إليها، إلى إنقسام قبلها، حاجة الجوهر إلى انقسامات، حتى يلزمه الإنقسام إلى الإنسان وغير الإنسان. وبعض هذه كالعوارض الخاصة، مثل الواحد والكثير، والقوة والفعل، والكلي والجزئي، والممكن والواجب؛ فإنه ليس يحتاج الموجود في قبول هذه الأعراض والاستعداد لها إلى أن يتخصص طبيعيا أو تعليميا أو خلقيا أو غير ذلك. ولقائل أن يقول، إنه إذا جعل الموجود هو الموضوع لهذا العلم لم يجز أن يكون إثبات مبادئ الموجودات فيه، لأن البحث في كل علم هو عن لواحق موضوعه لا عن مبادئه. فالجواب عن هذا أن النظر في المبادئ أيضا هو بحث عن عوارض هذا الموضوع، لأن الموجود كونه مبدأ غير مقوم له ولا ممتنع فيه؛ بل هو بالقياس إلى طبيعة الموجود أمر عارض له، ومن العوارض الخاصة به. لأنه ليس شيء أعم من الموجود، فيلحق غيره لحوقا أوليا. ولا أيضا يحتاج الموجود إلى أن يصير طبيعيا أو تعليميا أو شيئا آخر حتى يعرض له أن يكون مبدأ. ثم المبدأ ليس المبدأ للموجود كله، ولو كان المبدأ للموجود كله لكان مبدأ لنفسه؛ بل الموجود كله لا مبدأ له، إنما المبدأ للموجود المعلول. فالمبدأ هو مبدأ لبعض الموجود. فلا يكون هذا العلم يبحث عن مبادئ الموجود مطلقا، بل إنما يبحث عن مبادئ بعض ما فيه كسائر العلوم الجزئية؛ فإنها وإن كانت لا تبرهن على وجود مبادئها المشتركة، إذ لها مبادئ يشترك فيها جميع ما ينحوه كل واحد منها، فإنها تبرهن على وجود ما هو مبدأ لما بعدها من الأمور التي فيها. ويلزم هذا العلم أن ينقسم ضرورة إلى أجزاء منها: ما يبحث عن الأسباب القصوى، فإنها الأسباب لكل موجود معلول من جهة وجوده، ويبحث عن السبب الأول الذي يفيض عنه كل موجود معلول بما هو موجود معلول لا بل ما هو. وجود متحرك فقط أو متكمم فقط. ومنها ما يبحث عن العوارض للموجود. ومنها مايبحث عن مبادئ العلوم الجزئية. ولأن مبادئ كل علم أخص هي مسائل العلم في الأعلى، مثل مبادئ الطب في الطبيعي، والمساحة في الهندسة، فيعرض إذن في هذا العلم أن يتضح فيه مبادئ العلوم الجزئية التي تبحث عن أحوال الجزئيات الموجودة. فهذا العلم يبحث عن أحوال الموجود، والأمور التي هي له كالأقسام والأنواع ، حتى يبلغ إلى تخصيص يحدث معه موضوع العلم الطبيعي فيسلمه إليه، وتخصيص يحدث معه موضوع الرياضي فيسلمه إليه، وكذلك في غير ذلك. وما قبل ذلك التخصيص كالمبدأ فنبحث عنه ونقرر حاله.فتكون إذن مسائل هذا العلم في أسباب الموجود المعلول بما هو موجود معلول، وبعضها في عوارض الموجود، وبعضها في مبدئ العلوم الجزئية.
صفحہ 7