كان الصباح مشرقا وضاحا، وكانت شعاعات الشمس تغمر الكون فتنساب منها شعاعات إلى بيت حافظ فلا يحفل منها شيئا، وكانت فؤادة جالسة تقرأ كتابها وفاطمة تصلي الضحى في خشوع حين طرق الباب طرقات وادعة مطمئنة وقال حافظ: من؟
وجاءه صوت من الخارج: أنا فايز يا حافظ افتح.
وصاح حافظ: فايز بك، لحظة يا سعادة البك، ادخلا.
وكانت فاطمة تصلي فلم تبال أمره بل استمرت في صلاتها في هدوء كأن شيئا لم يحدث، ويقول حافظ لفؤادة: سأخرج إلى فايز بك وحين تتم أمك صلاتها ناديني.
وخرج إلى فايز بك وأقفل الباب من خلفه وفهم فايز بك أن بالقاعة حريما لم يتيسر لهن أن يدخلن إلى البيت فهو يقبل تحية حافظ دون تعجب من خروجه ويحيي حافظ طلعت الذي جاء في رفقة أبيه. - أهلا فايز بك، أهلا طلعت بك، هذا شرف كبير، لماذا لم ترسل لي؟ - كيف حالك يا حافظ؟ لم أرك من زمن بعيد، ماذا؟ هل نسيت أيام لعبنا ولهونا؟ - يا بك العفو، وإنما خشيت أن أشغلك عن عملك. - لقاء الصديق حبيب إلى النفس دائما يا حافظ.
وجاء صوت فؤادة: تفضل يا آبا.
ويفتح حافظ الباب وهو يقول: أهلا فايز بك، أهلا طلعت بك.
ويطمئن المجلس بثلاثتهم ويقول فايز: أتذكر أول يوم دخلنا فيه إلى الجامع؟
ويذهل حافظ عن الإجابة ثم يصحو من ذهوله ليقول: نعم، آه، أيام. - مالك يا حافظ؟!
وتعلو وجه حافظ قترة وتنقبض سماته ويحس بدوامة تئز في داخله ويقول: لا شيء يا بك، لا شيء. - أراك وكأن عاصفة تعصف بنفسك. - لا شيء يا بك، أبدا، إن مجيئك شرف كبير.
نامعلوم صفحہ