ثم استثنى عليه السلام: (إلا باستقرار أولها). (الهاء) راجعة على الأصول، لا على المعرفة، لأن الأصول يشهد بعضها على بعض في الحدوث، وكذلك (يتضمن كل شيء منها ما قبله وما بعده). يريد عليه السلام أنما لزم الفرع من الحدث، لزم الأصل مثله. ثم قال مبينا لذلك ومنبها عليه: (واستطراد ذلك كله في العقول). لأن هذا في العقل مطرد أنما لزم الولد في الحدوث لزم الوالد، وكذلك الثمرة والورقة ما لزمها لزم أصل الشجرة في الزيادة والنقصان، قال الله عز وجل: ?فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج? [الحج: 5] ، عادة أجراها الحكيم، وشهادة أراناها الرحمن الرحيم، وأن الشيء يعرف بالمشاهدة إذا أدرك بالبصر، وغيره علم على الوجه الذي هو عليه، ولولا ذلك ما عرف، فهذا طريق معرفة الشيء المشاهد.
وماكان يعرف اضطرارا فإن ذلك يكون عند سبب في القلب على وجه لايمكن دفع ذلك عن النفس، وقد يكون عند تقدم علم بأحوال المشاهدات، إما وصف بالحدوث أوالقدم. والمعرفة: نور في قلوب العارفين.
أول الفصل الثاني في غير الأول.
(فلما كان ذلك كذلك).
يريد عليه السلام لما أن كانت المعرفة بالله لاتحصل إلا من قبل النظر والاستدلال بالعالم المشاهد، ثم يقع التميز بالعقل، فهذا معنى قوله: فلما أن كان ذلك كذلك.
(كان في ضرورة العقل الا سبيل له إلى علم كيفية الطاعة دون الخبر من عند المنعم بكيفية الطاعة، إذ لايمكن الخبر من عند الله ملاقاة لله).
صفحہ 45