$ الشرح الكبير لدردير | 1
صفحہ 1
بسم الله الرحمن الرحيم | | صفحة فارغة |
صفحہ 2
الحمد لله الذي فضل علماء الشريعة على من سواهم وجعلهم ملجأ لعباده في الدارين . | | واجتباهم والصلاة والسلام على النبي الأعظم والرسول الأكرم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى سائر إخوانه من النبيين والمرسلين وآل كل والصحابة والقرابة والتابعين وعلى سائر أئمة الدين خصوصا الأربعة المجتهدين ومقلديهم إلى يوم الدين ( أما بعد ) فيقول أفقر العباد الي مولاه القدير أحمد بن محمد الدرديرة هذا شرح مختصر على المختصر للإمام الجليل العلامة أبي الضياء سيدي خليل اقتصرت فيه على فتح مغلفه وتقييد مطلقه دعلى المعتمد من أقوال أهل المذهب | | بحيث متى اقتصرت على قول كان هو الراجح الذي تجب به الفتوى وان اعتمد بعض الشراح خلافه ، وبالله تعالى أستعين وعليه أتوكل فإنه المولى الكريم الذي عليه المعول صلى الله عليه وسلم قال المصنف رضي الله تعالى نعنه وعنا به وجمعنا معه في دار السلام بسلام مع مزيد الإنعام والإكرام ( بسم الله الرحمن الرحيم ) أي أؤلف لأن الأولى تقدير المتعلق من مادة ما جعلت البسملة مبدأ له والابتداء بها مندوب كالحمدله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذ الإبتداء قسمان حقيقي وهو مالم يسبق بشيء وإضافي وهو ما يقدم على الشروع في المقصود بالذات أو أنه شيء واحد وهو ما تقدم أمام المقصودوان كان ذا أجزاء ( يقول ) أصله يقول كينصر فخفف بنقله الضمة الثقيلة على الواو إلى الساكن قبلها ( الفقير ) فعيل صفة مشبهة أو صيغة مبالغة | | من الفقر أي الحاجة أي الدائم الحاجة أو المحتاج كثيرا وفي نسخة العبد الفقير والمراد بالعبد المملوك لله تعالى لكونه أوجده من العدم ( المضطر ) اسم مفعول من الاضطرار أي شدة الاحتياج فهو أخص من الفقير وهذا اللفظ مما يتحد فيه اسم الفاعل واسم المفعول لزوال الحركة الفارفة بينهما بالادغام وأصله مضترر كمختصر فابدلت التاء طاء لوقوعها بعد الضاد وادغمت الراء في الراء ( لرحمة ربه ) | | أي عفوه وانعامه ( المنكسر خاطره ) يقال فلان منكسر الخاطر أي جزين مسكين ذليل لكونه لا يعبأ به والمراد بالخاطر القلب وحقيقة الإنكسار تفرق أجزاء المتصل الصلب اليابس كالحجر والعصا بخلاف اللين فإن تفرق أجزائه يسمى قطعا كاللحم والثوب فاطلاق الخاطر وهو ما يخطر في القلب من الواردات على القلب مجاز مرسل من إطلاق الحال وإرادة المحل ثم شبهه بشيء صلب كحجر تفرقت أجزاؤه بحيث صار لا ينتفع به ولا يعبأ به بجامع الإهمال في كل على طريقة المكنية وإثبات الإنكسار تخييلية ثم هو كناية عن كونه حزينا مسكينا ذليلا لكونه لا يعبا به عند أهل الله الصديقين ( لقلة العمل ) الصالح ( والتقوى ) أي امتثال المأمورات واجتناب المنهيات وهكذا شأن العبيد الصديقين من العلماء العاملين عرفوا أنفسهم بالذل والهوان ولم يثبتوا لها عملا ولا تقوى ولا فضل احسان فعرفوا ربهم | | فكانوا في مقعد صدق عند مليك مقتدر رضي الله عنهم والمصنف كان من أجلهم وكان من أهل الكشف كشيخه عبد الله ( خليل ) اسم المصنف وهو بدل أو بيان للفقير المضطر أو خبر مبتدأ محذوف أي هو خليل ( بن إسحق ) نعت الخليل أو خبر لمحذوف ابن موسى ووهم من قال ابن يعقوب ( المالكي ) نسبة لمالك الإمام لكونه كان يتعبد على مذهبه ويبحث عن الأحكام التي ذهب إليها إفادة واستفادة وهو نعت ثان لخليل لا لاسحق لأنه كان حنفيا وشعل ولده بمذهب مالك لمحبته في شيخه سيدي عبد الله المنوفي وسيدي أبي عبد الله بن الحاج صاحب المدخل وكان إسحق والد المصنف من أولياء الله ومن أهل الكشف نص عليه المصنف في مناقب سيدي عبد الله المنوفى ونصه وكان الوالد رحمه الله تعالى من الأولياء الأخيار وكان قد صحب جماعة من الأخيار مثل سيدي الشيخ عبد الله المنوفي وسيدي الشيخ الصالح العارف بالله تعالى أبي عبد الله بن الحاج وكان سيدي الشيخ أي المنوفي يأتي إليه وزيره ومن مكاشفات الوالد أني قلت له يوما وهو ضعيف منقطع يا والدي سيدي أحمد بن سيدي الشيخ أبي عبد الله بن الحاج ضعيف على | الموت فقال سيدي أحمد لا يصيبه المرة شيء ولكن شيدي محمد أخوه قد مات فذهبت فوجدتهم كماذ كر رجعوا من دفنه ولم يكن قد جاء أحد أعلمه بذلك وذ كر حكاية أخرى من مكاشفاته فراجعه إن شئت رضي الله عنه وعن والده وعن أشياخه آمين . توفي المصنف سنة سبع وستين وسبعمائة وإنماذ كر نفسه في مبدأ كتابه ليكون كتابه أدعى للقبول إذا لتأليف المجهول مؤلفه لا يتتفت إليه غالبا ( الحمد لله ) هو وما بعده مقول القول . والحمد لغة | | الثناء باللسان على جميل اختياري على جهة التعظيم كان نعمة أولا