شرح فصول ابقراط للکیلانی
شرح فصول أبقراط للكيلاني
اصناف
* قال الحكيم أبقراط (185) : من كان بطنه في شبابه لينا فإنه إذا أشاخ يبس بطنه ومن كان في شبابه يابس البطن فإنه إذا أشاخ لان بطنه.
[commentary]
يبين وينور هذا الفصل * لقوله (186) إذا أشاخ لأن بطنه في الفصل الذي يليه مقدما إن لين الطبيعة في * الشباب (187) يكون إما لبرودة فم المعدة وازدياد شهوته فيتناول أكثر من جذب الكبد فيلين بطنه. وإذا شاخ وتفاقمت تلك البرودة لاستيلائها PageVW0P029B على مزاج الشيخ بحيث ابطلت القوة ا لشهوانية وتناول الطعام أقل من رزء البدن وجذبه يبس بطنه. وأما أن يكون شابا مكتنز اللحم مستغنيا عن الغذاء لامتلاء بدنه وعدم تحلله فيلين بطنه. فإذا شاخ وتخلخل بدنه لاستفراغات وتحليلات تقدمت عليه وبنشفان الأيام الماضية التي أذهبت برطوباته واحتاج إلى جذب الغذاء ليخلف لما تحلل منه فيجف * بطنه (188) . وأما إن تكون قوة الدافعة في المعدة وأمعاء الشاب قوية بحيث لا يمهل الكبد على استيفاء جذب عصارة الغذاء فتتحرر سريعا فيلين بطنه. وإذا شاخ * وغلبت (189) اليبوسة على بدنه وضعفت القوة الجاذبة الشهوانية في المعدة وجذبت الكبد رطوبات * الغذاء (190) من المعدة ومصتها عروق البدن يجف بطنه. وأما إن يكون لخلط حامض بلغمي يلحج في فم المعدة ويدغدغه بحموضته فيغتذي أكثر من رزء البدن فيلين بطنه. فمهما شاخ ونقصت رطوبات * المعدة والبدن (191) كلها بسبب PageVW1P019A غلبة اليبوسة. وقل تناول الغذاء PageVW0P030A بالنسبة إلى رزء البدن يبس بطنه. وأما إن يكو * ن (192) من كثرة انصباب السوداء إلى فم المعدة فتهيج الشهوة ويتناول أكثر من احتياج البدن فلان بطنه فإذا شاخ وقل انصبابها وقل تناول الطعام يبس بطنه. وأما يبس بطن الشاب يكون لحرارة فم المعدة وكبده فيجذب فم المعدة * بحرارته (193) الرطوبات إلى نفسه ويسترخي بها فتضعف وتنقص الشهوة ويقل تناول الغذاء والحرارة الكبدية تجذب عصارته إليها فيعرض يبس البطن. فإذا شاخ * وبردت (194) المعدة والكبد ويتناول الغذاء أكثر من رزء البدن ولم يقدر الكبد لبرودتها على استيفاء جلبه وجذبه فيلين بطنه. وأما من خلط مراري أو مالح في فم المعدة فيحدث نقصان الشهوة إلى الطعام فجف بطنه، فإذا شاخ وانتقص فيه الخلط المراري لغلبة البرودة واليبس وإزداد التغذي بالنسبة المعهودة لان بطنه أو يكون لشدة قوة الماسكة فتشبث به ويطول لبث الغذاء في المعدة ريثما تجذب الكبد * رطوباته (195) جميعا فيجف بطنه. فإذا شاخ وضعفت * (196) الماسكة في المعدة والجاذبة PageVW0P030B في الكبد لان بطنه وفي الجملة إذا استبدل مزاج الحار الرطب الذي للشاب بالمزاج البارد اليابس في حاله الشيخوخة فجميع القوى والأفعال الحاصلة للشاب على وجه الكمال تختلف وتتغير بل تضعف إذا شاخ ووقع في سن الانحطاط PageVW1P020A لأنها تابعة للمزاج فتختلف بحسب اختلافه. فلا جرم الشاب اليابس الطبيعة يلين بطنه في * حالة (197) الشيخوخة، وإن كان الشاب لين البطن يكون الأمر على العكس في هذا.
27
[aphorism]
* قال أبقراط الحكيم (198) : ما كان من الأبدان في النشوء فالحار الغريزي فيه على غاية ما يكون عليه من الكثرة ويحتاج من * الوقود (199) إلى أكثر مما يحتاج إليه غيره، فإن لم يتناول ما يحتاج إليه من * الوقود (200) ذبل بدنه ونقص. وأما في الشيوخ فإن الحار الغريزي فيهم قليل، فمن قبل هذا ليس تكون الحمى في المشيخة حادة كما تكون في الذين في النشوء.
