المجلد الأول
مقدمات
مقدمة
...
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة:
١- بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين. هذا كتاب "شفاء الغرام، بأخبار البلد الحرام" يظهر مطبوعا لأول مرة، في ثوب قشيب، وحلة أنيقة، وتعليقات مفيدة، وتصحيحات وشروح نافعة، للفيف من الأساتذة، هم الذين قاموا بالإشراف على طبع هذا الكتاب، والتعليق عليه، ومراجعة أصوله، وتصحيح أخطاء نسخه الخطية التي وقعت بتحريف النساخ، وبذلوا مجهودا كبيرا في إعداد هذا الكتاب للنشر.
ولولا همة رجل عربي عظيم، هو حضرة صاحب المعالي الشيخ محمد سرور الصبان، ما رأى هذا الكتاب النور، ولا ظهر مطبوعا هذه الطبعة، ونحمد الله الذي وفق لإخراجه، ولظهوره في أيدي المتطلعين إلى قراءته.
٢- وقد اعتمدنا في نشر هذا الكتاب على النسخة الخطية الفريدة المحفوظة بدار الكتب المصرية برقم ٧٤٨٤ عمومية و٥٠٤ تاريخ، والتي رمزنا إليها بالحرف "ك"، وقد أخذنا صورة فوتوغرافية كاملة لها، وذلك بفضل معاونة الأساتذة الأجلاء: أحمد رامي، ومحمد أبي الفضيل إبراهيم، وفؤاد السيد، وما بذلوه لنا من مساعدات قيمة في تصوير هذه النسخة، التي تقع في ٣٩٤ ورقة من القطع المتوسط، وقد قام بنسخها محمد بن مصطفى الديار بكري، وليس عليها من تاريخ نسخها سوى هذه الجملة المثبتة في آخر الكتاب، وهي "تمت بعون الله الكريم وفضله وإحسانه يوم الربوع المبارك في آخر شهر ربيع الأول على يد أفقر عباد الله محمد بن مصطفى الديار بكري عفا الله عنهم إلخ" ومكتوب على الورقة الأولى من الكتاب: "الحمد لله وحده، من مواهب الله تعالى على عبده محمد بن محمد السقاف عفا الله عنهم آمين ١٢٣٨هـ".
1 / 3
وقد أشرف قسم التصوير بدار الكتب على تصوير هذه النسخة عام ١٩٥٥.
كما اعتمدنا على النسخة المكية المخطوطة، المنقولة عن نسخة دار الكتب المصرية، وقد قام بنسخها السيد الشيخ عبد الستار الدهلوي، في جزأين كبيرين: الأول في ٦٣٨ صفحة من القطع المتوسط، وبآخره: "تم الجزء الأول من هذا التاريخ بختام هذا الباب، الباب الخامس والعشرين. ويليه في الجزء الثاني: الباب السادس والعشرون، بتجزئة كاتبه، والحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وصحبه وسلم والجزء الثاني، مصدر بفهرس له وحده، وكتب في الصفحة الأولى منه: "الجزء الثاني من شفاء الغرام، بأخبار البلد الحرام" تأليف الإمام العلامة الحافظ أبي الطيب تقي الدين محمد بن شهاب الدين أبي العباس محمد بن علي الفاسي الحسني المكي المالكي تغمده الله برحمته ونفعنا بعلومه آمين، وكتب بعد ذلك أربعة سطور هي: "مع الذيل لكاتبه" في ولاة مكة من بعد المؤلف ﵀ إلى تاريخ النسخ بالاختصار، مع ترجمة مؤلف الأصل في آخره، وقع هذا الجزء في ٣٣٥ صفحة عدا الذيل الذي يبدأ من صفحة ٣٣٦ إلى ٣٧٨، وقد كتب في آخر الجزء الثاني: "ووجدت في آخر النسخة المنقول منها ما نصه: "تمت بعون الله الكريم وفضله وإحسانه يوم الربوع المبارك في آخر شهر ربيع الأول، وذلك بخط علامة دهره وفريد عصره محمد بن مصطفى الديار بكري عفا الله عنهم" وفي أول صفحة من الذيل ما يلي: وقع الفراغ من نسخ هذه النسخة الشريفة مع التذييل لكاتبه أحقر العبيد وأفقر الورى، أحد ساكني أم القرى، أبي الفيض وأبي الإسعاد عبد الستار الصديقي الحنفي ابن المرحوم الشيخ عبد الوهاب المكي البكري بمصر، في يوم الجمعة الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول من شهور العام الخامس والثلاثين والثلاثمائة والألف، من النسخة الموجودة بالكتبخانة المصرية بمصر المحروسة، ويبدأ الذيل بترجمة للمؤلف مما تيسر لناسخه وقت النسخ، ويلي الترجمة، ذكر أخبار مكة بعد الفاسي إلى انتهاء النسخ، وهو عام ألف وثلاثمائة وخمسة وثلاثين هجرية، ومن ذلك نعلم أن هذه النسخة الثانية منسوخة من النسخة المصرية الأولى، ونشير إلى تلك النسخة الثانية بحرف "ك"، وقد يسر لنا الحصول عليها السيد الشيخ عبد الوهاب الدهلوي، حفظه الله، وأثابه خير الثواب، وهاتان النسختان رديئتا الخط، إلى حد بعيد، وفيهما كثير من النقص والتحريف والخطأ.
لذلك لم يكن هناك بد من الاعتماد على الكثير من الكتب المخطوطة والمطبوعة، نستعين بها على تصحيح نصوص هذا الكتاب وضبطه، فوق مئات المؤلفات من كتب التاريخ واللغة والأدب والشريعة.
وقد عاوننا في بعض التعليقات على رجال الحديث الشيخ سليمان الصنيع مدير "مكتبة الحرم المكي".
1 / 4
وأعارنا الشيخ محمد نصيف من أعيان "جدة" مخطوطته القيمة "إفادة الأنام، بأخبار البلد الحرام، للشيخ الغازي، مساعدة لنا على تنقيح الكتاب، ومراجعة نصوصه، وتصحيح روايته.
وقد بذلنا مجهودا ضخما: في مقابلة النسختين الخطيتين: "من كتاب شفاء الغرام"، بعضهما على البعض الآخر، وفي مراجعة نصوصه على مئات الكتب المطبوعة والمخطوطة.
واعتمدنا بذلك في تصحيح نصوص الكتاب على كتاب "منتخب شفاء الغرام، بأخبار البلد الحرام" طبع أوروبا عام ١٨٨٠م.
وقد حلينا الكتاب بأربع خرائط، قام برسمها السيد جلال الجدويلي بجريدة الأهرام، مستعينا بخرائط مصلحة المساحة السبعة عشر، عن الحجاز والمملكة العربية السعودية: وبعض الأطالس الإفرنجية، والخرائط الحديثة التي رسمتها شركة أرامكو. ولا يفوتنا أن نتقدم بخالص الشكر لمن قام برسم وطبع خرائط مصلحة المساحة التي تعتبر من المراجع القيمة عن البلاد السعودية.
وقد نشرنا في آخر كل جزء من الكتاب فهارس مستوفاة للموضوعات، وذيلنا الكتاب بفهارس كاملة للأعلام والمواضع.
