وأفرغت القهوة، وقال نيلي: لقد أكلنا نحن من قبل.
وقالت له الأم: اسكت!
ووضعت اللبن على القهوة، وجلست في مواجهة جوني، وقالت له: اشربها يا جوني وهي ساخنة.
وحملق جوني في القدح، ثم دفعه بعيدا عنه، وتنفست كاتي تنفسا عميقا وهي تراه يتعثر على الأرض، ودفن جوني رأسه في ذراعيه، وأخذ ينشج وهو يرتعد، ومضت إليه كاتي مواسية: ماذا حدث يا جوني؟ ماذا حدث؟
وأخيرا انفجر قائلا من خلال نشيجه: لقد طردوني اليوم من اتحاد الندل، وقالوا إنني صعلوك سكير، وقالوا إنهم لن يعطوني عملا آخر ما دمت حيا.
وتحكم في نشيجه لحظة، وبدا في صوته الرعب وهو يقول: ما دمت حيا!
ووضع يده فوق «الزرار» الأبيض الصغير الضارب إلى الخضرة الذي يضعه على قلابة سترته، وشعرت فرانسي بغصة في حلقها حين تذكرت كيف قال كثيرا إنه يضعه كوردة يتحلى بها، كان يعتز كل الاعتزاز بأن يكون واحدا من رجال الاتحاد، وقال في نشيج: ولكني لن أتخلى عنها. - هذا أمر لا يستحق منك التفافا يا جوني، فلتنل قسطا وافرا من الراحة، ثم تقف على قدميك مرة أخرى، وسوف يطيب لهم أن يعيدوك إلى زمرتهم، إنك نادل صالح وأفضل مغن اشتغل عندهم! - لم أعد أصلح لشيء، ولا أستطيع الغناء بعد يا كاتي، إنهم يضحكون مني الآن حين أغني، وقد استخدموني في المرات القليلة الأخيرة التي اشتغلت عندهم فيها لأضحك الناس، هان شأني إلى هذا الحد، إنني انتهيت.
ونشج في حرارة واستمر ينشج كأنه لا يستطيع أن يكف عن النشيج.
وأحست فرانسي بالرغبة في الجري إلى حجرة النوم، وإخفاء رأسها تحت الوسادة، وذهبت إلى طرف الباب، لكن الأم رأتها فقالت لها في حدة: قفي هناك!
وخاطبت الأم جوني ثانيا: تعال يا جوني، استرح قليلا، وسوف تشعر بتحسن، إن موقد الغاز مشعل، وسأضعه في حجرة النوم، فتصير الحجرة دافئة مريحة، وسأجلس بجوارك حتى تستغرق في النوم.
نامعلوم صفحہ