فشاور وزرائه وأمرَائه وعلمائه وفقهائه (١)، فقالُوا لهُ: «هَذَا عَالمٌ كبَيرٌ وفضله كثير لا يغلبه أحَدٌ منا في الكلاَمِ، وآبائكَ وَأجدَادكَ صَنفوا (٢) في زمَان السنة، وَكانَ يجبُ عَليهم التقيَّة في هَذِهِ القضِية» فتبعهم وَصَارَ مِنْ أهل الطغيان وَالكفران، كفرعَونَ حَيثُ شاورَ هَامَانَ، فقتله شهيدًا وجَعلهُ سَعِيدًا.
والحاصل: أن ولدَ الخطيب (٣) الذي هوَ أستاذي الأديب، كانَ يقولُ: إنَّ زيادة التعَصب وَالعناد في
هَذِهِ الطائفة اللعِينة، إنما وقعَت مِنْ تعَصبَاتِ (٤) الطبقة الأزبكية (٥)، حَيثُ إذَا رَأوا شخصًا يبتدئ في غسل الأيدِي مِنْ مَرقٍ أو مسَحَ عَلى رجلهِ (٦)، أو وَضعَ حَجرًا في مَسجدِهِ قتلوُه، فعَارضَهم بأن مَنْ غسَل رجله أو مسَحَ رقبتِهِ وَأذنِهِ قَتلوُه، وكلُّ مَنْ صَلى مُرسِلًا يدَيه قتلهُ هؤلاء، فعارضُوهم بأن مَنْ صلى وَاضِعًا يَديه قتَلوُه، إلى (٧) أن زدَادَ التعَصب بَينَ الطائفتين.
فَمَنْ سَبَّ الصحَابة وَلو مَكرهًا قتلوهُ، فَزادُوا عَلَيهم في القبَاحَةِ وَالوقاحَةِ،
_________
(١) في كلا النسختين: (وزرائه وأمرائه وعلمائه وفقهائه).
(٢) في (م): (صنعوا).
(٣) هو علاء الدين أبو الحسن علي بن جلال الدين محمد البكري الصديقي الشافعي، كان بارعًا في الفقه والتفسير والتصوف، وفاته سنة ٩٥٢هـ. النور السافر: ص ٣٦٩؛ شذرات الذهب: ٨/ ٢٩٢.
(٤) في (م): (التعصبات).
(٥) نسبة إلى أزبك خان، وهي قبائل وفدت إلى إيران من هضاب آسيا، وكان هؤلاء على مذهب أهل السنة والجماعة، ودخلوا في صراع عنيف مع الصفويين، ولكن الإمكانيات المتواضعة للأزبك جعلت كفة الصفويين هي الراجحة في معظم المعارك. الدولة الصفوية: ص ٥٥.
(٦) في (د): (رجليه).
(٧) في (م): (إلا).
1 / 44