كما هو مذهبنا فلا يمكن الاستدلال والدليل على انه بمعنى الطاهر قوله تعالى وسقاهم ربهم شرابا طهورا وصفة بانه طهور وان لم يكن هناك مايتطهر به وقال جرير عذاب الثنايا يقهن طهور ومعناه طاهر واهل العربية على ان الطهور فعول من طهر وهو لازم والفعل اذا لم يكن متعديا لم يكن المفعول منه متعديا كقولهم ضحوك من ضحك قلنا انما تفيد هذه الصيغة التطهير من طريق المعنى وهو ان هذه الطيغة للمبالغة فان في الشكور والغفور من المبالغة ماليس في الغافل والشاكر فلا بد ان يكون في الطهور معنى زائد ليس في الطاهر ولايكون المبالغة في طهارة الماء الا باعتبار التطهير كذا قرره بعض الشارحين وفيه بحث من وجوه الاول انه تعالى وصف شراب اهل الجنة باعلى الصفاء وهو التطهير الثاني ان جريرا قصد تفضيلهن على سائر النساء فوصف ريقهن بانه مطهر يتطهر به لكما لهن وطيب ريقهن والثالث ان قوله ولاتكون المبالغة الخ قد يمنع بان المبالغة فيه باعتبار كثرته وجودته في نفسه لا باعتبار التطهير انتهى اقول هذا البحث الاخير مكابرة فان كثرة الماء وجودته في نفسه لاتفيد مبالغة في صفة الطهارة بل في صفاء الماء ونفسه والمبالغة في وصف الطهارة انما يكون بالتطهير وخلاصة المرام انه ان ثبت ان الطهور يجيء من المطهر فلا شبهة في تمام الاستدلال بالطهور والا فلا شبهة في مجيئه بمعنى مايتطهر به ان لم يكن ذاك ولا هذا يستفاد التطهير من المبالغة فالاستدلال تام على كل تقدير وثانيها ماء البرد وهو ايضا من جنس ماء السماء لقوله تعالى وينزل من السماء من جبال فيها من برد فان من الاولى الابتداء الغاية والثانية للتبعيض والثالة البيان او الاوليان للابتداء والآخرة للتبعيض ومعناه انه ينزل البرد من السماء من جبال فيها وعلى الاول مفعول ينزل من جبال كذا في الكشاف وفيه ايضا فان قلت مامعنى من جبال فيها من برد قلت فيه معنيان احدهما ان يخلق الله في السماء جبال برد كما خلق في الارض جبال حجر والثاني ان يريد به الكثرة بذكر الجبال انتهى وثالثها ماء الثلج وايضا من جنس ماء السماء كما في البناية وغيره اذ هو متحد مع البئر مختلف من وجه ورابعها ماء الطل وهو ايضا من ماء السماء كما هو المشاهد والدليل على جواز الطهارة بهذه الثلثة انها من ماء السماء وكل ماء السماء يجوز الطهارة به لما مر وقد يستدل على جواز الطهارة بالثلج والبرد بما اخرجه البخاري ومسلم وابو داود والترمذي والنسائي عن ابي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يسكت بين التكبير والقراءة اسكاته فقلت بابي امي يارسول الله اسكاتك بين التكبير وبين القراءة ماتقول قال اقول اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والغرب اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد فان هذا الحديث يدل على ان الثلج والبرد قابلان لان تغسل به الخطايا كالماء فبالضرورة يجوز الوضوء ونحوه به قال الطيبي في حواشي المشكوة نقلا عن التوريشتي ذكر انواع المطهرات المنزلة من السماء التي لايمكن حصول الطهارة الا باحدها تبيانا لانواع المغفرة التي في تحيص الذنوب بمثابة هذه الانواع الثلثة في ازالة الارجلس انتهى وهذا الاستدلال مذكور في البحر وغيره وقال الحافظ ابن حجر في فتح الابري استدل به بعض الشافعية واستبعد ابن عبد السلام وخامسها ماء الاودية وهو ايضا من ماء السماء لقوله تعالى انزل من السماء ماء فسالت اودية بقدر الاية فيجوز الطهارة به لما مر وسادسها ماء العيون وسابعها ماء البحار وثامنها ماء الانهار وتاسها ماء الابار وهذه المياه فيها احتمالان الاول ان يكون اصلها السماء على ما قال البغوي كل ماء في الارض فمن السماء نزل اخذ من قوله تعالى الم تران الله من السماء عماء فسلكه ينابيع في الارض وفي الكشاف قيل كل ماء في الارض فهو من السماء ينزل منها الى الصخرة ثم يقسمه الله سلكه فادخله ونظهر ينابيع عيونا ومسالك ومجاري كالعروق في الاجساد وقد ورد في بعض احاديث المعراج ان اصل بعض الانهار منها النيل من الجنة وح فوجه جواز الطهارة بها ما مر والثاني ان لم يجعل اصلها السماء بل جعلت مياه الارض والجبال كما يدل عليه ظاهر قوله تعالى وان من الحجارة لما يتفجر منه الانهار وان منها لما يشقق فيخرج منه الماء وقوله تعالى في قصة طوفان نوح وقيل ياارض ابلعي ماءك وياسماء اقلعي الاية وعليه يدل كلام الامام الرازي حيث قال في تفسير سورة النمل اعلم ان اقسام المياه المنبعثة من الارض اربعة الاول مياه العيون السيالية وهي تنبعث من ابخرة كثيرة المادة قوية الاندفاع تفجر الارض بقوة ثم لايزال يستتبع جزء الثاني ماء العيون الراكدة وهي تحدث من ابخرة بلغت من قوتها ان اندفعت ولم تبلغ من قوتها وكثرة مادتها ان يطرد تاليها سابقها الثالث مياه القنى والانهار وهي متولدة عن ابخرة ناقصة القوة عن ان تشق الارض فاذا ازيل عن وجهها ثقل التراب صادفت تلك الابخرة منفذ اتندفع اليه بادنى حركة الرابع مياه الابار وهي كمياه الانهار الا انه لم يجعل له ميل الى موضع يسيل اليه انتهى وح فوجه طهوريتها عموما والاحاديث الدالة على ان الماء مطلقا خلق طهورا لايتجنس الا بما غير طعمه اولونه او ريحة فروى ابن ماجة من حديث رشد بن سعد عن معاوية بن صالح عن راشد بن سعد عن ابي امامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ان الماء طهور لاينجسه لا ماغلب عل ريحه وطعمه ولونه ورواه الطبراني في معجمه والبيهقي والدار قطني ولم يذكروا اللون وروى الدار قطني في سننه من حديث معاوية عن راشد عن ثوبان قال قال رسول الله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الماء طهور الا ماغلب على ريحه او طعمه فان قلت هذا معلول عن راشد بن سعد فانه ضعيف قلت الراجح عند النقاد توثيقه لما في ميزان الاعتدال وثقه ابن معين وابو حاتم وابن سعد رشد ابن حزم فقال ضعيف وقال الدار قطني لاباس به انتهى نعم رشدين بن سعد ضعيف عند الاكثر والبعض وثقة كما في تهذيب التهذيب قال حرب سئلت احمد عنه فضعفه وقدم ابن اميمة عليه وقال البغوي سئل احمد عنه فقال صالح الحديث وقال ابن ابي خثيمة عن ابن معين لايكتب حديثه وقال ابن سعد كان ضعيف الحديث قال ابنقانع والدار قطني ضعيف الحديث انتهى ملخصا لكن هذا لايضر فانه قد روى هذا الحديث بطريقيين اخرين ليس فيهما شدين كما صرح به ابن دقيق العبيد في الامام وقد ورد في طهور به ماء البحر حديث صحيح قد رواه جمع من الصحابة فمنهم ابو هريرة خرج حديثه النسائي والترمذي وابو داود وابن ماجة في الموطأ سأل رجل رسول الله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال يارسول الله انا نكب البحر معنا القليل من الماء فان توضأ نأبه عطشنا أفنتوضأ من البحر فقال هو الطهور ماء الحل ميتت قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وسألت محمد بن اسمعيل عن هذا فقال حديث صحيح انتهى واخرجه ابن حبان النوع الثالث والثلثين من القسم الرابع من صحيحه والحاكم في مستدركه وابن ابي شيبة في مصنفه وغيرهم وقال الحافظ بن حجر في الاصابة عبد بسكون الموحدة بغير اضافة العركي بفتح العين المهملة والراء بعدها كان هو والملاح قيل هو اسم الذي سأل عن ماء البحر وحكى ابن بشكوال ان اسمه عبد الله المدلجي وقال الطبراني اسمه عبيد بالتصفير وقال البغوي اسمه حميد بن صخر وبلغني ان اسمه عبد ود انتهى وفي شرح الموطأ للزرقاني هذا الحديث اصل من اصول الاسلام تلقته الايمة بالقبول وتداولته فقهاء الامصار في سائر الاعصار ورواه الايمة الكبار ومالك والشافعي واصحاب السنن الاربعة والدار قطني والبيهقي وغيرهم من عدة طرق وصححه ابن خزيمة وابن حبان وابن مندة وغيرهم انتهى واخرجه الدارمي في سننه عن ابي هريرة بلفظ اتى رجال من بني مدلج الى رسول الله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالوا يارسول الله انا اصحاب هذا البحر نعالج الصيد على رمث فنعرب فيه الليلة والليلتين والثلث والاربع ونحمل معنا من العذاب لشفاهنا فان نحن توضأنا به خشينا على انفسنا وان نحن اثرنا بأنفسنا وتؤضأنا من البحر وجدنا في انفسنا من ذلك فخشينا ان لايكون طهور فقال رسول الله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم توضؤا منه فانه الطاهر منه الحلال ميتته ومنهم جابر اخرج حديثه ابن ماجة وابن حبان والحاكم والدار قطني واحمد في مسنده ومن طريقه ابو نعيم في حلية الاولياء في ترجمة احمد بن حنبل قال سئل النبي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن ماء البحر فقال هو الطهور ماءه الحل ميتته ومنهم علي بن ابي طالب اخرج حديثه الحاكم والدار قطني نحوه ومنهم انس اخرج حديثه عبد الرزاق في مصنفه والدار قطني في سننه ومنهم ابن عباس اخرج حديثه الدار قطني والحاكم ومنهم عبد الله بن عمرو واخرج حديثه الدار قطني والحاكم ايضا من جهة عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده ومنهم ابو بكر الصدي اخرج حديثه الدار قطني وابن حبان في كتاب الضعفاء بسند ضعيف ومنهم الفراسي اخرجه ابن عبد البر في التمهيد بسنده عنه انه قال كنت اصيد في البحر على ارماث وكنت احمل قربة فيها ماء فجئت رسول الله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقصصت عليه القصة فقال هو الطهور ماء الحل ميتته وقال ابن عبد البر في الاستيعاب في احوال والاصحاب الفراسي ويقال فراس من بني فراس بن مالك بن كنانة حديثه عند اهل مصران رسول الله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال ان كنت لابد سائلا فسل الصالحين وله حديث آخر مثل حديث ابي هريرة في البحر هو الطهور ماءه الحل ميتته كلاهما يرويه الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة عن بكر بن سوادة عن مسلم عن ابن الفراسي عن ابيه انتهى واخرج ابن ماجة بسنده عن مسلم بن مخشي عن ابن الفراسي قال كنت اصيد وكانت لي قربة اجعل فيها ماء واتى توضأت من ماء البحر فذكرت ذلك لرسول الله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال هو الطهور ماءه الحل ميتته وقال الترمذي في علله على مانقل عنه الزيلعي سألت محمد ايعني البخاري عن حديث ابن الفراسي في ماء البحر فقال حديث مرسل لم يدرك ابن الفراسي رسول الله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والفراسي له صحبة انتهى فهذا الحديث صريح في كون ماء البحار طاهر مطهر وانما ارتابوا في ماء البحر لما راؤا تغيره في اللون وملوحة الطعم وكان من المعقول عندهم من الطهور انه الماء المقصود على خلقته السليم نفسه الخالي من الاغراض المؤثرة فلذلك سألوا عن ماء البحر فاجابهم رسول الله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بانه طاهر مطهر ولما كان قد علم ان في البحر حيوانا يموت فيه والميتة نجس احتاج الى ان يعلمهم ان حكم هذا النوع من الميتة خلاف حكم سائر الميتات لئلا يتوهمون ان ماء ينجس بها فاضاف على جواب سوالهم قوله الحل ميتته كذا في شرح سنن ابي داود للخطابي وغيره قلت يمكن ان يكون منشأ اريتا بهم فتيا بعض الصحابة بكراهة التوضى من ماء البحر فلعلهم وسمعوها فسألوا رسول الله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن ذلك قال الترمذي بعد اخراج الحديث المذكور هو قول اكثر الفقهاء من اصحاب رسول الله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم منهم ابو بكر وعمرو وابن عباس لم يروا باسا بماء البحر وقد كره بعض اصحاب النبي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الوضوء بماء البحر منهم ابن عمرو عبد الله بن عمرو بن العاص انتهى وفي البدور السافرة في احوال الاخرة للسيوطي اخرج البيهقي عن ابن عمر مرفوعا لايركب البحر الا غازا وحاج او معتمر فان تحت البحر نارا واخرج ابن عبد البر عن ابن عمر قال لاتتوضأ بماء البحر لانه طبق واخرج احمد في الزهد عن سعيد بن ابي الحسن قال البحر طبق جهنم انتهى وفي كتاب المواقيت والجواهر في بيان عقائد الا كابر لعبد الوهاب الشعراني حد جهنم بعد الفراغ من الحساب من مقعر فلك الكواكب الثابتة الى اسفل السافلين وذلك كله يزيد في جهنم اتساعا عما هي عليه الان حيث لا مخلوق فيها وكل مكان لم يذكر الشارع انه يعود الى الجنة فانه يعود كله نارا قال تعالى واذا البحار سجرت اي احجبت نارا ومن ههنا كره ابن عمرو غيره الوضوء بماء البحر مع قولهم بجواز الطهارة منه وكان بعضهم يقول التيمم احب الى من البحر انتهى وهذا يكشف لك ان من كره التوضى بماء البحر انما كرهه لان تحته نارا فالاجتناب منه اولى لا لشك في طهوريته فاذن كونه طاهر مطهر مجمع عليه وكما ثبت كون ماء البحر كذلك بالحديث ثبت طهورية مياه الابار والعيون ونحوها بالطريق الاولى لما كان ماء البحر مع كونه متغير اللون والطعم ومعدنا للميتة طاهرا مطهرا كان ماعداه مما ليس فيه مافيه طاهرا مطهرا بالضرورة وليعلم ان مياه الابار كلها متساوية في جواز الطهارة بها بلا كراهة حتى بين زمزم ايضا عند الجمهور فانه يجوز الوضوء والغسل بمائة بلا كراهة عندنا وعليه يتفرع انه حمل ماء زمزم من مكة لهدية الاحباب ورصص راس القمقمة كما هو العادة وفقد الماء في الطريق لايجوز له التيمم بل يتوضأ من ماء زمزم الا ان يخاف العطش ونحوه وذكر جمع من اصحابنا منهم صاحب الهداية في التجنيس ان الحيلة فيه ان يهبه من غيره ثم يستودعه منه وقال قاضيخان في فتاواه قال مولانا هذا ليس بصحيح عندي فانه لو راى مع غيره ما عربييعه بمثل او بغين يسير يلزمه الشراء ولايجوز لان يتمم فاذا تمكن من الرجوع في الهبة كيف يجوز له التيمم انتهى وقال ابن الهمام في فتح القدير يمكن ان يفرق بان بالرجوع يملك بسبب مكروه وهو مطلوب العدم شرعا فيجوز ان يعتبر الماء معدما في حقه لذلك وان قدر عليه حقيقة بخلاف البيع انتهى اقول لايخفى انه لو وهبه احتياطا لايهبه الا من يستوهبه منه كلما اراد وح فلايجوز التيمم بهذه الحيلة لما سياتى انه لو كان عند رفيقة ماء وغلب على ظنه انه يعطيه عند