واصطلاحا فعل ينبئ عن تعظيم المنعم لكونه منعما ولو على غير الحامد ( حمدا ) منصوب بفعل مقدر أي أحمده حمدا لا بالحمد المذكور لفصله عنه بالخبر وهو أجنبي من الحمد أي غير معمول له | | كذاقيل والمراد أنه أجنبي من جهة المصدرية لامن جهة كونه مبتدأ يعني أن عمل الحمد في حمدا من جهة أنه مصدر بحسب الأصل وعمله في لله من جهة أنه مبتدأ فيكون الخبر جنبيا من الحمد من جهة المصدرية التي يعمل بها في حمدا والفصل بالأجنبي ولو باعتبار يمنع عمل المصدر ( يوافي ) أي يقابل ( ما تزايد ) أي زاد ( من النعم ) جمع نعمة بكسر النون بمعنى انعام أو منعم به بيان لما ( والشكر ) | | هو لغة الحمد عرفا واصطلاحا صرف العبد جميع ما انعن الله به عليه من عقل وغيره إلى ما خلق لأجله ( له ) تعالى ( على ما أولانا ) أي اعطانا إياه ( من الفضل والكرم ) بيان لما وهما بمعنى واحد والمراد بهما النعم الواصله له أو لغيره من إخوانه العلماء أو المسلمين عامة إذ الكرم كما يطلق على إعطاء ما ينبغي لا لغرض ولا لعوض يطلق أيضا على الشيء المعطى مجازا . ولما كان قوله حمدا يوافي الخ يوهم أنه أحصى الثناء عليه تعالى تفصيلا دفعه بقوله ( لا أحصي ) أي لا أعد ( ثناء ) هو الوصف بالجمل ( عليه هو ) تعالى أي لا قدرة لي على عد ذلك تفصيلا لأن نعمه تعالى لا تحصى | | فكيف يحصي الثناء عليها تفصيلا ( كما أثنى على نفسه ) أي كثنائه على نفسه فإنه في قدرته تعالى تفصيلا وهذا مأخوذ من قوله عليه الصلاة والسلام لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ( ونسأله اللطف ) من لطف كنصر معناه الرفق لا من لطف ككرم فإن معناه الدقة ( والاعانة ) أي الأقدار على فعل الطاعات وترك المنهيات والتخلص من المهمات والملمات ( في جميع الأحوال ) تنازعه كل من اللطف والإعانة ( و ) في ( حال حلول ) يعني مكث ( الإنسان ) يعني نفسه ويحتمل وغيره من المؤمنين وهو أولى فاللام للجنس على هذا ( في رمسه ) أي قبره | | وإنما خص هذه الحالة مع دخولها فيما قبلها لشدة احتياجه للطف والإعانة فيها أكثر من غيرها . ولما كان النبي عليه الصلاة والسلام هو الواسطة في كل نعمة وصلت إلينا من الله تعالى ولا سيما على الشرائع وجب أن يصلي عليه بعد أن أثنى على مولى النعم فقال ( والصلاة ) هي من الله تعالى النعمة المقرونة بالتعظيم والتبجيل فهي أخص من مطلق الرحمة ولذا لا تطلب لغير المعصوم إلا تبعا ومن غيره تعالى التضرع والدعاء باستغفار أو غيره ( والسلام ) أي التحية | أو الأمان ( علي محمد ) علم منقول من اسم مفعول المضعف أي المكرر العين سمي به نبينا عليه الصلاة والسلام رجاء أن يكون على أكمل الخصال فيحمده أهل السماء والأرض وقد حقق الله ذلك الرجاء ( سيد ) يطلق على الشريف الكامل وعلى التقى الفاضل وعلى ذي الرأي الشامل وعلى الحليم الكريم وعلى الفقيه العالم ولاشك أنه عليه السلام اشتمل على ذلك كله ( العرب ) بفتحتين أو ضم فسكون من يتكلم باللغة العربية سجية ( والعجم ) |
صفحہ 15
فيه من الضبط ما في العرب من يتكلم بغير العربية ( المبعوث ) أي المرسل من الله تعالى ( لسائر ) أي لجميع لأن سائرا قد يأتي له وأن كان أصل معناه باقي ( الأمم ) جمع أمة أي طائفة والمراد بهم المكلفون من الإنس والجن على كثرة أصنافهم وغيرهم كالملائكة ( وعلى آله ) الظاهران المراد بهم أقاربه المؤمنون وان كان قد يطلق على الاتباع لأنه يستغني عنه بقوله أمته ( وأصحابه ) جمع لصاحب على الصحيح لأن فاعلا يجمع على أفعال عند سيبويه على التحرير والأخفش بمعنى الصحابي وهو من اجتمع بالنبي عليه السلام في حياته مؤمنا ومات على ذلك والصاحب |
صفحہ 16
لغة من بينك وبينه مطلق مواصلة ( و ) على ( أزواجه ) أي نسائه الطاهرات والمراد ما يشمل سراريه ( وذريته ) نسله الصادق بالذكر والأنثى إلى يوم القيامة ( وأمته ) أي جماعته من كل من آمن به من يوم بعث إلى يوم القيامة ( أفضل الأمم ) أي أكثرها فضلا أي ثوابا لمزيد فضل نبيها على جميع الأنبياء عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام ( وبعد ) هي ظرف زمان هنا مقطوع عن الإضافة لفظا لا معنى ولذا بنيت على الضم والواو نائبة عن أما أي مهما يكن من شيء بعدما تقدم ( فقده ) أي فأقول قد ( سألني جماعة أبان ) أي أظهر ( الله لي ولهم معالم ) جمع معلم |
صفحہ 17
