* [الفصل الثاني] ب فصل * فى وحدة (2) الحركة وكثرتها (3)
الحركة تكون واحدة على وجوه : فإنها إما أن تكون واحدة بالعدد وإما أن تكون واحدة بالنوع ، وإما أن تكون واحدة بالجنس ، إما بالجنس (4) الأقرب ، وإما بالجنس الأبعد. فلنحقق الواحد بالعدد قبل غيره.
فنقول : إن قوما من آل برمانيدس ومن شايعهم من أصحاب (5) أفلاطن منعوا كل المنع أن تكون الحركة توصف بالوحدة بل بالهوية ، وقالوا : كيف توصف الحركة بالهوية ولا يحصل منها شيء موجودا حاصلا ، وقالوا سائر ما قد فرغنا عنه فيما سلف (6) من الشكوك فى باب الحركة والزمان ، مثل قولهم : كيف توصف الحركة بالوحدة ، ولا حركة (7) إلا منقسمة إلى ماض ومستقبل ، ولا حركة إلا ولها زمانان (8). ومثبتو وحدة الحركة يشترطون أن يكون زمانها واحدا ، فكيف (9) تكون الحركة واحدة ، وكل واحد فإنه تام فيما هو فيه واحد ، وكل تام فهو قار الوجود حاضر الأجزاء إن كانت له ، والحركة لا وجود قار لها مع أن لها أجزاء.
ونحن فيما سلف قد بينا الحال فى وجود الحركة بيانا لا يلتفت معه إلى هذه الشكوك ، والآن فيحق علينا أن نبين الحال فى وحدة الحركة ، ونبين أن الشبهة التي (10) أوردوها منحلة ، فنقول : قد بينا نحن أن الحركة تقال للكمال الأول الذي وصفناه ، وتقال لقطع المسافة. فالكمال الأول وحدته (11) بوحدة الموضوع له مع وحدة زمان وجوده فيه ، التي هى اتصال ، وكسائر الصفات التي لا يكفى فى كونها واحدة بالشخص كون موضوعها واحدا فقط.
فإن الموضوع الواحد إذا (12) عرض فيه بياض ، ثم عدم ثم عرض فيه بياض ، لم يكن هذا البياض هو بعينه الأول بالشخص ، فتكون الحركة بالمعنى الذي أشرنا إليه واحدة ، إذا كان الموضوع واحدا بعينه فى زمان واحد بعينه.
صفحہ 262