Secularism: Its Rise and Development

Safar al-Hawali d. Unknown
82

Secularism: Its Rise and Development

العلمانية - نشأتها وتطورها

ناشر

دار الهجرة

اصناف

ومن ناحية أخرى تولد عن الشعور المستمر بالخطيئة أن قنط كثيرون من رحمة الله، فلا يكاد أحدهم يقترف كبيرة حتى تظلم الدنيا في عينيه، ويثأر من نفسه بإرغامها على الالتحاق بأحد الأديرة والمترهبين فيه. ٢ - رد الفعل المتطرف للمادية اليهودية الجشعة والأبيقورية الرومانية النهمة: فقد بعث الله عبده ورسوله المسيح بين ظهراني فئتين يربطهما رباط التهالك على الدنيا، والتفاني في سبيل ملذاتها، والعبودية الخانعة لشهواتها، هما: قومه اليهود أجشع بني الإنسان وأشدهم تعلقًا وتشبثًا بالحياة، ومستعمروهم الروم الغارقون إلى آذانهم في مستنقع الحياة البهيمية وأوكار الشهوات الدنسة، فكان المسيح ﵇ بأمر الله - يعظهم بأبلغ المواعظ، ويذكرهم بالآخرة أعظم تذكير، ويضرب لهم الأمثال المتنوعة، ويقص عليهم القصص المؤثرة، كل ذلك لكي يرفعهم من عبودية الدنيا إلى عبادة الله، ويفتح عيونهم على ما ينتظرهم في العالم الآخر من الأهوال، فيحسبوا له الحساب، وآمن بالمسيح قوم تأثرت أنفسهم، واتعظت قلوبهم بما سمعوا منه، لكنهم مع مرور الزمن ورد فعل منهم للضغط المادي عليهم، غلوا واشتطوا حتى خرجوا عن حدود ما يأمرهم به الوحي وتمليه الفطرة السوية، ونسبوا إلى المسيح أنه أمر الغني أن يتجرد من أمواله، ويحمل الصليب ويتبعه، وقال: "مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله " (١)، وأنه أوصى تلاميذه قائلًا: "لا تقتنوا ذهبًا ولا فضةً ولا نحاسًا في مناطقكم، ولا مزودًا للطريق، ولا ثوبين، ولا أحذية، ولا عصًا" (٢).

(١) مرقص (١٠: ٢٢)، ومتى (١٩: ٢٥). (٢) متى (١٠: ١٠ - ١١)، ومثله لوقا (٩: ٤ - ١٠).

1 / 87