" إن الله ينزل إلى السماء الدنيا يباهي بأهل عرفة الملائكة ويقول: انظروا إلى عبادي، أتونى شُعْثًا غُبْرًا " فوصف أنه يدنو عشية عرفة إلى السماء الدنيا، ويباهي الملائكة بالحجيج فيقول: " انظروا إلى عبادي أتوني شعثًا غبرًا ما أراد هؤلاء؟ " فإنه من المعلوم أن الحجيج عشية عرفة ينزل على قلوبهم من الإيمان والرحمة والنور والبركة ما لا يمكن التعبير عنه، لكن ليس هذا الذى في قلوبهم هو الذى يدنو إلى السماء الدنيا، ويباهي الملائكة بالحجيج.
والجهمية ونحوهم من المعطلة، إنما يثبتون مخلوقًا بلا خالق، وأثرًا بلا مؤثر، ومفعولًا بلا فاعل، وهذا معروف من أصولهم، وهذا من فروع أقوال الجهمية.
وأيضًا، فيقال له: وصف نفسه بالنزول كوصفه في القرآن بأنه ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [الحديد: ٤] وبأنه استوى إلى السماء وهي دخان، وبأنه نادى موسى وناجاه في البقعة المباركة من الشجرة، وبالمجيء والإتيان في قوله: ﴿وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ [الفجر: ٢٢]، وقال: ﴿هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ﴾ [الأنعام: ١٥٨] .
والأحاديث المتواترة عن النبي ﷺ في إتيان الرب يوم القيامة كثيرة، وكذلك إتيانه لأهل الجنة يوم الجمعة، وهذا مما احتج به السلف على من ينكر الحديث، فبينوا له أن القرآن يصدق معنى هذا الحديث، كما احتج به إسحاق بن راهويه على بعض الجهمية بحضرة الأمير عبد الله بن طاهرـ أمير خراسان.
قال أبو عبد الله الرِّبَاطي: حضرت يومًا مجلس الأمير عبد الله بن طاهر ذات يوم، وحضر إسحاق بن راهويه، فسئل عن حديث النزول: أصحيح هو؟ فقال: نعم، فقال له بعض
1 / 39