وهذا الاستعداد القوي، والعمل المتواصل، من أجل نشر الكتاب نشرا علميا، حديثا متقنا هو الذي أخر صدور الكتاب بعض التأخير، ولا سيما أن النسختين الخطيتين للكتاب خطهما رديء، ويشتملان على تصحيف كثير، وعلى نقص عديد أيضا، وعلى أبيات شعرية محرفة، مما استدعى الوقوف عندها طويلا، وخاصة مع عدم فائدة الكثير من هذه الشواهد الشعرية، التي هي إلى اللغة العامية أقرب.
٣- وكتاب الفاسي هذا "شفاء الغرام" كتاب جليل الفائدة، دون فيه أخبار مكة بتفصيل كثير، وإحاطة شاملة، واستيعاب دقيق، ويعد من المصادر الأصلية بعد كتابي الأزرقي١، والفاكهي٢.
_________
١ هو أبو الوليد الأزرقي صاحب كتاب "أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار"، وقد توفي نحو عام ٢٥٠هـ، وكتابه عمدة المؤرخين في جميع العصور، وقد اختصره كثير من المؤرخين.
٢ كتاب الفاكهي "تاريخ مكة" من الكتب الأصلية، التي اعتمد عليها الفاسي ونقل عنها، وتوجد نسخة منه في بعض خزائن أوروبا، وقد طبعت في أوروبا منتخبات منه، واسم الفاكهي هو أبو عبد الله محمد بن إسحاق الفاكهي، توفي نحو ٢٨٠هـ.
1 / 5
وقد رتبه الفاسي على أربعين بابا ألم فيها بجميع ما يتصل بتاريخ مكة من قريب أو بعيد منذ الجاهلية حتى عصره، وذكر تاريخ المسجد الحرام وبنائه وعمارته في مختلف العصور، متحدثا عن الملامح الجغرافية والتاريخية، والسياسية والاجتماعية للجزيرة العربية في شتى العصور، مع تنويهه بفضائل الكعبة والأعمال المتعلقة بها، والمواضع المباركة في مكة وحرمها، كالمدارس والربط وغير ذلك، مضيفا إلى ذلك كله ما وصل إلى علمه من أخبار ولاة مكة في الإسلام على سبيل الإجمال، محررا ذرع الكعبة والمسجد الحرام، جامعا لأشتات من الفوائد والأحداث التاريخية التي لم يدونها الأزرقي والفاكهي "المتوفى عام ٢٨٠هـ" في كتابيهما، ويقول الفاسي: إن ما ذكراه هو الأصل الذي بنى عليه كتابه، وإن في كتاب الفاكهي محمد بن إسحق بن العباس المكي أمورا كثيرة مفيدة ليست مما يتضمنها كتاب الأزرقي، وقد عاش الأزرقي والفاكهي في المائة الثالثة من الهجرة، وتأخر الفاكهي عن الأزرقي قليلا، ولم يؤلف أحد بعدهما في تاريخ مكة وولاتها وفضلائها إلا القليل، إلى أن جاء الفاسي فألف كتابه هذا الذي عد مرجعا خطرا في تاريخ البلد الحرام، وخاصة منذ القرن الرابع إلى التاسع الهجري.
وقد رتب الفاسي كتابه ترتيبا شيقًا، وتحدث فيه عن مكة وحرمها، والآثار المروية فيها، ووصف الكعبة وعمارتها، ومصلى الرسول ﷺ في الكعبة، وثواب دخول الكعبة المعظمة وفضائلها، والآيات المتعلقة بها، وأخبار الحجر الأسود والملتزم والأماكن الشريفة بمكة ومقام إبراهيم وحجر إسماعيل، وتكلم عن توسعة المسجد الحرام وعمارته ووصف عمده وعقوده وشرفاته وقناديله وأبوابه ومنابره، وتحدث كذلك في الكتاب عن أخبار زمزم والأماكن التي لها تعلق بالمناسك، وما بني بمكة من المدارس والربط والسقايات والآبار والعيون، وتحدث عن أخبار مكة في الجاهلية، وعلى عهد إبراهيم وإسماعيل ﵉، وذكر أسماء أولاد إسماعيل، وولاية ذرية معد بن عدنان على مكة وولاية جرهم وخزاعة وقريش، مستقصيا أخبار قريش بمكة في الجاهلية، متوسعا في أخبار بني قصي ومآثرهم في الجاهلية، وأجواد قريش وحكامهم في الجاهلية، ثم يذكر فتح مكة وولاتها في الإسلام وأخبارها بعد الرسول ﷺ، ويتحدث في الباب الأربعين عن الأصنام التي كانت حول مكة، وأخبار أسواق مكة في الجاهلية والإسلام، وبذلك ينتهي هذا الكتاب القيم.
وترجع أهمية هذا الكتاب التاريخية إلى استقصائه واستيعابه وجمعه لشتى الأخبار التي تتعلق بمكة مما لم يجمعه مدون بعد الأزرقي والفاكهي.
وقد تأثر بالفاسي المؤرخون الذين أتوا بعده وألفوا في أخبار مكة والبيت الحرام، مثل: المؤرخ جمال الدين محمد بن ظهيرة القرشي في كتابه "الجامع اللطيف، في فضل
1 / 6
مكة وأهلها، وبناء البيت الشريف"، الذي وصل فيه إلى أخبار مكة، حتى العام الذي انتهى فيه من تأليف كتابه، وهو هام ٩٥٠هـ١، ومثل العلامة قطب الدين الحنفي المتوفى عام ٩٨٨هـ في كتابه "تاريخ القطبي" المسمى "كتاب الإعلام، بأعلام بيت الله الحرام" الذي دون فيه أخبار مكة حتى العام الذي انتهى فيه من تأليف كتابه هذا، وهو عام ٩٨٤هـ٢.
ويزيد من أهمية كتاب الفاسي ما احتوى عليه الكتاب من نصوص منقولة عن كتب خطية مفقودة حتى اليوم.
ونحن في غنى عن أن ننوه بهذا المجهود الذي بذلناه في إخراج الكتاب، والتعليق عليه، والعمل على ضبط أعلامه، وتحقيق نصوصه، وشرح شواهده، وسوى ذلك مما قمنا به من خدمة علمية لهذا الكتاب.
والله المسئول أن يلهمنا الرشد، وأن يهدينا سواء السبيل، وما توفيقنا إلا بالله عليه توكلنا، وإليه أنبنا، وإليه المصير.
حياة الإمام تقي الدين الفاسي المكي:
ترجم الفاسي لنفسه في كتابه "ذيل كتاب التقييد، بمعرفة رواة السنن والأسانيد، لابن نقطة"٣، فقال في نسبه إنه هو:
محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن عوف بن أحمد بن علي بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علي بن حمزة بن ميمون بن إبراهيم بن علي بن عبد الله بن إدريس بن الحسن بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، الحسني الفاسي المكي.
وذكر نسبه السيد عبد الستار الدهلوي الصديقي الحنفي البكري المكي فقال: هو الإمام الحافظ العلامة أبو الطيب تقي الدين محمد بن شهاب الدين أبي العباس أحمد بن علي الحسني الفاسي المكي المالكي المؤرخ الشهير.
