قال جالينوس: «الأشياء التي يكون بها البحران» منها ما هي أعلام تدل عليه ومنها ما هي أسباب فاعلة له وقد وصفنا الصنفين جميعا صفة شافية في كتاب البحران. وأنا واصف الآن أيضا شيئا من أمرها على طريق المثال فأقول إن طبيعة الأعلام والأعراض «التي يكون بها البحران» هي على هذا المثال الذي أنا واصفه. والأجود أن تكون صفتي لما أصفه من هذا المثال من كلام أبقراط فقد قال أبقراط في كتاب تقدمة المعرفة: «إنه متى كانت في الرأس والرقبة أوجاع وثقل مع حمى أو من غير حمى فإنه يحدث أما لأصحاب الورم الحار في الدماغ فتشنج في العصب ويقيؤون مرارا شبيها بلون الزنجار وكثير من هؤلاء يعاجله الموت. وأما في أصحاب الحمى المحرقة وفي سائر الحميات فمتى كان في الرقبة وجع وفي الصدغين ثقل ورأى المريض قدام عينيه ظلمة وأحس فيما دون الشراسيف بتمدد ليس معه وجع فإنه يصيبه رعاف. ومتى كان ثقل في الرأس كله ووجع في الفؤاد وكرب فإنه يصيب المريض قيء مرار». فهذه وأشباهها أعلام البحران. وأما أسباب البحران فهي الأشياء التي تدل عليها تلك الأعلام أعني الرعاف والاختلاف والقيء والعرق وسائر أشباه ذلك. فأما الأعلام التي تدل بنفسها أولا على النضج وتدل بالعرض على أن بحران المريض يسرع فهي غير هذين الصنفين جميعا.
وقد وصفت جميع هذه الأشياء في كتابي في البحران وفي مقالة وصفت فيها أمر أوقات الأمراض فشرحت أمر الأعلام المأخوذة من البول أو من النفث أو من الاختلاف أو من غير ذلك الدالة على النضج أنه قد ابتدأ أو أنه في التزيد أو أنه قد استكمل. وقد بينت أيضا أنه لا يكون بحران محمود قبل أن ينضج المرض فلذلك لا ينبغي أن تظهر أعلام البحران ولا أسباب البحران منذ أول المرض. فأما أعلام النضج فظهورها محمود في جميع أوقات المرض ولذلك قال في كتاب الفصول: «مثال ذلك ما يظهر في أصحاب ذات الجنب أنه إن ظهر النفث بدءا منذ أول المرض كان المرض قصيرا».
[chapter 17]
قال أبقراط: إن الأعراض التي تكون في وقت البحران إذا ظهرت ثم لم يكن بحران ربما دلت على الموت وربما دلت على أن البحران يعسر.
صفحہ 126