وهو لغة الأثر الذي يستدل به على الطريق وأراد بها أدلة ( التحقيق ) مصدر حقق الشيء أثبته بالدليل أو أتي به على الوجه الحق ولو لم يذكر الدليل والمراد به هنا ما كان حقا أي مطابقا للواقع ففي معالم استعارة تصريحية ويصح أن يراد بالمعلم الأثر نفسه ففي التحقيق استعارة بالكناية بأن شبه التحقيق بطريق سلوك تشبيها مضمرا في النفس على طريق السكنية وفي معالم استعارة تخييلية ( وسلك ) أي ذهب ( بنا وبهم أنفع طريق ) أي طريقا أنفع تأليفا ( مختصرا ) مفعول ثان لسأل وجملة أبان وما بعدها اعتراض قصد بها الدعاء له ولهم والاختصار تقليل اللفظ مع كثرة المعنى ( على مذهب الإمام ) | | أي فيما ذهب إليه من الأحكام الإجتهادية إمام الأئمة ( مالك ابن أنس ) ابن مالك الأصبحي ( رحمه الله تعالى مبينا ) بكسر الياء المشددة اسم فاعل نعت ثان لمختصر
( مطلب )
في أن الإمام تابع التابعين | | ( لما ) أي للقول الذي تجب
صفحہ 19
( به الفتوى ) لكونه المشهور أو المرجح ( فأجبت ) عطف علي سألني ( سؤالهم ) لم يقل أجتتهم إشارة إلى أنه لم يضيع من سؤالهم شيئا بل أني به متصفا بالأوصاف الثلاثة الاختصار وكونه على المذهب المذكور والتبيين لما به الفتوى ( بعد الإستخارة ) متعلق بأجبت أي بعد طلب الخيرة بفتح الخاء وكسرها مع فتح الياء فيهما وطلبها بصلاتها ودعائها الواردين في الصحيحين وهي من الكنوز التي أظهرها الله تعالى علي يد رسوله عليه الصلاة والسلام فلا ينبغي لعاقل هم بأمر تركها |
صفحہ 20
. ثم ذكر اصلاحه في كتابه ليقف الناظر عليه وقصده بذلك الاختصار فقال ( مشيرا ) حال من فاعل أجبت مقدرة أي أجبتهم حال كوني مقدرا الإشارة ( بفيها ) أي بهذا اللفظ أي ونحوه من كل ضمير مؤنث غائب عائد على غير مذكور أو إنه عبر بفيها عن كل ما ذكر مجازا فشمل نحو حملت وقيدت ونحو وظاهرها وأقيم منها ( للمونة ( 2 ) التي ) هي الأم وهي تدوين سحنون للأحكام التي أخذها ابن القاسم عن الإمام أو ربما ذكر فيها ما رواه غيره وما قاله من إجتهاده ( و ) مشيرا ( بأول ) ( إلى اختلاف شارحها ) أي شارحي ذلك الموضع منها وإن لم يتصدوا لشرح سائرها ( في فهمها ) أي فهم المراد من ذلك الموضع المؤدي فهم كل له إلى خلاف فهم الآخر ويختلف المعنى به ويصير قولا غير الآخر ويجوز الإفتاء بكل إن لم يرجح الأشياخ بعضها وهو واضح لإخفاء به وليس بلازم أن كل من ذهب إلى تأويل يكون موافقا | | لقول كان موجودا من قبل بل يجور والأغلب عدم الموافقة ( و ) مشيرا ( بالاختيار ) أي بمادته الشاملة للاسم والفعل ( ل ) اختيار الإمام أبي الحسن علي ال ( لخمي ) صاحب التبصرة ( لكن إن كان ) مادة الاختيار التي أشرت بها ملتبسة ( بصيغة الفعل ) كاختاره ( فذلك ) الاختيار إشارة ( لاختياره هو في نفسه ) أي من قبل نفسه ( و ) إن كان ( بالاسم ) كالمختار ( فذلك لاختياره ) لذلك القول ( من الخلاف ) بين أهل المذهب وسواء وقع منه بلفظ الاختيار أو التصحيح أو الترجيح أو التحسين أو غيرها ( و ) مشيرا بالترجيح ( ل ) ترجيح الإمام أبي بكر محمد بن عبد الله ( ابن يونس ) وسواء وقع منه بلفظ الترجيح أو غيره حال كون الترجيح الذي أشرت به ( كذلك ) أي مشابها للاختيار المشار به للخمي في كونه إن كان بصيغة الفعل فذلك لاختياره هو في نفسه وإن كان بالاسم فذلك لاختياره من الخلاف ( وبالظهور ل ) لامام محمد بن أحمد ( ابن رشد كذلك وبالقول ل ) لامام أبي عبد الله محمد بن علي بن عمر ( المازري ) نسبة لمازرة بفتح الزاي وكسرها مدينة في جزيرة صقلية وهو تلميذ اللخمي ( كذلك ) أي في التفصيل والمراد متى ذكرت ذلك فهو إشارة إلى ترجيحهم إن لا أن المراد أنه متى رجح بعضهم شيئا أشرت له بما مر ( وحيث ) أي وكل مكان من هذا المختصر أو وكل ( قلت ) فيه ( خلاف ) | | أي هذا اللفظ ( فذلك ) أي قولي خلاف إشارة ( للاختلاف ) بين أئمة أهل المذهب ( في التشهير ) للأقوال أن تساوي المشهرون في الرتبة عنده وسواء وقع مهم بلفظ التشهرير أو بما يدل عليه كالمذهب كذا أو الظاهر كذا أو الراجح أو المعروف أو المعتمد كذا فالمراد بالتشهير الترجيح فإن لم يتساو المرجحون اقتصر على ما رجحه الأقوى عرفت ذلك من تتبع كلامه ( وحيث ذكرت قولين أو أقوالا ) بلا ترجيح ( فذلك ) إشارة ( لعدم اطلاعي في الفرع ) أي الحكم الفقهي الذي وقع فيه الاختلاف ( على أرجحية ) أي راجحية ( منصوصة ) لأهل المذهب أي لم أجد ترجيحا أصلا فافعل التفضيل في المصنف ليس على بابه فتأمل أما لو وجد راجحية أو ارجحية لأحد الأقوال لاقتصر على الراجح أو الأرجح ولو وجد راجحية للكل لعبر بخلاف كما مر الصور أربع ( وأعتبر ) | | لزوما ( من المفاهيم ) جمع مفهوم وهو ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق ( مفهوم الشرط فقط ) أي أنه ينزله منزلة المنطوق وهو ما دل عليه اللفظ في محل النطق حتى لا يحتاج إلى التصريح به الألكنة كما ستراه إن شاء الله وأما غيره من المفاهيم فلا يعتبر لزوما بل تارة وتارة وإنما اعتبره لزوما لتبادر الفهم إليه