شرح حديث: (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده)
من الأحاديث التي جاءت في هذا الموضوع العظيم حديث لـ أبي سعيد الخدري ﵁ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)، ويكون هذا على حسب القدرة والاستطاعة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتغيير المنكر الذي أمامه.
(من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده) وكأن المعنى المنكر الذي لا يتغير إلا بيد، لا يصح فيه إلا ذلك، كأن يخطف شخص امرأة ويريد أن يزني بها، ففي هذه الحالة لا بد من استعمال اليد، لأنها من الحالات التي لا بد أن يستعمل الإنسان فيها يده، فإنها لا تنفع النصيحة باللسان في مثل هذه الحالات، ولكن إذا لم تستطع أن تغيره بيدك كأن يكون مع الخاطف مثلًا سلاح، فأمر باللسان وحاول أن تنصحهم بلسانك، أما إذا أراد كل من يريد أن يتكلم فأقل حاله فيها أن يكره الإنسان هذا الشيء القبيح وهذا الفعل السيئ، وأن ينكر هذا الشيء بقلبه.
جاء رجل إلى النبي ﷺ يستأذنه أن يزني، فقال له النبي ﷺ: (ادن! أترضاه لأمك؟! قال: لا، قال: وكذلك الناس لا يرضونه لأمهاتهم، أترضاه لأختك؟! قال: لا.
جعلني الله فداك، قال: كذلك الناس لا يرضونه لأخواتهم، أترضاه لابنتك؟! قال: لا.
جعلني الله فداك، قال: كذلك الناس لا يرضونه لبناتهم، ثم دعا له النبي ﷺ، قال: فما كان شيء أبغض إليه من الزنا)، فلو ضربه في هذا الوقت لما أفاده، ولكنه خاطب عقله وقلبه ودعا له فرقّ قلب الإنسان، وإذا به يستشعر قبح ما كاد أن يقع فيه.
فلذلك ليس شرطًا أن تغيره بيدك أول ما تراه، فالأمر في الحديث ليس هذا مقصوده، وإنما القصد أن تستخدم يدك في الضرورة، وقد يكون تغيير المنكر لا يحتاج حتى إلى كلام، فهناك أشخاص مجرد النظر إليهم وهم في معصية يجعلهم يتركونها حياءً، وقد يكتفي بالإشارة، فادفع بالأسهل إلا إذا اقتضى الأمر، فقد جاء رجل يسأل الرسول ﵊: (أرأيت إن جاء رجل يأخذ مالي؟ قال: لا تعطه قال: فإن أبى فقاتلني؟ قال: فقاتله، قال: فإن قتلني؟ قال: أنت في الجنة وأنت شهيد، قال: فإن قتلته؟ قال: هو في النار)، ففي البداية ابدأ بوعظ هذا الإنسان.
والغرض أن الإنسان إذا أمر بالمعروف عليه أن يتقي الله سبحانه ويرجو أن ينقذ أخاه العاصي من النار، لعل الله ﷾ ييسر بكلمة صالحة أن ينتهي هذا عن باطله ويرجع إلى رشده.
نسأل الله ﷿ أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
1 / 7