السوال لايجوز له التيمم مالم يظهر العجز عنه واحسن الحيل في هذا المقام ما ذكر في البزازية انه يخلطه بماء ورد غالب حتى يكون ماء مقيد او الحق ان الاحتيال في امثال هذا الموضع مما يواخذ به لان الله تعالى عالم بالخفيات وانما لكل ارء مانوي قوله واما بماء الثلج فان كان ذاثبا بحيث يتقاط يجوز والا لا يعني ان الثلج انما يجوز الوضوء به اذا كان ذائبا سائلا بحيث يحصل منه التقاطر على الاعضاء والا لايجوز وكذا البرد ولو وقع الثلج في الماء وصار ثخينا لايجوز به التوضى لانه بمنزلة الجمد وان لم يصر ثخينا جاز ولو توضأ في حوض انجمد ماءه الا انه رقيق ينكسر تحريك الماء جاز وضوءه وان كان الجمد على وجه الماء قطعا قطعا ان كان كثيرا لابتحريك الماء لايجوز الوضوء به والا يجوز ولو توضأ بماء السيل يجوز ان خالطه التراب اذا كان الماء غالبا رقيقا فراتا كان او اجاجا وان كان ثخينا كالطين لايجوز التوضى به هذا له في فتاوى قاضيخان والوجه في هذه المسائل وامثالها ان المعتبر في الطهارة الغسل لا البل والغسل لايكون لا بما يكون متقاطر كما تحقيقه فكل لم يكن متقاطر سائلا لايجوز به الوضوء والغسل وقدم ايضا ان عند ابي يوسف اكتفى بالبل ولا يشترط التقاطر فعنده لايجوز التوضى بكل مايحصل به بل الاعضاء ذائبا كان او جامدا وان لم يتقاطر منه قطرة واحدة ايضا قال وان تغير بطول المكث اعلم ان الماء لايخلو ان يكون جاريا او غير جار فان كان جاريا يجوز به طهارة مطلقا وان لم يكن جاريا فان اختلط به نجاسة او صار مستعملا لايجوز الطهارة به ان يكون عشرا في عشر فانه حكم الجاري وان لم يكن نجسا ولا مستعملا فان كان ماء مقيدا كماء الشجر لاتجوز به والا فلا يخلو ما ان يزول طبعه بغلبة غيره او نحو ذلك ولا فعلى الاول لا تجوز به وعلى الثاني لايخلو ما ان يكون متغيرا ولا يكون متغيرا فان كان متغيرا فهو الذي كره المصنف ههنا وان لم يكن متغير تجوز به الطهارة مطلقا الا يكون مسخنا بالشمس فانه ح تكره به الطهارة ولا تكون المسخن بالنار كما في القنية وغيرها اما الكراهة في الماء المشمس فالاصل فيه ماورد عن عائشة قالت اسخنت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ماء في الشمس ليغتسل به فقال لي ياحميراء لاتفعلي فانه يورث البرص وله ست طرق لها ضعيفة مقدومة على مابسطه ابن الجوزي والزيلعي وغيرهما الاول عند الدار قطني والبيهقي في سننهما عن خالد بن اسمعيل عن هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة قال الدار قطني خالد بن اسمعيل متروك انتهى وفي ميزان الاعتدال خالد بن اسمعيل المخزومي المدني ابو الوليد عن هشام بن عروة قال ابن عدي كان يضع الحديث على الثقات وقال ابن حبان لايجوز لاحتجاج به بحال قلت ومن اباطيله عن هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة في قوله تعالى اذا سر النبي الى بعض ازواجه حديثا قالت اسر ان ابا بكر خليفتي من بعدي انتهى الثاني عند ابن حبان في كتاب الضعفاء عن ابي البختري وهب بن وهب عن هشام به قال ابن عدي هو شر من خالد انتهى الثالث عند الدار قطني عن الهيثم بن عدي عن هشام قال ابن الجوزي في كتاب الموضوعات نقلا عن ابن معين انه كان يكذب الرابع عند الدار قطني ايضا عن عمرو بن محمد الاعثم فليح عن عروة عن عائشة قالت نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان يتوضأ بالماء المشمس او يغتسل به وقال انه يورث البرص قال الدار قطني عمرو بن محمد منكر الحديث ولم يروه عن فليح غيره الخامس عند الدار قطني في كتاب غرائب مالك من حديث اسمعيل بن عمرو الكوفي عن ابن وهب عن مالك عن هشام عن ابيه عن عائشة قال الدار قطني هذا باطل عن مالك وعن ابن وهب ومن دون بن وهب ضعفاء السادس عند الطبراني في الاوسط عن محمد بن مروان السدي عن هشام بن عروة به قال الطبراني لم يروه عن هشام الا محمد بن مروان ولا يروى الا بهذا الاسناد انتهى وروى العقيلي في كتاب الضعفاء من حديث علي بن هشام الكوفي عن سواده عن انس انه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لاتغتسلوا بالماء الذي يسخن في الشمس قال العقيلي سواده عن انس مجهول وحديثه محفوظ ولا يصح في الماء حديث مسند انما هو شيء يروى من قول عمر انتهى وروى الشافعي اخبرنا ابراهيم بن محمد الا سلمى اخبرني صدقة بن عبد الله عن ابي الزبير عن جابر ان عمر يكره الاغتسال بالماء المشمس وقال انه يورث البرص وفي مسنده ابراهيم وصدقة وهما ممن تكلم فيه قال الذهبي في ميزان الاعتدال ابراهيم بن ابي يحيى محمد الا سلمى المدني احد ا العلماء الضعفاء قال ابراهيم سمعت يحيى بن سعيد يقول سألت مالكا عنه فقال اثقة في الحديث فقال لا ولا في دينه وقال يحيى بن معين سمعت القطان يقول ابراهيم بن ابي يحيى كذاب وروى ابو طالب عن احمد قال تركوا حديثه قدرى معتزل يروى احاديث ليس لها اصل وروى عباس عن ابن معين كذاب رافقني وقال النسائي والدار قطني متروك وقال الربيع سمعت الشافعي يقول كان قدريا وقال يحيى بن زكريا فقلت للربيع فما حمل الشافعي على الرواية عنه قال كان يقول انه ثقة في الحديث وقال الربيع كان الشافعي اذا قال نبأني من لا اتهم يد ابراهيم بن ابي يحيى وقد ساق ابن عدي لابراهيم ترجمة طويلة الى ان قال قد وثقة الشافعي وابن الاصبهاني قلت الجرح مقدم انتهى ملخصا وفي الميزان ايضا صدقة بن عبد الله السمين ابو معاوية الدمشقي ضعفه احمد والبخاري وقال ابو زرعة كان قد ريالينا وقال ابو حاتم محله الصدق انكر عليه الغدر فقط وضعفه النسائي والدار قطني انتهى وقال الحافظ ابن حجر في تخريج احاديث شرح الوجيز للرافعي اكثر اهل الحديث على تضعيف ابن ابي يحيى لكن الشافعي كان يقول انه صدوق وان كان مبتدعا واطلق النسائي انه كان يضع الحديث وقال الساجي لم يخرج الشافعي عنه حديثا في فرض وانما جعله شاهدا قلت في هذا نظر والظاهر من حال الشافعي انه كان يحتج به مطلقا وكم من اصل الشافعي لا يؤخذ الا من رواية ابراهيم وفي الجملة فان اشلافعي لم يثبت عنده الجرح فيه فلذلك اعتمده انتهى ملخصا وروى الدار قطني والبيهقي عن اسمعيل بن عياش عن صفوان بن عمر وعن حسان بن ازهر قال قال عمر لاتغستلوا بالماء المشمس فانه يورث البرص قال الزيلعي صفوان بن عمرو حمصي ورواية اسمعيل عن الشاميين صحيحه وقد تابعه المغيرة بن عبد القدوس فرواه عن صفوان به ورواه ابن حبان في كتاب الثقات في ترجمة حسان بن الازهر انتهى فهذا الحديث بطرقيه ضعيف جدا حتى قيل انه موضوع مرفوعا ولذا اختار بعض اصحابنا عدم الكراهة ومنهم صاحب تنوير الابصار لكن المختار عند جمع منهم صاحب الفتح البحر الكراهة وبه صرح الحلبي في الحلية مستند بما صح عن عمر وذكر ابن حجر والرملي الشافعيان في شرحي المنهاج ان الكراهة تنزيهية الاطبية واستعماله يخشى منه البرص كما صح عن عمر انتهى وفي معراج الدراية في القنية تكره الطهارة بالماء المشمس لقوله عليه السلام لعائشة لاتفعلي ياحميراء فانه يورث البرص وعن عمر مثله وفي رواية لاتكره وبه قال مالك واحمد وعند الشافعي يكره ان قصد تشميسه وفي الغاية وكره بالمشمس في قطر حار في اوان منطبعه واعتبار القصد ضعيف وعدمه غير موثر انتهى واما عدم الكراهة بالماء المسخن بالنار فلما اخرجه الدار قطني والبيهقي عن علي بن عراب عن هشام بن سعد عن زيد بن اسلم عن ابيه عن عمر انه كان يسخن له الماء في قمقمة فيغتسل به قال الدار قطني اسناد صحيح انتهى وقال الزيلعي فيه رجلان تكلم فيهما احدهما على فمن وثقه الدار قطني ابن معين وممن ضعفه ابو داود والاخر هشام فهو وان اخرج له مسلم فقد ضعفه النسائي انتهى وقال الحافظ ابن حجر في تخريج احاديث شرح الوجيز للرافعي قد روى عن جماعة من الصحابة فعل ذلك فمن ذلك عن عمر ورواه ابو بكر بن ابي شيبة في مصنفه عن الدروردى عن زيد بن اسلم عن ابيه ان عمر كانت له قمقمة يستخن فيها الماء ورواه عبد الرزاق عن معمر عن زيد زيد بن اسلم عن ابيه ان عمر كان يغتسل بالحميم وعلقه البخاري ورواه ايضا الدار قطني وصححه وعن ابن عمر رواه عبد الرزاق عن معمر عن ايوب عن نافع ان ابن عمر كان يتوضأ بالماء الحميم وعن ابن عباس رواه ابو بكر بن ابي شيبة في مصنفه عن محمد بن بشير عن محمد بن عمر حدثنا ابو سلمة قال قال ابن عباس انانتوضأ بالحميم وقد اغلى على النار وروى عبد الرزاق بسند صحيح عنه قال لاباس ان يغتسل بالحميم ويتوضأ منه وروى ابن ابي شيبة وابو عبيد عن سلمة بن الاكوع انه كان يستخن الماء يتوضأ به واسناده صحيح انتهى وروى الطبراني من طريق الهيثم بن زيق عن ابيه عن الا سلع ابن شريك قال كنت ارحل ناقة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاصابتني جنابة في ليلة باردة واراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الرحلة فكرهت ان ارحل ناقته وانا جنب وخثيتان اغتسل بالماء البارد فاموت او امرض فامرت رجلا من الانصار فرحلها ووضعت الحجارة اسخنت ماء فاغتسلت ثم الحقت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واصحابه فقال يا اسلع مالي راحلتك تغيرت فقلت رسول الله لم ارحلها رحلها رجل من الانصار قال ولم قلت اصابتني جنابة فخشيت على نفسي فامرته فرحلها ووضعت احجارا فاسخنت فاغتسلت به فانزل الله تعالى ياياها الذين امنوا لاتقربوا الصلوة وانتم سكارى الى قوم عفوا غفورا وروى الطبراني قبيل هذه الرواية من طريق الربيع بن بدر حدثني ابيه عن رجل يقال الاسلع قال كنت اخدم النبي عليه السلام وارحل معه فقال لي ذات يوم يا اسلع قم فارحل فقلت يارسول الله اصابتني جنابة فسكت واتاه جبرايل باية الصعيد فقال قم يا اسلع فعيمم فقمت فتيممت ثم رحلت له فسار حتى مر بماء فقال لي يا اسلع من هذا جلدك قال الحافظ ابن حجر في الاصابة بينهما مغايرة ظاهرة فحمل الطبراني وجماعة على ان ذلك كله وقع للاسلع واما ابن عبد البر ففرق بين القصتين وجعلهما لرجلين يقال لهما الاسلع فالاول قال انه الاسلع بن الاسقع روى حديثه الربيع بن بدر والثاني الاسلع بن شريك الاعرجي التميمي ونسبة الثاني الى الاعرج تدل انه الاول فان الاول ثبت انه اعرجي وما ادرى من ابن له ان اسم ابيه الاسقع انتهى ملخصا وفي كل من روايتي الطبراني ضعف اما في الرواية الاولى فلان الراوي عن ابن زريق هو العلاء بن الفضل بن موسى وهو ليس بحجة كما قال الذهبي في مختصر سنن البيهقي واما في الثانية فلان الربيع بن بدر قال ابن معين ليس بشيء وقال ابو داود ضعيف وقال النسائي متروك كما في الميزان ولنرجع الآن الى شرح المتن فنقول التغير لايخلو اما ان يكون باختلاط شيء نجس او بغيره فان كان الاول فلا تجوز الطهارة به لانعدام وصف الطهورية وان كان الثاني فلا يخلو اما ان يكون التغير بمجرد طول المكث من دون اختلاط شيء فان الماء اذا لبث مدة مديدة يحصل فيه تغير في الريح او اللون واما ان يكون بمخالطة شيء ظاهر من دون ان يكون غالبا وايا ما كان تجوز به الطهارة لان هذا التغير لايخرجه عن طبع المائية الذي هو مدار الطهورية ولا يدخله في حيز النجاسة والاصل في الماء الطهورية كما مر وهذا مما اتفق عليه الايمة خلافا المح بن سيرين فانه منع الطهارة بالماء المتغير بالمكث مستندا بانه كالطعام المتن فانه قذر شرعا وعرفا فلا ينبغي التطهير به ذكره عبد الوهاب الشعراني في الميزان وفي قوله احد اوصافه رمزا الى انه لو غير المختلط الوصفين او الثلة لايجوز الوضوء وقد تبع فيه القدوري وصاحب الهداية حيث زاد لفظ الاحد ايضا وهذا مذهب بعض مشائخنا ومذهب الاكثر هو الجواز وهو الصحيح قال في جامع المضمرات ان غير الاثنين فعلى اشارة الكتاب لايجوز الوضوء به لكن الرواية الصحيحة بخلاف هذا انتهى وفي النهاية فيه اشارة الى انه ان غير الاثنين او الثلثة لا يجوز لكن المنقول من الاساتذة انه يجوز حتى ان اوراق الشجرة وقت الخريف يقع في الحياض فتغير ماءها من حيث الطعم واللون والريح ثم انهم يتضئون منها من غير نكير انتهى وفي المجتبى قول المصنف احد اوصافه لايفيد التقييد به حتى لو غير الاوصاف الثلثة الاشنان او الصابون او الزعفران او الاوراق او المكث ولم يسلب عنه اسم الماء ولا معناه فانه يجوز التوضى به انتهى وفي البناية فيه اشارة الى انه لايجوز التوضى به اذا غير الوصفين ولكن الرواية الصحيحة بخلافها الا ترى الى ما قال في شرح الطحاوي واما الحوض والبير اذا تغير لونه او طعمه او ريحه اما بمرور الزمان او بوقوع الاوراق كان حكمه حكم الماء المطلق ولا شك ان الماء اذا تغير لونه طعمه ايضا لكن يشترط ان يكون باقيا على رقته اما اذا غلب عليه وغيره وصاربه ثخينا فلا يجوز وسئل الميداني عن الماء الذي يتغير لونه بكثرتها الاوراق في الكف اذا رفع منه هل يجوز التوضى به قال لا ولكن يجوز شربه انتهى ولعلك تفطنت من هذه العبارات ان جواز الطهارة بما اختلط به شيء طاهر وغيره مقيد بما اذا لم يغلب عليه ولم يخرجه عن طبع المائية ويؤديه مافي الخلاصة رجل توضأ بماء الزردج او العصفر او ياء الصابون ان كان رفيقا يستبين منه الماء يجوز وان غلبت الحمرة لايجوز وكذا ماء الصابون اذا كان ثخينا قد غلب عليه الصابون لايجوز وكذا ان اغلى باشنان اواس انتهى وفي البحر عن القنية ماء الزعفران امكن به الصيغ لم يجز انتهى قال والاشنان والصابون والزعفران والاشنان بالضم والكسر حكاهما الجواليقي وابو عبيدة وهو الحرض بضم الحاء المهملة وسكون الراء المهملة بعدها ضاد معجمة كذا في البناية قوله انما عد هذه الاشياء ليعلم ان الحكم لايختلف بان كان المخلوط من جنس الارض كالتراب او شيئا يقصد بخلطه التطهير كالاشنان والصابون وشيئا آخر كالزعفران يعنى انما ذكر المصنف هذه الاشياء الاربعة مع ان واحدا منها كاف في التمثيل ليعلم ان الحكم اي جواز الطهارة لايختلف بان كان المخلوط من جنس الارض كالتراب ومن جنس مايقصد التطهير به كالاشنان والصابون او غير ذلك كالزعفران وغيره فالحكم واحد وهو الجواز في كل مختلط طاهر والدليل على هذه المسألة على مافي البحر قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم اغسلوا بماء وسدر قاله لمحرم وقصته ناقته فمات اخرجه البخاري ومسلم من حديث ابن عباس وقوله صلى الله عليه وآله وسلم حين توفيت ابنته اغسلتها بماء وسدر رواه مالك في الموطأ من حديث ام عطية والميت لايغسل الا بما يجوز للحي ان يغتسل به والغسل بالماء والسدر لايتصور الا بخلط السدر بالماء او بوضعه على الجسد وصب الماء عليه وكيف ما كان فلا بد من الاختلاط والتغيير وامره صلى الله عليه وآله وسلم قيس بن عاصم ان يغتسل بماء وسدر اخرجه ابو داود اغتساله صلى الله عليه وآله وسلم من صعة فيها اثر عجين ارخجه النسائي والماء بذلك يتغير ولم يعتبر بذلك يتغير ولم يعتبر بذلك للمغلوبية واورد ههنا ان حديث الماء طهور لاينجسه شيء الا ما غير طعمه او لونه او ريحه بعمومه يقتضي عدم التوضى عند تغير احد الاوصاف ولو بشيء طاهر واجيب عنه بوجهين الاول ماذكره صاحب غاية البيان من ان هذا الاستثناء ليس بصحيح ورده العيني بانه وان لم يصح مسند لكنه صح مرسلا فقد اخرجه الدار قطني والطحاوي من طريق راشد بن سعد مرسلا الماء لاينجسه شيء الا ماغلب على ريحه او طعمه وزاد الطحاوي او لونه وصحح ابو حاتم ارساله والمرسل حجة عندنا انتهى الثاني ماذكره تاج الشريعة والاكمل وغيرهما من شراح الهداية ان معنى الا ما غير الا شيء نجس غير طعمه او لونه او ريحه وكلامنا في المختلط الطاهر ورده العيني بان الحديث عام والتخصيص من غير مخصص غير جائز انتهى اقول من البين ان وصف الشيء لايزول الا بورد ضده كالبرودة لايزول الا باتيان الحرارة وبالعكس لاسيما اذا كان الوصف اصليا للشيء فوصف الطهورية وصف اصلى للماء لانه خلق طاهرا طهور فلا يرول ذلك الوصف الا بضده وهو النجاسة والشيء طاهر لاينجس طاهر بالضرورة فبالضرورة يكون المراد بالحديث هو الشيء النجس فيكون تخصيصه ح بشهادة الاجماع والقواعد الضرورية المعلومة فان قلت قد صرحوا بان الطعام اذا تغيروا انتن لايجوز كله فكذلك الماء اذا انتن ينبغي ان لايجوز كله فكذلك الماء اذا انتن ان لايجوز استعماله قلت الحكم بعدم جواز كل الطعام المنتن ليس انجاسته بل لكونه مضرا للآكل فكذلك الماء لو صار بحال يضر للشارب لايجوز شربه ولا يلزم منه نجاسته كما لايخفى فروع يجوز التوضى بالماء الذي القى فيه الحمص والباقلي المبتل وتغير طعمه ولونه لكن لم يذهب رقته ولو طبخ فيه الباقلي وريح الباقلي يوجد منه لايجوز به الوضوء ولو بل الخبز بالماء وبقى رقيقا جاز به الوضوء وان صار ثخينا لايجوز ولو القى الزاج في الماء حتى اسود لكن لم يذهب رقته جاز به الوضوء واذا اختلط الماء بالمخلط والبزاز جاز به التوضى يكره كذا في فتاوى قاضيخان قوله وعند ابي يوسف كان المخلوط شيئا يقصد به التطهير يجوز به الوضوء حاصل مذهب ابي يوسف ان كل ما اختلط به شيء يناسب الماء في مايقصد من الماء وهو التطهير فالتوضى به جائز يشترط ان لايغلب ذلك الشيء على الماء حتى لايزول به الصفة الاصلية وهي لو قاموا ذلك مثل الصابون والاشنان وان كان ذلك المخلوط لايناسب الماء في مايقصد من استعمال الماء ففي بعض الروايات عنه يشترط المنع جواز التوضى به غلبة ذلك الشيء للماء وفي بعض الاوليات لايشترط بل لايجوز الوضوء به مطلقا ومحمد اعتبر في جنس هذه المسائل لمنع جواز التوضى به غلبة المخلوط بالماء لكن في بعضها اشار الى الغلبة من حيث اللون وفي بعضها الى الغلبة من حيث الاجزاء كذا في الذخيرة قوله الا ان يغلب على الماء في روايته لايشترط هذا بظاهره مشعر بان هذا الاستثناء انما هو على رأي ابي يوسف ومحمد يجوز الوضوء مطلقا وليس كذلك كما عرفت من المسائل السابقة وفيه اشارة الى ان المعتبر عند ابي يوسف الغلبة من حيث الاجزاء بحيث تذهب برقة الماء وسيلانه لالغلبة اللون وهو الصحيح كما انى الهدايتونى فتاوى قاضيخان عند ابي يوسف يعتبر من حيث الاجزاء لا من حيث اللون وهو الصحيح وعند ممد يعتبر الغلبة بتغير اللون والطعم والريح انتهى وفي فتح القدير صرح المصنف بأن الغلبة بالاجزاء ونقل بعضهم فيه خلافا بين الصاحبين وهو ان محمد يعتبر باللون وابو يوسف بالاجزاء وفي المحيط عكسه والاول اثبت فأن صاحب الاجناس نقل عن محمد نصا بمعناه حيث قال قال محمد ماء بطيخ فيه الريحان والاشنان اذا لم يتغير لونه حتى يحمر بالاشنان ويسود بالريحان وكان الغالب عليه الماء فلاباس بالوضوع فمحمد يراعى لون الماء وابو يوسف غلبة الاجزاء انتهى وذكر الاسبيجابى ان الغلبة تعتبر اولا من حيث اللون ثم من حيث الطعم البحر مراده ان المخالط المائع للماء ان كان لونه مخالفا للون الماء فالمعتبر اللون وان كان لونه مثل لون الماء فالعبرة للطعم ان غلب طعمه على الماء لايجوز للوضوء به وان كان لايحالفه في الطعم واللون والريح فالغلبة بالاجزاء الوضوء اذا غلبت اجزاءه انتهى كلامه قوله ففي رواية الخ يغنى اذا كان المخلوط بالماء شيئا لايكون به التطهير كالطين والزاب والبأقلى والزعفران وغير ذلك ففي رواية عن ابي يوسف يجوز به الوضوء مالم يغلب على الماء واذا غلب لايجوز الوضوء به وفي رواية اخرى عنه لايجوز الوضوء به مطلقا سواء غلب او لم يغلب فكان بناء هذه الرواية على انه اذا اختلط شيء ليس من جنسه لم يبق الماءمطلقا بل صار مقيده او المقيد لايجوز الوضوء به اتفاقا وبناء الرواية الاولى على ان مجرد اختلاط لايجعله مقيدا مالم يغلب عليه فعلى الرواية الثانية يفترق الشيء الذي من جنس التطهير والذي ليس من جنسه بان اختلاط الاول لايمنع التوضى الا اذا غلب والثاني يمنعه مطلقا وعلى الرواية الاولى يتحدان في ان انه لايمنع التوضى مالم يغلب قوله وماليس من جنس الارض الخ توضيح مذهب الشافعي انه لو اختلط بالماء شيء هو من جنس وما في مقره وممرة كالطين والكبريت والزرنيخ والنورة يجوز الوضوء به وان فحش التغير كما الوفحش التغير بالمكث او بتناثر الاوراق لانه مما يتعذر رصون الماء عنه ولو طرحت فيه الاوراق او اخراج منه الطحلب او الزرنيخ ودق ناعما والقى فيه فغيره او تغير بالثمار الساقطة فيه لايجوز الوضوء به بالامكان التحرز عنه غالبا ولو اختلط به شيء ظاهر ليس من جنس الارض فغيره او تغير بالثمار الساقطة فيه لايجوز الوضوء به لامكان التحرز عنه غالبا ولو اختلط به شيء ظاهر ليس من جنس الارض فغير طعمه او لونه اوريحه كمسك وزعفران وملح جبلي وغير ذلك مما يمنع اطلاق اسم الماء عليه سواء كان الماء قليلا او كثير الا يجوز التوضى منه لانه لايسمى ماء مطلقا قابل بل مقيد او كذا لوحلف لايشرب ماء ووكل في شر انه فشرب ذلك او اشتراه له وكيله لم يحنث ولم يقع الشراء له والتغير اعم من ان يكون تحقيقا حسيا او تقدير ياحتى لو وقع في الماء مائع يوافقه في الصفات كما الورد المنقطع الرائحة فلم يتغير ايضا لايجوز الوضوء كذا في الاقناع في حل الفلظ ابي شجاع وغيره من كثب الشافعية وذكر ابن الهمام في فتح القدير انهم اتفقوا على ان الماء المقيد لايزيل الاحداث والحكم عند فقد المطلق منصرف الى التيمم والخلاف في الماء الذي خالطه الزعفران وغيره مبنى على انه مقيد عند الشافعي ونحن لاننكر انه يقال ماء الزعفران ولكنا نقول لايمتنع مع ذلك مادام المخالط مغلوبا ان يقال انه ماء من غير زيادة وقد اغتسل رسول الهه صلى الله عليه وعلى آاله وسلم يوم الفتح من قصعة فيها اثر عجين والاضافة الى الزعفران لاتمنع الاطلاق كالاضافة الى البير والعين وغيرهما قال وبماء جار عطف على قوله بماء السماء اي يجوز الوضوء بالماء الجاري وكذا الغسل وغسل النجاسات لانه طاهر طهور وقوله فيه نجس صفة لماء جار وهو بفتح الجيم اي النجاسة وقوله لم ير اثره صفة لنجس ومعنى لم يرلم يعلم لان المرئى ليس الا اللون واما الطعم والريح فلا يتعلق بهما الروية وفي كلامه هذا اشارات الاولى الجاري الذي ليس فيه نجس يجوز الوضوء منه ظاهر الثانية ان الجريان اعم من ان يكون قويا او ضعيفا واعم من ان يكون بمددا او بغير مدد فاذا انقطع ماء النهر من اعلاه لايغير حكم جريه بانقطاع الاعلى ويجوز التوضى مايجرى ولو كان سطح عليه نجاسه جرى عليه الماء ان كان اكثر الماء على النجاسة فالماء نجس وقال محمد ان كانت النجاسة في جانب واحد وفي جانبين فالماء الذي يجري على السطح طاهر وان كانت في جوانبه الثلثة فالماء الذي يجرى على السطح طاهر وان كانت في جوانبه الثلثة فالماء نجس وان كانت عند الميزاب او فيه فالماء نجس مادامت النجاسة فيه فان زالت النجاسة بجريان الماء عليها فما بعدها من الماء طاهر يجوز الوضوء به كذا فتاوى قاضيخان وذكر في مختارات النوازل المطر وماء الثلج اذا جرى في الطريق وفيه نجاسة متفرقة بحيث لايرى لونها اولا ولا اثرها يجوز التوضى فيه انتهى وفي الخلاصة انا ان ماء احدهما نجس والاخر طاهر فصب ماء الانائين معا حتى امتزجا في الهواء او اجرى ماء الانائين على الاراضي صار بمنزلة ماء جا ولو استنجى رجل من القمقمة فلما صب الماء من القمقمة على يده لا في الماء الذي يسيل من القمقمة البول قبل ان يقع على يده بعد ماخرج من القمقمة فهو طاهر انتهى وفي الذ خيرة لو اصابت الارض نجاسة فصب عليها الماء فجرى على قد الزراع طهرت الارض والماء طاهر بمنزلة الماء الجاري ولو اصابها المطر وجرى عليها طهرت ولو كان قليلا لم يجر فلا انتهى وفي التأتارخانية اما قدر طول الماء الجاري فقلل ابو سهل مقدار ذراع وقال الفقيه ابو جعفر قلت لابي بكر الاسكاف رأيت اذا اصابته نجاسة فصب عليه الماء فسأل من جانب الى جانب هل يطهر فقال اما على قول شاذان بن ابراهيم فيطهر لانه قال في قوم مسافرين معهم كوز ماء فصب الماء على يدى رجل ثم سال من يدي ذلك الرجل على يدي اخر وهكذا حتى توضوء جميعا جاز وضوؤهم كما عرف في الماء الجاري وفيه ايضا المطر مادام يمطر فله حكم الجريان حتى لو اصاب العذرات على السطح ثم اصاب الثوب لايتجنس الا ان يتغير وفي الظهيرية اذا من الماء بالعذرات واجتمع في موضع يكون طاهر مالم يشاهد فيه النجاسة وفي الغياثية ان كان ممر الماء كله على العذرات او اكثر او نصفه فالماء نجس وهو الصحيح انتهى وفيه عن العتابية ماء المطر يجري في سكك وفي السكك نجاسات ثم يجري الماء في النهر وليس في النهر ماء غيره لابأس به اذا لم يرلون النجاسة انتهى فهذه الفروع ونظائرها مما هو مبسوطة في الفتاوي تنادى بالنداء العالي بأن الجريان بلا مددكالجريان بالمدد وذكر ابن الهمام في فتح القديرانه لابد من كون جريانه لمددلة كما في العين والنهر هو المختار وانتهى لكن نقل صاحب البحر عن السراج الوهاج لايشترط في الماء الجاري المدد هو الصحيح ثم نقل عن السراج الهندي انه قال في شرح الهداية من المشائخ من المشائخ من قال الماء الجاري انما لايصير مستعملا اذا كان له مدد كالعين والنهر واما اذا لم يكن له مدد فيصير مستعملا والصحيح القول بدليل مسألة واقعات الناطقي ان النهر اذا سد من فوق فتوضأ انسان بما يجري فأنه يجوز انتهى ومما يتفرع على اعتبار الجريان بمدد ايضا انه لو كانت قصعة فيها ماء نجس ثم دخل فيها ماء جار حتى سأل من جوانبها تطهر كما قال في الظهيرية في مسألة الحوض والنجس لو خرج ماؤه من جانب اخر لايطهر لم تخرج مثل مافيه لكن في خزانة الفتاوى اذا فسد ماء الحوض فاخذ منه بالقصعة وامسكها تحت الانبوب فدخل الماء وسال ماء القصعة تتوضأ به لايجوز وقال ابن عابدين في المحتار الظاهر ان مافي الخزانة مبنى على غير الصحيح ويؤيده مافي البدائع بعد حكاية الاقوال في جريان الحوض مانصه وعلى هذا حوض الحمام والاواني اذا تنجس ومقتضاه انه على القول الصحيح تطهر الاواني ايضا مجرد الجريان وفي رد المحتار ايضا ولو تنجس فافرغ فيه رجل ماء حتى امتلأ وسال من جوانبه هل يطهر ومجرد ذلك ام والذي يظهر لي الطهارة اخذ مما ذكرنا ومما مر انه لايشترط ان يكون الجريان بمدد انتهى الثالثة انه لافرق بين النجاسة المرئية وغير المرئية والجيفة وغيرها في انه اذا لم يراثره في الماء جاز الوضوء منه وفي البحر ظاهر مافي المتون ان الجاري اذا وقعت نجاسة فيه لم ير اثرها يجوز الوضوء به سواء كان النجس جيفة وغيرها فاذا بال انسان فيه فتوضأ أخر من اسفله جاز مالم يظهر في الجرية اثره وقال محمد في كتاب الاشربة لو كسرت خابية خمر في الفرات ورجل يتوضأ اسفل منه فما لم يجد في الماء طعم الخمر وريحه او لونه يجوز الوضوء به وكذا لو استقرت المرئية يه بان كانت الجيفة ان ظهرت اثر النجاسة لايجوز والاجاز سواء اخذت الجيفة كل الجرية او نصفها ويوافقه مافي الينابيع قال ابو يوسف في ساقية صغيرة فيها كلب ميت سد عرضها ويجرى الماء فوقه وتحته انه لاباس بالوضوء من اسفل منه مالم يتغير طعمه او لونه او ريحه وقيل ينبغي ان يكون هذا قول ابي يوسف خاصة واما عندهما لايجوز الوضوء اسفل من الكلب انتهى مافي الينابيع لكن المذكور في الفتاوى كفتاوى قاضيخان والتجنيس والوالجي والخلاصة والبدائع وكثير ايمتنا ان إلاثر انما يعتبر في غير الجيفة اما في الجيفة فانه ينظر ان كان كله او اكثره ملاقيا للماء لايجوز الوضوء به وان كان الاقل يجوز وان كان النصف فالقياس الجواز وفي الاستحسان لايجوز وهو الاحوط ونظير هذا ماء المطر اذ جرى في ميزاب من السطح وكان على السطح عذر ورجح في فتح القدير ان العبرة لظهور الاثر مطلقا لان الحديث وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم الماء طهور ولا ينجسه شيء لما حمل على الماء الجاري كان مقتضاه جواز التوضى من اسفله وان اخذت الجيفة اكثر الماء ولم يتغير فقولهم اذا اخذ الجيفة اكثر الماء او نصفه لايجوز يحتاج الى مخصص قال ويوافقه عن ابي يوسف وقد نقلناه عن الينابيع وقال تلميذه العلامه قاسم في رسالته المختار اعتبار ما عن ابي يوسف لكن لقائل ان يقول المختار مافي اكثر الكتب وقد صححه صاحب الهداية في التنجيس لان العلماء انما قالوا بان الجاري اذا وقعت نجاسة فيه يجوز الوضوء به اذا لم ير اثرها لان النجاسة لاتستقر مع جريان الماء فلما لم يظهر اثرها علم ان