الذي أكرمهم بالشهادة يعرف وجوههم
دارت الحرب في نهاوند بين المسلمين والفرس، وكانت حربا طاحنة ختمت المعارك الكبيرة من فتح إيران. وكان عمر بن الخطاب يخرج من المدينة في طريق العراق يرجو أن يلقى بشيرا بالفتح، يخرج كل يوم يسائل القادمين ماذا سمعوا عن المسلمين في فارس. وجاء البشير السائب مولى ثقيف، فسأله عمر في لهفة: ما وراءك يا سائب؟ فقال: خير يا أمير المؤمنين، فتح الله عليك بأعظم فتح، واستشهد النعمان بن مقرن. فقال عمر: إنا لله وإنا إليه راجعون. قال البشير: ثم بكى عمر فنشج حتى إني لأنظر إلى فروع منكبيه من فوق كتده.
هال عمر الخبر إذ كان النعمان قائد الجند، وكان من خيار المسلمين، وآدته المصيبة فبكى ونشج.
فلما رأى الرجل ما دها أمير المؤمنين أراد أن يخفف عنه حر المصيبة ويهون وقعها، فقال: يا أمير المؤمنين، ما قتل بعده من رجل يعرف وجهه - يعني أن القتلى بعد النعمان من سواد الجند ليس فيهم قائد ولا زعيم معروف. فلم يشغل عمر بكاؤه على النعمان عن إجابة الرجل؛ عز على عمر أن يقال في المجاهدين: ما قتل منهم رجل يعرف وجهه.
قال عمر رضي الله عنه: ولكن الذي أكرمهم بالشهادة يعرف وجوههم وأنسابهم، وما يصنعون بمعرفة عمر ابن أم عمر؟!
السبت 2 رمضان/17 يونيو
للإنسان أوقات
يأتي على الإنسان وقت ينفتح فيه قلبه على الكتابة نظما أونثرا ويتسع لفكره المجال، ولخياله الآفاق، وينشط فكره ولسانه، وقلمه وبنانه.
ويأتي على الإنسان وقت يجبل فيه فلا ينظم ولا ينثر، ولا يشوقه نظم ولا نثر، أو كما قال الفرزدق: «وإن قلع ضرس أهون عليه من نظم بيت!» وهكذا لا يختلف إنسان وإنسان فحسب، بل يختلف الإنسان الواحد على حالات، وتتعاوره تارات.
ومرد هذا الأمر إلى حال الجسم من الصحة والمرض والراحة والتعب، واعتدال المزاج وانحرافه، وخلاء المعدة وامتلائها والتوسط بين هذين.
نامعلوم صفحہ