قال منى ههنا ثلثة الفاظ دائرة على السنتهم المنى وهو يوجب الغسل والمنى والودى وهما يوجبان الوضوء فلابد من ذكر مبانيها وكشف معانيها ما ذكر المباني فذكر الجوهري في صحاحه ان المذي بتسكين الياء والمنى مشدد الياء والودى بالتسكين وبالتشديد وذكر ابن عبد البر في الاستذكار قلا عن الغريب عن الاموي انه قال الصواب عندنا ان المنى مشدد والاخران بالتخفيف وذكر المجد في القاموس في المذى ثلث لغات بسكون الذال المعجمة وتخفيف الياء وبكسر الذال وتشديد الياء كغنى وبكسر الذال وتخفيف الياء وذكر في المنى ايضا ثلث لغات بكسر النون وتشديد الياء وبكسر الميم وفتح النون كالى والمنية كرمية والجمع المنى كقفل وذكر ابن الاثير في النهاية في المذى سكون الذال وتخفيف الياء وفي المنى تشديد الياء وفي الودى سكون الدال وكسرها مع تشديد الياء وذكر النووي في تهذيب الاسماء واللغات في المذى ثلث لغات اسكان الذال مع تخفيف الياء وكسر الذال مع تشديد الياء وكسر الذال مع تخفيف الياء وقال العيني في البناية الودى بفتح الواو وسكون الذال المهملة وفي المطالع قد يقال بمجمعة وهو غير معروف ويقال ايضا بفتح الواو وكسر الدال وتشديد الياء من ودى بفتح العين ويقال من اودى بالالف واما كشف المعاني فاختلف عباراتهم فيه اما المذى ففسره النووى بانه ماء ابيض رقيق لزج يخرج عند شهوة بملاغبة زوجة وامه ونحوه ويخرج بغير شهوة ولا دفق معه ولا يعقبه فتورور بما لم يحس بخروجه وفسره صاحب النهاية بالبلل اللزج الذي يخرج عند ملاعبة النساء ولا يجب فيه الغسل وفسره صاحب الصحاح بما يخرج عند الملاعبة والتقبيل وفسره صاحب الهداية بانه رقيق يضرب الى البياض يخرج عند ملاعبة الرجل وهذا التفسير مآثور عن عائشة على ما قال ابن المنذر حدثنا محمد بن يحيى حدثنا ابو حنيفة حدثنا عكرمة عن عبد ربه بن موسى عن امه انها سالت عائشة عن المذى فقالت ان كل فحل يمذى وانه المذى والودى والمنى فاما المذى فالرجل يلاعب امراته فيظهر على ذكره الشئ فيغسل ذكره وانثييه ويتوضأ ولا يغتسل واما الودى فانه يكون بعد البول يغسل ذكره وانثييه ويتوضأ ولا يغتسل واما المنى فانه الماء الاعظم الذي منه الشهوة وفيه الغسل كذا نقله ابن الهمام ونقل العيني انه روى عبد الرزاق في مصنفه عن قتادة وعكرمة قالا هي ثلثة اما المنى فهو الماء الدافق الذي يكون فيه الشهوة ومنه يكون الدولد ففيه الغسل واما المذى وهو الذي يخرج اذا لاعب الرجل امراته فعليه غسل الفرج والوضوء واما الودى وهو الذي يكون مع البول وبعده ففيه غسل الفرج والوضوء اقول الظاهر ان قيد خروجه عند الملاعبة في هذه التعريفات اتفاق فانه لاينحصر خروجه وقت الملاعبة ولذا فسره على القارئ في المرقاة بانه ماء ارق من المنى يخرج عند الملاعبة او النظر فزاد لفظ او النظر ليفيد العموم لكنه مع ذلك متعقب بان حصره في هاتين الحالتين ايضا غير صحيح واحسن من هذه التعريفات كلها ما عرفه به ابن حجر في شرح المشكوة وهو انه ماء رقيق اصفر يخرج عند الشهوة الضعيفة حيث حذف فيه قيد الملاعبة وما يقوم مقامه وليس بكونه اصفر الصفرة الحقيقية فلا يراد انه يكون مائلا الى البياض ولا يكون اصفر وتقييد الشهوة بالضعيفة احتراز عن المنى وعن الودى فان الاول يخرج بالشهوة القوية والثاني بلا شهوة وفسره الشر نبلالى في مراقي الفلاح بانه ماء ابيض رقيق يخرج عند شهوة لا بشهوة ولا دفن ولا يعقبه فتور ويسميفي جانب النساء قذى بفتح القاف والذال المعجمة واما الودى ففسره صاحب النهاية بالبلل للزج الذي يخرج من الذكر بعد البول وفي المغرب هو الماء الرقيق يخرج بعد البول وفي الصحاح مايخرج بعد البول وفي مراقي الفلاح هو ماء ابيض كدر ثخين لا رئاحة له يعقب البول وقد يسبقه قال الطحطاوي في حواشيه هو يشبه المنى في الثخانة ويخالفه في الكدرة ويخرج قطرة او قطرتين عقيب البول اذا كانت الطبيعة مستمسكة وعند حمل شيء ثقيل وبعد الاغتسال من الجماع انتهى وهذه التعريفات كلها وامثالها تدل على ان الودى رطوبة غير البول وليس من جنس البول وهو الموافق لما ذكره الاطباء قال المتطبب نفيس بن عوض في شرح الاسباب والعلامات الودى رطوبة غروية لزجة تسيل في مجرى البول عند ارادته لتعزية المجرى لان البول لكثرة مقداره يطول زمان مروره عليه وهو حاذفا حتى الى تلك الرطوبة ليكسر بلعابها حدته وتولدهما من غدة موضوعة بقرب عنق المثانة ينضغط عند حركة البول للخروج فتسيل منها تلك الرطوبة وهي اذا كثرت غلظت سالت بعد البول ايضا انتهى وفسره صاحب الهداية بانه الغليظ من البول يتعقب الرقيق منه فيكون معتبرا به وهذا مخالف لتفاسير الجمهور واما المنى فهو يشتمل على نوعين مختلفين احدهما منى الرجل