** نهاية إثبات الأكوان
قلنا : قد دللنا على أن هذه الصفة لا تتعلق بالفاعل ، فهذه الجملة كافية في إثبات الأكوان التي هي الاجتماع والافتراق والحركة والسكون.
** الكلام في حدوث الأعراض
** فصل :
حدوث الأعراض ، والخلاف فيه مع أصحاب الكمون والظهور فإنهم ذهبوا إلى قدم الاجتماع والافتراق ، وقالوا : إن الاجتماع متى ظهر كمن الافتراق ، وإذا ظهر الافتراق قالوا كمن الاجتماع.
وتحرير الدلالة على ما نقوله في ذلك ، هو أن العرض يجوز عليه العدم ، والقديم لا يجوز أن يعدم ، ولا يجوز أن يكون قديما ، وإذا لم يكن قديما وجب أن يكون محدثا ، لأن الموجود يتردد بين هذين الوصفين ، فإذا لم يكن على أحدهما كان على الآخر لا محالة.
فهذه الدلالة مبنية على أصلين : أحدهما ، أن العرض يجوز عليه العدم ، والثاني ، أن القديم لا يجوز عليه العدم.
أما الأول ، فالدليل عليه ، هو أن الجسم المجتمع إذا افترق فما كان فيه من الاجتماع لا يخلو ، إما أن يكون باقيا فيه كما كان ، أو زائلا عنه. لا يجوز أن يكون باقيا فيه كما كان. وإذا كان زائلا فلا يخلو ، إما أن يكون زائلا بطريقة الانتقال ، أو بطريقة العدم. لا يجوز أن يكون زائلا بطريقة الانتقال لأن الانتقال محال على الأعراض ، فلم يبق إلا أن يكون زائلا بطريقة العدم على ما نقول.
فإن قيل : هذا كله ينبني على أن الاجتماع كان حالا فيه ونحن لا نسلم ذلك بل نقول : إنه كان موجودا لا في محل ، قلنا : لو كان كذلك لم يختص ببعض الأجسام دون بعض ، فكان يجب أن تكون الأجسام كلها مجتمعة لوجود ذلك الاجتماع الموجود لا في محل ، وأن لا يكون شيء منها مفترقا البتة والمعلوم خلافه. ولأنه لو كان كذلك ، لوجب أن لا يحتاج الواحد منا في الجمع بين الجسمين إلى أن يماسهما أو يماس ما يماسهما والمعلوم خلافه.
صفحہ 62