لقربه من المنطوق وكثرته في كلامه إذا لو لم يعتبره لفاته الاختصار . والحاصل أن المفهوم قسمان مفهوم موافقة وهو ما وافق المنطوق في حكمه كضرب الوالدين المفهوم من قوله تعالى ولا تقل لهما أف وكإحراق مال اليتيم المفهوم من قوله تعالى إن اليتامى ظلما فإن كلا من الضرب والإحراق موافق للتأفيف والأكل في الحرمة بالنظر للمعنى والأول مفهوم بالأولى والثاني بالمساواة ومفهوم مخالفة وهو ما خالف المنطوق في حكمه وهو عشرة أنواع | | مفهوم الحصر بالنفي والإثبات أو بإنما وقيل أنه من المنطوق ومفهوم الغاية نحو وأتموا الصيام إلى الليل ومفهوم الاستثناء نحو قام القوم إلا زيدا ومفهوم الشرط نحو من قام فأكرمه ومفهوم الصفة نحو أكرم العالم ومفهوم العلى نحو أكرم زيدا لعلمه ومفهوم الزمان نحو سافر يوم الخميس ومفهوم المكان نحو جلست أمامه ومفهوم العدد نحو فاجلدوهم ثمانين جلدة ومفهوم اللقب أي الاسم الجامد نحو في الغنم زكاة وكلها حجة إلا اللقب ( واشير بصحح أو استحسشن إلى أن شيخا ) من مشايخ المذهب ( غير ) الأربعة ( الذين قدمتهم صحح هذا ) الفرع بجوز أن يكون مراده صححه من الخلاف وقوله ( أو استظهره ) من عند نفسه وهو الأقرب ( و ) أشير ( بالتردد ) لأحد من أمرين أما ( لتردد ) جنس ( المتأخرين ) ابن أبي زيد ومن بعده ( في النقل ) عن المتقدمين | |
( مطلب )
صفحہ 26
أول طبقات المتأخرين كأن ينقلوا عن الإمام أو عن ابن القاسم في مكان حكما ثم ينقلوا عنه في مكان آخر خلافهن أو ينقل بعضهم عنه حكما وينقل عنه آخر خلافه وسبب ذلك أما اختلاف قول الإمام بأن يكون له قولان وأما الاختلاف في فهم كلامه فينسب له كل ما فهمه منه وكأن ينقل بعضهم عن المتقدمين أنهم على قول واحد في حكم معين وينقل غيره أنهم على قول واحد في حكم معين وينقل غيره أنهم على قولين فيه وغيرهما أنهم على أقوال ( أو ) ترددهم في الحكم نفسه ( لعدم نص المتقدمين ) عليه فليس قوله لعدم عطفا على لتردد بل المعطوف عليه قوله في النقل ( و ) أشير غالبا ( بلو ) المقترنة بالواو ولم يذكر بعدها الجواب اكتفاء بما تقدمها نحو الحكم كذا ولو كان كذا ( إلى ) رد ( خلاف مذهبي ) بياء النسبة منونا نعت الخلاف أي خلاف منسوب للمذهب الذي ألفت فيه هذا المختصر أي لخلاف واقع فيه بدليل الاستقراء | | ومن غير الغالب قد يكون لمجرد المبالغة ( والله أسأل ) أي لا غيره ( أن ينفع به ) أي بهذا المختصر ( من كتبه ) لنفسه أو لغيره ولو بأجرة ( أو قرأه ) بحفظ أو مطالعة أو تعليما أو تعلما ( أو حصله ) بملك بشراء أو غيره أو بإستعارة أو إجارة ( أو سعى في شيء منه ) أي من المختصر والشيء صادق ببعض كل واحد مما ذكر وببعض واحد منها فقط وبغير ذلك كإعانة الكاتب بمداد أو ورق أو إعانة القارئ بنفقة والمحصل بشي من الثمن أو الأجرة وقرائن | الأحوال دالة على أن الله تعالى قد تقبل منه هذا السؤال ( والله يعصمنا ) أي يحفظنا ويمنعنا ( من ) | الوقوع في ( الزلل ) كالزلق لفظا ومعنى يريد به لازمه وهو النقص لأن من زلقت رجله في طين أو زلق لسانه في منطق فقد نقص وهذه جملة طلبية معنى كقوله ( ويوفقنا ) لما يحبه ويرضاه ( في القول والعمل ) أي أقوالنا وأعمالنا بأن يخلق فينا قردة الطاعة في كل حال ومنه تأليف هذا الكتاب فنسأل الله أن يعصمنا من وقوع الخلل فيه ويوقفنا فيه لما يرضيه ( ثم ) بعد أن | أعلمتك بأني أحببت سؤالهم وباصطلاحي في هذا المختصر | | ( أعتذر ) أي أظهر عذرى ( لذوي ) أي أصحاب ( الألباب ) جمع لب بمعنى العقل أي العقول الكاملة لأنهم هم الذين يقبلون العذر ولا يلومون لكمال إيمانهم ( من ) أجل ( التقصير ) أي الخلل ( الواقع ) مني ( في هذا الكتاب ) والعقل على الصحيح نور روحاني به تدرك النفس العلوم الضرورية والنظرية وابتداء وجوده نفخ الروح في الجنين ثم لم يزل ( 2 ) ينمو إلى أن يكمل عند البلوغ خلقه الله في القلب وجعل نوره متصلا بالدماغ والجمهور على أن كماله عند الأربعين ( وأسأل ) حذف المفعول إختصار أي أسألهم لأنهم هم الذين يسئلون ( بلسان التضرع ) أي ذي التضرع أو أنه جعل نفسه تضرعا مبالغة أو المراد للتضرع الخاشع على حد زيد عدل أو المراد بلسان تضرعي أي تذللي فيكون على هذا في الكلام استعارة بالكناية ( والخشوع ) أي الخضوع والذل ( وخطاب التذلل ) أي التضرع ( والخضوع ) أي الخشوع فالألفاظ الأربعة بمعنى واحد واسند اللسان للتضرع والخطاب للتذلل | | تفتنا والخطاب هو الكلام الذي يقصد به إفهام المخاطب وقيل الصالح للإفهام ( أن ينظر ) بالبناء للمفعول أي أسألهم أن يتأمل هذا الكتاب ( بعين ) ذي ( الرضا ) أي القبول والمحبة ( والصواب ) أي الإنصاف لا بعين السخط والاعتساف