لمعت عيناه بشدة وابتسم ابتسامة فاتنة حين تلقى رسالتي تلك، كان ذلك في السنة الثالثة من دراسة الطب، أمضيت بعدها مع هاك أجمل ثلاثة أعوام في حياتي. مع أن هاك كان مستاء مني بسبب تحفظي الزائد في علاقتنا العاطفية تلك، فأنا لا أسمح له بأن يزورني في منزلي إن لم تكن أمي فيه، لم يستطع هاك في بداية الأمر تقبل الموضوع إلا أنه اعتاد عليه لاحقا، وعلم عن البيئة المتحفظة التي نشأت بها، نتيجة لذلك بدونا كما لو أننا صديقان مع أن حالة هاك واضحة جدا للعيان، كان يهتم بي وبكل أموري بكل ما أوتي من طاقة. صديقاتي لاحظن ذلك وبدأن بالاستفسار والسؤال: لماذا لا ترتبطان بشكل رسمي؟ ألا تفكران في ذلك؟ على فكرة أنتما لا تتناسبان مع بعضكما البعض، وهذا واضح منذ البداية!
الكلام نفسه بدأت بسماعه من أطراف عديدة. الضغط يزيد من حولي وخاصة أن هذه السنة هي سنة التخرج وإلى الآن لم نتكلم عن المستقبل. هاك لديه فرص عديدة للاختصاص في أفضل المستشفيات بناء على علاماته المتميزة. أما أنا في الحقيقة ففرصتي ضئيلة، لست مستعدة لأن تصبح علاقتنا علاقة عن بعد، لا أحتمل عدم رؤية هاك يوميا، أنا في بحر ودوامة، هل نحن بالفعل غير مناسبين لبعضنا البعض؟ هل يفكر هاك الآن بالارتباط الرسمي؟ أم أنه يفضل أن تبقى الأمور بيننا كما هي؟ لا أريد الضغط عليه فأخسره، وفي الوقت نفسه أحلم أن نرتبط بشكل رسمي.
مر شهران وأنا على هذه الحال، لاحظ هاك حالتي وبات يلح بالسؤال بشكل متكرر: ساي ما الخطب! وأنا لا أدري بم أجيبه؟ أأخبره بالحقيقة؟ أأخبره أني بدأت أخشى على مستقبلنا وأن هناك احتمالا ألا نبقى معا بعد الآن؟ أم أترك الأمور على ما هي عليه حتى لا يشعر هاك بالضغط، فالارتباط مسئولية وأخاف ألا يكون هاك مستعدا لذلك الآن.
هاك 1999
مرت ثلاثة أعوام على بدء مواعدتي لساي. كانت بحق من أجمل أيام عمري ولكن ساي في الفترة الأخيرة كانت تتغير لا أدري بحق ما خطبها! هي تزعم أنها بخير وأن كل شيء على ما يرام، ولكني بعد أن عرفتها على مدى هذه الأعوام الثلاثة أعلم علم اليقين أن هناك خطبا ما. حاولت سؤال أصدقائها المقربين ولكنهم تجنبوا الإجابة. بقينا على هذه الحال شهرين كانت خلالها ساي حاضرة وغائبة في الوقت نفسه، كانت معي وليست معي. أعلم أنه ليس لديها أي مشاكل عائلية، إذن ما الأمر ساي؟ أرجوك أعلميني! لم تعد تقابلني بتلك الابتسامة التي أعشقها، ساي لو تعلمين مقدار الألم الذي أعانيه من تغيرك المفاجئ لأشفق قلبك على حالي.
بعد عدة أيام عرفت أخيرا ما بها بالصدفة، حين كانت في المختبر تتحدث مع صديقاتها دخلت فجأة لآخذ أغراضا لي نسيتها هناك. سمعتهن يتحدثن عن استحالة ارتباط رسمي بيني وبين ساي، عن عدم استعدادي له، عن عدم تناسب شخصياتنا، وأننا، أنا وساي، كقطبي المغناطيس! أشفقت على ساي، كم كانت تتحمل من غير أن تنبس ببنت شفة! لا، لا أريد لساي أن تشعر بعدم الأمان معي، أريدها أن تعلم أن كل أمورنا ستبقى على ما يرام. لذا لم أتردد، مضيت مباشرة واشتريت خاتمين، فأنا هكذا وكما هو معروف عني، إذا قررت نفذت.
في وقت لاحق من اليوم ذاته وقبل أن تبدأ المحاضرة اعتليت مكان الطبيب المحاضر قبل وصوله حيث كان جميع الطلاب في أماكن الجلوس. طلبت الزواج منها على الملأ كله، لا بد أن هذه الفتاة قد أصابتني بشيء من جنونها!
دهش الجميع، تركتهم في ذهولهم وتوجهت نحو أميرتي حيث كانت تجلس، قبضت على يدها وألبستها الخاتم من غير أن أنتظر سماع جوابها، نظرت إلي باندهاش شديد، رأيت لآلئ تنهمر من عينيها. دخل الطبيب المحاضر عندما أنهيت طلبي. مضيت وجلست إلى جانبها وبدأت المحاضرة. أمسكت بيدها ثم همست في أذنها: دموعك، لا أريد أن أراها، فعلت كل شيء وسأفعل، فقط لأسمع صوت ضحكتك وأرى ابتسامتك، أريد أن أراها الآن وحالا!
مسحت دموعها وأحكمت القبض على يدي، التفتت إلي بنظرتها البريئة، بنظرتها الجميلة، وللمرة الأولى أرى ساي وهي لا تقوى على الكلام. علمت في تلك اللحظة أن ارتباطي بساي هو أفضل شيء أقوم به في حياتي بعد الوقوع في حبها. يا لحبيبتي ساي!
ساي 2006
نامعلوم صفحہ