الماء ذهب بعينها فجاز استعمال الماء اما اذا كانت النجاسة جيفة وكان الماء يجري على اكثرها او نصفها تيقنا بوجود النجاسة فيه وقد تقدم ان كل ماتيقنا وجود النجاسة فيه او غلب على ظننا وجودها فيه لايجوز استعماله فكان هذا ماخوذ بدلالة الاجماع لان الحديث لما حمل الاجماع على الماء الذي لم يتغير لاجل انه عند التغير يتيقن بوجود النجاسة كان التغير دليل وجود النجاسة في مايمكن فيه ذلك اما الجيفة فقد تيقنا بوجودها فلا يجوز استعمال الماء لا في اكثرها او نصفها من غير اعتبار التغير لان التغير لما كان علامة على وجود النجاسة لايلزم من انتفائه انتفاؤها فكان الاجماع مخصصا للحديث فان ما قلنا ماخوذ بدلالة الاجماع هذا ماظهر للعبد الضعيف انتهى كلامه وتعقبه صاحب النهي بانه قد تقرر ان الجاري وما في حكمه لايتاثر بوقوع النجاسة فيه مالم يغلب عليه بان يظهر اثرها فيه فمجرد التيقن بوجود النجاسة لا اثر له والا لاستوى الحال بين جريه على الاكثر والاقل فما في الفتح اوجه انتهى اقول هذا تعقب جيد فان قوله عليه الصلوة والسلام الماء طهور لايبخسه شيء الا ما غير طعمه او لونه او ريحه بعد حمله على الماء الجاري كما ذكره ايمتنا على ماسياتي ذكره نص على ان مناط تنس الماء هو تغير اثر النجاسة لانه ح تكون النجاسة غالبة والحكم للغالب لا لقطع وقوع النجاسة وعدم القطع به واما قول الحلبي في الغنية في الجواب عن اشكال ابن الهمام الصحيح من الرواية الماء طهور ولا ينجسه شيء من غير استثناء على ما سياتي وح قد خص بالاجماع ما اذا تغير بالنجاسة فيجوز تخصيصه بعد ذلك بالقياس على تنجس الماء الراكد بجامع انه عين الماء الذي قد خالط النجاسة واتصل بها بخلاف ما اذا كان الاكثر غير المخالط فانه لايتيقن مع الجريان باستعمال المخالط انتهى فمنجد وشرح عندي اما او فلان الاستثناء قد صح من طريقين مسند مرفوعامن طريق واحد مرسلا كما مر فلاوجه لانكاره واما ثانيا فلان كونه مخصاا بالاجماع بما اذا تغير بالنجاسة ممنوع فقد ذهب كثير من العلماء الى عدم تنجس الماء مطلقا بالنجاسة كما سياتي وبالجملة فالفرق بين الجيفة وغيرها غير جيد لاسيما اذا نطقت به المتون والعبرة بما نطقت به لابما نطقت به الفتاوى لاسيما اذا لم يكن مافي الفتاوى مستند الى دليل قوي وكذا اختار عدم الفرق جمع منهم ابن الهمام كما مر وتلميذه ابن امير حاج كما بسطه في الحلية والغزى صاحب تنوير الابصار وصاحب الطريقة المحمدية وقال عليه الفتوى وعبد الغني النابلسي مستندا بما في عمدة المفتى من ان الماء الجاري يطهر بعضه بعضا وبما في الفتح وغيره من ان الماء النجس اذا دخل على ماء الحوض اللبير ولا ننجسه وان كان غالبا وصاحب جامع الفتاوى فقد نقل صاحب خزانة الرواية عن حاشية السراجية عنه انه قال بعد ذكر مسالة ابي يوسف عليه الفتوى والقهستاني حيث قال في جامع الرموز لوسد جيفة نهر وجرى الماء تحتها فوقها لم ينجس الا اذا غير اثره وعليه الفتوى كما في المضمرات عن التصاب انتهى لكنه اخطأ في نسبة هذا القول الى المضمرات فان صاحب المضمراث نقل عن النصاب الفتوى على ان الماء الجاري لايتنجس مالم يتغير لونه او ربحه او طعمه من النجاسة انتهى وكيس فيه تعميم النجاسة ثم قال صاحب المضمرات عند قول القدوري ولم ير لها اثر يريد به نجاسة يذهب عينها بجريان الماء فان كان مما لايذهب بان وقعت فيه ميتة فاستقرت فانه ينظران كان كله يجرى عليها او نصفه لم يجز الوضوء اسفل منها انتهى فدل ذلك على ان مختار صاحب المضمرات هو مافي امثر الفتاوى لا مازعمه القهستاني وخلاصة المرام ان ههنا قولين مصححين احدهما انه لافرق بين الجيفة وغيرها في ان المدار على التغير فيهما وعليه المتون وجمع من اصحابنا المتأخرين وثانيهما ان بينهما فرقا وتسب البرجندي الاول ابي يوسف والثاني الى محمد وابي حنيفة فعليك باخذها اقتضاه الدليل قوله واختلفوا في حد الجاري اي اختلف الفقهاء في تعريف الماء الجاري وما يقدر به جريه على اقوال احدها انه الذي يذهب بالنجاسة قبل اغتراف الغرفة الثانية وثانيها انه اذا كان بحيث لو وضع انسان يده عليه عرضا لم ينقطع فهو جارف وثالثها انه لو كان بحيث لو اغترف المتوضى في اعمق المواضع من الجداول انقطع جريانه ثم امتلأ حتى جرى فليس بجار وان لم ينقطع فهو جار وربعها انه مايعده الناس في العرف وخامسها انه اذا كان بحال لو القى فيه بتبنه او ورق فهو جار والا فهو ليس بجار هكذا اورد صاحب التاتارخانية ثم نقل عن الزدان القول الرابع هو الصحيح واختاره صاحب البحر ايضا حيث قال صححها انه مايعده الناس جاريا ذكره في البدائع والتبيين وكثير من الكتب انتهى وفي البناية هو الاصح ذكره في البدائع والتحفة وغيرهما انتهى وفي غاية البيان الاصح ان الجاري ما يعده الناس جاريا واختار الشارح القول الخامس ووصفه بانه ليس في دركة بفتح الدار المهملة وسكون الراء المهملة ادركه حرج لكونه ظاهر على العامي والخاصي بادنى نظر اورده عليه بان الحدود كلها متساوية في انه لاحرج في دركها اذ لاحرج في درك شيء من المفهومات واجيب عنه بان المعنى ليس في درك الماء الجاري به حرج وتعميمه الفاضل الهروي بان الجرح في مرك الحد يوجب الحرج في درك المحدود ودو بالعكس فاذا لم يكن حرج في درك لم يكن حرج في درك المحدود به انتهى اقول ليس غرض المجيب انتفاء الحرج في درك المحدود حتى يرد عليه انه موجود في جميع الصور بل غرضه ان هذا الحد ليس في تعيين مصداقه ودرك صدق هذا المفهوم عليه حرج بخلاف الحدود الباقية وهذا واضح قوله مايذهب من الاذهاب اي الذي يذهب من موضع الوقوع الى آخر بتبنة بكسر التاء وسكون الباء وفتح النون او ورق بفتح الواو والراء المهملة وهو يطلق على ورق الشجر وعلى ورقة الكتاب كليهما وكل منهما مستقيم ههنا وقد اختار صاحب الكنز ايضا هذا التعريف وقال ابن نجيم في البحر قد توهم بعض المشتغلين ان هذا الحد فاسد لانه عليه الجمل السفينة فانهما يذهبان بتين كثير ومنشأ التوهم ان ماموصولة في كلامه وقد وقع مثلها في عبارة ابن الحاجب فانه قال الكلام ما يتضمن كلمتين بالاسناذ فقيل يرد عليه الورقة والحجر المكتوب عليه كلمتان فاكثر لان ماموصولة بمعنى الذي لكن الجواب عنهما ان ما ليست بموصلولة وانما هي نكرة موصوفة فالمعنى الجاري ماء يذهب بتبنة والكلام لفظ يتضمن كلمتين انتهى اقول لاحاجة الى جعل ما موصولة بل يمكن الجواب عن الايراد على كلا العبارتين بجعل ما موصولة ايضا بان يجعل الموصول عهديا ويراد به الماء واللفظ فان الموصول كاللام باتى لما ياتى له اللام من الاستغراق والعهد وغيرهما كما صرح به التفتازاني في شرح التلخيص قوله فاذا سداي منع جريان الماء في النهر من فوقه بوضع خشبة ونحوها وهذا تفريع على الحد الذي ذكره فان ماء النهر المسدود من يذهب بتبنة ونحوها فيكون جاريا فيجوز الوضوء به قوله اذا توضأ به وكذا اذا اغتسل قوله يجب قال اخر حلبي اخذ لوجوب بناء على نجاسة الماء المستعمل على ما هو مختار الامام الاعظم انتهى وقال الفاضل الهروي لا وجه للتخصيص بقول امامنا الاعظم لان الماء المستعمل عنده نجس نجاسة غليظة وعند ابي يوسف نجاسة خفيفة وعند محمد طاهر غير مطهر فعند الكل غير مطهر فيجب ان يجلس عند الكل بحيث لايستعمل غسالته حتى يحصل التطهير بيقين لان الماء المستعمل اذا كان اقل من غير المستعمل يحصل التطهير به اذا كان طاهر لكن يحتمل ان يكون اكثر منه فالاحتياط في القول بالوجوب انتهى اقول قد ذكرها الحكم في كثير من الكتب بلفظ اخر المجتبة اذا توضأ في الماء الضعيف جريه ووجهه الى مورد الماء يجوز والا فلا حتى يمكث بين كل غرفتين قد ما يذهب الغسالة انتهى وفي فتاوى قاضيخان الماء الذي جريه ضعيف لا يستبين فيه الحركة قال بعضهم ان كان بحال لو القى فيه تبنه لاتذهب من ساعتها لايجوز فيه التوضى الا ان يمكث بين كل غرفيت مقدار ما يغلب على ظنه ذهاب ماوقع فيه من الماء المستعمل وقال بعضهم ان كان بحيث لو رفع الماء لغسل عضو ينقطع جريه ثم يتصل قبل ان يعود غسالته اليه يجوز فيه التوضى وان كان ينقطع ولا يتصل قبل ان يعود غسالته اليه لايتوضأ فيه الا ان يمكث بين غرفتين مقدار ماقلنا انتهى وفي خزانة المفتين الماء اذا كان جاريا ضعيفا واراد انسان ان يتوضأ فيه فان كان وجهه الى مورد الماء يجوز وان كان الى ميل الماء لايجوز الا اذا مكث بين غرفتين مقدار ما يذهب الماء بغسالته انتهى والظاهر ان حلم عدم الجواز بدون المكث المذكور في هذه العبارات وامثالها وحكم الوجوب المذكور في كلام الشارح مبنى على رواية نجاسة الماء فان على رواية الطهارة لايصحح حلم الوجوب باطلاقه بل هو مقيد بما اذا ظن غلبة الماء المستعمل فالهم صرحوا ان الماء المستعمل على رواية طهارته اذا اختلط بالطهور ان كان الماء الطهور غالبا يجوز فيه الوضوء والا لا كما في فتح القدير وغيره ومن ههنا علمت جواز الوضوء في الفساقي الموضوعة في المدارس عند عدم غلبة الظن بغلبة المستعمل او ماواته او وقوع نجاسة في الصغار منها لان الماء المستعمل هو ما لاقى العضو وانفصل عنه ولاشك انه قليل بالنسبة الى مالم يستعمل الا اذا تكرر الاستعمال زمانا وغلب على الظن ان الطهور قليل لايجوز التطهير به كذا ذكره صاحب البحر في رسالته المسماة بالخير الباقي في جواز الوضوء من الفساقي وقال ايضا فيها فان قلت قد وجدنا فروعا كثيرة تخالف هذا فقد صرح قاضيخان في فتاواه انه لو صب الوضوء في بير عند ابي حنيفة ينزح كل الماء وعند صاحبيه اذا كان استنجى فذلك وان لم يكن استنجى به قول محمد لايكون نجسا لكن ينزح منها عشرون لبصير الماء طهور فهذا ظاهر في استعمال الماء بوقوع قليل من الماء المستعمل على قول محمد وكذلك مسالة البير جحط المذكورة في المتون والشروح دالة على ان الماء يصير مستعملا عند محمد بالاغتسال فيه وصورتها رجل نزل لطلب الدلو وليس على بدنه نجاسة حقيقية فعند ابي حنيفة الرجل والماء نجسان وعند ابي يوسف على حالهما وعند محمد الماء طاهر غير طهور والرجل طاهر ان الماء الذي لاقى بدنه في البير اقل من غيره وقد جعله مستعملا الانعدام اضلرورة وفي المبتغى لو ادخل الكف صار الماء مستعملا وفي الخلاصة توضأ في طست ثم صب ذلك الماء في البير ينزح منه اكثر من عشرين دلو ومن ماء صب فيه عند محمد وعند ابي يوسف وابي حنيفة ينزح ماء البير كله لانخ نجس عندهما وفي منية المصلى عن الفقيه ابي جعفر لو توضأ في اجمة قصب فان كان لايخلص بعضه الى بعض فانه لايجوز التوضى فيه قلت اماما ذكرته من عبارة قاضيخان ومن مسالة البير فكله مبنى على رواية ضعيفة عن محمد قائلة بان الماء يصير مستعملا بوقوع القليل فيه من الماء المستعمل لاعلى الصحيح من مذهبه واما مسالة الاجمعة ففرع ايضا على القول بنجاسة الماء المستعمل وقد صرح به بدون المكث المذكور في هذه العبارات وامثالها وحكم الوجوب المذكور في كلام الشارح مبنى على رواية نجاسة الماء فان على رواية الطهارة لايصح حكم الوجوب باطلاقه بل هو مقيد بما اذا ظن غلبة الماء المستعمل فانهم صرحوا ان الماء المستعمل على رواية طهارته اذا اختلط بالطهور ان كان الماء الطهور غالبا يجوز فيه الوضوء والا لا كما في فتح القدير وغيره ومن ههنا علمت جواز الوضوء في الفساقي الموضوعة في المدارس عند عدم الظن بغلبة المستعمل أو مساواته اووقوع نجاسة في الصغار منها لان الماء المستعمل هو ما لاقى العضو وانفصل عنه ولاشك انه قليل بالنسبة الى مالم يستعمل الا اذا تكرر الاستعمال زمانا وغلب على الظن ان الطهور قليل فح لايجوز التطهير به كذا ذكره صاحب البحر في سرالته المسماة بالخير الباقي في جواز الوضوء من الفساقي وقال ايضا فيها فان قلت قد وجدنا فروعا كثيرة نخالف هذا فقد صرح قاضيخان في فتاواه انه لوصب الوضوء في بير عند ابي حنيفة ينزح كل الماء وعند صاحبيه اذا كان استنجى بذلك فكذلك وان لم يكن استنجى به قول محمد لايكون نجسا لكن ينزح منها عشرون ليصير طهورا فهذا ظاهر في استعمال الماء بوقوع قليل من الماء المستعمل على قول محمد وكذلك مسألة البير جحط المذكورة في المتون والشروح دالة على ان الماء يصير مستعملا عن محمد بالاغتسال فيه وصرتها رجل نزل لطلب الدلو وليس على بدنه نجاسة حقيقية فعند ابي حنيفة الرجل والماء نجسان وعند ابي يوسف على حالهما وعند محمد طاهر غير طهور والرجل طاهر مع ان الماء الذي لاقى بدنه في البير اقل من غيره وقد جعله مستعملا لانعدام الضرورة وفي المبتغى لوادخل الكق صار الماء مستعملا وفي الخلاصة رجل توضأ في طست ثم صب ذلك الماء في البير ينزح منه اكثر من عشرين دلوا ومن ماء صب فيه عند محمد وعند ابي يوسف وابي حنيفة ينزح ماء البير كله لانه نجس عندهما وفي منية المصلى عن الفقيه اي جعفر لو توضأ في اجمة قصب فان كان لايخلص بعضه الى بعض فانه لايجوز التوضئ فيه قلت اماما ذكرته من عبارة قاضيخان ومن مسألة البير فكله مبنى على رواية ضعيفة عن محمد قائلة بان الماء يصير مستعملا بوقوع القليل فيه من الماء المستعمل لاعلى الصحيح من مذهبه واما مسألة الاجمة ففزع ايضا على القول بنجاسة الماء المستعمل وقد صرح به شارح المنية العلامة محمد الشهير بابن امير حاج تلميذ المحقق ابن الهمام انتهى كلامه ملخصا قوله بحيث لايستعمل غسالته او يمكث بين الغرفتين مقدار مايذهب غسالته كلمة حيث حقيقة في المكان يقال قمت حيث قام زيد وتستعار للزمان وقيل على العكس والغسالة بالضم فاغتسلت به الشيء كذا في المصباح المنير والمعنى يجب ان يجلس المتوضئ بموضع لايستعمل مانعا طر من اعضائه واختلط بذلك الماء الضعيف جريانه بان يجلس على مورد الماء فانه اذا جلس هناك لايتأتى ما تقاطر منه في غرفاته لسيلانه الى جانب المسيل قيل اخذ الغرفة الثانية بخلاف ما اذا جلس الى جهة ميل الماء فانه يلزمه ح استعمال المتقاطر فيجب عليه ح ان يمكث بين الغرفتين مقدار مايسيل المتقاطر منه قوله واذا كان الحوض صغيرا يدخله فيه الماء من جانب ويخرج اذا كان الحوض صغير اي اقل من عشر في عشر ويدخل فيه