مثل وجود جسم كيف كان أو حيوان كيف كان. فما أقرب إلى (1) البيان أن المقصود هو طبيعة النوع (2) لتوجد شخصا ، وإن لم يعين وهو الكامل ، وهو (3) الغاية الكلية. فالأعرف عند الطبيعة هو هذا ، وليس هو أقدم بالطبع إن عنينا بالأقدم ما قيل فى قاطيغورياس ، ولم نعن بالأقدم الغاية. والناس كلهم كالمشتركين فى معرفة الطبائع العامة والجنسية ، وإنما يتميزون بأن بعضهم يعرف النوعيات وينتهى إليها ويمعن فى التفصيل ، فبعضهم (4) يقف عند الجنسيات ، وبعضهم مثلا يعرف الحيوانية ، وبعضهم يعرف الإنسانية أيضا والفرسية.
وإذا انتهت المعرفة إلى الطبائع النوعية وما يعرض لها ، وقف البحث ولم ينل بما يفوتها من معرفة الشخصيات ولا مالت إليها نفوسنا (5) البتة (6). فبين أنا إذا قايسنا ما بين الأمور العامة والخاصة ، ثم قايسنا بينهما معا (7) وبين العقل وجدنا الأمور العامة أعرف عند العقل. وإذا قايسنا بينهما معا وبين نظام الوجود والأمر المقصود فى الطبيعة الكلية ، وجدنا الأمور النوعية أعرف عند الطبيعة ، وإذا قايسنا بين الشخصيات المعينة وبين الأمور النوعية ونسبناها إلى العقل ، لم نجد للشخصيات المعينة عند العقل مكان تقدم وتأخر إلا أن تشترك القوة الخامسة التي (8) فى الباطن.
فحينئذ تكون الشخصيات أعرف عندنا من الكليات ، فإن الشخصيات ترتسم فى القوة الحاسة التي فى الباطن ، ثم يقتبس منه العقل المشاركات والمباينات فينتزع طبائع العاميات النوعية. وإذا نسبناهما إلى الطبيعة وجدنا العامية (9) النوعية أعرف وإن كان ابتداء فعلها من الشخصيات المعينة. فإن (10) الطبيعة إنما تقصد من وجود الجسم أن يتوصل به إلى وجود الإنسان وما يجانسه ، ويقصد من وجود الشخص المعين الكائن الفاسد ، أن تكون طبيعة النوع موجودة ، وإذا أمكنها حصول هذا الفرض فى شخص واحد وهو الذي تكون مادته غير مذعنة للتغير والفساد ، لم يحتج إلى أن يوجد للنوع شخص آخر كالشمس والقمر وغيرهما. على أن الحس (11) والتخيل فى إدراكهما للجزئيات أيضا يبتدئان أول شيء من تصور شخص هو أكثر مناسبة للمعنى العامى حتى يبلغ تصور الشخص الذي هو شخص صرف (12) من كل وجه.
وأما بيان كيفية هذا ، فهو أن الجسم معنى عام ، وله بما هو جسم أن يتشخص ، فيكون هذا الجسم (13)
صفحہ 9