[commentary]
واعلم أن حرارة الصبيان أكثر كمية من حرارة الشبان كما أن جوهرا لطيفا حارا واحدا في الكيف والكم، فشيء تارة في جوهر PageVW0P031A رطب * كثير (201) كالماء وفشى * أخرى (202) في جوهر يابس قليل كالحجر. وإذا كان كذلك فإنا نجد * حينئذ (203) الحار المائي أكثر كمية وألين كيفية والحار الحجري أقل كمية وأحد كيفية. وعلى هذا فقس وجود الحار في الصبيان والشباب، * وقيل (204) لو أخذ الصبى الخصب وضمه الإنسان إلى نفسه فإنه يسخن البدن على أنه يزيد في جوهر الحرارة الغريزية وفي كميتها وفي الجملة كل من هو في النشوء فهو أكثر حرارة غريزية لقرب عهده بالكون وذلك أن كون الإنسان من الدم والمني والروح، وثلاثتها حارة حرارة غريزية ولان البدن من حين يوجد لا تزال تؤثر حرارته في رطوبته فتفنيها وتفنى هي أيضا بفنائها. إذا الرطوبة الغريزية تجري من الحرارة مجرى المادة لها كالدهن للسراج، فصار الصبيان ومن هو بعد في النشوء أكثر الإنسان حارا حرارة غريزية PageVW1P020B وأقلها حرارة الشيوخ والمتوسطون بينهما متوسط منهما. فإذا ضم الإنسان إلى صدره صبيا PageVW0P031B خصبا وهو أكثر الصبيان حرارة ورطوبة غريزية انضافت حرارة من بدن الصبى إلى حرارة فيتوفر جوهر الحرارة فيه * وتزداد (205) كميتها كالنار التي أضاف إليها نارا آخرى، ولهذا كانت القدماء فيمن كان يعتريهم ضعف الحرارة الغريزية إما من قبل السن أو من قبل الخلقة أو لعارض أخر مرضي كانوا يعتنقون * جزء الكلاب فيضمونها إلى صدورهم طلبا لهذه المنفعة (206) بعينها، وذلك أنه ليس شيء من أولاد الحيوان ما هو أطيب وأسمن وأنعم وأسخن من جزء الكلاب. فعلم أن جوهر الحرارة الغريزية في الصبيان كثير بحيث يزيدها في غير صاحبها كمية والرطوبة الغريزية أيضا فيهم غالبة لأن الرطوبة مادة للنمو والمادة لا تنفعل ولا تتخلق بنفسها بل عند القوة الفاعلة فيها والقوة الفاعلة هي النفس والطبيعة بإذن الله تعالى ولا تفعل إلا بالآلة وهي الحرارة الغريزية. ولما كان الصبيان أرطب من المعتدل لأجل النمو والتمديد ويدل عليه لين عظامهم وأعضائهم PageVW0P032A وقرب عهدهم بالمني والروح وهذه الرطوبة الغريزية التي هي بمنزلة الدهن للسراج بعد سن الوقوف تأخذ في الانتقاص بنقص الحرارة الغريزية فلا جرم يكون الصبيان والذين في النشوء أكثر حرارة غريزية ويحتاجون إلى غذاء أكثر من سائر الأسنان ليكون بدل ما يتحلل منهم ويفضل منه لأجل النمو وازدياد أقطار البدن. ولما غلبت اليبوسة وقلت الحرارة الغريزية في المشايخ وضعفت القوى PageVW1P021A * الطبيعية (207) فيهم لم يحتاجوا إلا إلى غذاء قليل لأن حرارتهم قليلة هادئة فاترة تنطفي وتنغمر بالغذاء الكثير كما تنطفي الشعلة الضعيفة التي * قاربت (208) الانطفاء من الدهن الكثير والنار الضعيفة من الوقود الكثير. ولما كان الصبيان والذين هم في النشوء على غاية الحرارة الغريزية فيحتاجون إلى الوقود الكثير ولأن التحلل فيهم كثير لرطوبة أبدانهم ولينها فيحتاجون من الخلف وبدل ما يتحلل منهم إلى أكثر مما يحتاج إليه غيرهم. ومع ذلك أبدانهم في النماء تحتاج إلى الزيادة في الغذاء لأجل النمو وأما الشيوخ PageVW0P032B فإنهم لا يحتاجون إلا إلى الوقود القليل لأن أعضائهم لجفافها وصلابتها لا تتمدد ولا تتشرب فيها الرطوبة ولا يحتملون الكثرة لانخزال قواهم وضعف الحرارة فيهم، ولما كان مزاجهم باردا يابسا مستبعد القبول لحدة الحرارة الغريزية وكثرتها فلا يكون * قابلا (209) لحدة الحرارة الغريبة التي للحمى لاتحاد موضوعهما. لما حكم الحكيم أبقراط بأن الذين هم في النشو أكثر الأبدان حارا حرارة غريزية أتبع ذلك بأن الشيوخ أقل الناس حارا، ثم استشهد على ذلك بأن الحمى ليست * تكون (210) في المشايخ حادة كما يكون هم في النشوء لأن الذين هم في * النشوء (211) تكون حرارتهم كثيرة وهم حار المزاج، فمتى أصابتهم حرارتهم الحمى وإنضافت إلى حرارتهم الغريزية تكون حمامهم حادة وأشد كيفية بخلاف مالو أصابت تلك الحمى بعينه ونوعه وعلى وتيرة واحدة على الشيوخ لم تكن حادة لأن مزاجهم بارد يابس يقاوم حرارة الحمى فلم تظهر فيهم شدة كيفية حرارة الحمى كما تظهر في الشاب الحار PageVW1P021B المزاج الكثير الحرارة الغريزية PageVW0P033A .
28
[aphorism]
نامعلوم صفحہ