أو يكون إذا كان موجودا وجد في غيره. فإن كان الممكن، بمعنى أنه يمكن أن يكون شيئا في غيره، فإن إمكان وجوده أيضا في ذلك الغير. فيجب أن يكون ذلك الغير موودا مع إمكان وجوده وهو موضوعه. وإن كان إذا كان قائما بنفسه لا في غيره ولا من غيره بوجه من الوجوه، ولا علاقة له مع مادة من المواد علاقة ما يقوم فيها أو يحتاج في أمر ما إليها، فيكون إمكان وجوده سابقا عليه غير متعلق بمادة دون مادة ولا جوهر دون جوهر. غذ ذلك الشيء لا علاقة له مع شيء، فيكون إمكان وجوده جوهرا لأنه شيء موجود بذاته. وبالجملة إن لم يكن إمكان وجوده حاصلا كان غير ممكن الوجود ممتنعا، وإذ هو حاصل موجود قائم بذاته - كما فرض - فهو موجود جوهرا، وإذ له جوهر فله ماهية ليس لها من المضاف إذ كان الجوهر ليس بمضاف الذات، بل يعرض له المضاف فيكون لهذا القائم بذاته وجود أكثر من إمكان وجوده الذي هو به مضاف. وكلامنا في نفس إمكان وجوده، وعليه حكمنا أنه ليس في موضوع، والآن فقد صار أيضا في موضوع، هذا خلف. فإذ لا يجوز أن يكون لما يبقى قائما بنفسه لا في موضوع ولا من موضوع بوجه من الوجوه وجود بعد ما لم يكن، بل يجب أن يكون له علاقة ما مع الموضوع حتى يكون. وأما إذا كان الشيء الذي يوجد قائما بنفسه لكنه يوجد من شيء غيره أو مع وجود شيء غيره، أما الأول فكالجسم من هيولي وصورة، وأما الثاني فكالأنفس الناطقة مع تكون الأبدان، فإن إمكان وجوده يكون متعلقا بذلك الشيء لا على أن ذلك الشيء بالقوة هو كون الجسم أبيض بالقوة ولا أن فيه قوة أن يوجد هو منطبعا فيه كون إمكان البياض في الموضوع الذي ينطبع فيه البياض، بل على أن يوجد معه أو عند حال له. فالجسم الذي يحدث كنار حادثة إنما إمكان وجوده هو أن يحدث من المادة والصورة، فلا يكون لإمكان وجوده محل بوجه ما وهو مادته، فيكون الشيء الذي يحدث منه أولا وهو الصورة يحدث في المادة ويحدث الجسم لاجتماعهما من المادة بوجه ومن الصورة بوجه. وأما النفس فإنها لا تحدث أيضا إلا بوجود موضوع بدني. وحينئذ يكون إمكان وجوده في ذلك قائما به لاختصاص تلك المادة به، فإن النفس إنما يمكن وجودها بعد ما لم تكن، وهو إمكان حدوثها عند وجود أجسام على نحو من الإمتزاج تصلح أن تكون آلة لها ويتميز بها استحقاق حدوثها من الأوائل من لا استحقاقه عنها. فإذا كان فيها إمكان هذا الإمتزاج فهو إمكان لوجود النفس. وكل جسم فإنه إذا صدر عنه فعل ليس بالعرض ولا بالقسر من جسم آخر فإنه يفعل بقوة ما فيه، أما
صفحہ 89