شرح نهج البلاغة

Ibn Abi al-Hadid d. 656 AH
39

شرح نهج البلاغة

شرح نهج البلاغة

تحقیق کنندہ

محمد عبد الكريم النمري

ناشر

دار الكتب العلمية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

1418 ہجری

پبلشر کا مقام

بيروت

ومنها : أن ظاهر الكلام يقتضي أن خلق السموات بعد خلق الأرض ؛ ألا تراه كيف لم يتعرض فيه لكيفية خلق الأرض أصلا . وهذا قول قد ذهب إليه جماعة من أهل الملة ، واستدلوا عليه بقوله تعالى : ' قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين ' ، ثم قال : ' ثم استوى إلى السماء وهي دخان ' . ومنها : أن الهاء في قوله : فرفعه في هواء منفتق ، والهاء في قوله : فسوى منه سبع سموات ، إلى ماذا ترجع ؟ فإن آخر المذكورات قبلها الزبد . وهل يجوز أن تكون السموات مخلوقة من زبد الماء ؟ الحق أن الضمائر ترجع إلى الماء الذي عب عبابه ، لا إلى الزبد ؛ فإن أحدا لم يذهب إلى أن السماء مخلوقة من زبد الماء ، وإنما قالوا : إنها مخلوقة من بخاره .

ومنها : أن يقال إن البارئ سبحانه قادر على خلق الأشياء إبداعا واختراعا ؛ فما الذي اقتضى أنه خلق المخلوقات على هذا الترتيب ؟ وهلا أوجدها إيجاد الماء الذي ابتدعه أولا من غير شيء ! فيقال في جواب ذلك على طريق أصحابنا : لعل إخباره للمكلفين بذلك على هذا الترتيب يكون لطفا بهم ، ولا يجوز الإخبار منه تعالى إلا والمخبر عنه مطابق للإخبار ، فهذا حظ المباحث المعنوية من هذا الفصل .

ثم نشرع في تفسير ألفاظه .

أما الأجواء فجمع جو ، والجو هنا الفضاء العالي بين السماء والأرض . والأرجاء : الجوانب ، واحدها رجل مثل عصا . والسكائك : جمع سكاكة : وهي أعلى الفضاء ، كما قالوا : ذؤابة وذوائب . والتيار : الموج . والمتراكم : الذي بعضه فوق بعض . والزخار : الذي يزخر ، أي يمتد ويرتفع . والريح الزعزع : الشديدة الهبوب ، وكذلك القاصفة ، كأنها تهلك الناس بشدة هبوبها . ومعنى قوله : فأمرها برده ، أي بمنعه عن الهبوط ؛ لأن الماء ثقيل ، ومن شأن الثقيل الهوي . ومعنى قوله : وسلطها على شده ، أي على وثاقه ؛ كأنه سبحانه لما سلط الريح على منعه من الهبوط ؛ فكأنه قد شده بها وأوثقه ومنعه من الحركة . ومعنى قوله : وقرنها إلى حده ، أي جعلها مكانا له ؛ أي جعل حد الماء المذكور - وهو سطحه الأسفل - مما ساطح الريح التي تحمله وتقله . والفتيق : المفتوق المنبسط . والدفيق : المدفوق . واعتقم مهبها ، أي جعل هبوبها عقيما ، والريح العقيم : التي لا تلقح سحابا ولا شجرا ؛ وكذلك كانت تلك الريح المشار إليها ؛ لأنه سبحانه إنما خلقها لتمويج الماء فقط . وأدام مربها ، أي ملازمتها ، أرب بالمكان مثل ألب به ، أي لازمه .

صفحہ 59