وثانيهما منى المراة ولكل منهما خاصية وتعريف به يعرف وقد خلط كثير من الفقهاء وغيرهم بينهما فعرفوا المنى مطلقا بما لايصدق الا على منى الرجل وقد ورد الحديث بالفرق بينهما قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ماء الرجل غليظ ابيض وماء المراة رقيق اصفر فايهما سبق لشبه الولد اخرجه احمد في مسنده ومسلم والنسائي وغيرهم من حديث نس وآخرج مسلم والنسائي وغيرهما عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ماء الرجل ابيض وماء المراة اصفر فاذا اجتمعا في الرحم فعلا منى الرجل منى المراة اذكر باذن الله وان علا منى المراة منى الرجل انث باذن الله قال المنادي في شرح الجامع الصغير قد يرق ويصفر ماء الرجل لعلة ويبيض ويغلظ ماء المراة لفضل قوة انتهى وقال النووي في شرح صحيح مسلم خواص المنى التي عليها الاعتماد في كونه منيا ثلث احدها الخروج بشهوة مع الفتور عقبة والثانية الرائحة التي كرائحتا الطلع والثالثة الخروج بدفق ودفعات وكل واحد من هذه الثلثة كافية في اثبات كونه منيا ولا يشترط اجتماعها فيه هذا كاه في منى الرجل اما منى المراة فهو اصفر رقيق وقد يبيض لفضل قولها وله خاصيتان تعرف لواحدة منهما احداها ان رائتحه كرائحة الطلع والثانية التلذذ بخروجه وفتور شهوتها عقب خروجه انتهى وذكر صاحب النهاية والصحاح ان المنى هو ماء الرجل وهذا تفسير مختل لان الحبل لايكون الا من مائين كما دلت عليه الايات والاخبار ولذا فسره صاحب المجمل بانه ماء خلق منه حيوان وهو وان كان اولى من التفسير الاول لكنه غير مفيد للتميز التام وفسره صاحب البناية بانه ماء ابيض خاثر رائحته كرائحة الطلع يتلذ به الذكر ويتولد منه الولد وهذا التفسير لايشمل منى المراة وفسره صاحب الخلاصة بانه ماء دافق خاثر ابيض ينكسر به الذكر ويتخلق به الولد وهذا ايضا كسابقه وفسره صاحب مجمع الانهر بما خلق منه الولد رائحته عند خروجه كرائحة الطلع وعند يبسه كرائحة البيض وهو تفسير حسن جامع ومانع وفسر البرجندي بانه الماء الغليظ الدافق الذي يتكون منه الولد ويذهب بالشهوة وهو ايضا غير شامل المنى المراة لكونه رقيقا وفسر للشرتبلالى الى منى الرجل بانه ماء ابيض ثخين ينكسر الذكر بخروجه يشبه رائحته الطلع ومنى المراة بانه ماء رقيق اصفر وفيه ايضا مافيه فان تعريف منى المراة بما ذكره يصدق على المنى وفسره صاحب الهداية بانه خاثر ابيض ينكسر منه الذكر قال الاتقاني في غاية البيان يرد عليه منى المراة لان منيها ليست بتلك الصفة فاذا يحتاج المنى الى التعريف الجامع بين منى الرجل والمراة جميعا وماوجدته في ماعندي من الكتب مثل الجامعين والزيادات والمبسوط وسائر الشروح وكتب اللغة بوجه مقنع الا انه ذكر في كتاب الاجناس ناقلا عن المجرد ان المنى هو الماء الدافق الذي يكون منه الولد وهذا حسن فقوله الدافق احتراز عن الودى والمنى لانه لادفق فيهما وقوله الذي يكون منه الولد احتراز عن البول ولا يقال ماء المراة غير دافق لانا نقول لا نسلم لان الله تعالى اراد بالماء الدافق ماء الرجل والمراة جميعا فقال خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب انتهى ومن ههنا حصحص لك ان للمراة ايضا منيا كما ان الرجل منيا والولد مخلوق منهما كما شهدت به القران والاحاديث والاثار واجمع عليه فقهاء الامصار ولم يخالف فيه الا طائفة من الفلاسفة فقال راسهم ارسطا طاليس انه لامنى للمراة غير ان دم الطمث لها فيه قوة التوليد واختار رئيس فلاسفة الاسلام الشيخ ابو علي بن سينا ان لها رطوبة شبيهة بالمنى لايصدق المنى عليها لكن المختار عند محققي الفلاسفة والاطباء ايضا هو وجوب المنى لها ودلائل مذاهبهم مع مالها وما عليها مذكورة في الشفا لابي علي وشرح القانون للعلامة قطب الدين الشيرازي وقال محمد بن محمود الآملي في شرح القانون الحق ان لها منيا لكن لا كمنى الرجل انتهى وفي شرح موجز القانون لنفيس بن عوض الحق ان لها منيا فان رطوبة تخرج من اوعية المنى مع لذة ودفق ويكون سببا لوجود حيوان وتكون رائحته شبيهة بالطلع وللمراة رطوبة بهذه الصفات اما الاولى فلان جالينوس شهد بانه رآى وعاء المنى في بعض النساء عملوا من رطوبة بيضاء لزجة واما الثانية فلانها تحتلم ويصب منيها وتلتذ لذة عظيمة واما الثالثة فلان منى المراة يندفق من باطن رحمها كما صرح به الشيخ ابو علي واما الرابعة فلانها سبب تولد الجنين بما فيه من القوة المنعقدة واما الخامسة فلان كثير من النساء يشهدن بانا نشير من منينا رئاحة الطلع انتهى اذا عرفت هذه كله فاعلم ان المنى والمذى والودى كلها مشتركة في النجاسة كما ستطلع على تحقيقه في شرح باب نجاس ان شاء الله تعالى ومختلفة في ما يجب