شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام
شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام
ناشر
دار الكتب العلمية
ایڈیشن
الأولى ١٤٢١هـ
اشاعت کا سال
٢٠٠٠م
اصناف
تاریخ
فإن بعض كبار العلماء قال: يحتمل أن يكون أسامة ﵁ غاب عنه ﷺ بعد دخوله لحاجة فلم يشهد صلاته.
ثم قال ابن جماعة بعد أن ذكر كلاما للنووي في "المجموع" في الجمع بين حديث بلال وأسامة سبق ذكرنا له: وهذا يحتاج إلى نقل ولم أقف عليه، ولا ضرورة تعدو إليه، والله أعلم.
ثم قال بعد أن ذكر كلام ابن حبان السابق في الجمع بين اختلاف بلال وأسامة ﵂ وكلامه وكلام الشيخ محيي الدين يعني النووي ومن نقل عنهم يدل على أنهم لم يطلعوا على ما جمعنا به ... انتهى.
وقال الطحاوي في "شرح معاني الآثار" فإن كان هذا الباب يؤخذ من طريق تصحيح تواتر الأخبار فإن الأخبار قد تواترت أن رسول الله ﷺ قد صلى في الكعبة ما لم يتواتر بمثله أنه لم يصل، وإن كان يؤخذ بأن أسامة بن زيد الذي حكى عنه ابن عباس أن رسول الله ﷺ حين دخل الكعبة خرج منها ولم يصل، فقد روى عنه ابن عمر، عن أسامة، فذلك أولى مما تفرد به ابن عباس عن أسامة، وقال الطحاوي أيضا: فكان ينبغي لما تضادت الروايات عن أسامة وتكافأت أن يرفع، ويثبت ما روي عن بلال إذا كان لم يختلف عنه في ذلك.
هذا ما رأيته للناس من ترجيح حديث بلال ﵁ في إثبات صلاة النبي ﷺ في الكعبة على حديث من خالفه في ذلك، وما قيل في الجمع بين هذا الاختلاف وما ذكروه من الترجيح يتجه، ومما لعله أن يكون مرجحا لذلك أيضا من حيث المعنى على ما ظهر لي: أن الكعبة المعظمة كالمسجد الحرام في استحباب التحية لمن دخلها، والتحية للمسجد الحرام كالطواف لمريده والصلاة فيه، والطواف بالكعبة من داخلها غير مشروع، فلم يتبق لنا تحية إلا الصلاة فيها، كتحية سائر المساجد، فكيف يدخلها النبي ﷺ ولا يصلي فيها مع بعد عهده من دخولها، فإنه من حين هاجر إلى المدينة لم يدخلها، وبين هجرته ودخوله هذا ثماني سنين، ومع طول مكثه ﷺ في الكعبة في دخوله هذا، فإن في مسلم من حديث ابن عمر ﵁ في قصة دخول النبي ﷺ ومن معه أنهم لبثوا في البيت مليا قال النووي: أي طويلا.
وفي البخاري عن ابن عمر ﵄ من رواية نافع: أن النبي ﷺ مكث نهارا طويل في الكعبة حين دخلها يوم الفتح، وطول المكث بمكان يستدعي الجلوس فيه غالبا، ويبعد كل البعد أن النبي ﷺ لم يجلس في الكعبة في دخوله هذا، أو أن يجلس فيها بغير صلاة، وقد نهى ﷺ فيما صح عنه الداخل إلى المسجد عن الجلوس فيه.
1 / 199