الماء من جانب ويخرج من جانب اخر ذكر في مجموع النوازل عن الشيخ الفقيه ابي الحسن انه ان كان اربعا في اربع فمادونه يجوز التوضى به وان كان اكثر من ذلك لايجوز الا في موضع دخول الماء وخروجه لان في الوجه الاول مايقع فيه من الماء المستعمل يخرج من ساعته ولا يستقر فيه ولا كذلك في الوجه الثاني وكذا قالوا في عين ماء هي تسع ينبع الماء من اسفلها ويخرج من منفذها لايجوز فيها التوضئ الا في موضع خروج الماء منها والاصح ان هذا التقدير غير لازم بل الاعتماد على المعنى فينظر ان كان مايقع فيه من الماء المستعمل يخرج من ساعته لكثرة الماء فوقه يجوز التوضى والا فلا وحكى عن الشيخ شمس الايمة الحلوائي انه سئل عن عين الماء اذا كان خمسا في خمس وكان يخرج الماء منه قال ان كان يتحرك الماء من جريانه يجوز والا فلا وسئل القاضي ركن الاسلام على السعدي عن هذا فاجاب بالجواز مطلقا ففي الحوض الصغير اذا كان يدخل الماء من جانب ويخرج من جانب آخر يجوز الوضوء على هذا القول مطلقا لكونه ماء جاريا والجاري يجوز التوضئ به وعليه الفتوى كذا في التاتار خانية وذكر الحلية ان هذا كلع مبني على القول بنجاسة الماء المستعمل واما على الاصح المختار فيجوز الوضوء مالم يغلب على ظنه ان مايغترنه او نصفه فصاعدا مستعمل انتهى قوله في جميع جوانبه سواء كان جانب الخروج او جانب الدخول او غير ذلك قوله وعليه الفتوى لانه ماء جاري والجاري يجوز التوضئ مطلقا من غير تفصيل بين ان يكون اربعا في اربع او اقل فيجوز او اكثر فلا يجوز ومن غير تفصيل بين ان يكون الخروج بين ان يكون الخروج لابمدد فانه لو كان يدخله الماء من جانب ولا يخرج منه لكن فيه انسان يغتسل ويخرج باغتسال من الجانب الاخر متداركا يجوز الوضوء ايضا كما في التاتار خانية ومن غير تفصيل بين ان يكون الدخول والخروج بعد تنجس او قبل تنجسه فانه لو تجنس ماء حوض صغير فدخل فيه الماء من جانب وخرج من جانب اخر قال ابو بكر الاعمش لايطهر مالم يخرج مثل ما كان فيه ثلث مرات وقيل لايطهر مالم يخرج مثل ماكان فيه مرة واحدة وقال ابو جعفر الهند واتي يطهر بمجرد الدخول والخروج وان لم يخرج مثل ما كان في الحوص وهو اختيار الصدر الشهبد لانه ح يصير جاريا والجاري لايتنجس مالم يتغير بالنجاسة كذا في المنية والصحيح هو مختار الصدر كما في الظهيرية فرع حوض صغير كري منه نهرواجرى الماء من الحوض فيه فتوضأ من ذلك النهر جازوا وان اجتمع ذلك الماء في موضع وكري منه اخر نهر فاجرى الماء فيه فتوضأ فيه وثم جاز وضوء الكل اذا كان بين المكانين مسافة وان قلت كذا في المنية عن المحيط وحد ذلك ان لايسقط الماء المستعمل من الاعضاء الا في موضع جريان الماء فيكون تابعا للجاري فانه اذا كان بين المكانين مسافة فالماء الذي استعمله الاول قبل ان يرد عليه ماء جاز قبل اجتماعه في الموضع الثاني فلا يظهر حكم الاستعمال بخلاف ما اذا لم تكن بينهما مسافة وهذه المسألة ايضا مبينة على رواية نجاسة الماء المستعمل كذا في الغنية قوله واعلم انه هذه المسألة من فروع قاعدة ابقاء ماكان على ما كان اوردها توضيحا لقول المصنف لم يراثره وقد ذكرها بن نجيم في الاشباه والنظائر اورد لها فروعا مختلفة من ابواب مفترقة وقد مر منا ذكر بعض الفروع المتعلقة بباب الطهارة في شرح قوله وبماء جار ونذكر بعضا اخر ههنا فمنها ان من تيقن الطهارة وشك في الحدث فهو متطهر ومن تيقن الحدث وشك في الطهارة فهو محدث كما في السراجية وغيرها ومنها ماذكره محمد انه لو كان حوض تملأ منه الصغار والعبيد بالايدي الدنسة والجارا الوسخة يجوز الوضوء منه مالم يعلم به نجاسة ولذا افتوابطهارة طين الطرقات ومنها مافي الملتقط ان فارة وجدت في الكوز لايدري انها كانت في الجرة لايقتضى بفساد ماء الجرة بالشك ومنها مافي فتاوى قاضيخان انه اذا نام الكلب على حصير المسجد فان كان يابسا لايتنجس وان كان رطبا ولم يظهر اثر النجاسة فيه كذلك ايضا ومنها مافيه ايضا اذا غسل رجله ومشى على ارض نجسة بغير مكعب فابتلت الارض من بلل رجله واسود وجه الارض لكن لم يظهر اثر بلل الارض في رجله فصلى جازت صلاته ومنها ان الابار والحياض التي يستقى منها الصغار واللبار المسلمون والكفار طاهرة وكذلك السمن والجبن والاطعمة التي يتخذوها اهل الشرك وكذلك الثياب التي تنسجها اهل الشرك والجهلة من اهل الاسلام وكذلك الجبياب الموضوعة والمركبة في الطرقات والسقايات التي يتوهم فيها اصابة النجاسة كلها طاهرة مالم يتقن بنجاستها كذا في التاتار خانية ومنها مافي التاتار خانية نقلا عن المحيط البرهاني انه قد وقع عند بعض الناس ان الصابون نجس لانه يتخذ من دهن الكتان ودهن الكتان نجس لان اوعيد تكون مفتوحة الراس عادة والفارة تقصد شربها وتقع فيها غالبا ولكنا لانفتى بنجاسة الصابون ولا بنجاسة الدهن بالشك ومنها مافي القنية الجلود التي تدبغ في بلادنا ولايغسل مذبحها ولا تتوقى النجاسة في دبغها ويلقونها على الاراضي النجسة ولا يغسلونها بعد تمام الدبغ فهي طاهرة يجوز اتخاذ الخفاف وغلاف الكتب والدلاء منها مالم يظهر اثر النجاسة ومنها ما في القنية عن ابي نصر الدبوسي طين الشوارع ومواطئ الكلاب فيها طاهر وكذا الطين المسروقن الا اذا راى عين النجاسات والاصل في هذا كله ماورد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم انه قال بعثت بالحنيفية السمحة البيضاء ولم ابعث بالرهبانية الصعبة وورد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم واصحابه كانوا يستعملون انية المشركين وثيابهم المنسوجة والمياه الراكدة في الحياض والابار من غير استفسار وتدقيق فاخرج البخاري في صحيحه ان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم اكل في بيت اليهودية وتوضأ من مزاده المشركة وروى ايضا عن ابن عمر انه قال كانت الكلاب تقبل وتدبر في المسجد في زمان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلم يكونوا يرشون شيئا من ذلك وقال الفاضل البركلي في الطريقة المحمدية وجوب الاحتراز عن النجاسة ليس لذاتها لوصفها المنفر من الريح المنتن والطعم البشيع واللون القبيح فاذا لم يوجد ولم يتيقن بوجوده فلا يجب ومع التيقن به يعفى عن القليل في مواضع الضرورة والحاجة انتهى ومن ههنا يعلم ان الاصل في الاشياء شرعا هو الطهارة لاسيما الماء فانه موصوف بالطاهرية والطهورية مالم يعرض ما يزوله كما نبهنا سابقا قوله اذا اتتن الماء سواء كان جاريا وراكدا وكذا اذا تغير طعمه ولونه فان اذا تغير الطعم او اللون فان علم ان تغيره للنجاسة لايجوز الوضوء به ولا يجوز فتخصيص النتن بالذكر على سبيل التمثيل قوله فان علم الظاهر انه اراد بالعلم اعم من اليقين والظن الراجح فان للظن في امثال هذا الموضع حكم اليقين وهذا العلم اما باخبار رجل مسلم عدل فانه اذا اخبر رجل كذلك بنجاسة الماء لايجوز له ان يتوضأ فان كان فاسقا لايصدق وفي المستور روايتان ففي رواية هو بمنزلة الفاسق وفي رواية بمنزلة العدل كذا في فتاوى قاضيخان وذكر العيني في رمز الحقائق شرح كنز الدقائق لايقبل قول الكافر في الديانات كالاخبار بنجاسة الماء حتى اذا اخبره عدل انه نجس تيمم واذا اخبر فاسق تجرى فيه وكذا اذا كان مستورا على الصحيح فان غلب على ظنه انه صادق تيمم ولا يتوضأ به وان اراقه ثم تيمم كان احوط وان كان اكبر رائه انه كاذب يتوضأ انتهى واما بعلامات دالة على النجاسة كما قال في جامع الفتاوى لو راى اقدام الوحوش عند الماء القليل لايتوضأ به انتهى قال النابلسي في الحديقة الندية شرح الطريقة المحمدية ينبغي تقييد ذلك بما اذا علم واغلب على ظنه انها اقدام الوحوش والا فيحتمل انها اقدام ماكول اللحم فلا يحكم بالنجاسة بالشك ويقيد ايضا بانه رآى رشاش الماء حول ذلك الماء ونحو ذلك من القرائن الدالة على ان الوحوش شربت منه والا فلا نجاسة بالشك قوله للنجاسة والاختلاط النجاسة اذلوعلم انه لمجاورة النجاسة يجوز كما يخفى قوله والا اي وان لم يعلم نتنه للنجاسة تردد فيه يجوز الوضوء حملا على ان تغير بطول المكث او غيره كاختلاط الاشياء الطاهرة المغيرة لان الاصل في الماء هو الطهارة والاصل ولا ينزول بالشك وفيه اشارة الى انه لايجب السوال عن حاله بل حمل على صلة قال في الخلاصة يتوضأ بماء الحوض الذي يخاف فيه قذرا ولا يستيقنه وليس عليه ان يسال ولا يديه حتى يستيقن انه قذر وعلى هذا اذا قدم له بطعام ليس للضيف ان يسال من اين لك هذا الطعام من الغصب او السرفة انتهى واصل مرواه مالك في الموطأ عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب بن ابي بلتعة ان عمر ابن الخطاب خرج في ركب فيهم عمرو بن العاص حتى ورد احوضا فقال عمرو لصاحب الحوض هل ترد حوضك السباع فقال عمر بن الخطاب ياصاحب الحوض تخبرنا فانا نرد على السباع وترد علينا واخرجه زين في مسنده وزاد في قول عمر فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول لها ما اخذت في بطونها وما بقى فهو لنا طهور وشراب قال على القارئ في مرقاة المفاتيح الاظهر ان يحمل قوله تخبرنا على ارادة عدم التنجيس في بقاء الماء على طهارته الاصلية ويدل عليه سوال الصحابي والا فيكون عبثا ثم تعليله بقوله فانا الخ اشارة الى ان هذا الحال من ضرورات السفر وما كلفنا بالتحقيق فلو فتحنا هذا الباب على انفسنا لوقعنا في مشقة عظيمة انتهى وقال عبد الغني النابلسي في الحديقة الندية قوله هل يرد حوضك السباع اي هل تاتى اليه فتشرب منه سباع البهائم كالذئب والضبع والثعلب في نحوها فان سورها نجس عند ناكسور الكلب لاختلاطه بلعاب نجس متولد من لحم حرام اكله ولعله كان حوضا صغير يتنجس بملاقات النجاسة والا فلو كان كبير لما سئل وقوله لاتخبرنا ابي ولو كنت تعلم انه ترده السابع لانا نحن لانعلم ذلك فالماء طاهر عندنا فلو استعملنا لاستعملنا ماء طاهر واما صاحب الحوض فلو كان يعلم ان السباع ترده وراهم ان يستعملوه لزمه اخبارهم بذلك لانه من قبيل الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وعمر بن الخطاب لايعلم ان صاحب الحوض يعلم ان السباع ترده حتى يكون قوله كفا ومنعا من الامر بالمعروف انتهى قوله واذا سد كلب اي ميت ان لم يكن الكلب نجس العين كما هو الاشهر اوحى ايضا ان كان نجس العين وفي ايراد هذه المسألة ههنا تنبيه على ان قول المصنف لم يراثره انما هو غير الجيفة وامثالها واما فيها فالمعتبر هو عين النجاسة فان كان مايلاقيها من الماء اقل مما لايلاقيه جاز الوضوء اعتبار للغالب وان كان اكثر لايجوز وان كان يجوز ولكن الاحوط ان لايتوضأ به كذا نقله ابن كمال في الايضاح عن التحفة والبدائع وعرض على الشارح بان عبارته قاصرة وقد مرمنا تحقيق هذه المسألة في شرح قوله وبماء جار فتذكرة قوله قال الفقيه ابو جعفر كذا نقله الناطفي في واقعاته عن الطحاوي والنوازل قوله وعن ابي يوسف الخ قد عرفت سابقا ان قول ابي يوسف هو المصحح رواية ودراية فرع مهم قد اعتيد في بلاد الدكن القاء ارواث الافيال في مجاري الماء من النهر الكبار الى الحياض والبيوت وسد مرج تلك المجاري بها والماء يجري عليها ويصل تارة باثرها وتارة بعينها الى الحياض وكثيرا مايصل الماء من غير تغير وقد دارت هذه الواقعة في ما بيننا في سنة اثنين وثمانين او ثلث وثمانين بعد الالف والماتين في بلدة حيدر آباد صانها الله عن البدع والفساد حين تعمير الحوض في مسجد مولانا محمد حيدر للكنوي وطنا الحيدر ابادي مدفنا وهو ابواب امي نور الله مرقده فاستفسر ابناه وهما المولوى محمد نور الحسنين والمولوي محمد نور الصديق عن حكم ماء هذا شانه هل هو طاهر ان نجس فامرنا والدنا العلام واستاذنا القمقام نور الله مرقده عن تصفح الكتب لاستخراج الجزئية ففتشنا الكتب المتداولة وتجسنا في الدفاتر التطاولة الى ان وقع نظرنا على رد المحتار فاذا هو موجود فيه وعبارته هكذا قد اعتيد في بلادنا القاء زبل الدواب في مجاري الماء الى البيوت لسد خلل تلك المجاري المسماة بالقساطل فيرسب فيها الزبل ويجري الماء فوقها فهو مثل مسألة الجيفة في ذلك حرج عظيم اذا قلنا بالنجاسة والحرج مدفوعا بالنص وقد تعرض لهذه العلامة عبد الرحمن العمادي مفتي دمشق في كتابه هدية ابن العماد واستأنس لها ببعض الفروع وبالقاعدة المشهورة من ان المشقة تجلب التيسير وقد اطال الكلام عليها سيدي عبد الغني النابلسي في شرحه على هذه المسألأة بما حاصل ان اذا رسب الزبل في القساطل ولم يظهر اثره فالماء طاهر واذا وصل الى الحياض متغير او نزل في حوض صغير او كبير فهو نجس وان زال تغيره بنفسه الا اذا جرى ذلك بماء صاف فانه ح يطهر فاذا انقطع الجريان فان كان الحوض صغير از الزبل راسب في اسفله تنجس مالم يصر الزبل جمأة وهذا كله بناء على نجاسة الزبل عندنا وفي شرح العباب لابن حجر بناء على قول الشافعي اذا ضاق الامر اتسع انه لايضر تغير انهم الشام بما فيها من الزبل ولو قليلة لانه لايمكن جريها المضطر اليه الناس الا به زظاهره ان المعفو عنه اثره لاعينه انتهى مافي شرح الهداية اقول ولا يخفى ان الضرورة داعية الى العفو عن العين ايضا فان كثيرا من المحلات البعيدة عن الماء في بلادنا ماؤها قليلا وفي اغلب الاوقات يستصحب الماء عين الزبل ويرسب في اسفل الحياض انتهت عبارته ملخصة فبعد ماوجدنا هذه العبارة عرضنا ماعلى الوالد المرحوم والمستفسرين ففرحوا بذلك فرحا شديدا والله الحمد على ذلك قال وبماء مات فيه اي ويجوز الوضوء بماء الميت فيه حيوان يتولد في الماء وهو بفتح الحاء المهملة والياء يطلق على ذي روح وفي الاصل مصدر بمعنى الحيوة ولذا يستوى فيه الواحد والجمع وقيل هو مبالغة في اليوة كما قيل للموت الكثير موتان بفتح الميم والواو به فسر قوله تعالى وان دار الآخرة لهي الحيوة الدائمة التي لايعقبها موت كذا في الصحاح والمصباح وقد اختلف في هذه المسألة على اقوال احدها ماذهب اليه اصحابنا وهو مذهب المالكية ففي المنح الوفية شرح المقدمة العزية ومن الطاهر ميتة الطاهر ميتة البحر ولو طالت حياته بالبر لقوله عليه السلام هو