منه فالمذى والودى يوجبان الوضوء والمنى يوجب الغسل لما ايجاب المذى والودى والوضوء فلاحاديث قد مره ذكرها في ابتداء بحث نواقض الوضوء ونقل ابن عبد البر الاجماع على وجوب الوضوء بالمذى حيث قال في شرح حديث سعيد ابن المسيب الواقع في الموطأ في باب الرخصة في ترك الوضوء من المذى لا رخصة عند احد من علماء المسلمين في المذى الخارج على الصحة وكلهم يوجب الوضوء منه وهي سنة مجتمع عليها لا خلاف فيها ولما صح الاجماع في وجوب الوضوء من المذى لم يبق الا ان يكون الرخصة في خروجه من فساد وعلة فاذا كان خروجه لذلك فلا وضوء فيه عند مالك ولا عند سلفه وعلماء بلذة انتهى ومن ههنا يظهر ان ما ينقله بعض اصحابنا كصاحب العناية والبناية وغيرهما من ان مالكا لايقول بوجوب الوضوء من المذى والودى غير صحيح وقدم ما يتعلق بهذا في شرح نواقض الوضوء ومما يورد في هذا المقام ان الودى لما كان خارجا بعد البول كما يظهر من تفسيرهم فلا معنى لوجوب الوضوء به لانه قد وجب بالبول واجيب عنه باجوبة على مافي البناية منها انه اذا بال وتوضأ للبول ثم اودى يحكم بانتقاض وضوئه للودى ومنها ان من به سلس البول اذا توضأ للبول ثم اودى حال بقاء الوقت تنتقض طهارته ومنها ان المراد بقولهم يوجب الوضوء اي لايوجب الاغتسال وفيه ضعف ظاهر ومنها ان معناه ان الوضوء يجب في الودى لو تصور الانتقاض به وفيه ايضا ضعف ظاهر ومنها ان الوجوب بالبول لاينافي الوجوب بالودى بعده فالوضوء منهما جميعا حتى لو حلف لايتوضأ من رعاف فزعف ثم بال او بال ثم رعف فتوضأ فالوضوء منهما جميعا فيحنث وكذا لو حلف لايغتسل من اصابة امراته فلانه فاصابها ثم اصاب غيرها واصاب غيرها ثم اصابها ثم اغتسل يحنث وقص عليه سائر الصور والحاصل انه اذا اجتمع ناقضان تكون الطهارة الواقعة بعدهما منهما وقال ابو عبد الله الجرجاني الطهارة من الاول دون الثاني وقال الفقيه ابو جعفر ان اختلف الجنس بان بال ثم رعف فالوضوء منهما وان اتحد فالوضوء من الاول فانهم واما ايجاب المنى الغسل فقد تواردت الاخبار والاثار بذلك وافادت وجوب الغسل عند خروج المنى يقظة واحتلاما على الرجل والمراة كليهما فروى الترمذي عن عائشة قالت سئل رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن الرجل يجد بلالا ولا يذكر احتلاما قال يغتسل وعن الرجل يرى انه قد احتلم ولم يجد بلالا قال لاغسل عليه قالت ام سلمة يارسول الله هل على المراة ترى ذلك قال نعم ان النساء شقائق الرجال وروى عن علي قال سالت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن المذى فقال من المذى الوضوء ومن المنى الغسل وروى عن ام سلمة قالت جاءت ام سليم بنت ملجان الى النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقالت يارسول الله ان الله لايستحيي من الحق فهل على المراة تعنى غسلا اذا هي رأت في المنام مثل مايرى الرجل قال نعم اذا هي رأت الماء فلتغتسل قالت ام سلمة قلت لها فضحت الناسء يا ام سليم وروى ابن ماجة عن ام سلمة قالت جاءت ام سليم الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فسألته عن المراة ترى في منامها مايرى الرجل قال اذا رأت الماء فلتغتسل فقلت فضحت النساء وهل تحتلم المراة قال النبي عليه السلام تربت يمينك فبم يشبهها ولدها اذاا وروى ايضا عن انس عن ام سليم قالت سالت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن المرأة ترى في منامها مايرى الرجل فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اذا رأت ذلك فانزلت فعليها الغسل فقالت ام سلمة يارسول الله أيكون هذا قال نعم ماء الرجل غليض ابيض وماء المراة رقيق اصفر فايهما سبق وعلا اشبهه الولد وروى ايضا عن خولة بنت حكيم انها سالت رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن المراة ترى في منامها مايرى الرجل فقال ليس عليها غسل حتى تنزل كما انه على الرجل غسل حتى ينزل وروى ايضا عن عائشة قالت قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم اذا استيقظ احدكم من نومه فراى بلالا ولم ير انه احتلم اغتسل واذا راى انه قد احتلم ولم ير بلالا فلا غسل عليه وروى مالك في الموطا والبخاري من طريقة عن ام سلمة مثل رواية الترمذي بلفظ هل على المراة من غسل اذا هي احتلمت فقال نعم اذا رأت الماء وعند ابن ابي شبية فقال هل تجد شهوة قالت العله قال هل تجد بلالا قالت لعله فقال فلتغستل فلقيتها النساء فقلن فضحتنا يا ام سليم عند رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقالت والله ما كنت لانتى حتى اعلم في حل انا ام في حرام وروى مسلم عن انس قال جاءت ام سليم الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقالت وعائشة عنده يارسول الله المراة مايرى الرجل في المنام فترى في نفسها مثل مايرى الرجل في نفسه فقالت عائشة ياام سليم فضحت النساء تربت يمينك فقال لعائشة بل انت تربت يمينك نعم فلتغتسل ياام سليم اذا رات ذلك وروى ايضا عن انس ان ام سليم جاءت الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فسألت عن المراى ترى في منامها ما يرى الرجل فقال اذا رأت ذلك فلتغتسل فقالت ام سلمة واستحببت من ذلك قالت هل يكون هذذا فقال نبي الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم نعم فمن اين يكون الشبه وروى ايضا عن عائشة جاءت امراة الى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فقالت هل تغتسل المراة اذا احتلمت وابصرت الماء فقال نعم فقالت عائشة تربت يداك فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ودعيها وهل يكون الشبه الا من قبل ذلك اذا علا ماؤها ماء الرجل اشبه الولد اخواله واذا علا ماء الرجل ماءها اشبه اعمامه وروى ابو داود عن علي قال كنت رجلا مذاء فجعلت اغتسل حتى تشقق ظهري فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم او ذكر له فقال لاتفعل اذا رأيت الماء فاغسل ذكرك وتوضأ وضوءك للصوة فاذا افضحت الماء فاغتسل وروى ايضا عن عائشة نحو رواية الترمذي وقصة ام سليم وروى النسائي عن على مثل رواية ابي داود بلفظ اذا رايت المذى فتوضأ واغسل ذكرك واذا رايت فضح الماء فاغتسل وروى قصة ام سليم نحو ما مر وفي هذه الاخبار دليل على ان المراة ايضا تحتلم كاحتلام الرجل قال ابن حجر في فتح الباري قول ام سلمة فضحت النساء يدل على ان كتمان ذلك من عادتهن لانه يدل على شدة شهوتهن للرجال وقال ابن بطال فيه دليل على ان كل النساء يحتلمن والظاهر ان مراد ابن بطال الجواز لا الوقوع وفيه دليل على وجوب الغسل على المرآة بالانزال ونفى ابن بطال الخلاف فيه وقد روى احمد في هذه القصة اذا رأت احداكن الماء كما يراه الرجل وفيه رد من زعم ان ماء المراة لايبرز وانما يعرف انزالها بشهوتها انتهى ايضا قد اتفق الشيخان على اخراج هذا الحديث من طرق عن هشام بن عروة عن ابيه عن ام سلمة ورواه مسلم ايضا من رواية الزهري عن عروة لكن قال عن عائشة وفيه ان المراجعة وقعت بين ام سليم وعائشة ونقل القاضي عياض عن اهل الحديث ان الصحيح ان القصة وقعت ام سلمة لا لعائشة لكن نقل ابن عبد البر عن الذهلي انه صحح الروايتين قال النووي في شرح مسلم يحتمل ان يكون عائشة وام سلمة جميعا انكرتا على ام سليم وهو جمع حسن انتهى وفي زهر المربى على المجتبي للسيوطي قال القرطبي انكار عائشة وام سلمة على ام سليم قصة احتلام النساء يدل على قلة وقوعهن من النساء قلت ظهر لي ان يقال ازواج النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم لايقع لهن احتلام لانه من الشيطان فعصمن منه تكريما كما هو صلى الله عليه وعلى اله وسلم عصم منه ثم رايت الشيخ ولى الدين العراقي قال قد رايت بعض اصحابنا يبحث في الدرس منع وقوع الاحتلام من ازواج النبي عليه الصوة والسلام لانهن لايطعن غيره لايقظة ولا نوما والشيطان يتمثل به ذلك فسررت بذلك كثيرا انتهى وفي شرح الموطا للزرقاني قال السيوطي اي مانع ان يكون ذلك خصوصية لازواجه صلى الله عليه وعلى اله وسلم انهن لايتحلمن كما ان من خصائص الانبياء انهم لايتحلمون لانه من الشيطان فلم يسلط عليهم وكذا على ازواجه تكريما له قلت المانع من ذلك ان الخصائص لاتثبت بالاحتمال وهو كغيره لم يثبت الا بدليل وقد قال الحافظ ولي الدين يحث بعض اصحابنا في الدرس فمنع وقوعه من ازواجه عليه السلام بانهن لايطعن غيره لايقظة ولا احتلاما والشيطان لايتمثل به وفيه نظر لانهن قد يحتلمن من غير رؤية كما يقع لكثير من الناس او يكون سبب ذلك شبعا او غيره انتهى اقول القول المحقق في هذا المقام ان لايدعي نفي مطلق الاحتلام عن ازواج النبي عليه الصلوة والسلام ولا يدعي منع وقوعه منهن وجعله خصيصة لهن كما للانبياء لانه موقوف على وجوب الدليل بل يقال لايمتنع انهن لايحتلمن برؤية رجل يطأهن اذ قد جعلن امهات المؤمنين ومحرمة على المسلمين فلا يدع الله تعالى عدوه ان يتمثل بالرجال ويريهن وطيهم بهن وانه اعلم بحقيقة الحال ومنه الفضل والنوال قال ذي دفق هو بالفتح الصب بشدة يقال دفق الماء دفقا من يأب قتل ودفقته فهو دافق ومدفوق يستعمل لازما او متعديا وانكر الاصمعي استعماله لازما كذا في المصباح المنير قد اتفقوا على ان في منى الرجل دفقا واختلاف في منى المراة فطائفة ذهبوا الى ان فيه دفقا ايضا خذا من ظاهر قوله تعالى من ماء دافق منهم الاتقاني كما مر كلامه ومنهم القهشتاني حيث قال في جامع الرموز دفق