كان الفاسي يلقب بتقي الدين، ويكنى أبا الطيب، وكان قاضي المالكية بالحرم الشريف، وقد ولد في ليلة الجمعة لعشرين من ربيع الأول عام ٧٧٥هـ بمكة المكرمة، ونشأ بها، وتتلمذ على علمائها وأهل الفضل فيها، وعني بالحديث، فقرأ وسمع كثيرا من
_________
١ راجع صفحة ٣٢٥ من هذا المصدر الطبعة الثانية بمصر ١٩٣٨.
٢ راجع صفحة ٢٦١ من هذا المصدر. نشر المكتبة العلمية بباب السلام بمكة.
٣ وترجم لنفسه كذلك في كتابه "العقد الثمين" ترجمة طويلة مفيدة. وفي ذيل كتاب "شفاء الغرام"النسخة الخطية ترجمة طويلة له.
1 / 7
الكتب، وروى كثيرا من الأحاديث، وقد أجازه كثير من العلماء الأعلام، وقرأ عليهم، وأخذ عنهم، ومن هؤلاء:
١- الإمام العلامة قاضي مكة جمال الدين محمد بن عبد الله بن ظهيرة القرشي المخزومي المكي١.
٢- جده لأمه قاضي القضاة كمال الدين أبو الفضل محمد بن أحمد النويري الشافعي، خطيب مكة وقاضيها، عالم الحجاز في عصره، والمؤرخ المشهور.
٣- ابن جده المذكور لأمه، وهو خال المؤلف، قاضي الحرمين محب الدين النويري.
٤- الإمام أبو المعالي عبد الله بن عمر الصوفي.
٥- العلامة اللغوي قاضي اليمن مجد الدين محمد بن يعقوب الشيرازي الفيروزآبادي "٧٢٩-٨١٧هـ" صاحب "القاموس المحيط"٢.
٦- العلامة المؤلف المفتي الشيخ كمال الدين محمد الدميري المصري الشافعي، ثم المالكي، المتوفي عام ٨٠٨هـ.
٧- العلامة إبراهيم بن محمد الدمشقي الصوفي المعروف بالبرهان.
٨- الإمام المؤرخ المشهور الشيخ ابن خلدون المتوفي عام ٨٠٨هـ، صاحب المقدمة والكتاب التاريخي المشهور.
٩- الإمام الشهاب أحمد العلائي، وروى عن كثيرين آخرين من العلماء الأجلاء، والفاسي مؤلف هذا الكتاب يروي غالبا عن الإمامين: أبي أحمد البرهان إبراهيم بن محمد اللخمي، وأبي الفرج الجلال عبد الرحمن بن أحمد العربي.... وكذلك أخذ عن كثير من شيوخ عصره وأئمة زمانه، وكان معاصرا لشيخ الإسلام الحافظ الشهاب أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المصري المشهور، صاحب "فتح الباري" المتوفى عام ٨٥٢هـ.
ويذكر الفاسي في كتابه "شفاء الغرام"٣ أنه كان قاضي قضاة المالكية بمكة، وأنه باشر تدريس الفقه المالكي في مدرسة السلطان الملك المنصور بمكة عام ٨١٤هـ في بدء
_________
١ هو أحد أجداد ابن ظهيرة المؤرخ صاحب كتاب "الجامع اللطيف، في فضل مكة وأهلها وبناء البيت الشريف" الذي ألفه عام ٩٥٠هـ.
٢ راجع ترجمته في ص ٣٨جـ ٣ وما بعدها من "كتاب أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض" وهو للمقري صاحب كتاب "نفح الطيب".
٣ صفحة ٣٢٩ جـ١ من هذا الكتاب.
1 / 8
إنشائها، وكان يقوم بالتدريس فيها فيما بين الظهر والعصر من يومي الأربعاء والخميس من كل أسبوع.
وقد ألف الفاسي مؤلف هذا الكتاب كتبا جليلة مشهورة في مقدمتها:
١- كتابنا هذا "شفاء الغرام، بأخبار البلد الحرام".
٢- تاريخه الكبير المسمى "بالعقد الثمين، في تاريخ البلد الأمين" وهو في أربعة أجزاء ضخام، ومنه عدة نسخ خطية بدار الكتب المصرية، وقد ترجم فيه لولاة مكة وأعيانها وعلمائها وأدبائها، منذ ظهور الإسلام إلى عصره، وقد رتبه على حروف المعجم وبدأه بالمحمدين والأحمدين، وصدره بذكر رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، وفي أوله مقدمة لطيفة تحتوي على مقاصد الكتاب.
٣- "تحفة الكرام بأخبار البلد الحرام" وهو اختصار لكتابه "شفاء الغرام"، ويسمى أيضا: "تحصيل المرام، من تاريخ البلد الحرام".
٤- هادي ذوي الأفهام إلى تاريخ البلد الحرام" وهو مختصر من الكتاب السابق "تحفة الكرام".
٥- "الزهور المقتطفة، في تاريخ مكة المشرفة" وهو مختصر من كتابه السابق "هادي ذوي الأفهام".
٦- عجالة القرى للراغب في تاريخ أم القرى".
٧- " الجواهر السنية، في السيرة النبوية".
إلى غير ذلك من المؤلفات النفيسة التي كان "شفاء الغرام" أول كتاب يطبع منها. وقد توفي المؤلف في ليلة الأربعاء للثالث والعشرين من شهر شوال المكرم عام ٨٣٢هـ بمكة المشرفة، بعد أن اعتمر في السابع والعشرين من رمضان من العام المذكور، وترك وراءه آثارا خالدة، وقلما عني أحد من العلماء بتدوين تاريخ البلد الحرام في كتب مفيدة، كما عني الفاسي عالم الحجاز وفقيهه ومؤرخه العظيم.
وما أجدر كل مسلم وعربي بأن يلتفت إلى آثار الفاسي المخطوطة، ويسهم في نشرها، ويعمل على إخراجها، ليعم بمؤلفاته النفع، ولنقف على دقائق التاريخ العربي في فترة من أغمض فترات التاريخ الإسلامي.
﵀، ونفع بعمله وبمؤلفاته، وجزاه عن العرب وعن المسلمين خير الجزاء؟
1 / 9
بسم الله الرحمن الرحيم
تصدير:
بقلم الأستاذ محمد مبروك نافع، رئيس قسم التاريخ الإسلامي، كلية دار العلوم - جامعة القاهرة.
لا أحسبني أبالغ كثيرا إذا قلت: إن العقود الأخيرة من هذا القرن العشرين قد شاهدت يقظة فكرية، ووعيا سياسيا في مختلف أقطار العالم العربي، إذ أدرك هذا العالم أنه غفا سنين طويلة، فبدأ يستيقظ ويتحرك، ليعوض ما فاته إبان إغفاءته، ويحمل العالم على احترام كفايته ومقدرته التي جعلت منه الرائد الأول في إنارة العالم إبان العصور الوسطى المظلمة.
