ومعنى الفطرة هو ابتداع الأشياء الأولية، التي برأها الله أصولا للبرية، وقد يجيء على هذا المعنى الفطر من الأصول لبعض الفروع، على مقتضى اللغة العربية. وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: « كل مولود يولد على الفطرة ». وهو الأصل هاهنا الذي ركبه الله تعالى عليه من الطهارة.
(واستحقت بالإيمان) هذه التاء راجعة على دار الآخرة، التي استحق فيها المؤمن الجنة بعمله الصالح، والإيمان هو ما ذكرنا أولا في هذا الفصل، فلا وجه لإعادة ذكره هاهنا.
(وقليل من تقررت المعرفة في قلبه إلا باستقرار أولها، وشهادة بعضها على بعض، وتضمين كل شيء منها ما قبله وبعده، واستطراد ذلك كله في العقول).
صدق عليه السلام، إن من تقررت المعرفة في قلبه قليل، لأن المعرفة عند أهل النظر: سكون النفس إلى ما تعتقده وتعرفه لاعلى سبيل التقليد ولا الضرورة، والمعلوم أن من شاهد جسما اقتضت مشاهدته له العلم به، وبهيئته على ماهو به، فسكنت النفس إلى ذلك، وليس الظن يوجب العلم، ولا الشك ولا التقليد في المعقولات.
صفحہ 44