أو أن إضافة عين لما بعده لأدنى ملابسة كما قيل . وعين الرضا عن كل عيب كليلة . كما أن عين السخط تبدي المساويا ( فما كان ) ما شرطية مبتدأ وكان تامة فعل الشرط وفاعلها يعود على ما و ( من نقص ) بيان لما أي فما وجد فيه من نقص لفظ يخل بالمعنى المراد ( كملوه ) فعل ماض جواب الشرط أي كملوا ذلك النقص أي اللفظ الناقص أو المنقوص فليس المراد بالنقص المعنى المصدري أي الترك إذ لا معنى لتكميل الترك إذ لا يكمل إلا الموجود ناقضا ( و ) ما كان ( من خطإ في المعاني والأحكام وفي إعراب الألفاظ ( أصلحوه ) بفتح اللام فعل ماض أي اصلحوا ذلك الخطأ بالتنبيه عليه في الشروح أو الحاشية أو التقرير بأن يقال قد وقع منه هذا سهوا أو قد سبقه القلم وصوابه كذا أو هو على حذف مضاف مثلا أو فيه تقديم وتأخير من غير تغيير وتبديل في أصل الكتاب فإنه لا يجوز ولا إذن فيه لأحد كما هو ظاهر والحذر من قلة الأدب كان يقال هذا خبط أو كذب أو كلام فاسد لا معنى له فإن قلة الأدب مع أئمة الدين لا تفيد إلا الوبال على صاحبها دنيا وأخرى وانظر هذا الإمام الكبير كيف اعتذر وتذلل | | على علو مقامه وعظم شأنه أفيجازي مثله بقلة الأدب بمجرد هفوة لا يخلو منها أحد كما علل وجه اعتذاره وسؤاله التأمل بعين الرضا بقوله رضي الله عنه وعنابه ( فقلما يخلص ) أي ينجو ( مصنف ) أي مؤلف ( من الهفوات ) جمع هفوة ومراده بها الخطأ ( أو ينجو مؤلف من العثرات ) جمع عثرة بالمثلثة ومراده بها السقوط في تحريف الألفاظ ويحتمل العكس ويحتمل أن معناهما واحد وهو الزلة وذلك لأن الإنسان محل النسيان والقلب يتقلب في كل آن فربما تعلق القلب بحكم أوامر من الأمور فيكتب الإنسان خلاف مقصوده أو إنه ينسى شرطا أو حكما أو يسهو عنه فيظن أن الصواب ما كتبه والواقع خلافه أو يريد أن يكتب لفظ وجوب فيسبقه القلم فيكتب لفظ سنة أو يريد اختصاره عبارة فيسقط منه ما يخل بالمعنى المراد وقد يكون الخطأ من غيره وينسب له كأن يخرج على الحاشية كلمة أو كلاما فيثبتها الناسخ في غير موضعها فيقال أن المصنف قد أخطأ غيره أو غير ذلك وبالجملة فجزى الله المؤلفين عن المسلمين أحسن الجزاء وقلنا معناها النفي أي لأنه لا يخلو مؤلف فما كافة لقل عن طلب الفاعل وحينئذ فتكتب متصلة بقل والله أعلم . |
باب هذا باب يذكر فيه
أحكام الطهارة وما يتعلق بها
وهو لغة فرجة في ساتر يتوصل بها من داخل إلى خارج وعكسه واصطلاحا اسم لطائفة من المسائل المشتركة في حكم
صفحہ 30
والطهارة لغة النظافة من الأوساخ الحسية والمعنوية كالمعاصي الظاهرة والباطنة واصطلاحا قال ابن عرفة صفة حكمية توجب لموصوفها جواز استباحة الصلاة به أو فيه أو له فالأوليان من خبث والأخيرة من حدث انتهى أي صفة تقديرية توجب أي تستلزم للمتصف بها جواز الصلاة به إن كان محمولا للمصلي وفيه إن كان مكانا له وله إن كان نفس المصلى ويقابلها بهذا المعنى أمران النجاسة وهي صفة حكمية توجب لموصوفها منع استباحة الصلاة به أو فيه قاله ابن عرفة والحدث وهو صفة حكمية توجب لموصوفها منع استباحة الصلاة له وقد يطلق على نفس المنع المذكور سواء تعلق بجميع الأعضاء كالجنابة أو ببعضها كحدث الوضوء ويطلق في مبحث الوضوء على الخارج المعتاد من المخرجين وفي مبحث قضاء الحاجة على خروج الخارج
صفحہ 32
فقول المصنف ( يرفع الحدث ) أي الوصف الحكمي المقدر قيامه بالأعضاء أو المنع المترتب على الأعضاء كلها أو بعضها
صفحہ 33
( وحكم الخبث ) أي عين النجاسة والمراد بالحكم الصفة الحكمية وعلم من تفسير الخبث بعين النجاسة أن النجاسة تطلق أيضا على الجرم المخصوص القائم به الوصف الحكمي ( ب ) الماء ( المطلق ) غسلا أو مسحا أو نضحا فقد علمت أن الطهارة قسمان حدثية وخبثية والأولى مائية وترابية والمائية بغسل ومسح أصلي أو بدلي والبدلي اختياري أو اضطراري والترابية بمسح فقط والخبثية أيضا مائية وغير مائية والمائية بغسل ونضح وغير المائية بدابغ في كيمخت فقط ونار على الراجح فيهما إذا علمت ذلك فقولهم الرافع هو المطلق لا غيره فيه نظر بناء على الراجح وعلى التحقيق من أن التيمم يرفع الحدث رفعا مقيدا والقول بأنه لا يرفعه وإنما يبيح الصلاة لا وجه له إذ كيف تجتمع الإباحة مع المنع أو الوصف المانع نعم الأمران معا أي الحدث وحكم الخبث لا يرفعهما إلا المطلق وأما غيره فلا يرفعهما معا لأن التراب إنما يرفع الحدث فقط والدابغ والنار إنما يرفعان حكم الخبث فقط وإنما أطلنا الكلام هنا لما في ذلك من كثرة النزاع والتنبيه على ما قد يغفل عنه
