لئن زاد مال المرء مع نقص علمه ... فذلك خسر لا يقابله خسر
أيا أوحد الإسلام إني معوّل ... عليك وما المملوك في قصده غرّ
أقلني من الأحكام في البرّ محسنا ... إليّ بفصلي عنه، يا من هو البحر
شغلت بحبّ العلم عن رفعة القضا ... أيلوي على الأصداف من قصده الدّرّ
تعجب قوم كيف أترك منصبي ... وأرفضه عمدا وما أنا مضطرّ
وقالوا: ترى من حلّ في رتبة القضا ... وفارقها حتى يواريه القبر
أرى العلم أعلى رتبة لي من القضا ... ولو لم يكن إلّا فوائدك الزّهر
وفيّ لتحصيل العلوم بقيّة ... فلا كبر عنها يصدّ ولا كبر
ولم يستجب الزملكاني لرغبة ابن الوردي في الإقالة من القضا في البر.
وعند ما تولى الشيخ فخر الدين أبو عمرو عثمان بن خطيب جبرين، قضاء قضاة حلب وما يتبعها في جمادى الآخرة سنة ٧٣٦ هـ، طلب منه ابن الوردي الإعفاء من القضاء فاستجاب لطلبه، وبذلك تحققت رغبته في التفرغ للبحث والتدريس في حلب، وقد عبّر عن ذلك في إحدى قصائده، قال (١):
إني تركت عقودهم وفسوخهم ... وفروضهم والحكم بين اثنين
ولزمت بيتي قانعا ومطالعا ... كتب العلوم وذاك زين الزين (٢)
_________
(١) ديوان ابن الوردي ٣٥٧.
(٢) يعني نفسه، فلقبه زين الدين.
1 / 23