فأما من الناحية السياسية فالأمر لا يحتاج - وبخاصة في الآونة الأخيرة- إلى تبيان، إذ كل دلائل الأمور تدل على مدى الاحترام الذي يناله العالم العربي اليوم بين قوى العالم الأخرى المتصارعة، بعد أن كانت لا تلقي بالا إليه.
وأما من الناحية الثقافية فأحسب أن مجموع ما تخرجه المطابع في بلاد العالم العربي من مؤلفات ومترجمات وصحف وكتب مخطوطة، تنشر للمرة الأولى أو يعاد نشرها في مختلف النواحي العلمية والأدبية، لأكبر دليل على ما يمتع به هذا العالم العربي الآن من وعي وثقافة ورغبة في الرقي وطموح إلى السيادة.
ولا تختلف البلاد العربية من ناحية ما تخرجه مطابعها بعضها عن البعض في هذا المجال باختلاف ظروفها وإمكانياتها، ولكنها جميعا يربط ما بينها هذا الاتجاه الثقافي الحميد الذي يعيد إلى الذاكرة تلك الجهود الجبارة التي بذلها أسلافنا العرب وظهرت آثارها فيما ألفوه من كتب فيما بين القرنين التاسع والثاني عشر للميلاد باللسان العربي، في مختلف العلوم والفنون، أو ترجموه عن اللغات الفارسية والهندية واليونانية، فشرحوه وصوبوا أخطاءه.
أقول هذا وبين يدي كتاب "شفاء الغرام، بأخبار البلد الحرام" لمؤلفه القاضي تقي الدين أحمد بن علي الفاسي المتوفى سنة ٨٣٢هـ، وهو أوسع كتاب في تاريخ
1 / 11
مكة المكرمة بعد كتابي الأزرقي "المتوفي سنة ٢٥٠هـ" والفاكهي "المتوفي نحو سنة ٢٨٠هـ".
والرأي الشائع بين جمهور المثقفين الآن أنا نعيش في عصر السرعة، وأن المؤلفات المطولة وبخاصة تلك التي تعالج موضوعا واحدا ليس لها مكان في عالم التأليف في الوقت الحاضر، لأن زحمة الحياة وضيق الوقت لا يتسع لما يقولون عنه إنه إسراف في تضييع الوقت. ولكن هذا الرأي مردود، وهو إن دل على شيء فإنما يدل على اتجاه خطر قد يؤذي الثقافة العالمية إيذاء شديدا، لأنه يدل على انصراف عن الأساس الرئيسي للرقي العقلي الذي هو الأساس الصحيح في كل حضارة.
على أن كتاب "شفاء الغرام، بأخبار البلد الحرام" له نظائره فيما يؤلف من كتب في الغرب عن مدائن ليست لها عراقة مكة المكرمة، التي تعتبر المركز الروحي للعالم الإسلامي الذي يناهز عدد سكانه الآن سدس سكان العالم، برغم أن الدين الإسلامي هو أحدث الأديان جميعا من الناحية التاريخية.
والكتاب ليس كتابا لتاريخ مكة السياسي فحسب، بل هو بفصوله الأربعين يعتبر دائرة معارف شاملة لهذا البلد الحرام وما يتصل به من النواحي العمرانية والدينية والثقافية والاجتماعية، وفيه من هذه النواحي ما لا يوجد في كتاب آخر من كتب التاريخ المعروفة.
ويستطيع المؤلف المحدث في الوقت الحاضر أن يخرج من بين سطوره، ومما ورد استطرادا في بعض فصوله جملة كتب تحمل عناوين مختلفة وتكون كتبا متخصصة، كل واحد منها يعالج ناحية من نواحي العلم أو الفن أو الاجتماع أو غير ذلك لا لمكة فحسب، بل لبلاد المسلمين أجمعين.
ولقد نجح بعض المستشرقين في استخراج كنوز علمية من أمثال هذا الكتاب، ووضعوا لها عناوين حديثة ندهش نحن عند قراءتها، ونستغرب أن يكون العرب منذ نيف وعشرة قرون أو أكثر قد عرفوا هذه الأشياء التي يبدو أنها من صنع العصر الأوروبي الحديث.
فالاشتراكية مثلا التي تعتبر من مبتكرات العصور الحديثة كانت معروفة لدى المكيين منذ القرن الخامس الميلادي. فهذا هاشم بن عبد مناف أطعم أهل مكة جميعا في سنة أصابهم فيها قحط، إذ جلب لهم من الشام قافلة محملة بالدقيق ونحر الإبل وأطعمهم من جوع. وفي عهده ازدهرت الحياة في مكة ازدهارا كبيرا وأصبحت تعج بالتجار من الشمال والجنوب حتى لقد سماها بعض المستشرقين بندقية "فينيسا" بلاد العرب. وذكر مستشرق آخر أن مكة أصبحت مركزا للصيرفة يمكن أن يدفع فيه التجار أثمان السلع التي ترسل
1 / 12
إلى بلاد بعيدة، كما كانت عملية الشحن والتفريغ لهذه التجارة الدولية تتم هناك، كذلك كان يتم التأمين على المتاجر، وهي تجتاز الطرق المحفوفة بالمخاطر، ولم يأت هذا المستشرق -واسمه أوليري- بهذا الكلام من عنده إنما استنبطه من الكتب العربية القديمة، التي نمر عليها مرا دون أن نقف لنتأمل، ونعلم أنه كان ثمة تأمين على المتاجر، يظن الناس أنه من مستحدثات العصور الحديثة. ونستطيع أن نستنبط من هذه المراجع أيضا أنه كان للدول الكبرى آنئذ -كفارس وبيزنطة- ممثلون تجاريون في قلب مكة ذاتها وأن زعماء مكة -التي وصفها بعض المستشرقين بأنها كانت جمهورية تجارية بلوتوقراطية "أي حكومة الأغنياء"- كانت تعقد محالفات ومعاهدات تجارية تسمح لمندوبي التجار بالتجوال في أقطارها للترويج لمتاجرهم في أمن وطمأنينة، وأن مكة بوصفها مركزا عاما للتجارة، كانت شوارعها وأسواقها تعج بناس من قوميات مختلفة، يتكلمون بلغات مختلفة، فكانت على حد التعبير الحديث مدينة دولية، وأنها كانت غاصة بالمصارف التي كانت تقرض الناس بالربا الذي كان وباء المجتمع المكي. ومن أجل ذلك حطمه الإسلام. وكان من كبار أصحاب المصارف العباس بن عبد المطلب الذي قال عنه النبي ﷺ في خطبة الوداع: "كل ربا في الجاهلية موضوع، وأول ربا أبدأ به ربا عمي العباس بن عبد المطلب".
إن هذه القضايا التي صغناها بأسلوب العصر الحديث، والتي تبدو في نظر المثقف المحدث وكأنها مسائل رائعة لا تكاد تصدق إنما هي والمئات من نظائرها مخبوءة بين ثنايا السطور بلغة القرون الأولى الإسلامية في تلك المؤلفات التي دونت بلغة تلك العصور غير المألوفة لدينا الآن، والتي نمر عليها أثناء قراءتها دون أن نقف ونتأمل ونستنبط ونوازن بينهما وبين ما هو معروف لدى العالم المتحضر الآن.
