کمیونزم اور انسانیت اسلامی قانون میں

عباس محمود العقاد d. 1383 AH
110

کمیونزم اور انسانیت اسلامی قانون میں

الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام

اصناف

ماذا يقول القارئ إذا سمع أحدا يقول له بلهجة الجد والثقة: إن عينك لا تبصر شيئا إلا أن تكون لك حاجة فيه؟!

إنه قول عجيب، ولكنه أقل عجبا من قول الماديين التاريخيين في أصل العلوم، إذ يقولون: إن عقل الإنسان لا يعرف شيئا، وإن معرفته لا تصبح علما إلا أن تكون له حاجة إليها، وشرطهم الأخير هنا كشرطهم في سائر آرائهم، أن يئول الأمر في النهاية إلى وسائل الإنتاج.

وهم كدأبهم إليه يتخطون جميع العقبات؛ ليصلوا إلى الغرض الذي يرمون إليه من وراء هذه النظريات، فإن العقبات التي تعترضهم في طريقهم كثيرة، لم يذللوا واحدة منها ولم ينظروا إليها إلا على عجل واختلاج؛ ليهرولوا إلى الخاتمة المأمولة قبل فوات الأوان.

فمن العقبات التي تعترضهم أن الإنسان يعلم بإرادته وبغير إرادته، ولكنه يشعر بالحاجة، فيريدها ويطلبها ويسعى إليها، فنحن لا نعلم باختيارنا أن الشمس تطلع كل يوم من موضعها، بل نراها تطلع يوما بعد يوم، فتصبح هذه الرؤية مادة من مواد العلم، التي تحصل لدينا حيث نريد وحيث لا نريد، فإذا استخدمنا حرارة الشمس أو نورها بعد ذلك في حاجة من حاجاتنا، فنحن هنا نريدها، ونعتمد على إرادتنا كما نعتمد عليها في كل شيء.

ومن العقبات في طريق التعليل المادي للعلوم، أننا نزداد معرفة فنزداد علما بحاجاتنا، وكثيرا ما يكون العلم سابقا بذلك للحاجة مهما يكن من اضطرارنا إليها، فقد تعلمنا فعرفنا ما نحتاج إليه من الغذاء والكساء والدواء، ولم يكن أكثرها مما نعلم أننا محتاجون إليه.

ومن تلك العقبات أن الحاجة وحدها لا تحقق لنا الغاية التي نسعى إليها السعي الحثيث من أوائل تاريخنا المعلوم، فمن عشرات القرون يحتاج الناس إلى دواء الأمراض المعضلة، ولا يعرفون دواءها، وفي هذا العصر يصل الباحث بالمصادفة إلى أنفع الأدوية - كالبنسلين مثلا - فلا نلبث أن نعرف مواضع الحاجة إليه.

ومن تلك العقبات أن الناس يتفاوتون في استنباط العلوم وتحصيلها، على حسب تفاوتهم في العقول لا على حسب تفاوتهم في الحاجات، فوسائل الإنتاج متساوية أو متقاربة في المجتمعات الإنسانية إلى ما قبل عصر الصناعة الكبرى، وليست المجتمعات مع ذلك متساوية في العلم والثقافة وتمهيد طريق الاختراع، وقد كانت معادن الحديد والفحم والنفط موجودة في غير أوربة الغربية من قبل وجود الإنسان، ولكنها لم تحدث المخترعات الصناعية التي حدثت في أوربة الغربية، ولم يكن لها تمهيد غير التمهيد العلمي في عصر النهضة قبل قيام الصناعة الكبرى على سعة أو في نطاق محدود. •••

ولنتكلم بلغة الماديين التاريخيين فنقول: إن هذه العقبات محتاجة إلى التذليل قبل الوثب منها إلى النتيجة المقصودة، بيد أن الماديين التاريخيين لم يذللوها على شدة الحاجة إلى تذليلها، ووثبوا منها إلى الغاية التي لا بد أن يثبوا إليها، وهي تعليل العلوم جميعا بالحاجة إليها.

ومن تلك العلوم ما تجوز المغالطة فيه كالعلوم الطبيعية التي ترتبط بالتجربة والتطبيق، ومنها ما تتعذر المغالطة فيه؛ لأن ارتباطه بالتجربة والتطبيق قليل جدا في رأي العارفين به، كعلوم الرياضيات.

فمن المتفق عليه أن الحقائق الرياضية عقلية، لا ترتبط كثيرا بالمشاهدات الحسية، وأنها قد تمت على وجه التقريب قبل تمام العلوم التجريبية بمئات السنين.

نامعلوم صفحہ