عقلت تحدث لها في العقل أمور لم يكن لها من خارج، فتصير كلية وجزئية وذاتية وعرضية وتكون جنس وفصل وتكون محمول وموضوع وأشياء من هذا القبيل. فقوم ذهبوا إلى أن حقيقة الإضافات إنما تحدث أيضا في النفس إذا عقلت الأشياء. وقوم قالوا: بل بالإضافة شيء موجود في الأعيان، واحتجوا وقالوا نحن نعلم أن هذا في الوجود أب ذلك، وأن ذلك في الوجود ابن هذا، عقل أو لم يعقل، ونحن نعلم أن النبات يطلب الغذاء، وأن الطلب مع إضافة ما، وليس للنبات عقل بوجه من الوجوه ولا إدراك؛ ونحن نعلم أن السماء في نفسها فوق الأرض، والأرض تحتها، أدركت أو لم تدرك، وليست الإضافة إلا أمثال هذه الأشياء التي أومأنا إليها وهي تكون للأشياء وإن لم تدرك. وقالت الفرقة الثانية: إنه لو كانت الإضافة موجودة في الأشياء لوجب من ذلك أن لا تنتهي الإضافات، فإنه كان يكون بين الأب والابن إضافة، وكانت تلك الإضافة موجودة لهما أو لأحدهما أو لكل واحد منهما. فمن حيث الأبوة للأب وهي عارضة له، والأب معروض لها، فهي مضافة، وكذلك البنوة. فههنا إذن علاقة للأبوة مع الأب والبنوة مع الابن خارجة عن العلاقة التي بين الأب والابن فيجب أن تكون للإضافة إضافة أخرى وأن تذهب إلى غير النهاية ، وأن تكون أيضا من الإضافات ما هي علاقة بين موجود ومعدوم؛ كما نحن متقدمون بالقياس إلى القرون التي تخلفنا وعالمون بالقيامة. والذي تنحل به الشبهة من الطرفين جميعا أن نرجع إلى حد المضاف المطلق فنقول: إن المضاف هو الذي ماهيته إنما تقال بالقياس إلى غيره، فكل شيء في الأعيان يكون بحيث ماهيته إنما تقال بالقياس إلى غيره فذلك الشيء من المضاف. لكن في الأعيان أشياء كثيرة بهذه الصفة، فالمضاف في الأعيان موجود، فإن كان للمضاف ماهية أخرى فينبغي أن يجرد ماله من المعنى المعقول بالقياس إلى غيره وغيره، إنما هو معقول بالقياس إلى غيره بسبب هذا المعنى، وهذا المعنى ليس معقولا بالقياس إلى غيره بسبب شيء غير نفسه، بل هو مضاف لذاته على ما علمت. فليس هناك ذات وشيء هو الإضافة، بل هناك مضاف بذاته لا بإضافة أخرى فتنتهي من هذا الطريق الإضافات. وأما كون هذا المعنى المضاف بذاته في هذا الموضوع، فهو من حيث أنه في هذا الموضوع ماهيته معقولة بالقياس إلى هذا الموضوع، وله وجود آخر مثلا وهو: وجود الأبوة، وذلك الوجود أيضا مضاف. ولكن ليس ذلك هذا، فليكن هذا عارضا من المضاف لزم المضاف، وكل واحد منهما مضاف لذاته إلى ما هو مضاف إليه بلا إضافة أخرى. فالكون محمولا مضاف لذاته، والكون أبوة صارت
صفحہ 79