اي سيلان بسرعة كما في المفردات وليس مختصا بماء الرجل كما ظن قال الله تعالى خلق من ماء دافق انتهى والى هذا يميل كلام المفسرين قال محيي السنة البغوي في معالم التنزيل في تفسير سورة الطارق فلينظر الانسان مم خلق اي من اي شيء خلقه ربه من ماء دافق مدفوق اي مصبوب في الرحم وهو المنى فاعل بمعنى المفعول كقوله عيشة راضية والدفق الصب واراد ماء الرجل وماء المراة مخلوق منهما زجعله واحد لامتزاجهما يخرج من بين الضلب والترائب يعني صلب الرجل وترائب المراة وهي عظام الصدر والنحر انتهى وقال البيضاوي ماء دافق يمعنى ذي دفق وهو صب فيه دفع والمراد الممتزج من المائين في الرحم انتهى وقال المحلى في تفسيره من ماء دافق اي ذي اندفاق من الرجل والمراة في رحمها انتهى وطائفة ذهبوا الى انه لادفق في منى المراة منهم العيني حيث قال في البناية الدفق من صفات منى الرجل وليس في منى المراة دفق وقوله تعالى من ماء دافق اي مدفوق في رحم المراة قال ابو الليث السمرقندي في تفسيره قوله تعالى فلينظر الانسان مم خلف يعني فليعتبر الانسان مم خلق قال بعضهم نزلت في شأن ابي طالب وقال بعضهم في جميع من انكر البعث ثم بين اول خلقهم فقال خلق من ماء دافق يعني من ماء مهراق في رحم الام فهذا يدل صريحا على ان الدفق صفة ماء الرجل جعله الله دافقا ليصل بقوة الدفق الى قعر الرحم الذي يتولد منه الولد انتهى ومنهم صاحب البحر حيث قال ماؤها لايكون دافقا كالرجل وانما ينزل من صدر المراة الى فرجها كما ذكره الولوالجي في فتاواه انتهى ومنهم الحصفكي حيث قال في الدر المختار لم يذكر المصنف الدفق ليشمل منى الرماة لان الدفق فيه غير ظاهر واما اسناده اليه في قوله تعالى خلق من ماء دافق فيتحمل التغليب فالمستدل بها كالقهستاني تبعا لاخي جلي غير مصيب انتهى قوله الحق هو القول الاول لان المراد بالماء في قوله تعالى من ماء دافق كل واحد من مائي الرجل والمراة والتاؤيل بانه تغليب او هو وصف خاص بالرجل بمعنى مهراق في رحم الام بعيد كال البعد والا ادري اي ضرورة دعت اليه مع ان الحس والاستفسار عن النساء يشهدان بخلافه وهن اعرف بحالهن اذا عرفت كله فاعلم انه لو خصص الدفق بالرجل يكون قوله ذي دفق خالصا بالرجل وقوله وشهوة عاما بهما وان عمم كما هو الحق فهو توصيف بياني لاحترازي فيكون ذكر الشهوة مستدركا لان الدفق لايكون الا بشهوة فذكر الدفق مغن عن ذكره وذكر صاحب النهاية او العناية وغاية البيان وغيرها ان ذكر الدفق والشهوة كليهما انما يستقيم على قول ابي يوسف لاشتراطه الدفق والشهوة عند الخروج ولا يستقيم على قولهما الا لهما لم يشترطا الدفق عند الخروج حتى قالا لايجب الغسل اذا زايل المنى عن مكانه بشهوة وان خرج من غير دفق واجيب عنه بان المذكور يستقيم على قول الكل فانه اذا خرج المنى بدفق وشهوة عند الانفصال يجب الغسل اتفاقا غاية ما في الباب انه لم يذكر بعض الموجبات على رايهما وهو خروج المنى بشهوة عند الانفصال بدون دفق اعتمادا على ما سيفصل بعد قال عند الانفصال متعلق بالشهوة لا بالدفق فانه لايكون عند الخروج اي ذي شهوة كائنة عند الانفصال اي انفصال المنى من موضعه وهو الصلب في الرجل والترائب وهي جمع تربية اي عظام والصدر في المراة قوله حتى لو انزل بلا شهوة لايجب الغسل عندنا خلاف للشافعي تفريغ على قيد الشهوة يعني لو انزل بغير شهوة لا عند الخروج ولا عند الانفصال بان حمل ثقيلا وسقط من سقف او طفر من مرتفع منيه لايجب الغسل عندنا وعند الشافعي يجب بخروجه بشهوة كان او بغير شهوة اما الاستدلال مذهبنا فبوجوه الوجه الاول ماذكره صاحب الهداية من ان الامر بالتطهير يتناول الجنب والجنابة في اللغة خروج المنى على وجه الشهوة يقال اجنب الرجل اذا اقضى شهوته من المراة وفيه خدشنان الاولى ما اورده السروجي في شرحه من ان المجيء الجنابة في المعنى المذكورة ممنوع فان الجنابة في الاصل البعد ومنه سم الجنب جنبا واجاب عنه العيني بان مجيء الجنابة في اللغة بمعنى البعد لايمنع مجيئها ايضا معنى خروج النجاسة على وجه الشهوة كما قاله المصنف انتهى اقول مجرد عدم المنع لايكفي بل لابد من نقل عن كتاب معتبر من كتب اللغة ان يجيء لهذا المعنى ايضا مع ان كتب اللغة المعتبرة تشهد بما قال السروجي قال محمد بن ابي بكر الرازي في جواهر القران رجل جنب من الجنابة سواء فرده وتشنيته وجمعه ومونثه وربما قيل اجناب واجنب وتجنب اصابته الجنابة وسمى جنبا لمجانبته الناس حتى يغتسل وقال الازهري لمجانبته مواضع الصلوة انتهى وفي نهاية ابن الاثير الجنب الذي يجب عليه الغسل بالجماع وخروج المنى ويقع على الواحد والاثنين والجمع والمؤنث بلفظ واحد والجنابة الاسم وهي في الاصل البعد