كذلك وهو الذي يكون وجوده أو عدمه فى آن. لكن هذا الوجه يباين ذلك (1) الوجه الأول ، لأن (2) الوجه الأول قد فرض (3) فيه الحكم فى أن الزمان الذي هو نهايته بالذات ، كالحكم فى جميع الزمان ، وفى هذا الوجه قد فرض الحكم فى الآن مخالفا للحكم فى الزمان من غير أن يوضع آن (4) بعد الآن المخالف (5)، وإلا لوقعت مشافعة (6) بين آنات ، ولكان ذلك الآن هو الطرف بالذات وليس كلامنا فى أن هذا الوجه الثاني يصح وجوده أو لا يصح ، فإنا لا نتكلم فيه من حيث يصدق بوجوده ، بل نتكلم فيه من حيث هو محمول عليه سلب ما ، وذلك السلب هو أنه ليس يوجد أو يعدم قليلا قليلا (7)، وله فى ذلك شريك. فذلك (8) الشريك أخص من هذا السلب ، والأخص لا يلزم الأعم ، وليس يجب أن يكون الشيء من حيث يتصور موضوعا أو محمولا بحيث يصدق بوجوده (9) أو لا يصدق ، قد علم هذا فى صناعة المنطق.
فإذا كان قولنا ليس يوجد أو يعدم قليلا قليلا ، أعم من قولنا يوجد دفعة ، أو يعدم دفعة ، بمعنى أنه يكون حاله ذلك فى آن مبتدأ فليس قول القائل إنه (10) إما أن يكون قليلا قليلا أو يكون دفعة بهذا (11) الوجه ، صادقا (12) صدق المنفصل المحيط بطرفى النقيض أو المحيط بنقيض ، وما يلزم نقيضه وأيضا فإن مقابل ما يوجد دفعة هو ما لا يوجد دفعة ، أى لا يوجد فى آن مبتدأ. وليس يلزمه لا محالة أنه يوجد أو يعدم قليلا قليلا ، بل قد يصدق معه الذي بحسب الوجه المذكور ، اللهم إلا أن يعنى بالموجود دفعة الذي لا يوجد آن إلا وهو (13) فيه حاصل الوجود ، ولا يوجد آن هو فيه بعد فى السلوك. وكذلك (14) فى المعدوم دفعة بحسبه (15)، فإن كان عنى هذا ، كان هذا لازم (16) المقابل وصحت القضية ، ولكن لم يجب أن يكون وجوده المبتدأ دفعة أو عدمه. وهاهنا شيء (17) وإن كان لا يليق بهذا الموضع فينبغى أن نذكره ليكون سبيلا إلى تحقق (18) ما قلناه ، وهو أنه بالحرى أن نتعرف لنعرف هل الآن المشترك بين زمانين (19) فى أحدهما الأمر بحال وفى الآخر بحال أخرى ، قد يخلو الأمر فيه (20) عن الحالين جميعا ، أو يكون (21) فيه على إحدى (22) الحالين دون الأخرى.
فإن كان الأمران (23) فى قوة المتناقضين كالمماس وغير المماس والموجود والمعدوم وغير ذلك ، فمحال (24) أن يخلو الشيء فى الآن المفروض عنهما جميعا ، فيجب أن يكون لا محالة على أحدهما ، فليت شعرى على أيهما يكون.
فنقول إن الأمر الموجود لا محالة يرد عليه أمر فيعدمه (25) فلا نحلو إما أن يكون ذلك (26) الوارد مما يصح وروده
صفحہ 162