ولو أن أمثال الأزرقي أو الفاكهي أو الفاسي كانوا يعيشون في هذا القرن العشرين، ويؤلفون بأسلوبه ومنهجه العلمي ومعهم تلك الذخيرة الرائعة والمنجم الثمين الذي لا ينضب من المعلومات في النواحي المختلفة لظهرت كتبهم في غير ما نألفه من ترتيبها، ولرأيناها تزخر بفصول تحمل عناوين كتلك التي نراها في الكتب الحديثة مثل "أ" الحالة الاقتصادية لبلاد العرب "ب" السياسة المكية: الأحزاب، العلاقة بين قريش والقبائل الأخرى، السياسة الخارجية لمكة "ج" الحالة الاجتماعية والأخلاقية: الفردية والجماعية، المثل العليا الأخلاقية "د" الحالة الدينية والعقلية: انحطاط الدين الوثني، تدهور الوثنية، التهيؤ لقبول عقيدة الوحدانية إلى آخره، إلى آخره.
إن ما يمكن أن يكتب تحت هذه العناوين في كتاب محدث تجده وأكثر منه مفصلا في تلك الآثار القديمة ولكن مبعثرا تحت عناوين قد لا تمت إليه بصلة نتيجة الاستطراد وأسلوب التأليف منذ نحو نيف وعشرة قرون.
1 / 13
إن أخطر ما يخشى على العلم هو تلك الملخصات والكتب المختصرة التي ترسم الحدود ولا تجري الحياة في جسوم الأشخاص والأحداث. وقد يقرأ قارئ ملخصا لسيرة الرسول ﵇ فيحيط بتاريخ حياته، ولكنه إن قرأ تاريخا مفصلا أحس كأنه يعيش في جو الرسول ﵇ يتنفسه كأنما هو قائم معه من صحابته يدرك لم فعل الرسول كيت وكيت ولم لم يفعل كذا وكذا.
إن المختصرات التي تكتب الآن بحجة أنا في عصر السرعة إنما هي سمة من سمات الإفلاس الروحي، وإيغال في المادية، وتقرب من الانهيار الحضاري، كما تدل على ذلك تواريخ الأمم البائدة.
حيا الله أولئك الذين يعملون على نشر تراثنا القديم الذي يعتبر أكبر حافز على الاستمرار في نهضتنا العربية الجديدة، وحياهم وبياهم لو أنهم -لصالح النشء من أبناء العروبة المحدثين- صاغوه بأسلوب ونهج العصر الحديث، وأحسب إنهم لفاعلون إن لم يكن اليوم فبعد قليل.
وفقنا الله -جلت قدرته- إلى ما فيه صالح هذا الشعب العربي المجيد، وأمدنا بروح من عنده، إنه سميع مجيب.
محمد مبروك نافع.
1 / 14
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المؤلف:
الحمد لله الذي جعل مكة المشرفة أعظم البلاد شأنا، وصيرها محلا مباركا، وأجزل للمتقربين فيها العطية، وكم لها في الفضل مزية، لأن فيها البيت الحرام، الذي هو للناس مثابة وقوام، المغفور لمن حجه أو طاف به في البرية ما اقترفه من الخطية. أحمده على ما منحنا من جوار بيته المطهر، وأسأله استمرار ذلك إلى حين أقبر.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه، وبه نستعين، رب يسر وأعن يا كريم. [بجاه عروس القيامة والدين القويم] ١.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، الذي جعل مكة وما حولها حرما، وأغنى بماء زمزم عن الطعام، وشفا به سقما. وأشهد أن سيدنا محمدا أفضل من الحجر الأسود قبل، وفي الطواف بالكعبة رمل، وصلى خلف المقام الذي للخليل فيه أثر، ووقف بعرفات والمشعر ﷺ ما رميت الجمار، وما تضرع داع في الملتزم والمستجار٢، وما سعى بين الصفا والمروة محرم، ورضي الله عن آله وأصحابه الذين توقيرهم واجب على كل مسلم.
أما بعد: فإنه لما وفقني الله تعالى للاشتغال بالعلم الشريف تشوَّقَتْ نفسي كثيرا إلى معرفة ما كان بعد الإمام أبي الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن الوليد بن
_________
١ ومعنى قول المؤلف "بجاه عروس القيامة والدين القويم" أنه يطلب من الله أن يشفع فيه سيد المرسلين ﷺ.
٢ المراد بالملتزم والمستجار: البيت كله.
1 / 15
عقبة بن الأزرق ابن أبي شمر الغساني الأزرقي المكي١ مؤلف كتاب "أخبار مكة" ﵀ وفي أخبار عمارة الكعبة المعظمة، وخبر حليتها ومعاليقها، وما أهدي لها في معنى الحلية، وكسوتها، وخبر الحجر الأسود، وخبر عمارة المسجد الحرام، وما فيه من عمارة موضع مقام إبراهيم ﵇ وحجر النبي إسماعيل ﵇ وموضع زمزم، وسقاية العباس بن عبد المطلب ﵁ ومنابر المسجد الحرام، والمطاف، ومقامات الأئمة، وابتداء وقت ترتيبهم للصلاة فيها، وعمارة أماكن مباركة بمكة المشرفة، وهي مساجد قيل إن النبي ﷺ صلى فيها، ومولد النبي ﷺ، ومولد سيدنا على بن أبي طالب- ﵁ وغير ذلك من المواضع المعروفة بمكة بالمواليد، والدور المباركة بمكة، كدار سيدنا أبي بكر الصديق ﵁ ودار خديجة بنت خويلد أم المؤمنين ﵂ ودار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي، وهي الدار المعروفة بدار الخيزران، وعمارة مساجد مباركة بظاهر مكة، وهي: مسجد البيعة -بيعة رسول الله ﷺ والأنصار- بقرب عقبة منى، ومسجد الخيف بمنى، وغير ذلك من المساجد بمنى، ومسجد أم المؤمنين عائشة ﵂ التي أحرمت منه لما اعتمرت بعد حجها بالتنعيم، وعمارة أنصاب٢ حدود الحرم، ومشاعر الحج والعمرة، وهي: الصفا، والمروة، والمشعر الحرام، وغير ذلك. ما كان بعد أبي الوليد الأزرقي من الأوقاف على طلبة العلم والفقهاء، وغير ذلك من المدارس والربط وغيرها، وتاريخ وقف ذلك، وما كان بعد الأزرقي من الأمطار والسيول بمكة، فعرفت طرفا جيدا من ذلك كله؛ بعضه من كتب التاريخ، وبعضه علمته من رخام، وأحجار، وأخشاب مكتوب فيها ذلك، ثابتة في الأماكن المشار إليها. وبعضه علمته من أخبار الثقات. وبعضه شاهدته، وعلق ذلك كله بذهني، وقيدته في أوراق مفردة من غير ترتيب، خيفة ذهاب ذلك بالنسيان، لما روي عن أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري خادم رسول الله ﷺ أنه كان يقول: يا بني قيدوا العلم بالكتابة، ثم بدا لي أن أجمع ذلك مرتبا، وأضم إليه من تاريخ أبي الوليد الأزرقي ما يلائمه من الأمور التي أشرنا إليها لما في ذلك من كمال الفائدة. ففعلت ذلك، وأضفت إلى ذلك أحاديث وآثارا في فضائل الكعبة، والأعمال المتعلقة بها، وفي فضل الحجر الأسود والركن اليماني، والحجْر بسكون الجيم- والمقام والمسجد الحرام، ومكة، والحرم، وزمزم، وغير ذلك من المواضع المباركة بمكة وحرمها مما ذكره أبو الوليد الأزرقي- وأضفت إلى ذلك أمورا كثيرة مفيدة لم يذكرها الأزرقي، في بعضها مما عني بجمعه الأزرقي، وبعضها لم يعن به،
_________
١ توفي نحو سنة "٢٥٠هـ" راجع مقدمة كتاب "أخبار مكة" تحقيق: رشدي صالح ملحس ١/ ١٢.