( وهو ) أي الماء المطلق ( ما ) أي شيء ( صدق عليه ) أي على ذلك الشيء ( اسم ماء ) خرج الجامدات والمائعات التي لا يصدق عليها اسم ماء كالسمن والعسل ( بلا قيد ) لازم خرج نحو ماء الورد وماء الزهر والعجين لا منفك كماء البحر وماء البئر هذا إذا كان لم يجمع من ندى ولا ذاب بعد جموده كماء البحر والمطر والعيون والآبار ولو آبار ثمود وإن كان التطهير به غير جائز لكونه ماء عذابا بل ( وإن جمع ) ولو في يد المتوضىء والمغتسل ( من ندى ) واقع على أوراق الشجر والزرع واستظهر أنه لا يضر تغير ريحه بما جمع من فوقه لأنه كالتغير بقراره
( أو ذاب ) أي تميع ( بعد جموده ) كالثلج وهو ما ينزل مائعا ثم يجمد على الأرض والبرد وهو النازل من السماء جامدا كالملح والجليد وهو ما ينزل متصلا بعضه ببعض كالخيوط
صفحہ 34
( أو كان ) المطلق ( سؤر ) بضم السين وسكون الهمزة وقد تسهل أي فضلة شرب ( بهيمة ) ولو غير مأكولة اللحم أو جلالة ( أو ) كان سؤر ( حائض أو جنب ) ولو كافرين شاربي خمر شربا منه معا وأولى لو انفرد أحدهما ( أو ) كان المطلق ( فضلة طهارتهما ) معا وأولى أحدهما اغترفا أو نزلا فيه
صفحہ 35
والطهارة بضم الطاء ما فضل بعد التطهير فإضافة فضل لها للبيان ( أو ) كان المطلق ( كثيرا ) بأن زاد عن آنية غسل وكذا يسير على الراجح ( بنجس ) وأولى بطاهر لم يغيره ) أحد أوصافه وإلا سلب الطهورية ( أو ) كان الماء متغيرا جزما و ( شك ) بالبناء للمفعول أي وقع التردد على السواء ( في مغيره ) وبين معنى الشك بقوله ( هل ) هذا المغير ( يضر ) كالطعام والدم أو لا كقراره وأولى إذا لم يجزم بالتغير مع الشك المذكور ومفهوم شك أنه لو ظن أن مغيره يضر فإنه يعمل على الظن ولو جزم بالتغير وأنه بمفارق وشك في طهارته ونجاسته فالماء طاهر لا طهور ( أو تغير ) الماء ريحه ( بمجاوره ) بالهاء وبالتاء أي بسبب مجاوره كجيفة أو ورد على شباك قلة مثلا من غير ملاصقة للماء ولا يمكن عادة تغير لونه أو طعمه بما ذكر لعدم المماسة لكن لو فرض التغير ما ضر أيضا وهذا إذا كان تغير ريحه بمجاور غير ملاصق بل ( وإن ) كان تغير ريحه ( بدهن لاصق ) سطح الماء بلا ممازجة وهذا ضعيف والراجح أن الملاصق لسطح الماء يضر وأما تغير اللون والطعم بالملاصق فإنه يضر قطعا كالممازج حتى على ما مشى عليه المصنف ( أو ) كان تغير ريحه لا لونه أو طعمه ( ب ) سبب ( رائحة قطران وعاء مسافر ) أو غير مسافر وضع الماء فيه بعد زوال القطران منه وبقيت الرائحة وكذا لو وضع القطران في الماء فرسب أو وضع الماء في إناء فيه جرم القطران فتغير ريحه به من غير ممازجة على ما لسند وأما تغير الطعم أو اللون فإنه يضر وهذا كله إذا لم يكن القطران دباغا للوعاء وإلا فلا يضر ولو تغير جميع الأوصاف كغير القطران إذا كان دباغا كما لزروق ( أو ) تغير المطلق لونه أو طعمه أو ريحه أو الجميع ( بمتولد منه ) كالطحلب بضم الطاء وضم اللام وفتحها خضرة تعلو الماء لطول مكثه ولو نزع وألقي فيه ثانيا أو في غيره ما لم يطبخ فيه وكالسمك الحي لا إن مات أو تغير بروثه فيضر كما استظهره بعضهم واستظهر بعضهم عدم الضرر لأنه مما لا ينفك عنه غالبا ( أو ) تغير ( بقراره كملح ) وتراب وكبريت ومغرة وشب بأرضه ( أو ) تغير ( بمطروح ) فيه من غير قصد كأن ألقته الرياح بل ( ولو ) طرح فيه ( قصدا ) من آدمي خلافا للمازري ( من تراب أو ملح ) أو غيرهما صفة لمطروح معدنيا كان الملح أو مصنوعا على المعتمد ( والأرجح ) عند ابن يونس ( السلب ) للطهورية ( بالملح ) المطروح قصدا خاصة وهو ضعيف ( وفي الاتفاق على السلب به ) أي بالملح ( إن صنع ) من أجزاء الأرض كتراب مالح سخن بنار واستخرج منه ملح لا إن لم يصنع بأن كان معدنيا فلا يتفق فيه على السلب بل فيه الخلاف السابق وعدم الاتفاق عليه بل فيه الخلاف ( تردد ) للمتأخرين والراجح الشق الثاني من التردد وهو عدم الاتفاق على السلب به بل الخلاف جار فيه كالمعدني والراجح من الخلاف عدم السلب مطلقا كما تقدم ( لا ) يرفع الحدث وحكم الخبث ( ب ) ماء ( متغير ) تحقيقا أو ظنا ولم يكن بينا ( لونا أو طعما أو ريحا بما ) أي شيء ( يفارقه غالبا ) أي كثيرا
صفحہ 37
وقوله ( من ظاهر ) كلبن وزعفران ( أو نجس ) كبول ودم بيان لما ( كدهن خالط ) أي مازج مثال لهما لأنه قد يكون طاهرا وقد يكون نجسا
صفحہ 38
