شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه
شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه
اصناف
يختلف الحكم أو يتحد فإن لم يكن أحد الحكمين موجبا لتقييد الآخر أجرى المطلق على إطلاقه، والمقيد على تقييده مثل أطعم رجلا، واكس رجلا عاريا، وإن كان أحدهما موجبا لتقييد الآخر بالذات مثل أعتق رقبة ولا تعتق رقبة كافرة أو بالواسطة مثل أعتق عني رقبة، ولا تملكني رقبة كافرة فإن نفي تمليك الكافرة يستلزم نفي إعتاقها عنه، وهذا يوجب تقييد إيجاب الإعتاق عنه بالمؤمنة. حمل المطلق على المقيد فإن قلت معنى حمل المطلق على المقيد تقييده بذلك القيد، وهذا لا يستقيم فيما ذكرتم من المثال لأن المقيد إنما قيد بالكافرة والمطلق إنما قيد بالمؤمنة قلت نعم معناه تقيد المطلق بذلك القيد لكن إن كان القيد موجبا فبإيجابه، وإن كان منفيا فبنفيه، وهاهنا قيد الكافرة منفي فقيد إيجاب الإعتاق بنفي الكافرة، وهو المؤمنة، ونقل عن المصنف أن معنى حمل المطلق على المقيد تقييده بقيد ما سواء كان هو المذكور في المقيد أو غيره لأنه في مقابلة إجراء المطلق على إطلاقه، ومعناه عدم تقييده بقيد ما بدليل أنهم أوردوا علينا الإشكال بتقييد الرقبة بالسلامة مع أن المذكور في المقيد هو المؤمنة لا السليمة، وفيه نظر إذ لا يخفى أن الحمل على هذا المعنى بعيد، وسيجيء أن إيراد الإشكال المذكور ليس باعتبار حمل المطلق على المقيد هذا إذا اختلف الحكم، وإن اتحد فإما أن يكون منفيا أو مثبتا فإن كان منفيا فلا حمل مثل لا تعتق رقبة، ولا تعتق رقبة كافرة لإمكان الجمع بأن لا يعتق أصلا، ولا يخفى أن هذا من العام مع الخاص لا المطلق مع المقيد، وإن كان مثبتا فإما أن تختلف الحادثة أو تتحد فإن المنصوص، وفي نظيره كالكفارات مثلا فإنها جنس واحد ولنا قوله تعالى: {لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} وقال ابن عباس رضي الله عنهما: أبهموا ما أبهم الله، واتبعوا ما بين الله وعامة الصحابة ما قيدوا أمهات النساء بالدخول الوارد في الربائب ولأن إعمال الدليلين، واجب ما أمكن والنفي في المقيس عليه بناء على العدم الأصلي فكيف يعدى ولا يمكن أن يعدى القيد فيثبت العدم ضمنا جواب إشكال مقدر لأن القيد يدل على الإثبات في المقيد والنفي في غيره والأول حاصل في المقيس بالنص المطلق فلا يفيد تعديته فهي في المثاني فقط فتعدية القيد تعدية العدم بعينها وإن كانت غيرها فهي مقصودة منها فتكون لإثبات ما ليس بحكم شرعي وإبطال الحكم الشرعي الذي دل عليه المطلق
قالوا أن النفي حكم شرعي، ونحن نقول هو عدم أصلي فإن قوله تعالى في كفارة القتل: {فتحرير رقبة مؤمنة} [النساء:92] يدل على إيجاب المؤمنة، وليس له دلالة على الكافرة أصلا، والأصل عدم إجزاء تحرير رقبة عن كفارة القتل، وقد ثبت إجزاء المؤمنة بالنص فبقي عدم إجزاء الكافرة على العدم الأصلي فلا يكون حكما شرعيا، ولا بد في القياس من كون المعدى حكما شرعيا، وتوضيحه أن الإعدام على قسمين: الأول: عدم إجزاء ما لا يكون تحرير رقبة كعدم إجزاء الصلاة، والصوم، وغيرهما، والثاني عدم إجزاء ما يكون تحرير رقبة
...................................................................... ..........................
اختلفت ككفارة اليمين، والقتل فلا حمل خلافا للشافعي، وإن اتحدت فإما أن يكون الإطلاق، والتقييد في السبب، ونحوه أو لا فإن كان فلا حمل كوجوب نصف الصاع في صدقة الفطر بسبب الرأس مطلقا في أحد الحديثين، ومقيدا بالإسلام في الآخر، وإلا يحمل المطلق على المقيد بالاتفاق كقراءة العامة: {فصيام ثلاثة أيام} [المائدة:89]، وقراءة ابن مسعود فصيام ثلاثة أيام متتابعات لامتناع الجمع بينهما ضرورة أن المطلق يوجب إجزاء غير المتتابع لموافقة المأمور به، والمقيد يوجب عدم إجزائه لمخالفة المأمور به، وفي هذا المثال أشار إلى الجواب عما يقال إنكم حملتم المطلق، وهو كفارة اليمين على المقيد، وارد في حادثة أخرى، وهي كفارة القتل، والظهار حيث شرطتم التتابع في الصوم يعني إنما حملناه على مقيد، وارد في هذه الحادثة، وهو قراءة ابن مسعود فإنها مشهورة بمثلها يزاد على الكتاب بخلاف قراءة أبي رضي الله تعالى عنه فعدة من أيام أخر متتابعات في قضاء رمضان فإنها شاذة لا يزاد بمثلها على النص والشافعي إنما لم يشترط التتابع لأنه لا عمل عنده بالقراءة الغير المتواترة مشهورة كانت أو غير مشهورة فالمثال المتفق عليه قوله عليه السلام في حديث الأعرابي: "صم شهرين" وروي "شهرين متتابعين".
قوله: "إن المطلق ساكت" احتج من ذهب إلى حمل المطلق على المقيد، ولو عند اختلاف الحادثة أو جريان الإطلاق، والتقييد في السبب بأن المطلق ساكت عن ذكر القيد، والمقيد ناطق به فيكون أولى لأن السكوت عدم، وجوابه القول بالموجب أي نعم يكون أولى عند التعارض كما إذا دخلا في الحكم، واتحدت الحادثة، وهاهنا لا تعارض لإمكان العمل بهما للقطع بأن الشارع لو قال أوجبت في كفارة القتل إعتاق رقبة مؤمنة، وفي كفارة اليمين إعتاق رقبة كيف كانت لم يكن الكلامان متعارضين.
صفحہ 117