شرح فصول ابقراط للکیلانی
شرح فصول أبقراط للكيلاني
اصناف
قال * أبقراط الحكيم (113) : ما كان من الطعام والشراب أخس قليلا إلا أنه ألذ فينبغي أن يختار على ما هو أفضل منه إلا أنه * أكره. (114)
[commentary]
واعلم أن الغذاء منه لطيف ومنه كثيف، وأيضا فإن كل واحد منهما قد يكون رديء الكيموس ويكون محمود الكيموس. والماء الذي هو ركن من الأركان لبدن الإنسان * وخص (115) بالتناول من بينها، وإن كان لا يغذو بل ينفذ الغذاء وبه رقة تؤثر في البدن بحسب اختلافه لا في جوهره المائية لكن بحسب ما يخالطها وبحسب الكيفيات التي تغلب عليها. فقال الحكيم أبقراط: ما كان من الطعام والشراب أخس قليلا بالنسبة إلى غيرهما PageVW0P018B من الأطعمة والأشربة اللطيفة PageVW1P012A إلا أنه تستلذه النفس وتشتهيه فينبغي أن يختار هذا الطعام المشتهى على الطعام الفاضل الشريف الذي لا تقبله النفس ولا تشتهيه بل تكرهه لأن الطبيعة تصلحه وتدفع مضاره من البدن فيصير موافقا ملائما للبدن بخلاف الغذاء الفاضل الغير المرغوب، فإن الطبيعة تشمئز عنه ولا تشتغل بهضمه.
15
[aphorism]
قال أبقراط رحمه الله: متى ورد على البدن غذاء خارج عن الطبيعة كثير فإن ذلك يحدث مرضا ويدل على ذلك * برؤه (116)
[commentary]
إن الخالق تعالى أعطى كل حيوان وكل بدن من المزاج ما هو أليق به وأصلح لأفعاله وأحواله، ولا يكون عدم حصول * ذلك المزاج (117) لبخل من جهة الجواد المطلق ولا لامتناع ذاتي من جهة ذلك الشيء، بل لامتناع يرجع إلى حال القوابل عند استعداداتها التامة، وكل مغير لذلك المزاج المناسب PageVW0P019A لأفعاله وأحواله ممرض لذلك البدن مغير لأحواله الطبيعي، فمتى ورد على البدن غذاء خارج عن مزاجه في الكمية أو الكيفية، أما في الكمية بأن يحدث في البدن امتلاء بحسب القوة أو بحسب الأوعية كما مر. * وأما (118) في الكيفية هو أن يحدث في البدن من الحرارة أو البرودة أو الرطوبة أو اليبوسة الزائدة كل واحدة منها على الطبيعي، كما إذا أورد على البدن شيء حار زائد على مزاجه فيسخنه ويخرجه عن حاله إلى أن يكون أحر مما ينبغي، وكذلك إذا ورد عليه شيء بارد أو يابس أو رطب واعلم أن الشيء الذي يقال له حار أو بارد أو رطب أو يابس على ضربين PageVW1P012B أحدهما بالفعل والآخر بالقوة، فالحار بالفعل هو أن تكون حرارته موجودة عند حس الإنسان كالباه وكذلك البارد والرطب واليابس والحار بالقوة هو أن لا تكون موجودة عند الحس إلا أنه ممكن أن يصير من بعد بالفعل كالفلفل والثوم والغامر مزجا. فالحار بالفعل يسخن البدن ساعة بلقاه والحار بالقوة يأخذ مبدأ PageVW0P019B الإسخان من البدن، أعني أنه يأخذ مبدأ الاستحالة إلى الحرارة من البدن حتى إذا صار حار بالفعل عاد وأسخن البدن، * وذلك لأن سخونة البدن (119) بالفعل وسخونة الفلفل وغيره بالقوة. وأما الحار بالفعل، يقال على أربعة أضرب: أحدها يقال مطلقا والآخر يقال بالأغلب والثالث أن يقال بالعرض والرابع أن يقال بالإضافة. فالحار المطلق هو ما كانت حرارته خالصة محضة غير مشوية بالضد، وكذلك كل واحد من البارد والرطب واليابس. وأما الحار بالأغلب فهو ما اجتمعت فيه الحرارة والبرودة غير أن الحرارة تكون غالبة على البرودة، وعلى هذا القياس البارد والرطب واليابس. وأما الحار بالإضافة فهو الذي توجد حرارته بحسب الاعتبار إلى شيء آخر، كما يقال * لحمام (120) إنه حار أي أن حرارته توجد بحسب الإضافة إلى حمام آخر أبرد منه. وأما قوله غذاء خارج عن الطبيعة كثير، فلو جعلت قوله كثير صفة للغذاء * ورفعته (121) يكون تقدير كلامه متى ورد على البدن غذاء كثير خارج عن الطبيعة بحسب الكمية، ويجوز PageVW0P020A أن ينصبه، ويكون تقديره PageVW1P013A متى ورد على البدن غذاء * كثير (122) خارج عن الطبيعة خروجا كثيرا في الكيفية أي مهما كان الشيء الوارد على البدن مقدارا معتدلا في الكمية والكيفية بحيث لم يغيره يكون ملائما موافقا طبيعيا. وأما إن ورد عليه شيء وغيره وأخرجه عن حاله الطبيعي فلا بد أن يحدث مرضا فيه. ويدل برؤه بالاستفراغ ان حدوث مرضه كان من جهة كثرة كمية الشيء الوارد عليه وبرؤه بتبديل المزاج واستعمال الضد، يدل على حدوثه أنه كان من الكيفية الخارجة من مزاج البدن.
16
[aphorism]
نامعلوم صفحہ