الحمد لله الذي فضل علماء الشريعة على من سواهم وجعلهم ملجأ لعباده في الدارين . | | واجتباهم والصلاة والسلام على النبي الأعظم والرسول الأكرم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى سائر إخوانه من النبيين والمرسلين وآل كل والصحابة والقرابة والتابعين وعلى سائر أئمة الدين خصوصا الأربعة المجتهدين ومقلديهم إلى يوم الدين ( أما بعد ) فيقول أفقر العباد الي مولاه القدير أحمد بن محمد الدرديرة هذا شرح مختصر على المختصر للإمام الجليل العلامة أبي الضياء سيدي خليل اقتصرت فيه على فتح مغلفه وتقييد مطلقه دعلى المعتمد من أقوال أهل المذهب | | بحيث متى اقتصرت على قول كان هو الراجح الذي تجب به الفتوى وان اعتمد بعض الشراح خلافه ، وبالله تعالى أستعين وعليه أتوكل فإنه المولى الكريم الذي عليه المعول صلى الله عليه وسلم قال المصنف رضي الله تعالى نعنه وعنا به وجمعنا معه في دار السلام بسلام مع مزيد الإنعام والإكرام ( بسم الله الرحمن الرحيم ) أي أؤلف لأن الأولى تقدير المتعلق من مادة ما جعلت البسملة مبدأ له والابتداء بها مندوب كالحمدله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذ الإبتداء قسمان حقيقي وهو مالم يسبق بشيء وإضافي وهو ما يقدم على الشروع في المقصود بالذات أو أنه شيء واحد وهو ما تقدم أمام المقصودوان كان ذا أجزاء ( يقول ) أصله يقول كينصر فخفف بنقله الضمة الثقيلة على الواو إلى الساكن قبلها ( الفقير ) فعيل صفة مشبهة أو صيغة مبالغة | | من الفقر أي الحاجة أي الدائم الحاجة أو المحتاج كثيرا وفي نسخة العبد الفقير والمراد بالعبد المملوك لله تعالى لكونه أوجده من العدم ( المضطر ) اسم مفعول من الاضطرار أي شدة الاحتياج فهو أخص من الفقير وهذا اللفظ مما يتحد فيه اسم الفاعل واسم المفعول لزوال الحركة الفارفة بينهما بالادغام وأصله مضترر كمختصر فابدلت التاء طاء لوقوعها بعد الضاد وادغمت الراء في الراء ( لرحمة ربه ) | | أي عفوه وانعامه ( المنكسر خاطره ) يقال فلان منكسر الخاطر أي جزين مسكين ذليل لكونه لا يعبأ به والمراد بالخاطر القلب وحقيقة الإنكسار تفرق أجزاء المتصل الصلب اليابس كالحجر والعصا بخلاف اللين فإن تفرق أجزائه يسمى قطعا كاللحم والثوب فاطلاق الخاطر وهو ما يخطر في القلب من الواردات على القلب مجاز مرسل من إطلاق الحال وإرادة المحل ثم شبهه بشيء صلب كحجر تفرقت أجزاؤه بحيث صار لا ينتفع به ولا يعبأ به بجامع الإهمال في كل على طريقة المكنية وإثبات الإنكسار تخييلية ثم هو كناية عن كونه حزينا مسكينا ذليلا لكونه لا يعبا به عند أهل الله الصديقين ( لقلة العمل ) الصالح ( والتقوى ) أي امتثال المأمورات واجتناب المنهيات وهكذا شأن العبيد الصديقين من العلماء العاملين عرفوا أنفسهم بالذل والهوان ولم يثبتوا لها عملا ولا تقوى ولا فضل احسان فعرفوا ربهم | | فكانوا في مقعد صدق عند مليك مقتدر رضي الله عنهم والمصنف كان من أجلهم وكان من أهل الكشف كشيخه عبد الله ( خليل ) اسم المصنف وهو بدل أو بيان للفقير المضطر أو خبر مبتدأ محذوف أي هو خليل ( بن إسحق ) نعت الخليل أو خبر لمحذوف ابن موسى ووهم من قال ابن يعقوب ( المالكي ) نسبة لمالك الإمام لكونه كان يتعبد على مذهبه ويبحث عن الأحكام التي ذهب إليها إفادة واستفادة وهو نعت ثان لخليل لا لاسحق لأنه كان حنفيا وشعل ولده بمذهب مالك لمحبته في شيخه سيدي عبد الله المنوفي وسيدي أبي عبد الله بن الحاج صاحب المدخل وكان إسحق والد المصنف من أولياء الله ومن أهل الكشف نص عليه المصنف في مناقب سيدي عبد الله المنوفى ونصه وكان الوالد رحمه الله تعالى من الأولياء الأخيار وكان قد صحب جماعة من الأخيار مثل سيدي الشيخ عبد الله المنوفي وسيدي الشيخ الصالح العارف بالله تعالى أبي