الطهور ماؤه الحل ميتته انتهى وفي مختصر الخليل الطاهر ميت مالادم له والبحر وان طالت حياته انتهى وثانيها ان السمك والجراد لايفسد الماء وما ساهما يفسد نسبة صاحب رحمه الامة في اختلاف الايمة الى مالك والشافعي واحمد حيث قال ما يعيش في الماء كالضفدع اذا مات في ماء يسير نجسه عند الثلثة خلافا لابي يوسف والسمك والجراد طاهران اتفاقا انتهى وهكذا نسبه صاحب الهداية الى الشافعي حيث قال وموت ما يعيش في الماء فيه لايفسده كالسمك والضفدع والسرطان وقال الشافعي يفسده الا السمك انتهى وقال لاتقاني في غاية البيان كان ينبغي ان يقول الا السمك والجراد لان حكمهما واحد عنده كذا في وجيزهم انتهى وثالثها ان ميتة مايؤكل من حيوانات البحر لايفسد وما لايؤكل يفسد وهو مختارات الشافعية قال النووي ما يعيش في الماء كان ماكو فميتته طاهرة لاشك انه لاينجس الماء وما يؤكل كالضفدع اذا قلنا انه لايؤكل اذا مات في الماء القليل او مائع قليل او كثير نجسه صريح به اصحابنا ولا خلاف فيه الا لصاحب الحاوي فانه قال في نجاسته قولان وذكر الروياني في الضفدع وجهين انه لانفس له سائلة والثاني لها نفس سائلة فتنسه قطعا وهذا الثاني هو المشهور في كتب الاصحاب انتهى كذا نقله العيني في البناية وقال الدميري في حيوة الحيوان في فصل الضفدع من احكامه انه ينجس بالموت كغيره من الحيوان الذي لايؤكل ونقل في الكفاية عن الماوردي حكاية وجه انه لاينجس بالموت وغلطه شيخنا في النقل عنه وقال لاذكر لهذا الوجه في الحاوي ولا في غيره من كتبه واذا ماتت في ماء قليل قال النووي ان قلنا انه لاتؤكل نجسته بلا خلاف وحكى الماوردي في نجاسته قولين احدهما ينجس كما ينجس بسائر النجاسات والثاني يعفى عنه كدم البراغيث والاصح الاول انتهى وقال الدميري ايضا في فصل السمك اختلف العلماء في الحيوان الذي في البحر سوى الحوت فقال بعضهم يؤكل جميع مافي البحر سوى الضفدع ولو كان على صورة انسان والى هذا ذهب ابو علي على الطيبي من قدماء اصحابنا قال في شرح القنية قيل له أرأيت لو كان على صورة بني ادم قال وان تكلم بالعربية وققال انا فلان وهذا ضعيف شاذ وقال آحرون يوكل الجميع الا ما كان على صورة الكلب والخنزير والضفدع وقيل كل ما اكل في البر مذبوحا يوكل مثله في البحر مذبوحا وغير مذبوحا على الاصح وقيل لابد من ذبحه واختاره الصيد لالىفعلى هذا لايحل كلب الماء وخنزيره ولا حمار البحر لانه له شبها في البر حراما وهو الحمار الاهلي قلت المذهب المفتي حل الجميع الا السرطان والضفدع والتمساح سواء كان على صورة كلب او خنزير او انسان ام لا انتهى كلامه فعلى هذا يفسد الماء عندهم ميتى السرطان والضفدع والتمساح وماسواه لايفسد هذا تحرير المذاهب الواقعة في المسألة واما الدلائل فأستدل اصحاب القول الثالث بان ما يوكل من حيوانات البحر سمكا كان او غيره فميتته حلال لعموم وحديث هو الطهور ماؤه الحل ميتته ولعموم قوله تعالى احل لكم صيد البحر بطعامه متاعا لكم وللسيارة فانه ليس في الحديث ولا في الاية تقييد بالسمك والجراد وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن ابي حاتم وابو الشيخ عن عكرمه ابا بكر الصديق قال في تفسير الآية صيد البحر يصطاد ايدينا وطعامه ما لاثه البحر واذا كانت ميت مايوكل حلاللا كان طاهر فلا يفسد الماء للوقوعه فيه واما ما لايوكل فميتته نجسة لان التحريم لا بطريق الكرامة كما في الآدمي اية النجاسة فيفسد بوقوعه الماء واما اصحاب القول الثاني فاستدلوا بان الحديث ورد بحل ميتة السمك والجراد وهو قوله عليه الصلوة والسلام احلت لنا ميتتان ودمان اما الميتتان فالسمك والجراد واما الدمان فالكبد والطحال اخرجه ابن ماجه واحمد والشافعي وغيرهم وماسواهما يكون ميتتهما حراما فيكون نجسا فيفسد الماء بوقوعه فيه وااب اصحابنا عنهما بانه ليس من ضرورة الحرمة النجاسة كالطين فانه حرام كله وليس بنجس وذلك لان الحرمة تكون لاحد من امور ثلثة احدها النجاسة كحرمة الخمر والخنزير والابوال والارواث وغيرها وثانيها الكرامة كحرمة اكل الانسان فانه محرم وكرامة لانجاسة وثالثها الخباثة كحرمة الطين وحشرات الارض كما مر تفصيل ذلك في بحث الدم السفوح في بحث نواقض الوضوء وقد اقر بهذا التفصيل الشافعية ايضا فانهم قالوا بحرمة ماليس له دم سائلة من الحيوانات وعللوها باستقذارها ولم يحكموا بنجاستها ففي حيوة الحيوان في بحث نبات ورد ان حكمها تحريم الاكل لاستقذارها ولايصح بيعها كسائر الحشرات التي لاينتفع بها لكنها اذا وقعت في الماء الطهور ولا تنجسه ويعفى عن ذلك وكذا كل ماليست له نفس سائلة اي دم يسيل عند قتله انتهى وقال يضا في بحث الذباب بعد ماذكر حديث غمسه في الاناء قد استفيد من هذا الحديث ان الذباب اذا وقع في الماء لاينجسه لانه ليس له نفس سائلة وهو للشهور وفي قول ينجسه كسائر الميتات النجسة وفي ثالث مخرج ان يعمم وقوعه كالذباب والبعوض لاينجس ومالايعمم كالخنفافس والعقارب ينجس وهو متجه لامحيد عنه ومحل الخلاف في ميته اجنبية اما الناشء منه كدود الفواكة والجبن والخل فلا ينجس فأمات فيه بلا خلاف انتهى وكذا قالوا بحرمة الانسان الميت مع طهارته عندهم كما في الاقناع قضية التكريم ان لايحكم بنجاسة الانسان بالموت وساء المسلم وغيره انتهى واذا ثبت ان النجاسة ليست بلازمة للحرمة بلازمة للحرمة فلا يصح استدلالهم بحرمة غير السمك والجراد او بحرمة التمساح والضفدع وغيرهما مما لايوكل من حيوانات البحر على نجاسة ميتتها وفساد الماء بوقوعها نعم لو ثبت نجاستها من وجه آخر لثبت مطلوبهم واذا ليس فليس واما اصحابنا ومن تبعهم من اصحاب القول الاول فاستدلوا على مذهبهم بوجهين بين الاول ان مايعيش في الماء اذا مات فيه مات في معدنه فلايعطي لحكم النجاسة كبيضة انقلبت صفرتها فلو صلى وفي كمه تلك البيضة تجرد الصلوة لان النجاسة في معدتها ولذلك يحكم بطهارة الانسان مع كون باطنه مملوا من الدم والنجاساست ولا يخفى عليك ضعف هذا التعليل بوجود احدها انه يقتضي ان لايعطي للطيور والوحوش حكم النجاسة اذا ماتت على الارض او في البير لانها معدنها واجيب عنه بان المعدن عبارة عما يكون محيطا به كما يفهم من تمثيلهم بالدم في العروق وصفرة البيضة والبير ليس كذلك كذا في العناية وقد يجاب عنه بان الارض وان كانت معدن البريات فهي لاتموت في الارض بل على الارض واما البحرى فيموت في الماء كذا في حواشي لهداية للجو نفورى اقول هذا مخدوش بانه يقتضي انه لو مات برى في الارض لايحكم ستة ولو مات بحرى على البحر سبخا ستة وليس كذلك وثانيهما انه يقتضى انه لو مات سمك في البحر وطفى على الماء حلم بنجاسته تخروجه من معدنه كما لو خرج دم من معدته وهذا وان ذكره الطحاوى ان الطافى من السمك في الماء يفسده ثلثه غير مختار عند المحققين فقد قال في النهاية هذا غلط من الطحاوى فليس في الطافي اكثر فسادا من انه غير ماكول كالضفدع والسرطان انتهى وثالثها يقتضى انه لو مات مجرى خارج الماء فسد الماء بوقوعه فيه مع انه ليس كذلك قال في فتح القدير لافرق بين ان يموت في الماء وخارجه ثم ينتقل اليه في الصحيح انتهى ومثله في البحر وغيره ورابعها انه يقتضي انه لو مات مائى المولود في مائع غير ماء نجسه لعدم المعدن وهو وان ذهب اليه بعض المشائخ لكن الصحيح خلافه قال في الهداية في غير الماء قيل غير السمك يفسده لانعدام المعدن وقيل لايفسده لعدم الدم وهو الاصح انتهى وقال في العناية قائل الاول نصير بن يحيى ومحمد بن سلمة وهو رواية عن ابي يوسف وقائل الثاني محمد بن مقاتل وهو رواية الحسن عن ابي حنيفة وهشام عن محمد انتهى وذكر العينى من اصحاب القول الاول ابا معاذ البلخي وابا مطيع ومن اصحاب القول الثاني ابا عبد الله البلخي الوجه الثاني ماصححه شمس الايمة السرخس وحكم عليها صاحب الهداية وشراحها بانه الاصح ان مايعيش في الماء ليس لدم مسفوح وكل ماليس له دم مسفوح فميتن طاهرة فينتج ان مايعيش في الماء ميته طاهر فلا يفسد الماء ولا المائع بوقوعه فيه سواء مات فيه او خارجه اما الصغرى فلان الدموى لايسكن الماء لمنافاة بين طبع الماء والدم ومايرى في بعض الحيوانات البحرية كالسمك وغيره رطوبة كلون الدم فهو ليس بدم حقيقة لان الدم اذا القى في الشمس اسود وهذه الرطوبة اذا القيت في الشمس تبيض واما الكبرى فلان الموت ليس بمنجس في نفسه وانما يحكم بنجاسة الميتة لان الدم النجس السائل في العروق يختلط بعد الموت في جميع الاجزاء وينتشر فيها ولذا لو فصد عرق ميت لايخرج منه دم الا نادرا والنجس انما هو الدم المسفوح لا غير المسفوح كما مر تحقيقه في بحث نواقض الوضوء واذ لادم مسفوحا في هذه الحيوانات فلا تنجس ميتتها فلا يفسد الماء ومثله بوقوعه وموته فيها وقد تأيد ماذكرناه من ان ما لادم له لاينجس ولايفسد بحديث الذباب كما سيجيء ذكره عن قريب ان شاء الله تعالى وبما اخرجه الدار قطنى في سننه من حديث بقية سعيد بن ابي سعيد عن نصرين منصور عن علي بن زيد عند سعيد بن المسيب عن سلمان ان قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ياسلمان كل طعام وقعت فيه دابة ليس لها دم فماتت فيه فهو حلال اكله وشربه ووضوء وذكر الاتقاني في غاية البيان انه روى هذا الحديث ايضا ابو بكر الجصاص الرازي في شرح مختصر الطحاوى وبما اخرجه او عبيد في كتاب الطهور على مانقله العينى من حديث ميمونة ام المؤمنين انها كانت تمر بالغدير وفيه الجعلان فيسقى لها وتشرب منه وتتوضأ فأن قلت حديث سلمان ضعيف سندا لما قال الدار قطني عقيب اخراجه لم يروه غير بقية عن سعيد وهو ضعيف انتهى واخرجه ابن عدي في الكامل واعله بسعيد بن ابي سعيد الزبيدي وقال هو شيخ مجهول وحديثه غير محفوظ انتهى قلت بقية هذا هو ابن الوليد روى عنه الايمة مثل الحمادين المبارك ويزيد بن هارون وابن عيينه ووكيع والاوزاعي واسحق بن راهيية وشعية وتاهيك بشعبة واحتياطه واما سعيد هذا فقد ذكرة الخطيب وقال اسم ابيه عبد الجبار وكان تقة فانتقت الجهالة والحديث مع هذا الاينزل عن درجتا الحسن كذا في فتح القدير بقى ههنا امور لابد من الاطلاع الاول انه قديعترض ههنا بانه لما كان الوجه الصحيح للمسألة التي نحن فيها فقد المسفوح فما بالهم يذكرون جواز الوضوء بماء مات فيه قال المولود على حدة وجوازه بماء مات فيه ملادم على حدة كما فعله صاحب الهداية والمصنف وغيرهما وهلا اكتفوا بالمسألةالثانية والجواب عنه انه قد اكتفى بالثانية كصاحب الكنز نظرا الى هذا الوجه ومن فصل انما فصل لان منهم من ذكره لهذه المسألة وجها اخر ايضا غير مايوجه به المسألة الثانية كما مر فاحب ان تذكر على حدة ولان فيه خلاف الشافعية ايضا فالنص عليه اليق والثاني ان الوجه الثاني وان اعتمل عليه الاعلام واستند به الكرام لكن فيه خدشة ابدعها الفاضل الهروي في حواشيه بالانسلم ان الدموي لايسكن الماء اذ لا استبعاد في قدرة الله تعالى وقد جاء في الدعوات يامن الف بين الثلج والنار والله ملك نصفه من الثلج ونصفه من النار وقال تعالى وجعل لكم من الشجر الاخضر نارا فاذا انتم منه توقدون وايضا لانسلم ان الاسواد في الشمس لازم لطلق الدم بل هو لازم لدم البريات انتهى وهذه خدشة قوية لم اطلع من توجه الى ازالتها ولم امض في خاطري مايدفعها فتأمل لعل الله يحدث بعد ذلك امر والثالث ان قول المصنف بماء ليس احترازا عن مائع اخر فان حكمه كحلمه كما مريل التخصيص بذكره لمناسبة البحث فان البحث انما هو بحث المياه وقوله مات فيه ايضا ليس احترازيا فانه لو بات خارجه ووقع فيه لاينجس ايضا كما مر وانما خصصه بالذكر لتكون المسألة اتفاقية فافهم قال كالسمك بفتح السين والميم جنس من حيوانات البحر يقال للواحد سمكة ويجمع على اسماك وعموك ومن اسمائه حوت بضم الحاء المهملة وجمعه احوات وحيتان ومن اسمائه النون وجمعه نينان وانوان وحكمه انه حلال بجميع انواعه لحديث احلت لنا ميتتان السمك والجراد وانواعه كثيرة منها الفاطوس ويقال له حوت الحيض وهو سمك هظيم يكسر السفن والملاحون يعرفونها فيتخذون خرق الحيض ويعلقونها على السفينة فتهرب ومنها العنبرة ومنها نوع يطير علىالهواء على وجه البحر مسافة طويلة ثم ينزل من البحر ومنها المنشار وهو سمك في بحر الزيخ كالجبل العظيم من رساها الى ذنبها من اسنان المنشار من عظام سود كل سن منها لذارعين وعند رساها عظمان طويلان كل عظم مقدار عشرة اذرع ومنها سمك على شكل الحية يقال له المار وماهي ومنها سمك تحيض كحيض النساء اذكره كمال الدين الدميري في حيوتها الحيوان وذكر ايضا وينا بالمسند الصحيح عن سعيد بن جبير انه قال لما اهبط الله ادم الى الارض لم يكن فيها غير النسر في البر والحوت في البحر كان النسرياوي الى الحوت فيبيت عنده فلما رأى النسر آدم عليه الصلوة والسلام اتى الحوت وقال لقد اهبط اليوم على الارض من يمشى على رجليه ويبطش بيديه فقال الحوت لئن كنت صادقا فمالئ منجأمنه في البحر ومالك منه مخلص في البحر وذكر ايضا ان من انواعه السمكة الرعادة وهي صغيرة اذا وقعت في الشبكة والصياد ممسك حبلها ارتعدت يد الصياد والصيادون يعرفون ذلك فأذا احسوا بها شدوا حبل الشبكة وتد او شجر حتى تموت وذكر ايضا من انواعه الشيخ اليهودي وهو سمك وجهه كوجه الانسان كوجه الانسان وله لحية بيضاء بدنه كبدن الضفدع وشعره كشعر البقر يخرج من البحر ليلة السبت فيستمر حتى تغيب ليلة الاحد فيثب كما يثب الضفدع ويدخل الماء فلاتلحقه السفت قوله بئسر الدال نبه على ذلك لانه الاصح والمشهور الفتح قال الدميري هو بكسر الضاد وسكون افلاء والعين المهملة بينما دال مهملة مثل الخنصر واحد الضفادع والانثى ضفدعة وتأس يقولون ضفدع بفتح الدال وقال الخليل ليس في الكلام فعلل الا اربعة احرف درهم وهجرع وهو الطويل وهبلع وهو الاكول وبلعم وهو اسم وقال ابن الصلاح الاشهر فيه من حيث اللغة كسر الدال وفتحها اشهر في السنة العامة واشباه العامة من الخاصة وقد انكره بعض ايمة اللغة وقال البطليوسي في شرح ادب الكاتب حكى ايضا ضفدع بضم الضاد وفتح الدال وهو نادر وحكاه