وقوله ( أو بخار ) أي دخان ( مصطكى ) مثال لهما أيضا لأنه قد يكون نجسا أيضا بناء على ما يأتي للمصنف من أن دخان النجس نجس لا على الراجح وسواء بخر به الماء أو الإناء ووضع فيه الماء مع بقاء الدخان لا إن لم يبق فلا يضر تغير ريحه لأنه من باب التغير بالمجاور ( وحكمه ) أي حكم المتغير بعد سلب الطهورية من جواز الاستعمال وعدمه ( كمغيره ) فإن تغير بطاهر جاز استعماله في العادات دون العبادات وإن تغير بنجس فلا ( ويضر ) الماء ( بين تغير ) أي تغير بين أي ظاهر لأحد أوصافه ( بحبل سانية ) أي ساقية أو دلو ونحوه من كل وعاء يخرج به الماء إذا كان من غير أجزاء الأرض كخوص أو حلفاء فإن كان من أجزائها فلا يضر التغير به ولو بينا ( ك ) تغير ( غدير ) ولو غير بين فالتشبيه في مطلق التغير لا بقيد كونه بينا وهو واحد الغدران قطع الماء يغادرها السيل ( بروث ماشية ) وبولها عند ورودها له ( أو ) تغير ماء ( بئر ) ولو غير بين أيضا ( بورق شجر أو تبن ) ألقته الرياح فيها وسواء كانت بئر بادية أو لا ( والأظهر ) عند ابن رشد من قولي مالك ( في ) تغير ماء ( بئر البادية بهما الجواز ) أي جواز رفع الحدث وحكم الخبث به لعدم الضرر لعسر الاحتراز وهو المعتمد ومثل البئر الغدران فلا مفهوم للبئر بل ولا للبادية وإنما المدار على عسر الاحتراز وغلبة السقوط كما دل عليه كلام ابن رشد وغيره ( وفي جعل ) أي تقدير المفارق غالبا ( المخالط ) للمطلق اليسير قدر آنية الغسل ( الموافق ) له في أوصافه نجسا كان كبول زالت رائحته أو نزل بصفة المطلق أو طاهرا كماء الرياحين المنقطعة الرائحة ( كالمخالف ) فيسلبه الطهورية ثم حكمه كمغيره وعدم جعله كالمخالف فهو باق على طهوريته نظرا إلى أنه باق على أوصاف خلقته وهو الراجح ( نظر ) أي تردد محله إذا تحقق أو ظن أنه لو بقيت الأوصاف المخالفة لتغير وأما إذا كان يشك في التغيير على تقدير وجودها وأولى لو ظن عدم التغير فهو طهور اتفاقا وينبغي أن محل كون الراجح الثاني ما لم يغلب المخالط وإلا فلا إذ الحكم للغالب فقول من أطلق ليس بالبين ( وفي ) جواز ( التطهير ) من حدث أو خبث ( بماء جعل في الفم ) نظرا لعدم تحقق التغير وهو قول ابن القاسم وعدم جوازه لغلبة الريق في الفم وهو قول أشهب ( قولان ) وهل خلافهما حقيقي لاتفاقهما على عدم انفكاك الماء عن مخالطة الريق إلا أن المجيز اعتبر صدق المطلق عليه والمانع اعتبر المخالطة في الواقع أو في حال وهو المعتمد لأن مدار سلب الطهورية على ظن التغير أو تحققه وحينئذ فإذا تغير الماء بظهور الرغوة فيه أو بغلظ قوامه من غلبة اللعاب فلا يصح التطهير به قطعا وأما إذا لم يتحقق ذلك فإن ظن التغيير لكثرة الريق أو لطول مكث أو لمضمضة فكذلك وعليه يحمل قول أشهب وإن لم يحصل ظن بأن تحقق عدم التغير أو شك فلا يضر ولا ينبغي الخلاف في ذلك وعليه يحمل قول ابن القاسم فالخلاف لفظي ولما كان بعض أفراد المطلق يكره التطهير بها نبه عليها بقوله ( وكره ماء ) أي استعمال ماء يسير وجد غيره في طهارة حدث أو أوضية أو اغتسالات مندوبة لا خبث فلا يكره على الأرجح ( مستعمل ) ذلك الماء قبل ( في ) رفع ( حدث ) ولو من صبي وكذا في إزالة خبث فيما يظهر والمستعمل ما تقاطر من الأعضاء أو اتصل بها أو انفصل عنها وكان يسيرا كآنية وضوء غسل عضوه فيه واحترز بالماء عن التراب فلا يكره التيمم عليه مرة أخرى لعدم تعلقه بالأعضاء
صفحہ 42
( وفي ) كراهة استعمال ماء مستعمل في ( غيره ) أي غير حدث وكذا حكم خبث مما يتوقف على مطلق ويقصد معه الصلاة كغسل إحرام وجمعة وعيد وتجديد وضوء وماء غسلة ثانية وثالثة وعدم كراهته ( تردد ) وأما الغسلة الرابعة وما غسل به إناء أو ثوب نظيفان أو وضوء لم يقصد به صلاة كوضوء جنب أو لزيارة صالح أو سلطان فلا يكره استعماله في متوقف على طهور قطعا ( و ) كره ماء ( يسير ) أي استعماله في حدث وحكم خبث ومتوقف على طهور لا في عادات واليسير ( كآنية وضوء وغسل ) فأولى دونهما خولط ( بنجس ) كقطرة ففوق لا دونها ( لم يغير ) إذا وجد غيره ولم تكن له مادة كبئر ولم يكن جاريا وإلا فلا كراهة ومفهوم لم يغير أنه إذا غير سلبه الطاهرية ومفهوم بنجس أنه لا كراهة بطاهر إن لم يغيره وإلا سلبه الطاهرية ولا كراهة في الكثير وهو ما زاد على آنية غسل فقول الرسالة وقليل الماء ينجسه قليل النجاسة وإن لم تغيره ضعيف فلو استعمل وصلى به فلا إعادة على المشهور الذي مشى عليه المصنف وعلى الضعيف يعيد في الوقت فقط ( أو ) يسير ( ولغ فيه كلب ) أي أدخل فيه لسانه وحركه ولو تحققت سلامة فيه من النجاسة لا إن لم يحركه ولا إن سقط منه لعاب فيه وولغ يلغ بفتح اللام فيهما وحكى كسرها في الأول
( و ) كره ماء ( راكد ) أي غير جار والكلام على حذف مضاف أي استعمال راكد
وقوله يغتسل فيه ) تفسير للمضاف المقدر فكأنه قال وكره اغتسال براكد ولو كثيرا إن لم يستبحر ولم تكن له مادة أو له مادة وهو قليل كبئر قليلة الماء ولم يضطر إليه وإن لم يغتسل فيه أحد قبله والكراهة تعبدية وليس قوله يغتسل فيه صفة لراكد وإن كان هو المتبادر منه لأنه حينئذ لا يقتضي كراهة الاغتسال فيه ابتداء بل حتى يتقدم فيه اغتسال وليس كذلك
