شرح نهج البلاغة
شرح نهج البلاغة
تحقیق کنندہ
محمد عبد الكريم النمري
ناشر
دار الكتب العلمية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
1418 ہجری
پبلشر کا مقام
بيروت
وفي رواية : كجؤجؤ طير في لجة بحر . وفي رواية أخرى : بلادكم أنتن بلاد الله تربة ، أقربها من الماء ، وأبعدها من السماء ، وبها تسعة أعشار الشر . المحتبس فيها بذنبه ، والخرج بعفو الله ، كأني أنظر إلى قريتكم هذه قد طبقها الماء ، حتى ما يرى منها إلا شرف المسجد ؛ كأنه جؤجؤ طير في لجة بحر .
الشرح : قوله : وأتباع البهيمة ، يعني الجمل ، وكان جمل عائشة راية عسكر البصرة ، قتلوا دونه كما تقتل الرجال تحت راياتها .
وقوله : أخلاقكم دقاق ، يصفهم باللؤم ، وفي الحديث أن رجلا قال له : يا رسول الله إني أحب أن أنكح فلانة ، إلا أن في أخلاق أهلها دقة ، فقال له : ' إياك وخضراء الدمن ، إياك والمرأة الحسناء في منبت السوء ' .
قوله : وعهدكم شقاق ، يصفهم بالغدر ، يقول : عهدكم وذمتكم لا يوثق بها ، بل هي وإن كانت في الصورة عهدا أو ذمة ، فإنها في المعنى خلاف وعداوة .
قوله : وماؤكم زعاق ، أي ملح ، وهذا وإن لم يكن من أفعالهم إلا أنه مما تذم به المدينة ، كما قال :
بلاد بها الحمى وأسد عرينة . . . وفيها المعلى يعتدي ويجور
فإني لمن قد حل فيها لراحم . . . وإني لمن لم يأتها لنذير
ولا ذنب لأهلها في أنها بلاد الحمى والسباع .
ثم وصف المقيم بين أظهرهم بأنه مرتهن بذنبه ، لأنه إما أن يشاركهم في الذنوب أو يراها فلا ينكرها ؛ ومذهب أصحابنا أنه لا تجوز الإقامة في دار الفسق ، كما لا تجوز الإقامة في دار الكفر .
والجؤجؤ : عظم الصدر ، وجؤجؤ السفينة : صدرها .
فأما إخباره عليه السلام أن البصرة تغرق عدا المسجد الجامع بها ، فقد رأيت من يذكر أن كتب الملاحم تدل على أن البصرة تهلك بالماء الأسود ينفجر من أرضها ، فتغرق ويبقى مسجدها .
والصحيح أن المخبر به قد وقع ، فإن البصرة غرقت مرتين ، مرة في أيام القادر بالله ؛ ومرة في أيام القائم بأمر الله ، غرقت بأجمعها ولم يبق منها إلا مسجدها الجامع بارزا بعضه كجؤجؤ الطائر ، حسب ما أخبر به أمير المؤمنين عليه السلام ، جاءها الماء من بحر فارس من جهة الموضع المعروف الآن بجزيرة الفرس ، ومن جهة الجبل المعروف بجبل السنام ، وخربت دورها ، وغرق كل ما في ضمنها ، وهلك كثير من أهلها .
صفحہ 154