٢ الأنصاب: جمع "نصب" بضم النون والصاد، وهو العلامة.
1 / 16
فمن الأول: أحاديث نبوية، وآثار عن الصحابة والسلف وأخبار جاهلية لها تعلق بمكة وأهلها وملوكها، وغير ذلك.
ومن الثاني: مسائل فقهية وحديثية، وما علمته من المآثر بمكة وحرمها، كالمدارس والربط١ وغير ذلك، وما علمته من أخبار ولاة مكة في الإسلام على سبيل الإجمال، وأخبار إسلامية تتعلق بمكة وأهلها وولاتها، والحجاج.
وكثير من هذه الأخبار، ذكره الأزرقي، وذكر أيضا بعض المآثر، وبعض المسائل الفقهية، وهذا القسم مما يكثر الاغتباط به، لأن غالبه لم يحوه كتاب٢، وإليه يتشوق ذوو الألباب، وأضفت إلى ذلك -أيضا- ما حررناه في ذرع الكعبة٣ والمسجد الحرام، وأماكن فيه، والأماكن المباركة بمكة وحرمها من المساجد والمواليد، والدور المباركة وحدود الحرم من جهاته المعروفة الآن بما فيها من العلامات المبينة لكون الذراع الذي حررناه به هو ذراع الحديد المستعمل في القماش بديار مصر والحجاز، والذراع الذي حرر به الأزرقي هو ذراع اليد، فيستفاد مما ذكرته ذرع ذلك بالوجهين، وبعض ما حررناه ليس في كتاب الأزرقي تحرير له، فلا يعرف تحريره إلا مما ذكرناه، فجاء -بحمد الله تعالى- تأليفا لأشتات الفوائد جامعا، وفي معناه إن -شاء الله تعالى- مفيدا نافعا.
ويستغنى به عن كتاب الأزرقي والفاكهي٤ ولا يغنيان عنه.
وللإمام الأزرقي، والفاكهي فضل السق والتحصيل والتحرير، فإن ما ذكراه هو الأصل الذي انبنى عليه هذا الكتاب، وفي كتاب الفاكهي وهو: محمد بن إسحق بن العباس المكي أمور كثيرة مفيدة جدا ليست من معنى تأليف الأزرقي، ولا من المعنى
_________
١ الربط: جمع رباط.
٢ بعد كتاب الأزرقي ظهر هذا الكتاب، ثم ألف ابن ظهيرة القرشي كتاب "الجامع اللطيف في فضل مكة وأهلها وبناء البيت الشريف" عام "٩٥٠م"، كما ألف القطبي الحنفي المتوفي سنة "٩٨٨هـ" كتابه "تاريخ القطبي" المسمى: "الإعلام بأعلام بيت الله الحرام"، وبعد ذلك ألفت كتب كثيرة من العصر الحديث عن مكة والبيت الحرام منها: كتاب "تاريخ عمارة المسجد الحرام"، و"تاريخ الكعبة المعظمة" وكلاهما للشيخ عبد الله باسلامه ﵀ وألف كذلك الأستاذ أحمد السباعي كتاب "تاريخ مكة" الذي نشر سنة "١٣٢٧هـ".
وهذه الكتب مراجع قيمة في تاريخ البلد الحرام. وكل هؤلاء المؤلفين من أبناء مكة المكرمة.
٣ ذرع الكعبة والمسجد الحرام: قياس مساحتها.
٤ لا يعرف تاريخ ميلاد الفاكهي، وقد توفى نحو سنة "٢٨٠هـ" أي بعد الأزرقي بثلاثين سنة، وتوجد نسخة من كتاب الفاكهي مطبوعة مكونة من ستة أجزاء بتحقيق عبد الملك بن دهيش، ولم يسبق أحد في التأليف عن أخبار مكة إلا الوافدي المتوفي سنة "٢٠٧هـ"، والمدائني "١٥٣-٢٢٥هـ".
والزبير بن بكار "١٧٢-٢٥٦هـ" وعمرو بن شبة "١٧٢-٢٦٢هـ"، والأزرقي المتوفي نحو سنة "٢٥٠هـ".
1 / 17
الذي ألفناه، وكانا في المائة الثالثة، والفاكهي تأخر عن الأزرقي قليلا في غالب الظن، ومن عصرهما إلى تاريخ خمسمائة سنة١ ونحو أربعين سنة وأزيد، ولم يصنف بعدهما في المعنى الذي صنفا فيه أحد، وقد حدث بعدهما في هذه المدة من المعنى الذي ذكرناه عنهما أمور مستكثرة، فلذلك صارت الإحاطة لجمعها متعذرة، وقد بذلنا الجهد في تحصيل ذلك، فظفرنا منه بطرف، وفي النفس على ما لم نظفر به أسف.
وإني لأعجب من إهمال فضلاء مكة بعد الأزرقي للتأليف على منوال تاريخه، ومن تركهم تأليف تاريخ لمكة يحتوي على معرفة أعيانها من أهلها وغيرهم، من ولاتها، وأئمتها، وقضاتها، وخطبائها وعلمائها، ورواتها، كما صنع فضلاء غيرها من البلاد لبلادهم، "كتاريخ بغداد" للخطيب البغدادي٢، ومن بعده "تاريخ دمشق" لابن عساكر٣ و"تاريخ مصر" للقطب الحلبي، وغير ذلك من تواريخ البلاد.
وقد وفقني الله تعالى لجمع شيء من هذا المعنى حداني، إلى جمعه أني تشوقت كثيرا لمعرفة ذلك، وتتبعت ما ألفه الناس من التواريخ والطبقات والمعاجم٤ والمشيخات وغير ذلك من تعاليق العلماء، فظفرت في ذلك ببعض المطلوب، ثم رتبته على ما أدركته من الأمور المناسبة له على ترتيب حروف المعجم خلا المحمدين والأحمدين، فإنهم مقدمون على غيرهم، لكون ذلك من أسماء نبينا المصطفى ﷺ، وهو ﷺ مذكور في أول التراجم مع شيء من سيرته الشريفة على وجه الاختصار للتبرك بذلك.
وجعلت في أول هذا الكتاب مقدمة لطيفة تحتوي على مقاصد هذا التأليف، لخصتها منه ليكون التأليف -الذي هذه المقدمة أوله- جامعا لشيء من أخبار مكة وما فيها، وشيء من أخبار أهلها ومن أشرنا إليهم معهم، هذا التأليف "العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين"، ثم إني استطلته بعد تسويدي لأكثره، وترتيب ما بقي منه بذهني، فاختصرته في مقدار نصف الحجم، وسميت هذا المختصر "عجالة القرى للراغب في تاريخ أم القرى".
