شرح نهج البلاغة
شرح نهج البلاغة
تحقیق کنندہ
محمد عبد الكريم النمري
ناشر
دار الكتب العلمية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
1418 ہجری
پبلشر کا مقام
بيروت
ثم قال الراوندي : إنه لو قال أمير المؤمنين عليه السلام : والذي لا يعد نعمه الحاسبون ، ولم تحصل المبالغة التي أرادها بعبارته ؛ لأن اشتقاق الحساب من الحسبان ، وهو الظن . قال : وأما اشتقاق العدد فمن العد ، وهو الماء الذي له مادة ، والإحصاء : الإطاقة ؛ أحصيته ، أي أطقته ؛ فتقدير الكلام : لا يطيق عد نعمائه العادون ، ومعنى ذلك أن مدائحه تعالى لا يشرف على ذكرها الأنبياء والمرسلون ، لأنها أكثر من أن تعدها الملائكة المقربون ، والكرام الكاتبون .
ولقائل أن يقول : أما الحساب فليس مشتقا من الحسبان بمعنى الظن ، كما توهمه ، بل هو أصل برأسه ؛ ألا ترى أن أحدهما حسبت أحسب . والآخر حسبت أحسب وأحسب بالفتح والضم ، وهو من الألفاظ الأربعة التي جاءت شاذة . وأيضا فإن حسبت بمعنى ظننت يتعدى إلى مفعولين لا يجوز الاقتصار على أحدهما ، وحسبت من العدد يتعدى إلى مفعول واحد .
ثم يقال له : وهب أن الحاسبين ، لو قالها مشتقة من الظن لم تحصل المبالغة ، بل المبالغة كادت تكون أكثر ؛ لأن النعم التي لا يحصرها الظان بظنونه أكثر من النعم التي لا يعدها العالم بعلومه .
وأما قوله : العدد مشتق من العد ؛ وهو الماء الذي له مادة ، فليس كذلك ، بل هما أصلان . وأيضا لو كان أحدهما مشتقا من الآخر لوجب أن يكون العد مشتقا من العدد ، لأن المصادر هي الأصول التي يقع الاشتقاق منها ، سواء أكان المشتق فعلا أو اسما ، ألا تراهم قالوا في كتب الاشتقاق : إن الضرب : الرجل الخفيف ، مشتق من الضرب ، أي السير في الأرض للابتغاء ، قل الله تعالى : ' لا يستطيعون ضربا في الأرض ' ، فجعل الاسم منقولا ومشتقا من المصدر .
وأما الإحصاء فهو الحصر والعد وليس هو الإطاقة كما ذكر ؛ لا يقال : أحصيت الحجر ، أي أطقت حمله .
صفحہ 47