ولهذا الكلام موضع هو أخص.
** شبهة عوام الملحدة
ومنها ، ما يتعلق به عوام الملحدة ، وهو أنهم يقولون : إنا لم نجد دجاجة إلا من بيضة ، ولا بيضة إلا من دجاجة ، فيجب أن يكون هكذا أبدا ، وهذا يؤذن بقدم العالم.
والأصل في الجواب عنه ، أن هذا اعتماد على مجرد الوجود ، والاعتماد على مجرد الوجود في مثل هذه المسائل لا يمكن ، كما لا يمكن الزنجي أن يقول إن جميع من في العالم أسود لأني لم أر إلا هكذا. يبين ذلك أن أرباب المذاهب جملة أثبتوا خلاف ما قد وجدوه ولم يعتمدوا على مجرد الوجود. ولهذا فإن الفلاسفة يقولون : إن في هذا العالم مواضع لا ينبت فيها نبات ولا يعيش فيها حيوان ، وإنما تكون دائمة الظلمة أو الشمس ، مع أنهم لم يشاهدوا مثله.
على أنا نقول لهم : إن الحال فيما ذكرتموه لا يخلو ، إما أن تكون الدجاجة والبيضة قديمتين أو محدثتين أو أحدهما قديمة والأخرى محدثة ، فإن كانتا محدثتين فهو الذي نقوله ، وإن كانتا قديمتين لم يصح كون إحداهما من الأخرى وكذلك الكلام إذا جعل إحداهما قديمة والأخرى محدثة.
** الأجسام لأنها محدثة تحتاج إلى محدث هو الله
** فصل :
الله تعالى.
فإن قيل : لم قلتم إن الأجسام إذا كانت محدثة فلا بد لها من محدث وفاعل ، ثم قلتم إن محدثها ليس إلا الله تعالى؟ قلنا :
أما الأول فالذي يدل عليه تصرفاتنا في الشاهد فإنها محتاجة إلينا ومتعلقة بنا ، وإنما احتاجت إلينا لحدوثها ، فكل ما شاركها في الحدث وجب أن يشاركها في الاحتياج إلى محدث وفاعل ، والأجسام قد شاركتها في الحدوث ، فيجب احتياجها إلى محدث وفاعل.
** هل تكون تصرفاتنا في حاجة إلى محدث
فإن قيل : ولم قلتم إن تصرفاتنا محتاجة إلينا ، وما معنى هذا الاحتياج أولا ، ثم
صفحہ 72