ولا متحرك وأنه غير متناهى القوة أو أنه متناه (1) على معنى أنه غاية (2) ينتهى إليها كل شيء ، والذي ينتهى إليه (3) يتخيل أنه متناه من حيث أنه (4) ينتهى إليه ، أو يشبه أن يكون غرضهما شيئا آخر وهو أن طبيعة الوجود (5) معنى واحد بالحد والرسم (6)، وأن سائر الماهيات هى غير نفس طبيعة الوجود (7)، لأنها أشياء يعرض لها الوجود ويلزمها كالإنسانية. فإن الإنسانية ماهية وليست نفس الوجود ولا الوجود (8) جزءا لها ، بل الوجود (9) خارج عن حدهما (10) كما بينا في مواضع أخرى ، عارض لها. فيشبه أن يكون (11) من قال إنه متناه عنى أنه محدود في نفسه (12) ليس طبائع ذاهبة في الكثرة ، ومن قال إنه غير متناه عنى أنه يعرض لأشياء غير متناهية. وليس يخفى عليك بما تعلمه في مواضع أخرى أن الإنسان بما (13) هو إنسان ليس هو الوجود (14) بما هو وجود (15)، بل معناه خارج عنه ، وكذلك كل شيء من (16) الأمور الداخلة فى المقولات ، بل كل شيء منها موضوع للوجود (17) ويلزمه (18) الوجود (19).
فإن لم يذهبا إلى هذا وكابرا (20)، فليس يمكننى أن أناقضهما. وذلك لأن القياس الذي يناقض به مذهبهما يكون لا محالة مؤلفا من مقدمات ، ويجب أن تكون تلك المقدمات إما في أنفسها (21) أظهر من النتيجة ولا أجد شيئا يكون أظهر من هذه النتيجة (22) أو تكون مسلمة (23) عند الخصم. وليس يمكننى أن أعرف (24) أى تلك المقدمات يسلمانها (25) هذان ، فإنهما إن جوزا ارتكاب هذا المحال فمن (26) يؤمننى إقدامهما على إنكار كل مقدمة من المقدمات المستعملة في القياس عليهما (27). على أنى أجد كثيرا من المقدمات التي يناقضان بها أخفى من النتيجة التي يراد منها مثل ما يقال إنه إن كان الموجود جوهرا فقط فلا يكون (28) متناهيا ولا غير متناه ، لأن هذين عارضان (29) للكم ، والكم عارض للجوهر ، فيكون حينئذ جوهر موجود وكم موجود ، فيكون الموجود فوق اثنين (30) كم وجوهر (31).
صفحہ 27