وكذلك إنما يوجد له الجسم قبل الحيوانية إذا كان الجسم بمعنى لا يحمل عليه لا بمعنى يحمل عليه. وأما الجسمية التي تفرض مع جواز أن توضع متضمنة لكل معنى مقرونا بها وجوب أن يتضمن الأقطار الثلاثة، فإنها لم توجد للشيء الذي هو نوع الحيوان إلا وقد تضمن الحيوانية. فيكون معنى الحيوانية جزءا ما من وجود ذلك الجسم بالفعل بعد أن كان مجوزا في نفسها تضمنها إياه، فيكون معنى الحيوانية جزءا ما من وجود ذلك الجسم بعكس حال الجسم إذا حصل. كما أن الجسم الذي هو بمعنى المادة جزء من وجود الحيوان ثم الجسم المطلق الذي ليس بمعنى المادة إنما وجوده واجتماعه من وجود أنواعه، وما توضع تحته فهي أسباب لوجوده، وليس هو سببا لوجودها. ولو كان للجسمية التي بمعنى الجنس وجود محصل قبل وجود النوعية، وإن كانت قبليته قبلية لا بالزمان بل بالذات، لكان سببا لوجود النوعية، مثل الجسم الذي بمعنى المادة، وإن كانت قبليته لا بالزمان بل وجود تلك الجسمية في هذا النوع هو وجود ذلك النوع لا غير. وفي العقل أيضا فإن الحكم فيه كذلك. فإن العقل لا يمكنه أن يضع في شيء من الأشياء للجسمية التي لطبيعة الجنس وجودا يحصل هو أولا وينضم إليه شيء آخر حتى يحدث الحيوان النوعي في العقل. فإنه لو فعل ذلك لكان ذلك المعنى الذي للجنس في العقل غير محمول على طبيعة النوع، بل كان جزءا منه في العقل أيضا. بل إنما يحدث للشيء الذي هو النوع طبيعة الجنسية في الوجود وفي العقل معا إذا حدث النوع بتمامه. ولا يكون الفصل خارجا عن معنى ذلك الجنس ومضافا إليه، بل متضمنا فيه وجزء منه من الجهة التي أومأنا إليها. وليس هذا حكم الجنس وحده من حيث هو كلي، بل حكم كل كلي من حيث هو كلي. فبين من هذا أن الجسم إذا أخذ على الجهة التي يكون جنسا يكون كالمجهول بعد، لا يدري أنه على أي صورة، وكم صورة يشتمل، وتطلب النفس تحصيل ذلك، لأنه لم يتقرر بعد بالفعل شيء هو جسم محصل. وكذلك إذا أخذنا اللون وأخطرناه ببال النفس، فإن النفس لا تقنع بتحصيل شيء متقرر لا بالفعل، بل تطلب في معنى اللون زيادة حتى يتقرر بالفعل لون. وأما طبيعة النوع فليس يطلب فيها تحصيل معناها، بل تحصيل الإشارة. وأما طبيعة الجنس فإنها وإن كانت النفس إذا طلبت فيها تحصيل الإشارة كانت قد فعلت الواجب وما يجب أن يقنع معه. فإن النفس قد تطلب أيضا مع ذلك تحصيل معناه قبل هذا الطلب، حتى إنما يبقى له أن يستعد لهذا الطلب أكثر ويكون إلى النفس أن يفرضه اي مشار إليه شاء. فلا يمكن النفس أن تجعله بحيث يجوز أن يكون أي مشار إليه
صفحہ 108