المطرزى ايضا ويقال للضفدع ابو المسيح وابو سبيرة وابو معبدو ام المنبرة والضفادع فادع انواع كثيرة تكون من سفاد وتتولد من مياه قائمة ضعيفة الجرى ومن العفونات وعقب الامطار حتى يظن انها تقع من السحاب انتهى ملخصا وذكر صاحب القاموس ان ضفدع كزيرج وجعفر وجندب ودرهم وهذا قل او مردود شروع اذا مات كلب الماء في الماء اختلف لمشائخ فيه كذا في المجتبى وفي الخلاصة الكلب والخنزير المائي اجمعوا على انه اذا مات في الماء لايفسده وفي غيره الماء من المائعات اختلف المشائخ فيه سواء تقطع في الماء او لم يتقطع وعن محمد انه اذا انفتت في الماء كره شربه انتهى وفي المجتبى عن ابي يوسف اذا مات حية عظيمة مائية او سمكة في الماء فسده لان لو مادما سائلا ولنا ان ذلك ليس بدم سائل لان السمك يوكل كما هو ولو كان دما لحرم اكله قيل اراقته بالنص ولانه يبيض بالتشميس والدم يسود والثاني ان الماء معدنهما فلا يظهر فيه حلم النجاسة وفي التمر تاشى واو ماتت هي في الخل والعصير والمرق ونحوهما فمن اعتبر الدم لايفسده وهو رواية الحسن عن ابي حنيفة وهشام عن محمد ومن اعتبر المعجن ينجسه وهو رواية عن ابي يوسف وفي صلوة البقالي شارة الى ان ابا حنيفة اعتبر المعدن وهما اعتبر الدم السائل وعن الحسن اما الضفدع والسرطان والسمك والسلحفاة مما يعيش في الماء فموته فيه لايفسده وان سال من دمه لاينسجه وهو قول ابي جنيفة وزفر وابي يوسف ايضا الا في دمه انتهى وفي الهداية والنهاية الضفدع البحري والبري سواء في عدم فساد الماء بوقوعه فيه والفرق بينهما ان البحري مايكون بين اصابعه سترة دون البري وقيل البري يفسد لوجود الدم وعدم المعدن قال في فتح القدير ان ثبت هذا فينبغي ان لايتردد في انه مفسد وفي التجنيس لو كان للضفدع دم سائل يفسد ايضا ومثله لو ماتت حية لادم فيها لاينجس وان كان فيها دم ينجس انتهى وفي فتاوى قاضيخان موت مالادم له كالسمك والسرطان والحية وكل مايعيش في الماء لايفسد ماء الاواني وغيره وموت مالادم له كما لايفسد الماء لايفسد غيره كالعصير ونحوه نحوه وكذا الضفدع برية كانت او بحرية فان كانت الحية او الضفدع عظيمة لها دم سائل تفسد الماء وكذا لوزعة الكبيرة في رواية ابي يوسف انتهى وفي المنية ما الحية التي لاتعيش في الماء فانها تفسده انتهى قال شارحه في الغنية هذا على القول بان الضفدع البري تفسده والظاهر انه مختار صاحب لهداية حيث اخر دليله وما اخر دليله فهو المختار عنده وفي المنية ايضا وكذا الحية المائية اذا كانت كبيرة ولها دم سائل انتهى قال شارحه هذا مبنى على غير الاصح الذي ذكره في الهداية واما على الاصح فلا يتنجس لان الدموي لايعيش داخل الماء والدم الذي فيها غير حقيقي انتهى اقول هذه الفروع ونحوها المذكورة في الفتاوى مما يوقع القلب في الحيرة فان بعضها يدل على ان مايعيش في الماء لادم له حقيقة وبه صرح المحققون منهم صاحب الهداية وشراحها وغيرهم وقد مر ماله وما عليه وبعضها يدل على ان لبعض ما يعيش في الماء ايضا دم سائل وبه صرح في السراج الوهاج حيث قال الذي يعيش في الماء هو الذي يكون توالد ومثواه فيه سواء لها نفس سائلة او لم تكن في ظاهر الرواية وروى عن ابي يوسف انه اذا كان لها دم سائل اوجب التنجيس انتهى واليه يشير كلام الزاهدي في المجتبى على مانقلناه والذي يظهر بالنظر الصحيح ان القول بعدم افساد كل مايعيش في الماء وان كان له دم سائل مما لاوجه له لان الحديث انما ورده في مالادم له وفي السمك والجراد خاصة وكذا القول بان كل مايعيش في الماء لادم له حقيقة ومايرى منه شبيه به فان العلامة التي ذكروها للدم من انه يسود عند التشميس ليست بمنصوصة حتى يعتمد عليه وانما هي استقرائية والاستقراء الناقص لايفيد حكما كليا قطعيا فالحق هو الحكم بعد افساد ميت السمك مطلقا سواء قيل ان له دما سائلا او لم يقل به لورود النص الدال على طهارته وفي ماعداه من حيوانات البحر يناط الحكم على الدم السائل كما في حيوانات البر فما كان له دم سائل يحكم يفساد الماء بوقوعه فيه ومالم يكن له يحلم بعدمه به اخذ من حديث مالادم له ولم يرد نص بطهارة ميت كل بحري حتى يحكم الاطلاق فاحفظه قوله وانما قال مائي المولد حتى لو كان مولده في غير الماء وهو يعيش في الماء بيان لوجه اختيار المصنف هذه العبارة على عبارة مايعيش في الماء وقع في مختصر القدوري والهداية وعلى لفظة المائي كما وقع في عبارات بعضهم بان بعض الحيوانات يتولد خارج الماء ويتعيش في الماء كالبط والاوز وغيرهما ووقوعه في الماء القليل يفسده لوجود الدم السائل ولعدم المعدن ولعدم المعدن مع ان مايعيش في الماء والمائي صادق عليه فلذا اختار المصنف مائي المولود ليختص بما يكون توالده في الماء فقط دون مايتعيش في الماء فقط وقد اختلف عباراتهم في تفسير المائي الذي لايفسد الماء بوقوعه فيه فذكر صاحب الهداية انه مايكون توالده ومثواه في الماء فعلى هذا لايكون مايعيش في الماء ويتولد في البرمائيات وكذا مايتولد في البحر لكن ليس مثواه في الماء بل في البر كالجراد فانه مائي المولد على ماذلت عليه الاخبار وان جعله من صيود البر جمع من الاخيار فاخرج عن انس ان النبي صلى الله عليه وسلم دعا على الجراد فقال اللهم اهلك كبارة وافسد صفارة واقطع دابرة وخذ بافواهه عن معايشنا واولاقنا انك سميع الدعاء فقال رجل يارسول الله كيف تدعو على جند من اجناد الله بقطع دابرة فقال صلى الله عليه وسلم ان الجرد نثرة الحوت من البحر عطسته واخرج ابو داود الترمذي وغيرهما عن ابي هريرة قال اصبنا رجلا من جراد فكان الرجل منا يضربه بسوطة وهو محرم فقيل ان هذل لايصلح فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقال انما هو من صيد البحر واخرج ابن ماجة عن ابي هريرة قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حج او عمرة فاستقبلنا رجل من جراد فجعلنا تضربهن بنعالنا واسواطنا فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كلوة فانه من صيد البحر في المجتبى ان المائى مالايعيش الا في الماء وعلى هذا يلزم ان لايكون الشيخ اليهودي مائيا لانه يعيش في البرايضا في بعض الايام كما وذكر صاحب الخلاصة ان المائي ما لو استخرج من الماء يموت من ساعته وان كان يعيش فهو مائي وبري وفيه ايضا ما في اسبقه وقال في الغنية جعل صاحب الخلاصة بين المائي والبري قسما اخر وهو مايكون مائيا وبريا ولم يذكر حكما على حدة والصحيح انه ملحق بالمائي لعدم الدموية وعلى ماعلم انتهى ومن ههنا ظهر ان الحيوانات على اربعة انواع مائي المولد والمثوي كالسمك ومائي المولد بري كالجراد وبري المولد بري المثوى كالنسر والفأرة والعقرب والذباب والبق وغيرها وبري المولد مائي المثوى كالبط فميته الاول لاتفسد الماء وكذا الثاني لورود النص وميته الاخيرين وتفسد ان كان لهادم سائل والا فلا قوله يفسد الماء بموته فيه هذا هو الصحيح المختار عند المحققين وفي البحر اختلف في طير الماء كالبط ففي السراج الوهاج انه ينجس وفي شرح الجامع الصغير لقاضيخان طير الماء اذا مات في الماءالقليل يفسده هو الصحيح من الرواية عن ابي حنيفة وان مات في غير الماء يفسد باتفاق الروايات لان له دما سائلا وهو بري الاصل مائي المعاش والمائي ما كان توالده ومعاشه في الماء وفي المجتبي الصحيح في موت طير الماء انه لاينجسه وقيل ان كان يفرخ في الماء لايفسده والا فيفسد فقد اختلف التصحيح في طير الماء كما ترى والاوجه ما في شرح الجامع الصغير كما لايخفي قال وما ليس له دم سائل عطف على قوله مائي المولد قال كالبق بفتح الباء وتشديد القاف قال الجوهري هو البعوضة وهو وهم والحق انه صنفان فصنف يقال له البعوض على هيأة الفيل بل اكثر اعضاء منه مع صغره فان للفيل اربع ارجل وخرطوما وذنبا وله مه هذه رجلان زائدان واربعة اجنحة وخرطوم الفيل مصمت وخرطومه مجوف نافذ للجوف فاذا طعن به جسد الانسان استقى الدم وقذف به الى جوفه ومما الهمه الله تعالى انه اذا جلس على عضو من اعضاء الانسان لايزال يتوخى بخرطوم المسام الذي يخرج منه العرق فاذا وجدها وضع خرطومه بمص الدم الى ان ينشق ويموت والى ان يعجز عن الطيران فيهلك وصنف على صورة القراد شديد النتن ويقال له الغسافس والبق ويقال انه يتولد من النفس الحا ولشدة رغبته في الانسان لايتملك اذا شم رائحة الادعى الا وقع عليه وهو كثير بمصر مما شاكلها من البلاد وحكم من الصنفين التحريم للاستقذار وهو من الحيوان الذي لانفس له سائلة اصلا ووقع في كلام النووي وغيره تمثيل مالانفس بالبعوض والبق وتعقبه بعضهم بأن ذكر البق المعروف في بلادنا الذي يقال له الفسافس في ما لانفس له سائله نظر وقد رأيت بعض الناس يذكر انه في كثير من البلاد اسم للبعوض فلعل من اطلقه اراد به ذلك هذا كله في حيوة الحيوان في باب الباء والفاء وزيادة التفصيل وفي القاموس البقة البعوضة ودويبة مفرطحة اي عريضة حمراء منتنة انتهى وفي البناية البق جمع بقة هي البعوضة قاله الجوهري واهل مصر يقولون الدويبة تنشأ في الاخشاب وغير ذلك له رائحة كريهة قال والذباب بضم الذال العجمة دابة متولدة من العفونة جمعه اذابة وذباب بكسر الذال وتشديد الياء كغراب واغربه وغربان وسمى ذبابا بالكثرة حركته واضطرابه وقيل لانه كلما ذب آب واخرج ابو يعلى الموصلي في مسنده من حديث انس ان النبي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال عمر الذباب اربعون ليلة والذباب كله في النار الا النحل واخرج ابن عدي في الكامل في ترجمة عمرو بن شقيق عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعا الذباب كله في النار الا النحل وكونه في النار ليس بعذاب له وانما ليعذب به اهل النار بوقوعه عليهم وحكى ان ابا جعفر المنصور كان جالسا فالح على وجهه ذباب حتى اضجره فقال انظروا من في الباب فقالوا مقاتل بن سليمان فقال على به فلما دخل عليه قال هل تعلم لماذا اخلق الله الذباب قال نعم ليذل به الجبايرة فسكت المنصور وفي مناقب الامام الشافعي ان المأمون سئل عنه لاي شيء خلق الله الذباب فقال مذلة للملوك فضحك المامون وقال رايته وقد وقع على جسد فقال نعم ولقد سألتني وماعندي جواب فلما رأيته قد سقط منك بموضع لايناله منك احد فتح الله بالجواب فقال المأمون لله درك وله اصناف كثيرة منها القمعة بالتحريك وهو ذباب يركب الابل والظباء اذا اشتد الحرو منها النعرة بضم النون وفتح العين المرسلة ذباب ضخم ازرق العينين له ابرة في طرف ذنبه يلسع بها ذوات الحوافر خاصة سميت به لنعيرها اي صوتها ومنها الخازباز ذباب يطير في الربيع يدل على الخصب وقال الاصمعي الخازباز حكاية لصوت الذباب سمى به ومنها الشعراء بفتح الشين المعجمة وكسرها وسكون العين المهملة ذباب ازرق او احمر يقع على الابل وعلى الحمير والكلاب فيؤذيها اذى شديدا ومنها ذباب الكلاب وذباب الرياض وذباب الكلاب وغير ذلك والذباب الذي يخالط الناس يخلق من السفا وقد يخلق من الاجسام هذا اكله في حياة الحيوان في باب الذال والقاف والشين والنون والتفصيل فيه فليرجع اليه فان كتاب نفيس مشتمل على فوائد لطيفة وفرائد عجيبة فروع من الحيوانات التي لادم فيها سائلا الزنبور بضم الزاي المعجمة والعقرب والجراد والنحل والنملةوالجعلان بضم الجيم دويبة تكون في الزبل وبنات وردان والرغوث والقمل والخنفساء وحمار قبان والصرصر والقراد فهذه الحيوانات طاهرة لاتنجس بالموت ولايفسد بوقوعه الماء كذا في البناية وفي الخلاصة على ان دود الخل وسوس الثمار لايفسده واصله موت ماليس له دم سائل في المائعات لاينجس عندنا انتهى وفي المجتبي في البق في صلوة البقالي تفصيل حسن وهو انه ان كان مص الدم لم ينجس عند ابي يوسف لانه دم مستعار وعند محمد ينجسه والخلاف في جمع التفاريق بالعكس ةالاصح في العلق اذا مص الدم انه يفسد الماء قلت ومن هذا يعرف حلم القراد والحلم انتهى وقال صاحب النهر الفائق الترجيح في العلق ترجيح في البق اذ الدم فيهما مستعار وفي المحيط والحلمة نجس وهي ثلثة انواعقراد وحتانة وحلم فالقراج اصغرها والحنانة اوسطها والحلمة اكبرها ولها دم سائل انتهى وفي القنية عن القاضي بديع الدين ماء دود القز وعينه وخرؤه طاهر وعن العلاء الحمامي ويوسف الترجماني مثله وعن مجد الايمه الترجماني عن عبد الكريم ان خرءه نجس انتهى وفي البزازية الدودة المتولدة من النجاسة ستطاهرة حتى اذا وقعت في الماء بعد غسلها لاينجس وكذا دودة كل حيوان قوله لان النجس بفتح الجيموهذا القليل لعدم فساد الماء بوقوع ماليس له دم سائل ويمكن ان يكون تعليلا للمسالة الاولى ايضا بناء على ان الاصح في تعليلها ايضا هو فقد الدم المسفوح وحاصله ان النجس من الدماء انما هو الدم المسفوح لامطلقا كما مر ذكره في بحث نواقض الوضوء فما يكون فيه دم مسفوح يكون ميته نجسا لاختلاطه وتشربه باجزائه وما ليس لدم مسفوح كحيوان البحر وبعض حيوانات البر لايوجد فيه المنجس فلايكون ميته نجسا فلايكون مايقع فيه فاسدا واورد ههنا بانه لو كان المنجس هو الدم المسفوح لاغير لزم ان تطهر ذبيحة المجوس وتارك التسمية عامدا الخروج الدم المسفوح وليس كذلك وآجيب عنه على مافي العناية وغيرها ان القياس هو الطهارة الا ان الشرع اخرجه عن الاهلية وقد يجاب عنه بانالانسلم عدم الطهارة فقد صرح بالطهارة الزاهدي في المجتبى حيث قال في تعليل المسألة لان الحيوان انما يتجنس بالموت لما فيه من الدماء بدليل ان الانعام اذا ذبحها المجوس او الوثنى او ترك المسلم التسمية عمدا تطهر في الاصح وان المتوكل انتهى قوله ولحديث وقوع الذباب في الطعام وجه الاستدلال به ان النبي صلى الله عليه وسلم امر بغمس الذباب في الطعام عند وقوعه فيه وقد يكون الطعام حار فيموت الذباب فيه فلو كان يفسده لما امر به واذا ثبت الحكم في الذباب ثبت في غيره مما هو بمعناه اما بدلالة النص او الاجماع كذا في البحر الرائق وهذا الحديث قد اخرجه البخاري وابو داود والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان وغيرهم ان النبي عليه الصلوة والسلام قال اذا