وها هو الانتقام يطل باسما من مكتبة على شرفة بيروت، ويشرئب في دار بلدية تنهض في ضهور الشوير، وينهمر إحسانا جوادا، ويشع في ألف سراج وضاء هنا وعبر البحار.
ونفذ نعمة يافث في المجتمع خلال حياته وبعد مماته حقيقة اجتماعية وضرورة هي الاستمرار والرقي والنمو والتوسع والقوة التصاعدية، فجاء أبناؤه وبناته حاملين رسالة المعلم أبيهم.
كان أيسر على هؤلاء الأفراد أن يسبحوا في بحر من السعة والترف، ثم فيه يغرقون.
كان أهون عليهم أن يشيدوا من أتعاب سواهم أهراما من الجاه يشمخ على الناس، وفيه أجسادهم المحنطة يدفنون. كان من المغري أن تتحجر قلوبهم بنايات؛ طوابقها يستغلون، ولكنهم آثروا ممارسة الخير فانطلقوا شاعرين بالمسئولية الكبرى يفعلون.
ليس في مقدور هذه الأمة أفرادها وحكوماتها أن تهب شيئا لآل يافث يزيد في مكانتهم السياسية أو المالية أو الاجتماعية. ليس في وسعنا أن نسخو على هؤلاء الأسخياء.
غير أن جمعية متخرجي الجامعة، وقد كان نعمة يافث أحد أفرادها، وبعض أعضائنا العاملين هم من أسرة يافث، تود الجمعية أن ترمز إلى فخرها به وبهم، فهي تمنح لأول مرة في تاريخها الآن وهنا الوسام الوحيد: وسام دانيال بلس، يحمله إلى السيد كارلوس يافث؛ حفيد دانيال بلس الكبير، وحامل اسمه الدكتور دانيال بلس.
إن القوة تجوهر نفسها حين تصبح قوة، ولقد أعطى بنو يافث من قوتهم قدوة. علينا أن ننفذ الشطر الثاني والأهم والأصعب؛ وهو أن نقتدي.
قافلة جمال
كانوا على همة أن يمثلوا رواية في حفلة «عبية» المدرسية، وراح الخطباء يقفون أمام الستار الذي يحجب المسرح. وقفت وقلت: «الحمد لله، فهذا مكان لا يخاف الإنسان فيه أن يدير ظهره إلى ستار لا يدري ما وراءه .» ولسبب ما، شد أحد التلامذة الممثلين بالستار فتمزق، وانكشف المسرح، فأضفت: «والحمد لله، فنحن في مكان لا نهرب منه إن بان ما اختفى خلف الستار.» وألقيت خطابي. يسرني، وقد أتاح لي طبع هذا الكتاب، أن أسجل على نفسي شيئا من نقيصة التملق الذي تغلغل في كلامي.
للرجل في حياته حادثتان: الولادة والموت.
نامعلوم صفحہ