298

شرح طلعة الشمس على الألفية

شرح طلعة الشمس على الألفية

اصناف

القاعدة الثانية: وهي فرع على التي قبلها وذلك أنهم قضوا بوجوب قبول الخبر الآحادي وإن خالف الدليل القطعي وإلى هذا أشار بقوله: "وقبلوه في خلاف القطعي" أي قبلوا خبر الآحاد حتى في الأمور التي خالف فيها الكتاب والسنة المتواترة وحجتهم على إثبات هذه القاعدة الفاسدة أنه لما كان كل واحد من الأدلة الشرعية موجبا للعلم والعمل معا لم يكن بعضها أولى من بعض في القبول، فوجب علينا قبول كل واحد من ذلك، وأجيب بأنه لا نسلم أن كل واحد من الأدلة الشرعية يوجب العلم والعمل معا بل نقول أن بعضها موجب للعمل فقط كأخبار الآحاد لأنه لا يشك عاقل في أن خبر الواحد يحتمل الصدق والكذب لكن بعدالة الراوي ترجح الظن بصدق خبره فأين محل حصول العلم منه، ولو سلمنا حصول العلم منه لوجب أن لا نساوي بين العلم الحاصل بالكتاب والمتواتر من السنة وبين العلم الحاصل من الآحاد فيلزم رد الأضعف لمعارضة الأقوى له فتهدم قاعدتهم، وإلى هدمها أيضا أشار المصنف بقوله: " فاختلطت أصولهم بالفرع" أي فيلزم على ثبوت قاعدتهم اختلاط أصولهم الدينية بفروعهم العملية فلا يمكنهم التفرقة بين قطعي الأدلة وطنيها والمعلوم أن الصحابة والتابعين قد فرقوا بين ذلك ففارقوا من خالف الدليل القطعي وضللوه على ذلك وفسقوه، ولم يفارقوا من خالف الدليل الظني بتأويل بل صوبوه على ذلك وتولوه، فلم يخطئوا عمر في رده خبر فاطمة بنت قيس، ولا عليا في رده لخبر سيار ونحو ذلك وأيضا فإنه يلزم على القول بوجوب قبول خبر الواحد فيما خالف الدليل القاطع ثبوت معارضته للقطع فيلزم به إسقاط العمل بالقطعي ووجه ذلك أنه إذا أثبتنا معارضة الآحاد للقطعي وجب إسقاطهما معا إن لم يعلم المتأخر منهما وإسقاط القطعي نفسه إن علمنا بتأخر الآحادي عنه وجميع ذلك باطل، فبطل ما زعموه والله أعلم، ثم إنه

لما بين أن خبر الآحاد لا يعرض القطعي عند أهل الحق ريع يبين صحة معارضته للقياس فقال:

أما إذا عارضه القياس ... فاختلفت هنالك الأكياس

فقدم القياس قوم والخبر ... قوم ومعنى الوصف قوم اعتبر

فقدموا ذا العلة القطعية ... وأخروا ذا العلة الظنية

صفحہ 20