***145]
اللهم إني أسئلك من عزتك بأعزها، وكل عزتك عزيزة، اللهم إني أسئلك بعزتك كلها.
العزيز هو الغالب أو القوي أو الفرد الذي لا معادل له. وهو تعالى عزيز بالمعنى الأول، كيف وهو غالب على كل الأشياء قاهر عليها، وجميع سلسلة الوجود مسخرة بأمره، {ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها}(هود: 56)، مقهور تحت قهاريته بلا عصيان، مخذول تحت قدرته بلا طغيان، وله السلطنة المطلقة والمالكية التامة والغلبة على الأمر والخلق، وحركة كل دابة بتسخيره، وفعل كل فاعل بأمره وتدبيره. وهو تعالى عزيز بالمعنى الثاني، فإن واجب الوجود فوق ما لا يتناهى بما لا يتناهى قوة. وليس في دائرة الوجود قوي إلا هو، وقوة كل ذي قوة ظل قوته ومن درجات قوته، والموجودات بالجهة الفانية فيه والتدلية إليه وبجنبة "يلي الربى" أقوياء وبالجهات المنتسبة إلى أنفسها وجنبة "يلي الخلقى" ضعفاء.{يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد}(فاطر:15) {وإن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباءكم ما أنزل الله بها من سلطان}(النجم:23). هذا إذا كانت القوة في مقابل الضعف. وإن كانت بمعنى مبدئية الآثار فهو تعالى مبدء آثار غير متناهية، وليس في الدار غيره ديار، وغير صفاته وآثاره ديار، ولا مؤثر في الوجود إلا الله. وكل مؤثر أو مبدء آثار فهو من مظاهره الخلقية، بل هو السميع والبصير بعين سمعنا وبصرنا.
قال شيخنا العارف الكامل الشاه آبادي أدام الله ظله على رؤوس مريديه: "إن السميع والبصير ليسا من أمهات الأسماء، ويرجعان إلى علمه في مقام الذات، ولا يفترقان منه إلا إذا وقعا للمخلوقين والمظاهر فتحقيق السميع البصير في حقه تعالى بعين السمع والبصر الواقع للمظاهر" انتهى.
فجميع مبادئ التأثير مظاهر قوته وقدرته، وهو الظاهر والباطن والأول والآخر.
قال الشيخ الكبير محيي الدين في فصوصه: واعلم أن العلوم الإلهية الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة منها مع كونها ترجع إلى عين واحدة. فإن الله تعالى يقول: "كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها". فذكر أن هويته عين الجوارح التي هي عين العبد، فالهوية واحدة والجوارح مختلفة انتهى.
صفحہ 127