عبد الله بن الحاج وكان سيدي الشيخ أي المنوفي يأتي إليه وزيره ومن مكاشفات الوالد أني قلت له يوما وهو ضعيف منقطع يا والدي سيدي أحمد بن سيدي الشيخ أبي عبد الله بن الحاج ضعيف على | الموت فقال سيدي أحمد لا يصيبه المرة شيء ولكن شيدي محمد أخوه قد مات فذهبت فوجدتهم كماذ كر رجعوا من دفنه ولم يكن قد جاء أحد أعلمه بذلك وذ كر حكاية أخرى من مكاشفاته فراجعه إن شئت رضي الله عنه وعن والده وعن أشياخه آمين . توفي المصنف سنة سبع وستين وسبعمائة وإنماذ كر نفسه في مبدأ كتابه ليكون كتابه أدعى للقبول إذا لتأليف المجهول مؤلفه لا يتتفت إليه غالبا ( الحمد لله ) هو وما بعده مقول القول . والحمد لغة | | الثناء باللسان على جميل اختياري على جهة التعظيم كان نعمة أولا واصطلاحا فعل ينبئ عن تعظيم المنعم لكونه منعما ولو على غير الحامد ( حمدا ) منصوب بفعل مقدر أي أحمده حمدا لا بالحمد المذكور لفصله عنه بالخبر وهو أجنبي من الحمد أي غير معمول له | | كذاقيل والمراد أنه أجنبي من جهة المصدرية لامن جهة كونه مبتدأ يعني أن عمل الحمد في حمدا من جهة أنه مصدر بحسب الأصل وعمله في لله من جهة أنه مبتدأ فيكون الخبر جنبيا من الحمد من جهة المصدرية التي يعمل بها في حمدا والفصل بالأجنبي ولو باعتبار يمنع عمل المصدر ( يوافي ) أي يقابل ( ما تزايد ) أي زاد ( من النعم ) جمع نعمة بكسر النون بمعنى انعام أو منعم به بيان لما ( والشكر ) | | هو لغة الحمد عرفا واصطلاحا صرف العبد جميع ما انعن الله به عليه من عقل وغيره إلى ما خلق لأجله ( له ) تعالى ( على ما أولانا ) أي اعطانا إياه ( من الفضل والكرم ) بيان لما وهما بمعنى واحد والمراد بهما النعم الواصله له أو لغيره من إخوانه العلماء أو المسلمين عامة إذ الكرم كما يطلق على إعطاء ما ينبغي لا لغرض ولا لعوض يطلق أيضا على الشيء المعطى مجازا . ولما كان قوله حمدا يوافي الخ يوهم أنه أحصى الثناء عليه تعالى تفصيلا دفعه بقوله ( لا أحصي ) أي لا أعد ( ثناء ) هو الوصف بالجمل ( عليه هو ) تعالى أي لا قدرة لي على عد ذلك تفصيلا لأن نعمه تعالى لا تحصى | | فكيف يحصي الثناء عليها تفصيلا ( كما أثنى على نفسه ) أي كثنائه على نفسه فإنه في قدرته تعالى تفصيلا وهذا مأخوذ من قوله عليه الصلاة والسلام لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ( ونسأله اللطف ) من لطف كنصر معناه الرفق لا من لطف ككرم فإن معناه الدقة ( والاعانة ) أي الأقدار على فعل الطاعات وترك المنهيات والتخلص من المهمات والملمات ( في جميع الأحوال ) تنازعه كل من اللطف والإعانة ( و ) في ( حال حلول ) يعني مكث ( الإنسان ) يعني نفسه ويحتمل وغيره من المؤمنين وهو أولى فاللام للجنس على هذا ( في رمسه ) أي قبره | | وإنما خص هذه الحالة مع دخولها فيما قبلها لشدة احتياجه للطف والإعانة فيها أكثر من غيرها . ولما كان النبي عليه الصلاة والسلام هو الواسطة في كل نعمة وصلت إلينا من الله تعالى ولا سيما على الشرائع وجب أن يصلي عليه بعد أن أثنى على مولى النعم فقال ( والصلاة ) هي من الله تعالى النعمة المقرونة بالتعظيم والتبجيل فهي أخص من مطلق الرحمة ولذا لا تطلب لغير المعصوم إلا تبعا ومن غيره تعالى التضرع والدعاء باستغفار أو غيره ( والسلام ) أي التحية | أو الأمان ( علي محمد ) علم منقول من اسم مفعول المضعف أي المكرر العين سمي به نبينا عليه الصلاة والسلام رجاء أن يكون على أكمل الخصال فيحمده أهل السماء والأرض وقد حقق الله ذلك الرجاء ( سيد ) يطلق على الشريف الكامل وعلى التقى الفاضل وعلى ذي الرأي الشامل وعلى الحليم الكريم وعلى الفقيه العالم ولاشك أنه عليه السلام اشتمل على ذلك كله ( العرب ) بفتحتين أو ضم فسكون من يتكلم باللغة العربية سجية ( والعجم ) |
صفحہ 15