شرح نهج البلاغة

Ibn Abi al-Hadid d. 656 AH
134

شرح نهج البلاغة

شرح نهج البلاغة

تحقیق کنندہ

محمد عبد الكريم النمري

ناشر

دار الكتب العلمية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

1418 ہجری

پبلشر کا مقام

بيروت

وفي رواية : كجؤجؤ طير في لجة بحر . وفي رواية أخرى : بلادكم أنتن بلاد الله تربة ، أقربها من الماء ، وأبعدها من السماء ، وبها تسعة أعشار الشر . المحتبس فيها بذنبه ، والخرج بعفو الله ، كأني أنظر إلى قريتكم هذه قد طبقها الماء ، حتى ما يرى منها إلا شرف المسجد ؛ كأنه جؤجؤ طير في لجة بحر .

الشرح : قوله : وأتباع البهيمة ، يعني الجمل ، وكان جمل عائشة راية عسكر البصرة ، قتلوا دونه كما تقتل الرجال تحت راياتها .

وقوله : أخلاقكم دقاق ، يصفهم باللؤم ، وفي الحديث أن رجلا قال له : يا رسول الله إني أحب أن أنكح فلانة ، إلا أن في أخلاق أهلها دقة ، فقال له : ' إياك وخضراء الدمن ، إياك والمرأة الحسناء في منبت السوء ' .

قوله : وعهدكم شقاق ، يصفهم بالغدر ، يقول : عهدكم وذمتكم لا يوثق بها ، بل هي وإن كانت في الصورة عهدا أو ذمة ، فإنها في المعنى خلاف وعداوة .

قوله : وماؤكم زعاق ، أي ملح ، وهذا وإن لم يكن من أفعالهم إلا أنه مما تذم به المدينة ، كما قال :

بلاد بها الحمى وأسد عرينة . . . وفيها المعلى يعتدي ويجور

فإني لمن قد حل فيها لراحم . . . وإني لمن لم يأتها لنذير

ولا ذنب لأهلها في أنها بلاد الحمى والسباع .

ثم وصف المقيم بين أظهرهم بأنه مرتهن بذنبه ، لأنه إما أن يشاركهم في الذنوب أو يراها فلا ينكرها ؛ ومذهب أصحابنا أنه لا تجوز الإقامة في دار الفسق ، كما لا تجوز الإقامة في دار الكفر .

والجؤجؤ : عظم الصدر ، وجؤجؤ السفينة : صدرها .

فأما إخباره عليه السلام أن البصرة تغرق عدا المسجد الجامع بها ، فقد رأيت من يذكر أن كتب الملاحم تدل على أن البصرة تهلك بالماء الأسود ينفجر من أرضها ، فتغرق ويبقى مسجدها .

والصحيح أن المخبر به قد وقع ، فإن البصرة غرقت مرتين ، مرة في أيام القادر بالله ؛ ومرة في أيام القائم بأمر الله ، غرقت بأجمعها ولم يبق منها إلا مسجدها الجامع بارزا بعضه كجؤجؤ الطائر ، حسب ما أخبر به أمير المؤمنين عليه السلام ، جاءها الماء من بحر فارس من جهة الموضع المعروف الآن بجزيرة الفرس ، ومن جهة الجبل المعروف بجبل السنام ، وخربت دورها ، وغرق كل ما في ضمنها ، وهلك كثير من أهلها .

صفحہ 154