وقع الذباب في اناء احدكم فلميقله فان في احد جناحية داء وفي الاخر دواء وانه يتقي بجناحه الذي فيه الداء وفي رواية النسائي وابن ماجة احد جناحي الذباب يم والاخر شفاء فاذا وقع في الطعام فامقلوه فانه يقدم السم ويؤخر الشفاء وقال الدميري في حيوة الحيوان قد تأملت الذباب فوجدته يتقي بجناحه الايسر وهو مناسب للداء كما ان الايمن مناسب للدواء انتهى وفي معالم السنن شرح سنن ابي داود للخطابي قد تكلم على هذا الحديث بعض من لاخلاق له وقال كيف يكون هذا وكيف يجتمع الداء والشفاء في جناحي ذبابه وكيف تعلم ذلك من نفسها حتى تقدم جناح الداء وهذا سوال جاهل او متجاهل فان الذي يجد نفسه ونفوس سائر الحيوانات انه قد جمع في النفس بين الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة وهي اشياء متضادة واذا تلاقت تفاسدت ثم يرى ان الله تعالى الف بينها وقهرها على الاجتماع وجعل منها قوى الحيوان التي منها بقاؤه وصلاحه لجديران لاينكر اجتماع الداء والدواء في جرئبن من حيوان وان الذي المهم النحلة ان تتخذ البيت العجيب الصنعة وتعسل فيه والذي الهم الذيرة ان تكتسب قوتها وتدخره لا وان حاجتها اليه هو الذي خلق بالذبابة وجعل لها الهداية الى ان تقدم جناحا وتؤخرها حالما ارادة من الابتلاء الذي هو مدرجة التعبد والامتحان الذي هو مضمار التكليف وله في كل شيء حكمة ومايذكر الا اولو الالباب قوله وفيه خلاف الشافعي الظاهر انه راجع الى المسألة الثانية ويحتمل ان يكون راجعا الى كل من المسألتين وقد ذكر صاحب الهداية خلافه فيهما والذي يظهر من كتب اصحابه ان خلافه ثابت في مائي المولد واما في مالا دولة فقوله كقولنا كما مر نقله من جيوة الحيوان وقال العيني في البناية عند ذكر صاحب الهداية اية خلافة في المسألة الثانية هذا احد قوليه والقول الاخر كمذهبنا وهو الذي صححه جمهور اصحابه وشذا المحامل في المقنع والروياني في البحر فرجح النجاسة وقال النووي هذا ليس بشيء والصواب الطهارة وهو قول جمهور العلماء ونقل الخطابي وغيره عن يحيى بن ابي كثير انه قال ينجس الماء بموت العقرب فيه ونقل ذلك عن محمد بن المنكدر وهما امامان من التابعين انتهى وفي البحر الصحيح من مذهب الشافعي انه كقولنا كما صرح به النووي في شرح المهذب وفي غاية البيان قال ابو الحسن الكرخي في شرح الجامع الصغير لا اعلم ان فيه خلافا بين الفقهاء ممن تقدم الشافعي واذا حصل الاجماع في الصدر الاول يكون حجة على مابعده وقد علمت انه موافق لغيره وعلى تقدم مخالفه لايكون خارقا للاجماع فقد قال بقوله يحيى بن ابي كثير التباعي الجليل كما نقله الخطابي ومحمد بن المنكدر الامام والتابعي كما نقله النووي انتهى وفي رحمه الامة في اختلاف الايمة مالانفس له سائلة كالنحل والنمل والخنفساء والعقرب اذا مات في شيء من المائعات لاينجسه ولايفسده عند ابي حنيفة ومالك وانه طاهر في نفسه والراجح من مذهب الشافعي انه لاينجس المائع للنه نجس في نفسه وهذا مذهب احمد قال بما اتعصر لا بما اعتصر اي لايجوز الوضوء بماء اعتصر من شجر سواء كان ساق اولا ثمر لانه ليس بماء مطلق والحلم عند فقده منقول الى التيمم والوظيفة في هذه الاعضاء تعبدية فلاتتعدى الى غير المنصوص عليه كذا في الهداية وتوضيحه على مافي البناية والنهاية وغيرها ان مايقطر من الشجر ونحوه ليس بماء مطلق لان الماء المطلق ما يتبادر الذهن عتد اطلاق الماء اليه وما يقطر ليس كذلك فانه اذا كان في بيت رجل ماء بير او بحر اوعين وماء اعتصر من شجر فقال لاحدهات ماء لاينتقل ذهن المخاطب الا الى الاول ولو كان في بيت رجل ماء شجر فقط فساله انسان هل عندكم ماء اسربه يقول ليس عندي ماء نعم لو سأله احد مقيدا اجاب بنعم وبه بفارق ماء البير ونحوه فانه وان كان ايضا مضافا لكن الاضافة هناك لاتفيد تقييدا يمنع تبادر الذهن عند الاطلاق اليه واذا ثبت انه ماء مقيد ثبت انه لايجوز الوضوء لانه ورد النص بالتيمم عند فقد الماء المطبق وهو قوله تعالى فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا اذ الالفاظ الواردة في نصوص الشرع لاتحمل الاعلى مايتبادر الذهن اليه فدلت الاية على ان فقد الماء المطلق مبيح للتيمم ولا يكفي الماء المقيد ولما كان يرد عليه ان الماء المعتصر وان لم يكن ماء مطلقا للنه في معناه لازالة فينبغي ان يلحق بالمطلق كما الحقه ابو حنيفة وابو يوسف به في ازالة النجاسة الحقيقية ازالة صاحب الهداية بقوله والوظيفة الخ يعني ان الوظيفة في اعضاء الوضوء تعتبر غير معقولة المعنى اذ هي غير متنجسة حقيقة ولذا يجوز الصلوة حاملا للجنب والمحدث والتنجس الحكمي سار في البدن كله فحصول الطهارة عنه بغسل الاعضاء المعدودة امر شرعي لايعقل معناه وقد قيد بالماء المطلق فلايتعدى الى غير المنصوص عليه بخلاف ازالة النجاسة الحقيقية بالماء فانها معقولة المعنى لكون الماء مزيلا بطبعه فيتعدى القياس الى ما يشابهه من المائعات الاخر والمياه المقيدة فان قلت ان لم تمكن التعدية ههنا بطريق القياس تمكن بطريق الدلالة قلت سائر المائعات ليس في معنى الماء من كل وجه لان الماء مبذول عادة وسائر المعائعات ليس كذلك الايراد عليه بان من شرط الدلالة ان يكون الملحق به في معنى الاصل في الوصف الذي هو مناط الحكم من كل وجه لاغير والوصف في مانحن فيه وهو ازالة النجاسة في الماء المطلق وغيره سيان وكون الماء مبذولا دون غيره مما لادخل له في ذلك مدفوع بان اشتراكهما في ازالة النجاسة الحقيقية مسلم وفي ازالة النجاسة الحكيمة ممنوع فان قلت لوكان حصول الطهارة بالماء غير معقول لوجب ان يشترط النية في الوضوء وليس كذلك قلت نفس الازالة معقول المعنى والاقتصار على الاربعة غير معقول المعنى كما مر تفه ببله في بحث نواقض الوضوء واعلم ان العلماء اتفقوا على جواز الوضوء بالماء المطلق وعدم جوازه بالماء المقيد وتقيده انما يكون بامتزاج شيء طاهر او بغلبة شيء طاهر لايقصد به التنظيف واختلف عباراتهم في مايحلم به بالغلبة وقد وضع الزيلعي في تبيين الحقائق شح كنز الدقائق ههنا ضابطا حسنا قد رضى به من جاء بعده من المحققين منهم ابن الهمام وتلميذه ابن امير حاج والعيني وابن نجيم وغيرهم به يحصل التوفيق بين عبارتهم وهو ان الماء بقى على اصل خلقته ولم يزل عنه اسم الماء جاز الوضوء به وان زال عنه وصار مقيدا لم يجز التقييد باحد امرين بكما الامتزاج او غلبة الممتزج فكمال الامتزاج باحد امرين اما بالطبخ بما لايقصد به التنظيف او بتشرب بحيث لايخرج منه الابعلاج واما اذا طبخ بما يقصد به التنظيف كالاشنان يجوز الوضوء مالم يغلب عليه وكذا اذا اخرج ماتشرب بغير علاج فلايجوز الوضوء به لانه لم يكمل امتزاجه كالماء الذي يقطر من الكرم وغلبة الممتزج يكون بالاختلاط من غير طبخ ولا تشرب ثم هذه المخالط به لابخلو اما ان يكون جامدا او مائعا فان كان جامدا فمادام يجري على الاعضاء فالغالب هو الماء وان كان مائعا فلا يخلو اما ان يكون مخالفا للماء في الاوصاف كلها من اللون والطعم والرائحة وفي بعضها اولايكون فان لم يكن مخالفا له في شيء منها كالماء المستعمل على قول من يقول انه طاهر على ما هو الصحيح وغيره من المائعات التي لايخالف الماء في الوصف فالغلبة بالاجزاء وان كان مخالفا فيها فالغلبة بتغييره اكثرها وان خالفه في وصف او وصفين فالمعتبر الغلبة من ذلك الوجه كاللبن مثلا فانه يخالفه في اللون والطعم فان كان اللبن او طعمه هو الغالب فيه لم يجز الوضوء والاجاز وكذا ماء البطيخ يخالفه في الطعم فتعتبر الغلبة فيه من حيث الطعم فعلى هذا ينبغي ان يحمل التفريعات الواقعة في كلامهم ويوفق بين ماوقع فيه التخالف من مرامهم وقد مر منا ذكر بعض الفروع المتعلقة بهذا المبحث في مفتح هذا المبحث فعليك تطبيقها على هذه الضابطة قوله الراوية بقصر ما م من شجر او تمر ش اي المنقول عن المصنف او عن اساتذة الفقهاء في هذا المقام هو ما المقصورة الموصولة الا الماء الممدودة ويؤيده انه لو كان ههنا ممدود لما احتيج الى اعادة الماء في قوله ولا بماء زال طبعه وقد اختار القصر في هذا المقام شراح الهداية ايضا فمنهم من اقتصر على كونه مسموعا ومنهم من توجه الى توجيهه فقال صاحب العناية ما اعتصر بالقصر هكذا المسموع انتهى وقال تاج الشريعة مااعتصر غير ممدود انتهى وقال صاحب الكفاية ما بالقصر لا بالمد انتهى وقال صاحب النهاية بالقصر لانها موصولة وان كان يصح معنى الممدود لكن النقول هو الموصوله ولان في الممدودة يتوهم جواز التوضئ بماء انعصر هو بنفسه وليس كذلك وتعقبه الاتقاني بانا لانسلم هذا التوهم ولئن سلمنا الوهم لكن يجوز التوضئ بماء انعصر بنفسه من غير اعتصاره لانه خارج بغير علاج كما ذكره صاحب الهداية وقال بعضهم اذا قيل بالمد وقع في الوهم ان المراد الماء المطلق وتعقبه الاتقاني بانا لانسلم لانه قيده بصفة الاعتصار فكيف يقع وهو الاطلاق قوله اما ما يقطر من الشجر تبع الشارح فيه صاحب الهداية فانه قال اما الذي يقطر من الكرم فيجوز التوضئ به لانه ماء خرج من غير علاج ذكره في جوامع ابي يوسف وفي الكتاب اشارة اليه حيث شرط الاعتصار انتهى وقال الجونفري في حواشيه اي اشارة اقناعية لا الزامية فلا يردان ان التنصيص بالشيء لايدل على نفي ماعداه انتهى اقول بل اشارة الزامية لان التنصيص على الشيء في عبارات الفقهاء يدل على المنفى اتفاقا وانما الممنوع عندنا في النصوص وخالف الشارح صاحب الهداية في تبديل لفظة الكرم بالشجر بوجهين احدهما الاشارة الى ان الحكم غير مختص بما ينعصر من شجر العنب بل هو عام لكل ما ينعصر من الشجر مطلقا سواء كان شجر العنب او غيره وثانيهما انه قد ورد النهي عن تسمية العنب بالكرم فاخرج ابو داود مسلم وغيرهما لاتسموا العنب الكرم وفي رواية لايقولن احدكم لعنب الكرم فان الكرم الرجل المسلم وفي رواية فان الكرم قلب المومن وفي رواية لاتقولوا الكرم ولكن قولوا العنب والحبلة بفتح الحاء المهملة وفتح الباء واسكانها شجرة العنب وسبب كراهة ذلك ان لفظة الكرم كانت العرب تطلقها على شجر العنب وعلى العنب وعلى الخمر المتخذ منه فكرة الشارع اطلاق هذه اللفظة على العنب وشجرة لاهم اذا سمعوا اللفظة وبما تذكروا الخمر وهيجت نفوسهم اليها وقال انما يستحق هذا الاسم الرجل المسلم او قلب المؤمن كذا في السراج المنير شرح الجامع الصغير للعزيزي وفي مرقاة الصعود قال ابن الجوذي في جامع المتانيد انما نهي عن ذلك لان العرب كانوا سمونها كرما لما يدعون من احداثها في قلوب شاربيها من الكرم فنهى عن تسميتها التوكيد ومنها وتحريمها انتهى قوله فيجوز به الوضوء هذا هو مختار النسفى في المستصفى شرح الفقه النافع حيث قال يجوز بالماء الذي يقطر من الكرم لانه يخرج من الكرم انتهى وصاحب جامع المضمرات حيث قال فيه اشارة الى انه لو قطر من الكرم او غيره من غير ان يكون معتصرا فأنه يجوز الوضوء به انتهى وصاحب المجتبي حيث قال يجوز الوضوء بماء يتقاطر من الكرم انتهى وصاحب لهدايةفي مختارات النوازل حيث قال ما الماء الذي يقطر من الكرم قيل لايجوز التوضى به وقال ابو يوسف يجوز لانه ليس بمعتصر انتهى والياس زاده في شرح النفايت والزيكعي في شرح الكنز وغيرهم ومختار جماعة من الفقهاء انه لايجوز التوضى به كما لايجوز بالمعتصر كالقهستاني حيث قال في جامع الرموز الاعتصار اعم من الحقيقي والحكمى فيدخل فيه مايقطر في الربيع من الكرم انتهى وقاضيخان حيث قال في فتاواة لايجوز التوضى بماء الفواكه وتفسيره ان يدق التفاح او السفرجل دقا ناعما ثم يعصر فيستخرج منه الماء وقال بعضهم تفسيره ان يدق ويطبخ بالماء ثم يعصر فيستخرج منه الماء وفي الوجهين التوضى لانه ليس بماء مطلق ولايجوز التوضى بماء البطيخ والقثاء والقثدو ولابالماء الذي يسيل من الكرم كذا اذكره شمس الايمة الحلوائي ولا بماء الورد ولا بماء الصابون والحرض اذا ذهبت رقته وصار ثخينا انتهى وصاحب المحيط وابراهيم الحلبي حيث قال في الغنية اما الماء الذي يفطر من الكرم ففي المحيط لايتوضأ به لكمال الامتزاج وقيل يجوز لانه من غير علاج والاول اختيار الحلوائي وهو الاحوط انتهى وابن امير حاج حيث قال في الحلية انه الاوجه لكمال الامتزاج والشر نبلالى حيث قال في نور تلايضاح ولايجوز بماء شجر وثمر ولو خرج بنفسه من غير عصر في الا ظهروا والرفل حيث قال في حاشية منح الغفار من راجع كتب المذهب وجد اكثرهم على عدم الجواز فيكون المعول عليه فما في المتن اي تنوير والابصار من الجواذ من جوح بالنسبة اليه والحصكفى في المختار وابن نجيم في البحر واخوه في النهر وصاحب التاتا خانية وغيرهم قال ولا بما زال الخ عطف على قوله لابماء اعتصر اي لايجوز الوضوء وبماء زال طبعه بسبب غلبة غير الماء عليه من حيث الاجزاءبأن تكون اجزاء ذلك الغير زائدة على اجزاء الماء فتخرجه عن الرق والسيلان وتصيره ثخينا جامدا فانه ليس بماء مطلق بل ما مخلوط مغلوب قال اجزاء تمييز من اضافة الغلبة الى الاجزاء واشارة الى ان المعتبر هو غلبتا جزاء المخالط لانها المخرجة عن طبع الماء وهذا هو ابي يوسف وهو الصحيح كما في الهداية وغيره وعند محمد يعتبر الغلبة بحسب اللون وقد مر غير مرة ان الاول هو التفصيل بان المخالط ان كان جامدا فالمعتبر غلبة الاجزاء وحدوث الثخانة وان كان مائعا موافقا للماء في الاوصاف الثلثة فالغلبة فيه بالقدر وذكر بعضهم ان الغلبة في الجامد يكون بالثلث وفي المائع بالنصف وان كان مخالفا للماء في الاوصاف كلها فان غيرها او اكثرها لايجوز الوضوء به وان خالفه في وصف واحد او وصفين فالعبرة لغلبة مآبه الخلاف فان مقتضى اعتبار غلبة الاجزاء في الجامد يقتضي ان يجوز الوضوء بنبيذ التمر والزبيب ولو غير الاوصاف الثلثة الى حد الثخانة مع انهم مصرحون بخلافه وايضا يلزم ان يجوز بماء خالطه الزعفران مادام رقيقا مهيأة ولو غير الاوصاف كلها مع انه نقل صاحب معراج الدراية عن القنية ان الزعفران اذا وقع في الماء وامكن الصبغ به فليس بماء مطلق من غير نظر الى الثخونة قلت الحكم المذكور مشوط اذا ص359
صفحہ 341