** لو كان العالم محدثا كان ذلك لغاية أو حكمة وهي مرتبطة بوجود العالم فيكون الفاعل محدثا
ومنها : هو أنهم قالوا : لو كان العالم محدثا لوجب أن يكون له محدث وفاعل ، وفاعله لا بد من أن يفعله لداع وغرض. وذلك الداعي لا يخلو ، إما أن داعي الحاجة أو داعي الحكمة ، لا يجوز أن يكون داعي الحاجة ، فلم يبق إلا أن يكون داعي الحكمة ، وداعي الحكمة هو علمه بحسنه وانتفاع الغير به ، وذلك ثابت فيما لم يزل ، فوجب وجود العالم فيما لم يزل. وهذه شبهة أوردها ابن زكريا المتطبب الرازي.
والجواب عنه ، أن داعي الحكمة لا يوجب الفعل ، ألا ترى أن الواحد منا مع كونه عالما بحسن الصدقة قد يتصدق في وقت ولا يتصدق في وقت ، ويتصدق في وقت بدرهم ولا يتصدق في وقت بدرهم ، فما ذكره جهل.
** استحالة وجود العالم فيما لم يزل لو كان محدثا والجواب عن ذلك
ومنها ، أنهم قالوا : لو كان العالم محدثا لاستحال وجوده فيما لم يزل ، فيجب أن يكون لاستحالته وجه. ثم لا يخلو ، إما أن يكون راجعا إلى المقدور أو إلى القادر ، لا يجوز أن يكون راجعا إلى المقدور وإلا استحال وجوده فيما لم يزل ، ولا أن يكون راجعا إلى القادر لهذا الوجه أيضا ، فيجب وجود العالم فيما لم يزل.
والأصل في الجواب عن ذلك ، أن هذا حكم لا يعلل كما في غيره من المواضيع نحو الحلول وغيره.
وبعد ، فلم لا يجوز أن يكون لأمر يرجع إلى المقدور ، فإنه لو وجد الجسم فحينما لم يزل انقلب جنسه وصار المحدث قديما. وذلك محال ، أو لم لا يجوز أن يكون لأمر يرجع إلى القادر؟ فيقال : لو وجد الجسم فيما لم يزل ، قدح في كونه قادرا. لأن من حق القادر أن يكون متقدما على فعله ، ولو كان العالم موجودا فما لم يزل لم يصح هذا.
ومنها ، هو أنهم قالوا لو كان العالم محدثا لوجب أن يكون القديم تعالى غير عالم بوجوده فيما لم يزل ثم حصل عالما بوجوده بعد أن لم يكن عالما ، وهذا يوجب أن يكون قد تغير حاله.
والأصل في الجواب عنه أن العلم بالشيء أنه سيوجد علم بوجوده إذا وجد ،
صفحہ 71