Sharh Kitab Al-Jami' li Ahkam Al-Siyam wa A'mal Ramadan - Hutaybah
شرح كتاب الجامع لأحكام الصيام وأعمال رمضان - حطيبة
اصناف
بيان أن الصوم ركن من أركان الإسلام
قال تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة:١٨٥]، الأيام المعدودات هي: أيام شهر رمضان، فمن شهد هذا الشهر بأن كان حيًا مكلفًا قادرًا لزمه صومه، وقد دلت السنة على فرضية صيام هذا الشهر، فقد جاء في الصحيحين عن ابن عمر ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان).
فهذه أركان الإسلام: فشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله هي التوحيد والشهادة بالرسالة للنبي ﷺ، وهذا الركن هو أهم أركان الإسلام، أما الركن الثاني فهو أهمها بعد التوحيد، وهو إقام الصلاة، وقد أمر الله ﷿ به، أمر النبي ﷺ معاذًا لما وجهه إلى اليمن أن يأمرهم بهذه الصلاة العظيمة بعد كلمة التوحيد، ثم يأتي بعد ذلك: إيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان.
وفي الصحيحين عن طلحة بن عبيد الله ﵄: (أن أعرابيًا جاء إلى رسول الله ﷺ ثائر الرأس، فقال: يا رسول الله! أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة؟ فقال النبي ﷺ: الصلوات الخمس، إلا أن تطوع شيئًا، فقال الرجل: أخبرني بما فرض الله علي من الزكاة؟ فأخبره النبي ﷺ، فقال: أخبرني بما فرض الله علي من الصيام؟ قال: شهر رمضان إلا أن تطوع شيئًا، ثم أخبره عن شرائع الإسلام، فقال الرجل: والذي أكرمك لا أتطوع شيئًا ولا أنقص مما فرض الله علي شيئًا، فقال النبي ﷺ: أفلح إن صدق)، أو قال: (دخل الجنة إن صدق)، فعبر ﷺ بـ (إن) الدالة على أنه قد يحدث الخبر، بخلاف ما لو أخبر بلو، فإنه حرف امتناع لامتناع، أي: يمتنع وقوع الجواب لامتناع الشرط، ولكن قال: (أفلح إن صدق)، ولكن أنى يكون للإنسان الصدق في ذلك؟! فإن كان للبعض فلن يكون للباقين؛ لأن الإنسان قد لا يأتي بالفريضة على الوجه الذي يرضى الله ﷿ عنه بها، فكل إنسان يعتريه في صلاة الفريضة السهو والخطأ، وقد يتأخر عنها وما إلى ذلك، أما أن يأتي بها كاملة فهذا بعيد، وعلى كل فقد أفلح من أتى بهذه الفرائض من غير النوافل إن صدق في إتيانها.
وهذا دليل كذلك: على أنه لا فرض في الصوم غير فرض رمضان، إلا أن يكون بسبب آخر، كنذر ينذره الإنسان، أو كفارة من الكفارات التي لا تكون إلا بالصيام، فهذه فروض في الصوم بسبب آخر غير الأصل وهو صيام شهر رمضان.
1 / 5