شيئان، وجب أن يكون أحدهما سببا للآخر. والإقناع الذي يقع للنفس لكثرة ما يورده الحس والتجربة فغير متأكد، على ما علمت، إلا بمعرفة أن الأمور التي هي موجودة في الأكثر هي طبيعية واختيارية. وهذا في الحقيقة مستند إلى إثبات العلل، والإقرار بوجود العلل والأسباب. وهذا ليس بينا أوليا بل هو مشهود، وقد علمت الفرق بينهما. وليس إذا كان قريبا من العقل، من البين بنفسه أن للحادثات مبدأ ما يجب أن يكون بينا بنفسه مثل كثير من الأمور الهندسية المبرهن عليها في كتاب أوقليدس. ثم البيان البرهاني لذلك ليس في العلوم الأخرى، فإذن يجب أن يكون في هذا العلم. فكيف يمكن أن يكون الموضوع للعلم المبحوث عن أحواله في المطالب مطلوب الوجود فيه؟ وإذا كان كذلك فبين أيضا أنه ليس البحث عنها من جهة الوجود الذي يخص كل واحد منها، لأن ذلك مطلوب في هذا العلم. ولا أيضا من جهة ما هي جملة ما وكل، لست أقول جملي وكلي. فإن النظر في أجزاء الجملة أقدم من النظر في الجملة، وإن لم يكن كذلك في الجزيئيات الكلي باعتبار قد علمته، فيجب أن يكون النظر في الأجزاء إما في هذا العلم فتكون هي أولى بأن تكون موضوعه، أو يكون في علم آخر، وليس علم آخر يتضمن الكلام في الأسباب القصوى غير هذا العلم. وأما إن كان النظر في الأسباب من جهة ما هي موجودة وما يلحقها من تلك الجهة فيجب إذن أن يكون الموضوع الأول هو الموجود بما هو موجود. فقد بان أيضا بطلان هذا النظر، وهو أن هذا العلم موضوعه الأسباب القصوى، بل يجب أن يعلم أن هذا كماله ومطلوبه.
الفصل الثاني: (ب) () فصل في تحصيل موضوع هذا العلم
صفحہ 4