سمى الانسان جنبا لانه نهى ان يقرب مواضع الصلوة مالم يتطهر انتهى الثانية ان الجنابة في اللغة ان كانت عبارة عن خروج المنى عن شهوة سابقة اعن من ان يكون مع الشهوة او بدونها فلا وجه لما يقوله ابو يوسف من اشتراط الشهوة وقت الخروج وان كانت عبارة عن خروج المنى مع الشهوة فلا وجه لما يقوله الطرفات واياما كان فلاوجه للاختلاف بينهم الا ان يقال قد علم ان نفس الشهوة شرط في اللغة واما ما وجودها عند الخروج فلم يعرف ذلك في اللغة فاختلفوا كذا فى حواشي الجونفوري الوجه الثاني ما اورده ابن الهمام من ان كون المنى عن غير شهوة ممنوع فان عائشة رضي اخذت في تفسيرها اياه الشهوة على مارواه ابن المنذر فلا يتصور منى الا من خروجه بشهوة والايفسد الضابط الذي وضعته لميز المياه انتهى اقول فيه نظر ظاهر فان عائشة رضى الله عنها لم يرد من تعريفات المياه الثلثة التميز التام بل التمييز من وجه الا ترى الى انها عرفت المذى بان الرجل يلاعب امراته فيظهر على ذكره الشيء مع المذى ليس بخاص بالرجل ولا بالملاعبة ولو كان الخروج بشهوة داخلا في حد المنى للزم ان يكون الخارج من حمل ثقيل ونحوه اذا كان ثخينا ابيض خارجا عن المياه الثلثة الوجه الثالث ماذكره العيني من انه ورد في حديث على في رواية ابي داود فاذا فضحت الماء فاغتسل واخرجه احمد ولفظه اذا خذفت الماء فاغتسل واذ لم يكن حاذفا فلا تغتسل فاعتبر الحذف والفضح وذلك يكون مع الدفق والشهوة واما استدلال الشافعي فبحديث الماء اي الغسل من المنى فانه مطلق عن قيد الشهوة وهو خرج في الكتب المعتبرة فاخرجه ابن ماجه من حديث ابي ايوب الانصاري وابو داود من حديث ابي سعيد الخدري والنسائي من حديث ابي ايوب ايضا ومسلم من حديث ابي سعيد بلفظ انما الماء من الماء قال السيوطي في الازهار المتناثرة في الاخبار المتواترة حديث الماء من الماء اخرجه مسلم من حديث ابي سعيد واحمد عن ابي بن كعب ورافع بن خديج ورفاعة بن رافع وعتبان الانصاري وابي ايوب والبزار عن عيد الرحمن بن عوف وجابر وابن عباس وابي هريرة وابن شاهين في الناسخ والمنسوخ عن انس انتهى واجاب عنه اصحابنا بوجوه منها ان هذا الحديث محمول على حالة الشهوة ليتطابق بحديث على رض وكيف لا يحمله الشافعي على ذلك وهو مطلق وحديث على مقيد بالدفق ومن مذهبه حمل المطلق على المقيد ومنها ان هذا الحديث منسوخ عند جمهور الصحابة والتابعين ومن بعدهم كما صرح به النووي وذلك لان في اول الاسلام لم يكن الغسل واجبا من الاكسال اي ادخال الذكر في الفرج ثم اخراجه من غير انزال بهذا الحديث فمعناه الماء من الانزال لا من مجرد الادخال ثم نسخ هذا الحكم ووجب الغسل عند الادخال مطلقا ويدل على النسخ احاديث فاخرج ابو داود والترمذي وابن ماجة عن ابي كعب قال انما كان الماء من الماء رخصة في اول الاسلام ثم امرنا بالغسل بعد واخرج ابن حبان في صحيحه عن الزهري قال سألت عروة في الذي يجامع ولا ينزل قال على الناس ان ياخذوا بالاخر من قول رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم حدثتني عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم يكسل ولا يغتسل الى فتح مكة ثم اغتسل بعد ذلك وامر الناس بالغسل وروى احمد في مسنده عن رافع قال ناداني رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وانا على بطن امراتي فقمت ولم انزل فاغتسلت وخرجت فقال لاغسل عليك انما الماء من الماء ثم امرنا بعد ذلك بالغسل ومنها ان هذا الحديث محمول على حالة الاحتلام فيكون المعنى ان من احتلم لايجب عليه الغسل الا ان يرى الماء كما رواه الطبراني عن ابن عباس انه قال حديث الماء من الماء في الاحتلام ومنها ان الامر بالغسل بخروج المنى مع ان البول والغائط اغلظ منه انما هو الحكمة غامضة وهي خروجه يوجب الغفلة لعموم اللذة لما قال عبد الوهاب الشعراني في الميزان تعميم البدن بخروجه او بالجماع من غير خروجه ليس هو للقذر وانما هو لما فيه من اللذة التي تسرى في جميع البدن حتى تميته وتنسيه ذكر ربه والنظر اليه فلذلك امرنا الشارع باجراء الماء على سطح البدن كله بحسب سريان اللذة فهو وان كان فرعا من البول والغائط فهو اقوى لذة من اصله فلذلك امرنا باجراء الماء المنعش للبدن من ضعفه او فتوره او موته فيقوم احدنا بعد الغسل يناجي ربه ببدن حي انتهى وهذه الحلمة ايضا تقتضي ان لايجب الغسل الا بالشهوة لعموم اللذة بها لا بمجرد خروج المنى ينحق حمل ثقيل كما هو ظاهر على من تدبر قوله ثم الشهوة شرط وقت الانفصال عند ابي حنيفة ومحمود وقت الخروج عند ابي يوسف اتفق اصحاب المذهب على انه لايجب الغسل الا بخروج المنى من الذكر لا بمجرد انفصاله حتى لو انفصل عن مقره ولم يخرج