286

الطبیعیات من کتاب الشفاء

الطبيعيات من كتاب الشفاء

اصناف

يجرى مجراه. وبالجملة تضادا (1) يتعلق بماهيته وتضادا (2) يتعلق بأمور أخرى ، مثل أن يكون مكانا حارا ومكانا باردا. فأما هذا الجنس من التضاد وهو أمر غريب عن السكون ، لا يغير من أمر السكون شيئا ، حتى أنه لو كان جسم. يسكن فيه الجسم سكونا متصلا ، وكان يعرض أن يسخن أو يبرد (3) أو يبيض أو يسود ، لم يجب أن يصير السكون فيه وقتا ما ضدا للسكون فيه وقتا (4) آخر بل يتصل (5) السكون فيه واحدا بعينه. لأن هذا التضاد ليس فى ذات ما فيه الساكن أولا ، بل فى شيء آخر.

وأما إذا كان التضاد فى ذات ما فيه ، بأن كان (6) مرة يسكن فوق ، فيكون الذي يسكن فيه فوق ؛ ومرة يسكن أسفل ، فيكون الذي يسكن فيه أسفل ، فبالحرى أن يكون هذا (7) السكون مضادا لذلك السكون ، ويكون السكون فى المكان الأعلى ضدا للسكون فى المكان الأسفل.

وقد بقى أن يعلم هل (8) السكون الذي يقابل الحركة من فوق ، هو السكون (9) فوق ، أو السكون أسفل. وقد قيل : إن السكون فوق ضد للحركة من فوق ، لا للحركة إلى فوق ، وذلك لأن السكون فوق قد يكون كمالا للحركة إلى فوق ، ومحال أن يكون الكمال الطبيعى مقابلا للشيء ، وأن يكون الشيء يؤدى إلى مقابل وضد. فهذا ما يقال وأما أنا فلم يتضح لى أن الشيء لا يؤدى إلى مقابله ، بمعنى أنه لا يعقبه مقابله ، ولو كان كذلك لما جاز أن يؤدى الحركة إلى فقدانها. ومن ينكر أن الحركة بالطبع إلى فوق إنما (10) هى حركة بالطبع إلى فوق ، ليحصل منه سكون بالطبع.

ولا شك (11) أن هذه الحركة مؤدية إلى (12) فقدان نفسها ، ولم يتضح لى أن السكون فوق كمال للحركة ، بمعنى أن الحركة تستكمل بذلك ، بل إنما هو كمال للمتحرك. وأما الحركة فإنها تفسد وتبطل به (13)، وذلك ليس كمال الحركة ، بل فساد الحركة إنما هو كمال للمتحرك يحصل للمتحرك (14) بالحركة. وعندى أن كل سكون يعرض للمتحرك فهو مقابل لكل حركة تصح فيه لو كانت (15) بدل السكون ، لأنه عدم لكل حركة تكون فيه إلى ذلك الموضع أو عن (16) ذلك الموضع. فإن السكون ليس هو عدم الحركة من حيث هى (17) إلى جهة مسا ، وإلا لكان المتحرك إلى خلاف تلك

صفحہ 290