( و ) كره ( سؤر ) أي بقية شرب ( شارب خمر ) مسلم أو كافر أي من شأنه ذلك لا من وقع منه مرة أو مرتين وشك في فمه لا إن تحققت طهارته فلا كراهة ولا إن تحققت نجاسته وإلا كان من أفراد قوله وإن ريئت إلخ ( و ) كره ( ما أدخل يده فيه ) لأنه كماء حلته نجاسة ولم تغيره ومثل اليد غيرها كرجل ما لم يتحقق طهارة العضو كره ( و ) كره سؤر ( ما ) أي حيوان ( لا يتوقى نجسا ) كطير وسبا وقوله ( من ماء ) يسير بيان لسؤر ولما أدخل يده فيه ولسؤر المقدر هنا وهذا إذا لم يعسر الاحتراز منه ( لا إن عسر الاحتراز منه ) أي مما لا يتوقى نجسا كالهرة والفأرة فلا يكره سؤره
صفحہ 44
ثم صرح بمفهوم ما لكونه غير مفهوم شرط فقال ( أو كان ) سؤر شارب الخمر وما عطف عليه ( طعاما ) فلا يكره ولا يراق إذ لا يطرح طعام بشك ( كمشمس ) فلا يكره هذا ظاهره والمعتمد الكراهة فليجعل تشبيها بالمكروه ويقيد بكونه في البلاد الحارة والأواني المنطبعة وهي ما تمد تحت المطرقة غير النقدين وغير المغشاة بما يمنع انفصال الزهومة منها لا مسخن بنار فلا يكره ما لم تشتد حرارته فيكره كشديد البرودة لمنعها كمال الإسباغ وما تقدم من كراهة سؤر شارب الخمر وما أدخل يده فيه وسؤر ما لا يتوقى نجسا إذا لم يعسر الاحتراز منه ولم يكن طعاما وإلا فلا كراهة محله إن لم تر النجاسة على فيه وقت استعماله ( وإن ريئت ) أي النجاسة أي علمت بمشاهدة أو إخبار ( على فيه ) أي على شارب الخمر وما لا يتوقى نجسا أي أو على يده أو غيرها من الأعضاء ( وقت استعماله ) للماء أو الطعام ( عمل عليها ) أي على مقتضاها فإن غيرت الماء سلبت طاهريته وإلا كره استعماله إن كان يسيرا ونجست الطعام إن كان مائعا كجامد وأمكن السريان ( وإذا مات ) حيوان ( بري ذو نفس ) أي دم ( سائلة ) أي جارية ( ب ) ماء ( راكد ) غير مستبحر جدا ولو كان له مادة كبئر ( ولم يتغير ) الماء ( ندب نزح ) منه لتزول الرطوبات التي خرجت من فيه عند فتحه وقت خروج روحه وينقص النازح الدلو لئلا تطفو الدهنية فتعود للماء ويكون النزح ( بقدرهما ) أي بقدر الحيوان والماء من قلة الماء وكثرته وصغر الحيوان وكبره فيقل النزح مع صغر الحيوان وكثرة الماء ويكثر مع كبره وقلة الماء ويتوسط في عظمهما وصغرهما والتحقيق أن المدار على ظن زوال الرطوبات وكلما كثر النزح كان أحسن واحترز بالبري عن البحري وبذي النفس عن غيره كالعقرب وبالراكد عن الجاري فلا يندب النزح في شيء من ذلك
صفحہ 46
ثم صرح بمفهوم الشرط لخفائه وللرد على من يقول فيه بندب النزح فقال ( لا إن وقع ) البري في الماء ( ميتا ) أو حيا وأخرج حيا فلا يندب النزح ( وإن زال تغير ) الماء الكثير ولا مادة له ( النجس ) بكسر الجيم أي المتنجس ( لا بكثرة مطلق ) صب عليه ولا بإلقاء شيء من تراب أو طين بل بنفسه أو بنزح بعضه ( فاستحسن الطهورية ) لذلك الماء لأن تنجيسه إنما كان لأجل التغير وقد زال والحكم يدور مع علته وجودا وعدما كالخمر يتخلل ( وعدمها ) أي الطهورية يعني والطاهرية وكأنه اتكل على استصحاب الأصل ( أرجح ) وهو المعتمد والأول ضعيف إلا أنه اعترض بأنه ليس لأن يونس هنا ترجيح ومفهوم الماء الكثير أن القليل باق على تنجيسه بلا خلاف ومفهوم لا بكثرة مطلق أنه يطهر إذا زال تغيره بكثرة المطلق وكذا بقليله أو بمضاف طاهر خلافا لظاهر المصنف وكذا لو زال التغير بإلقاء طين أو تراب إن زال أثرهما فلو قال لا بصب طاهر كان أولى ومفهوم النجس أنه لو زال تغير الطاهر بنفسه أو بطاهر فهو طهور
صفحہ 47
( و ) إذا شك في مغير الماء ( قبل خبر الواحد ) العدل الرواية ولو أنثى أو عبدا المخبر بنجاسته ( إن بين ) المخبر ( وجهها ) كأن يقول تغير بدم أو بول ( أو ) لم يبين المخبر وجهها ولكن ( اتفقا ) أي المخبر والمخبر ( مذهبا ) المخبر بالكسر عالم بما ينجس وما لا ينجس ( وإلا ) بأن اختلف المذهب مع عدم بيان الوجه ( فقال ) المازري من عند نفسه ( يستحسن ) أي يستحب ( تركه ) لتعارض الأصل وهو الطهورية وإخبار المخبر بتنجيسه وهذا عند وجود غيره وإلا تعين ( وورود الماء على ) ذي ( النجاسة ) كثوب مثلا متنجس يصب عليه المطلق وينفصل عنه غير متغير ( كعكسه ) أي كورود النجاسة على الماء في التطهير أي لا فرق عندنا في ورود المطلق على النجاسة ولا في ورود النجاسة على الماء كأن يغمس الثوب في إناء ماء ويخرج غير متغير سواء كان الماء قليلا أو كثيرا وخالف الشافعي في الثاني فقال إن وردت عليه وهو دون قلتين تنجس بمجرد الملاقاة ولا يمكن تطهير الثوب إلا بصب الماء عليه أو يغمس في ماء قدر قلتين فأكثر
ولما قدم أن الماء المتغير بالطاهر طاهر وبالنجس نجس ناسب أن يبين الأعيان الطاهرة والنجسة بقوله
فصل هو لغة الحاجز بين الشيئين
صفحہ 48