کمیونزم اور انسانیت اسلامی قانون میں

عباس محمود العقاد d. 1383 AH
99

کمیونزم اور انسانیت اسلامی قانون میں

الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام

اصناف

تلك القوة هي ضابط الإرادة أمام الشهوات والرغبات، ولا يلزم أن تكون تلك الشهوات والرغبات من قبيل العلاقات والمعاملات ليبدو فيها ضابط الإرادة بقوته التي تناط بها الأخلاق.

فيجوز أن يكون العمل مباحا لا حرج فيه من جانب المعاملات الاجتماعية، ولكنه إذا تهافت عليه الإنسان بغير ضابط من الإرادة دل ذلك على نقص في استعداد الأخلاق، وفي استعداد الاجتماع، وفي كل استعداد تتميز به قيم الأفراد.

إن شهوة الطعام شهوة فردية لا تحاط بالقيود التي تحاط بها الشهوة الجنسية، ولكن الإنسان الذي لا يملك إرادته أمام شهوة الطعام إنسان معيب في مقاييس الأخلاق؛ لأنه معيب في الإرادة التي تناط بها جميع الواجبات.

ومن أدعياء الحرية في عصرنا هذا من يرى أن حرية المرأة التي لا زوج لها هي إباحة مطلقة لا يقيدها واجب من الواجبات، وأن القيود الجنسية التي اصطلحت عليها الأمم منذ القدم إن هي إلا اعتساف من الأديان، أو من الكهانات الطوطمية قبل الأديان، ويعنون بالطوطمية تقديس بعض الأحياء واعتبارها سلفا للقبيلة يضمها في نسب واحد ويحرم على أتباعه المزاوجة، كما تحرم الآن بين الإخوة والمحارم.

وتمادى بعض هؤلاء فاستكثروا القيود الجنسية على الحيوانات الدنيا، وزعموا أنها لا تتقيد بموسم للمزاوجة إلا لوفرة الثمرات في ذلك الموسم وامتلاء الجسم فيه بفيض من الحيوية يدعوه إلى طلب الذرية، قالوا: وإذا توافر الطعام على طول العام للدواجن من الحيوانات نسيت قيود الموسم وطلبت المزاوجة أنى تيسرت لها من أيام العام. وهذا كلام لا يعنينا أن نخوض في تفاصيله وأن نتوسع في تفنيده، ولكننا نلاحظ عليه عرضا أن السر في موسم المزاوجة أعمق جدا من الطعام وأحوج إلى الفهم جدا من هذا النظر القصير، وإلا فلماذا تتوافر الثمرات في ذلك الموسم، ولماذا يكون من خصائص ذلك الموسم أن يزيد قوة التوالد من النبات، ولا يكون من خصائصه أن يزيد قوة التوالد من باب أولى في عالم الحيوان؟ وما بال الحيوانات التي تأكل الأحياء وتجدها طوال السنة تجري على سنة الحيوانات التي تأكل النبات؟ وما بال الأسماك في البحار تقصد إلى الأنهار القصية للمزاوجة خلال فترة واحدة وهي في موسم متشابه من الأطعمة طول العام ؟

إن سر التوالد لأبعد جدا من أن يحده ذلك النظر القصير؛ لأنه هو بعينه سر الحياة. وأيا كان القول في الاختلاف بين الدواجن والأوابد في موسم المزاوجة، فالأمر الذي يتفقان فيه أن الحيوان لا يقارب الأنثى وهي حامل ولا يطلب المزاوجة للعبث والمجون.

فالحيوان نفسه لا ينطلق من جميع القيود في علاقاته الجنسية، ومن السخف أن ترد قيود الأخلاق الجنسية في الإنسان إلى اعتساف الطوطمية والكهانة، لأن الأخلاق كلها - جنسية أو غير جنسية - قائمة على ضبط النفس، أو على وجود الضوابط الأدبية في بنية الإنسان. والطعام مثلا مباح - كما تقدم - لا يتعلق به عرض ولا شرف ولا تزييف نسب ولا اختلاس ذرية، ولكن الإنسان الذي لا يضبط شهوته أمام إغراء الطعام حيثما أصابه إنسان مهين ولو كان طعامه من كسب يديه، وإنما كان ضبط النفس لازما في الشئون الجنسية لزومه في كل شهوة من الشهوات؛ لأنه قيمة أخلاقية يطلبها الرجل في المرأة، وتطلبها المرأة في الرجل، ويطلبانها معا في الذرية التي ترث منهما هذه الفضيلة، وإذا نفر الرجل من المرأة التي تنطلق مع أهوائها وتتهافت على شهواتها فهو لا ينفر منها لأنها خالفت الدين أو خالفت الطوطمية كما يزعمون، ولكنه ينفر منها فطرة؛ لأنها مخلوق معيب في تكوينه سليب من الضوابط السليمة التي تناط بها جميع الأخلاق، والدين لم يعتسف هذه الضوابط اعتسافا لغير علة ولغير مزية، ولكنه شرعها وهي في أصول الفطرة القويمة؛ لأنها مزية في أخلاق الفرد ومزية في أخلاق النوع، وما كرامة نوع يعرف الإباحة ولا يعرف ضوابط الشهوات؟!

8

ولترجع الأخلاق إذن إلى مصلحة الطبقة أو إلى مصلحة الطبقات جميعا، فهي لا تصيب الاحترام عند الفرد إلا لأنه فرد صالح التكوين مالك لزمام مشيئته بين مضطرب الأهواء والشهوات. ومن السخف أن يقال إذن: إن الشهوات الجنسية مباحة لمن لا يعترف بنظام الأسرة أو لا يدين بقداسة الزواج، فإن شهوات الطعام التي تعني الفرد وحده لا تباح - كما تقدم - إذا نمت على خلل في الإرادة، وضعفت عن ضبط النزوات والمغريات، وهكذا ينبغي أن يكون الحكم على الإباحة التي يطلقها الشيوعيون لهذه الشهوات. •••

يقول «إنجلز» وهو يشرح مذهب «ماركس» ومذهبه في قواعد الأخلاق من مقاله في الرد على «دوهرنج»:

نامعلوم صفحہ