شرح نهج البلاغة
شرح نهج البلاغة
تحقیق کنندہ
محمد عبد الكريم النمري
ناشر
دار الكتب العلمية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
1418 ہجری
پبلشر کا مقام
بيروت
ومنها أن يقال : لماذا أخر نفخ الروح في جثة آدم مدة طويلة ، فقد قيل : إنه بقي طينا تشاهده الملائكة أربعين سنة ، ولا يعلمون ما المراد به ؟ والجواب ، يجوز أن يكون في ذلك لطف للملائكة ، لأنهم تذهب ظنونهم في ذلك كل مذهب ، فصار كإنزال المتشابهات الذي تحصل به رياضة الأذهان وتخريجها ، وفي ضمن ذلك يكون اللطف . ويجوز أن يكون في أخبار ذرية آدم بذلك فيما بعد لطف بهم ، ولا يجوز إخبارهم بذلك إلا إذا كان المخبر عنه حقا .
ومنها أن يقال : ما المعني بقوله : ثم نفخ فيها من روحه ؟ الجواب ، أن النفس لما كانت جوهرا مجردا ، لا متحيزة ولا حالة في المتحيز حسن لذلك نسبتها إلى البارئ ، لأنها أقرب إلى الانتساب إليه من الجثمانيات . ويمكن أيضا أن تكون لشرفها مضافة إليه ، كما يقال : بيت الله ، للكعبة وأما النفخ فعبارة عن إفاضة النفس على الجسد ، ولما كان نفخ الريح في الوعاء عبارة عن إدخال الريح إلى جوفه ، وكان الإحياء عبارة عن إفاضة النفس عن الجسد ، ويستلزم ذلك حلول القوى والأرواح في الجثة باطنا وظاهرا ، سمي ذلك نفخا مجازا .
ومنها أن يقال : ما معنى قوله : معجونا بطينة الألوان المختلفة ؟ الجواب ، أنه عليه السلام قد فسر ذلك بقوله : من الحر والبرد والبلة والجمود ، يعني الرطوبة واليبوسة ، ومراده بذلك المزاج الذي هو كيفية واحدة حاصلة من كيفيات مختلفة ، قد انكسر بعضها ببعض . قوله : معجونا ، صفة إنسانا .
والألوان المختلفة ، يعني الضروب والفنون ، كما تقول : في الدار ألوان من الفاكهة .
ومنها أن يقال : ما المعني بقوله : واستأدى الملائكة وديعته لديهم ؟ وكيف كان هذا العهد الوصية بينه وبينهم ؟ الجواب : أن العهد والوصية هو قوله تعالى : ' إني خالق بشرا من طين ، فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ' .
ومنها أن يقال : كيف كانت شبهة إبليس وأصحابه في التعزز بخلقة النار ؟ الجواب ، لما كانت النار مشرقة بالذات والأرض مظلمة ، وكانت النار أشبه بالنور ، والنور أشبه بالمجردات ، جعل إبليس ذلك حجة احتج بها في شرف عنصره على عنصر آدم عليه السلام ، ولأن النار أقرب إلى الفلك من الأرض ، وكل شيء كان أقرب إلى الفلك من غيره كان أشرف ، والبارئ تعالى لم يعتبر ذلك ، فعل سبحانه ما يعلم أنه المصلحة والصواب .
صفحہ 66