فإن قال : السابق إليه الاجتماع ، قلنا : فكيف يصح تجميع ما لم يكن مفترقا من قبل؟
وإن قال : السابق إليه الافتراق ، قلنا : كيف يصح تفريق ما لم يكن مجتمعا من قبل ، فعلى هذه الطريقة يجرى الكلام في ذلك.
** الجسم إذا لم ينفك عن الحوادث كان مثلها محدثا
** فصل :
أن الجسم إذا لم ينفك عن هذه الحوادث التي هي الاجتماع والافتراق والحركة والسكون وجب أن يكون محدثا مثلها.
والخلاف فيه مع جماعة من الملحدة وابن الراوندي
والدليل على صحة ما نقوله ، هو أن الجسم إذا لم يخل من هذه الحوادث ولم يتقدمها ، وجب أن يكون حظه في الوجود كحظها وحظ هذه المعاني في الوجود أن تكون حادثة وكائنة بعد أن لم تكن ، فوجب في الجسم أن يكون محدثا أيضا وكائنا بعد أن لم يكن ، كالتوأمين إذا ولدا معا وكان لأحدهما عشر سنين فإنه يجب أن يكون للآخر أيضا عشر سنين.
فإن قيل : أليس أن الجسم لم يخل من الأعراض ولا يجب أن يكون عرضا ، فهلا جاز أن لا يخلو من المحدث ولا يجب أن يكون محدثا مثله؟ قلنا : ما ذكرناه إنما يقتضي اشتراكها في الوجود لا (1) في الجنس ، ألا ترى أن السواد والبياض إذا وجدا معا فإنما يجب أن يكونا مشتركين في الوجود حتى لو كان أحدهما محدثا لكان الآخر أيضا محدثا ، فأما أن يكون كل أحد منهما من جنس الآخر فلا ، وكذلك التوأمان ، إذا ولدا معا وكان لأحدهما عشر سنين ، فإنما ينبغي أن يكون للآخر أيضا مثل هذه المدة ، فأما اشتراكهما في الجنس حتى إذا كان أحدهما قرشيا يجب أن يكون قرشيا فلا ، بل لا يمتنع أن يكون أحدهما من جنس وأحدهما من جنس آخر.
صفحہ 69