لم يجب الغسل اتفاقا لكنهم اختلفوا انه هل يشترط مقرنة الشهوة للخروج فعند ابي يوسف نعم وعندهما لابل يكفي وجود الشهوة عند الانفصال وآخطأ من عندهما يجب الغسل بمجرد الانفصال كذا في فتح القدير اما وجه قول ابي يوسف فهو ان وجوب الغسل متعلق انفصال منى وخورجه كليهما وقد شرطت الشهوة عند الانفصال فتشترط عند الخروج ايضا ولهما ان الجنابة قضاء شهوة بالانزال فاذا وجدت مع الانفصال صدق اسمها وكان مقتضاة ثبوت حكمها وان لم يخرج لكن لا خلاف في عدم الا بالرخوج فثبت بذلك الانفصال من وجه وهو اقوى مما بقى الاحتياط واجب فيجب الغسل كذا في الهداية والبحر قلت ينتقض هذا بالريح الخارجة من المفضاة لانها ان خرجت من القبل لايجب الوضوء وان خرجت من الدبر وجب نبغي ترجيح الوجوب احتياطا كما قالاه ههنا مع الهم ذكروا انه مستحب والجواب عنه ان الشك هناك جار من الاصل فتعارض الدليل الموجب وغير الموجب لتساويهما في القوة فتساقطا اما ههنا جاء عدم الوجوب من الوصف فهو الدفق ودليل الوجوب من الاصل فكان في الايجاب ترجيحا لجانب الاصل على جانب الوصف كذا في النهاية واختلفت ايهم في الترجيح فذكر صاحب الذخيرة ان الفقيه ابا الليث وخلف بن ايوب اخذ القول ابي يوسف وفي جامع الفتاوى من الفتوى على قوله كذا في شرح الدرر للشيخ اسمعيل النابلسي وفيه ايضا عن المنصورية قال قاضيخان يوخذ بقول ابي يوسف في صلوات ماضيه فلا تعاد وفي مستقبله لايصلي مالم يغتسل انتهى وفي جامع الرموز والتاويل خانية نقلا عن نوازل بقول ابي يوسف ناخذ لانه ايسر على المسلمين انتهى وفي غاية البيان قول ابي يوسف هو القياس وقول ابي حنيفة واستحسان للاحتياط في امر العبادة وياخذ المحتلم بقول ابي يوسف اذا خاف من الريبة انتهى وقال الشر نبلالى الفتوى على ابي ويسف في الضيف اذا استحيي من اهل المحلة وخاف بان يقع في قلوبهم ريبة بان طاف حول بيتهم وعلى قولهما في الضيف انتهى قوله حتى اذا انفصل عن مكانه بشهوة فاخذ راس العضو حتى تسكنت شهوته فخرج بلا شهوة يجب الغسل عندهما الا عنده ثمرة الخلاف تظهر في مسائل الشارح منها اثنين احدهما انه اذا انفصل المنى عن مكانه هو الصلب فاخذ راس الذكر حتى سكنت الشهوة ثم خرج المنى من الذكر بغير شهوة يجب الغسل عندهما لوجود الشهوة عند الانفصال لا عنده لعدمها عند الرخوج وهو يشمل صور امنها انه اذا احتلم فامسك ذكره حتى سكنت شهوته ثم سال المنى منها ان نظر الى امرأته بشهوة فزال المنى عن مكانه بشهوة فامسك ذكره حتى انكسرت شهوته ثم سال بعد ذلك لا عن دفق منها اذا استمنى بالكف فزال بشهوة ثم خرج بغير شهوة وقس عليه النظائر وثانيهما انه ان اغتسل المجامع او المحتلم قبل ان بول ثم خرجت بقية المنى يجب الغسل ثانيا عندهما لان هذا بقية من المنى الذي كان ذا شهوة عند الانفصال لا عنده لانه يوجد الشهوة عند الخروج وذكر صاحب الخلاصة عن الاجناس انه اذا اغتسل قبل ان يبول جازت صلاته وذكر ابن الهمام انه لايعيد الصلوة التي صلاها بعد الغسل الاول قبل خروج ماتأخر من المنى اتفاقا قيد الشارح الاغتسال بان يكون قبل ان يبول لانه اذا بال او نام ثم اخرج المنى لايجب الغسل كذا في الخلاصة وهذا اذا لم يكن ذكره منتشر لما في الخانية خرج منى بعد البول ذكره منتشرا لزمه الغسل قال صاحب البحر محمله ان وجد الشهوة وهو تقييد قولهم يعدم الغسل بخروجه بعد البول انتهى في فتح القدير اغتسل بعد اجماع قبل النوم والبول والمشي ثم خرج منه المنى يعيد عندهما وبعد احدها لايعيد بالاتفاق انتهى في البحر فلو خرج بقية المنى بعد النوم او البول او المشي لايجب الغسل اجماعا لانه مذى وليس بمنى لان النوم والمشي يقطع الشهوة وقيد المشي الكثير في المجتبى واطلقه كثير والتقييد اوجه لان الخطوة والخطوتين لايكون منها ذلك كما لايخفى انتهى وفيه ايضا في المبتغى بخلاف المراة يعني تعيد تلك الصلوة اذا كانت مكتوبة اذا اغتسلت ثانيا بخروج بقية منيها وفيه نظر ظاهر والذي يظهر انها كالرجل انتهى وذكر بعضهم من ثمرة الخلاف ما اذا استيقظ ووجد بثوبه او فخذه بلالا ولم يتذكر احتلاما ما وشك في انه مذى او منى يجب الغسل عندهما الاحتمال انفصاله عن شهوة ثم نسى او رق بالهواء خلافا له وتعيقبه في الفتح وغيره بان هذا الاحتمال جاز في الخروج ايضا كما هو ثابت في الانفصال فالحق ان هذه المسألة ليست بناء على الخلاف المذكور بل هو يقول لا يثبت وجوب الغسل بالشك في وجود الموجب وهما احتاطا بقيام ذلك الاحتمال وقياسا على ما لو تذكر احتلاما ما راى ماء رقيقا حيث يجب الغسل اتفاقا حملا للرقة على ماذكرنا قال ولو في نوم ولو كان انزال المنى في حالتا النوم فانه لافرق بين انزاله في اليقظة