ألا إن هيئة الأمم لا تجدي نفعا ولا تمضي أمرا، وإن أنصفت العالم كله لا تنصف العرب. أأقول: إنها وراثة حقد وعداوة منذ فتح العرب أوروبا، ومنذ انتصر العرب في الحروب الصليبية، ومنذ اصطدم العرب والباغون على ديارهم من أهل أوروبا؛ لم يغير منهما تغير الزمان وتبدل الأحوال؟ أم أقول: احتقار العرب بما تفرقوا وتخلفوا؟ أم ماذا أقول؟
الخميس 29 شعبان/15 يونيو
رمضان
صوم رمضان مشقة، ولكن لا بد منها لرياضة النفس على احتمال المشاق. وهو حرمان، ولكنه عظيم الأثر في توطين الإنسان على ما يكره. وهو تغيير في أسلوب العيش، ولكنه يجنب الناس حينا هذه المعيشة المتشابهة التي يصبح الإنسان فيها ويمسي على نسق واحد.
وهو تمكين للجسم من أن يفرغ لهضم طعامه قبل أن يشغل بطعام آخر، وقل أن يظفر بهذه الفرصة طول العام.
قل أن يحمل الإنسان نفسه على ما تكره إلا في رمضان، وقل أن يحرم الإنسان نفسه ما تشتهي حينا إلا في رمضان. وقل أن يغير الإنسان أسلوب عيشه ويخلص من هذه الدائرة المفرغة إلا في رمضان. وقليل منا من يعرف من دهره ساعات السحر ونسمات الفجر طوال عامه إلا في ليالي رمضان. وقل أن يتزاور الناس ويتهادوا ويتراحموا ويفرحوا كما يفعلون في هذا الشهر المبارك.
فينا من لا يصوم رمضان؛ لأنه لا يبالي بالدين، ولا يعنى برياضة النفس، وهو في شغل شاغل من لذاته ليل نهار. وفينا من لا يصوم رمضان؛ إشفاقا من مشقته وعجزا عن صبر نفسه على مكروهها ساعات. وفينا من يصوم رمضان ولا يصل بين صومه ونفسه، بل يكون في الصوم أشد شراسة وأكثر سلاطة.
إنما نريد صوامين يروضون أجسامهم وأنفسهم؛ ويطبون لأبدانهم وأرواحهم طوال الشهر بالحمية والعفة والمودة والمرحمة والذكر والفكر؛ فيخرجون من الشهر كما يخرج المريض من المستشفى وقد أبل واسترد صحته.
نريد صوامين هم من رمضان في عبادة دائمة وصلاح مستمر ورقي متصل، وهم في سائر العام في أثر رمضان وذكراه، وهداه وتقواه.
الجمعة 1 رمضان/16 يونيو
نامعلوم صفحہ