_________
١ ولد الفاسي عام ٧٧٥هـ، وتوفى سنة ٨٣٢هـ.
٢ توفى الخطيب البغدادي عام "٤٦٣هـ".
٣ هو: علي بن أبي محمد الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين، الحافظ ثقة الدين أبو القاسم الدمشقي الشافعي، المعروف بابن عساكر، ولد "٤٩٩- ٥٧١هـ" وله تصانيف كثيرة من أهمها: "التاريخ الكبير لدمشق"، و"هداية العارفين في أسماء المؤلفين"، وغيرها.
٤ المعاجم: الكتب المصنفة على حروف المعجم والمشيخات في معنى المعاجم، إلا أن المعاجم ترتب المشايخ فيها على حروف المعجم بعينها، بخلاف المشيخات. قاله: الحافظ ابن حجر - وتستعمل المشيخة علما على الكراريس التي يجمع الإنسان فيها شيوخه. وهو اصطلاح قديم.
1 / 18
وأنا أسال الله تعالى أن ييسر لي تبييضهما وتحريرهما، وأن ينفع بذلك وينفعني به، ويثيبني عليه الثواب الجزيل.
وهذا التأليف المحتوي على التراجم لا يخلو من تقصير، سببه ما ذكرته من كوني لم أر مؤلفا في معناه، ورأيت ما يدل على أن بعض الناس ألف تاريخا لمكة، وهو الشريف زيد بن هاشم بن علي بن المرتضى العلوي الحسني، هكذا نسبه الشيخ أبو العباس أحمد بن علي الميورقي١، وترجمه بوزير مدينة الرسول ﷺ، وذلك في رسالة كتبها زيد- المذكور- للشيخ أبي العباس- المذكور- رأيتها في كتاب "الجواهر الثمينة على مذهب عالم المدينة" لابن شاش المالكي بخط الميورقي، ووقفه بوج الطائف، وفيها مكتوب بعد البسملة: زيد بن هاشم بن علي، ثم قال: وبعد.... فقد خدم بها العبد الضعيف في الثلاثاء منتصف شعبان، وبخط الميورقي فوق شعبان: سنة ست وسبعين وستمائة، وذكر أشياء، ثم قال: وقد خطر للضعيف مع المتاعب التي يعاني من كل وجه إثبات تاريخ لمكة المعظمة، وقد أثبت منه إلى الآن نحو خمس كراريس ... انتهى.
ولم أقف على هذا التاريخ، وما عرفت على أي نمط هو، هل هو تراجم فقط أو هو حوادث فيها ذكر شيء من أخبار مكة والكعبة المعظمة مما يدخل في هذا التاريخ؟
وسميت هذا التأليف: "شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام".
ورتبته على أربعين بابا:
الباب الأول: في ذكر مكة المشرفة وحكم بيع دورها وإجارتها.
الباب الثاني: في أسماء مكة المشرفة.
الباب الثالث: في ذكر حرم مكة، وسبب تحريمه، وعلاماته، وحدوده، وما يتعلق بذلك من ضبط ألفاظ في حدوده، ومعاني بعض أسمائها.
الباب الرابع: في ذكر شيء من الأحاديث والآثار الدالة على حرمة مكة وحرمها، وشيء في الأحكام المختصة بذلك، وشيء مما ورد من تعظيم الناس لمكة وحرمها، وفي تعظيم الذنب في ذلك، وفي فضل الحرم.
_________
١ ميورقة: بالفتح ثم الضم وسكون الواو والراء يلتقي فيه ساكنان، وقاف: جزيرة في شرق الأندلس، وقد نسب إلى هذه المدينة الشيخ أبو العباس أحمد بن علي الميورقي المالكي المتوفي سنة "٦٧٨هـ" المذكور عاليه، وصاحب رسالة "بهجة المهج في بعض فضائل الطائف ووج" وطبعت في الطائف.
1 / 19
الباب الخامس: في ذكر الأحاديث الدالة على أن مكة أفضل من غيرها من البلاد، وأن الصلاة فيها أفضل من غيرها، وغير ذلك من فضلها.
الباب السادس: في المجاورة بمكة والموت فيها، وشيء من فضل أهلها، وفضل جدة- ساحل مكة- وشيء من خبرها، وشيء من فضل الطائف وشيء من خبره.
الباب السابع: في أخبار عمارة الكعبة المعظمة.
الباب الثامن: في صفة الكعبة وذرعها وشاذروانها وشيء من حليتها، ومعاليقها، وكسوتها، وطيبها، وخدامها، وأسمائهم، وهدم الحبشي لها، ووقت فتحها في الجاهلية والإسلام، وبيان جهة المصلين إلى الكعبة من سائر الآفاق، ومعرفة أدلة القبلة بالآراق المشار إليها.
الباب التاسع: في بيان مصلى النبي ﷺ في الكعبة، وبيان قدر صلاته هذه، ووقتها، ومن رواها من الصحابة، ومن نفاها منهم ﵃ وترجيح رواية من أثبتها على رواية من نفاها، وما قيل من الجمع بين ذلك، وعدد دخوله ﷺ الكعبة بعد هجرته إلى المدينة، وأول وقت دخلها بعد هجرته.
الباب العاشر: في ثواب دخول الكعبة المعظمة، وفيما جاء من الأخبار الموهمة لعدم استحباب دخولها، وفيما يطلب فيها من الأمور التي صنعها ﷺ فيها، وحكم الصلاة فيها، وفي آداب دخولها.
الباب الحادي عشر: في فضائل الكعبة، وفضائل الحجر الأسود والركن اليماني.
الباب الثاني عشر: في فضائل الأعمال المتعلقة بالكعبة كالطواف بها، والنظر إليها، والحج، والعمرة، وغير ذلك.
الباب الثالث عشر: في الآيات المتعلقة بالكعبة المعظمة.
الباب الرابع عشر: في شيء من أخبار الحجر الأسود.
الباب الخامس عشر: في الملتزم، والمستجار، والحطيم، وما جاء في استجابة الدعاء في ذلك وغيره من الأماكن الشريفة بمكة وحرمها.
الباب السادس عشر: في شيء من أخبار مقام إبراهيم الخليل ﵇.
الباب السابع عشر: في شيء من خبر حجر إسماعيل ﵇ وفيه بيان المواضع التي صلى فيها النبي ﷺ حول الكعبة.
الباب الثامن عشر: في شيء من أخبار توسعة المسجد الحرام، وعمارته، وذرعه.
1 / 20
الباب التاسع عشر: في عدد أساطينه١، وصفتها، وعدد عقوده٢، وشرفاته٣، وقناديله، وأبوابه وأسمائها، ومنايره٤،وفيما صنع فيه لمصلحة أو لنفع الناس به، وفيما فيه الآن من المقامات، وكيفية صلاة الأئمة بها وحكمها.
الباب العشرون: في أخبار زمزم، وسقاية العباس ﵁.
