الناطق. فإذا نظرت إلى ذلك الشيء الواحد لم يكن كثرة في الذهن، لكنك إذا نظرت إلى الحد فوجدته مؤلفا من عدة هذه المعاني واعتبرتها من جهة ما كل واحد منها على الاعتبار المذكور معنى في نفسه غير الآخر، وجدت هناك كثرة في الذهن. فإن عنيت بالحد المعنى القائم في النفس بالاعتبار الأول، وهو الشيء الواحد الذي هو الحيوان الذي ذلك الحيوان هو الناطق، كان الحد بعينه هو المحدود المعقول. وإن عنيت بالحد المعنى القائم في النفس بالاعتبار الثاني المفصل، لم يكن الحد بعينه معناه المحدود، بل كان شيئا مؤديا إليه كاسبا له. ثم الاعتبار الذي يوجب كون الحد بعينه هو المحدود لا يجعل الناطق والحيوان جزئين من الحد، بل محمولين عليه بأنه هو لا أنهما شيئان من حقيقة متغايران للمجتمع. لكن نعني به في مثالنا الشيء الذي هو بعينه الحيوان الذي ذلك الحيوان حيوانيته مستكملة متحصلة بالنطق. والاعتبار الذي يوجب كون الحد غير المحدود يمنع أن يكون الجنس والفصل محمولين على الحد، بل جزئين منه. فلذلك ليس الحد بجنس ولا الجنس بحد ولا الفصل واحدا منهما ولا جملة معنى الحيوان مؤلفا مع الناطق هو معنى الحيوان غير مؤلف ولا معنى الناطق غير مؤلف. ولا يفهم من معنى مجموع حيوان وناطق ما يفهم من أحدهما، ولا يحمل أحدهما عليه، فليس مجموع حيوان وناطق هو حيوان وناطق لأن المجموع من شيئين غيرهما، بل ثالث. لأن كل واحد منهما جزء منه، والجزء لا يكون هو الكل، ولا الكل يكون هو الجزء.
الفصل الثامن (ح)
صفحہ 121