وبين انزاله في النوم وان لم يتذكر لذة واحتلاما وقد مر ماورد في هذا الباب من الاحاديث وتفصيل المرام انه اذا استيقظ من النوم فهو على ثلثة اوجه الاول ان يتذكر الاحتلام ولا يرى بلالا على بدنه ولا على فراشه فح لاغسل عليه اتفاقا والثاني ان يتذكر الاحتلام ويرى بلالا فان كان وديا لايجب الغسل اتفاقا وان كان منيا او مذيا يجب الغسل بالاجماع والثالث ان يرى البلل ولا يتذكر احتلاما فعندهما يجب الغسل وعند ابي يوسف لاغسل عليه ولو رآى في منامه مباشرة امراة ولم ير بلالا على فراشه فمكث ساعة فخرج منه مذى لايلزمه الغسل كذا في الخلاصة وذكر صاحب الذخيرة انه اذا استيقظ ووجد على فراشه وفخذه بلة وهو يتذكر احتلاما ان تيقن انه منى او تيقن انه مذى اوشك انه منى او مذى فعليه الغسل وان تيقن انه ودى لاغسل عليه وان لم يتذكر الاحتلام انه ودى لاغسل عليه وان تيقن انه منى كان عليه الغسل وان شك انه منى أو مذى قال ابو يوسف لايجب الغسل حتى يتيقن بالاحتلام وقالا يجب الغسل هكذا ذكر شيخ الاسلام انتهى وذكر صاحب البحر في هذا المقام تفصيلا حسنا فقال هذه المسالة على اثنى عشر وجها لأنه اما ان يتيقن انه منى او مذى او ودى او شك في الاول والثاني وفي الاول والثالث او في الثالث وكل من هذه الستة اما ان يكون مع تذكر الاحتلام اولا فيجب الغسل اتفاقا في ما اذا تيقن انه منى تذكر الاحتلام او لا وفي ما اذا تيقن انه مذى وتذكر الاحتلام او شك انه منى او مذى او منى او ودى او مذى او ودى وتذكر الاحتلام في الكل ولا يجب الغسل اتفاقا ما اذا تيقن انه ودى تذكر الاحتلام او لا اذا شك انه منى او مذى ولم يتذكر الاحتلام او شك انه منى او ودى ولم يتذكر الاحتلام وهذا التقسيم وان لم اجد في مارايت لكنه تقتضيه عباراتهم وهذا كله في النائم اذا استيقظ اما اذا غشى عليه فافاق فوجد مذيا او كان سكران فافاق فوجد مذيا لاغسل عليه اتفاق كذا في الخلاصة وغيرها والفرق ان المنى والمذى لابد له من سبب وقد ظهر في النوم تذكروا ولا لان النوم مظنة الاحتلام ثم يحتمل انه منى ويرق بالهوى فاعتبرنا مغيا احتياطيا ولا كذلك السكران والمغشي عليه لانه لم يظهر فيهما هذا السبب انتهى وفي فتاوى قاضيخان اذا استيقظ فوجد في احليله بلالا وشك في انه منى او مذى فعليه الغسل الا اذا كان ذكره منتشر اقبل النوم فلا يلزمه الغسل وهذه مسألة يكثر وقوعها والناس عنها غافلون انتى قال صاحب البحر هذه تقيد الخلاف المتقدم بين ابي يوسف وصاحبيه بما اذا لم يكن ذكره منتشر انتهى وقد استشكل صاحب الغنية هذه المسألة بان المنى اذا خرج عن شهوة سواء كان في نوم او يقظة فانه لابد من دفقه وتجاوه عن راس الذكر فلون البلبل ليس الا في راس الذكر دليل ظاهر على انه ليس بمنى سيما والنوم ومحل الانتشار بسبب هظم الغذاء وانبعاث الريح فايجاب الغسل في الصورة المذكورة مشكل بخلاف وجود الببل على فخذه ونحوه لان الغالب انه منى خرج بدفق وانه لم يشعر به انتهى ومن الفروع المهمة انه لو نام رجل وامراته على فراض واحد فاستيقظا ووجدا منيا بينهما وكل منهما ينكر الاحتلام اختلفوا فيه فقال الشيخ ابو بكر محمد بن الفضل وغيره الغسل عليهما احتياطا وفي الظهيرة هو الاصح ومنهم من قال ان كان الماء غليظا ابيض فمن الرجل والا فمن المراة ومنهم من قال انه وقع طولا فمن الرجل وان وقع مدور فمن المراة كذا في التاتار خانية وهذا الوضع كما نرى يدل على انه لايختلف الحلم في الزجين وغيرهما ووضع اكثر الفقهاء هذه المسألة في الزوجين فقال الرملي في حواشي البحر ان التقييد بالزوجين صريح في ان غيرهما لايجب عليها الغسل انتهى لكن الظاهر انه اتفاقي ولذا قال الطحطاوي وغيره لاجنبيه والا جنبيه كذلك وكذا لو كاننا رجلين او امراتين فالظاهر اتحاد الحكم وذكر صاحب الفتح وغيره انه لاخلاف حقيقة في هذه المسألة فان من قال بوجوب الغسل عليهما مراده اذا فقد المميز . قوله ش ولا فرق في هذا بين الرجل والمرآة في وجوب الغسل بالانزال ولو في النوم بين الرجل والمراة فانها اذا احتلمت ورأت بللا يجب عليها الغسل وان لم تتذكر الاحتلام وان لم بللا لايجب الغسل عليها وان تذكرت الاحتلام لحديث ام سليم وقد مر ذكره باختلاف طرقه والفاظه قال قاضيخان في فتاواه المراة اذا احتلمت ولم يخرج منها شيء حكى عن الفقيه ابي جعفر انه لما لم يخرج المنى من الفرج الداخل لايلزمها الغسل وبه اخذ شمس الايمة الحلوائي واليه اشار الحالم في مختصره فانه قال والمراة في الاحتلام كالرجل وفي الاحتلام الرجل لابد من خروج المنى فكذلك في احتلام المراة الا ان الفرج الخارج منها بمنزلة الاليتين فيعتبر الخروج من الداخل الى الخراج كذا في الغنية .
صفحہ 250