الباب الثاني والعشرون: في الأماكن التي لها تعلق بالمناسك.
الباب الثالث والعشرون: فيما بمكة من المدارس، والربط٥، والسقايات٦، والبرك المسبلة٧، والآبار، والعيون، والمطاهر٨، وغير ذلك من المآثر، وما في حرمها من ذلك.
الباب الرابع والعشرون: في ذكر شيء من خبر بني المحصن بن جندل ملوك مكة، ونسبهم، وذكر شيء من أخبار العماليق ملوك مكة، ونسبهم، وذكر ولاية طسم للبيت الحرام.
الباب الخامس والعشرون: في ذكر شيء من خبر جرهم ولاة مكة ونسبهم، وذكر من ملك مكة من جرهم ومدة ملكهم لها، وما وقع في نسبهم من الخلاف، وفوائد تتعلق بذلك، وذكر من أخرج جرهما من مكة، وكيفية خروجهم منها، وغير ذلك من خبرهم.
الباب السادس والعشرون: في ذكر شيء من خبر النبي إسماعيل ﵇ وذكر ذبح إبراهيم لإسماعيل ﵉.
الباب السابع والعشرون: في ذكر شيء من خبر "هاجر" أم إسماعيل ﵇ وذكر أسماء أولاد إسماعيل وفوائد تتعلق بهم، وذكر شيء من خبر بني إسماعيل، وذكر ولاية ثابت بن إسماعيل للبيت الحرام.
_________
١ الأساطين: جمع أسطونة، وهي العمود المستدير.
٢ العقود: جمع عقدة، وهو القطعة من البناء مقوسة السقف.
٣ الشرفات: جمع شرفة، وهي القطعة الخارجة من البناء.
٤ المنائر: جمع منارة، والصحيح مناور، وهي المئذنة.
٥ الربط: سيأتي الحديث عنها بتوسع في الباب الخاص بها.
٦ جمع سقاية، وهي الأماكن التي يسقى فيها الماء.
٧ المسبلة: المجعولة وقفا يردها كل من يشاء.
٨ جمع مطهرة: وهي المكان المعدة لقضاء الحاجات والوضوء والاستحمام وغيرها من أنواع الطهارة.
1 / 21
الباب الثامن والعشرون: في ذكر ولاية إياد بن نزار بن معد بن عدنان للكعبة وشيء من خبره، وذكر ولاية بني إياد بن نزار للكعبة، وشيء من خبرهم، وخبر مضر، ومن ولي الكعبة من مضر قبل قريش.
البات التاسع والعشرون: في ذكر من ولي الإجازة بالناس من منى من العرب في ولاية جرهم، وفي ولاية خزاعة وقريش على مكة.
الباب الثلاثون: في ذكر من ولي إنساء١ الشهور من العرب بمكة، وذكر صفة الإنساء، وذكر الحمس، والحلة، والقلمس٢.
الباب الحادي والثلاثون: في ذكر شيء من خبر خزاعة ولاة مكة في الجاهلية ونسبهم، ومدة ولايتهم لمكة، وأول ملوكهم بها، وغير ذلك من خبرهم، وشيء من خبر عمرو بن عامر ماء السماء الذي تنسب إليه خزاعة -على ما قيل- وشيء من خبر بنيه وغير ذلك.
الباب الثاني والثلاثون: في ذكر شيء من أخبار قريش بمكة في الجاهلية، وشيء من فضلهم، وما وصفوا به، وبيان نسبهم، وسبب تسميتهم بقريش، وابتداء ولايتهم للكعبة، وأمر مكة.
الباب الثالث والثلاثون: في ذكر شيء من خبر بني قصي بن كلاب وتوليتهم لما كان بيده من الحجابة والسقاية والرفادة والندوة واللواء والقيادة وتفسير ذلك.
الباب الرابع والثلاثون: في ذكر شيء من خبر الفجار والأحابيش.
الباب الخامس والثلاثون: في حلف الفصول وخبر ابن جدعان الذي كان هذا الحلف في داره، وذكر أجواد قريش وحكامهم في الجاهلية، وتملك عثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزى بن قصي عليهم، وشيء من خبره.
الباب السادس والثلاثون: في ذكر فتح مكة المشرفة، وفوائد تتعلق بخبر فتحها.
الباب السابع والثلاثون: في ذكر ولاة مكة المشرفة في الإسلام.
الباب الثامن والثلاثون: في ذكر حوادث تتعلق بمكة في الإسلام.
_________
١ إنساء الشهور: هو تأخير الأشهر الحرم إلى ما بعدها، استحلالا للقتال كما ذكره المؤلف في الباب الثلاثين.
٢ القلمس: هو أول من نسأ الشهور على العرب، واسمه: حذيفة بن عبد فقيم بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة. قال شاعرهم:
وفينا ناسئ الشهر القلمسي
والقلمس: هو السيد العظيم المعطاء.
1 / 22
الباب التاسع والثلاثون: في ذكر شيء من أمطار مكة وسيولها في الجاهلية والإسلام، وشيء من أخبار الصواعق بمكة، وذكر شيء من أخبار الغلاء والرخص والوباء.
الباب الأربعون: في ذكر الأصنام التي كانت بمكة وحولها، وشيء من خبرها، وذكر شيء من خبر أسواق مكة في الجاهلية والإسلام، وذكر شيء مما قيل من الشعر في الشوق إلى مكة المشرفة، وذكر معالمها المنيفة.
وأنا أسأل من كل واقف على هذا المختصر وأصله١ المسامحة عما فيهما من التقصير، وإصلاح ما فيهما من الغلط بعد التحرير، فسبب الغلط في الغالب النسيان، وقد جبل عليه كل إنسان، وسبب التقصير ما ذكرته من أني لم أر مؤلفا في المعنى الذي قصدت جمعه مما كان بعد الأزرقي والفاكهي فأستغني به.
وأسأل الله أن يمنحني على ما قصدت الثواب الجزيل بمحمد ٢ سيد المرسلين وآله وصحبه الأكرمين.
وقد رأيت أن أذكر إسنادي في تاريخ الأزرقي لكثرة المنقول منه في هذا الكتاب، وإذا كان ذلك متصلا إليه بالإسناد فهو مما يستجاد، وأخبرني به أبو المعالي عبد الله بن عمر الصوفي بقراءتي عليه في القاهرة عن أبي زكريا يحيى بن يوسف القرشي إجازة إن لم يكن سماعا: أن أبا الحسن علي بن هبة الله الخطيب، وعبد الوهاب بن ظافر الأزدي، أنبآه عن أبي طاهر أحمد بن محمد الحافظ، قال: أخبرنا به المبارك بن عبد الجبار المعروف بابن الطيوري، قال: أخبرنا به أبو طالب محمد بن علي بن الفتح العشاري، قال: أنبأنا به أبو بكر أحمد بن محمد بن أبي موسى الهاشمي، قال: أنبأنا به أبو إسحق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، قال: أنبأنا به أبو الوليد محمد بن عبد الله الأزرقي. فذكره.
_________
١ يقصد بالأصل: كتابه "العقد الثمين".
٢ أي بشفاعة محمد ﷺ، كما أفتى بذلك الإمام ابن تيمية.
1 / 23