وأقرب منزلة وأعلى درجة ممن لحق من تقدمه فلا ينكر هذا ذو فهم ولكن المنكر قول من زعم أن الله سابق بين من خلق وبين من لم يخلق فمن قال إن الصحابة قد سبقونا بالإيمان ويريد بذلك تقدمهم في عصرهم وتأخر عصرنا من عصرهم فيما قدم الله خلقهم وأخر خلقنا فذلك كلام صحيح وقول فصيح كما أن من تقدم أيضا من الأمم في الأعصار التي كانت قبل الصحابة كانوا متقدمين على الصحابة بأعصارهم سابقا من آمن منهم على مؤمني الصحابة وتقدم خلقهم عليهم ليس في ذلك فضل لهم على من جاء بعدهم ومن قال إن الصحابة سبقونا بالإيمان بمعنى التسابق بيننا وبينهم إلى الإيمان فكان لهم بسبقهم ذلك الفضل علينا لأجل تأخرنا عنهم كان ذلك قولا محالا شنيعا لأن تأخرنا عن عصرهم من فعل الله لا من فعلنا والله لا يذمنا على أفعاله ولو كان لأهل عصر الصحابة علينا فضل في إيمانهم بتقدمهم علينا في الأعصار والخلق لوجب على هذه القضية أن يكون إيمان من تقدمهم الأمم السالفة أفضل من إيمانهم بتقدمهم عليهم في الأعصار فلما كانوا يمنعون ذلك ويوجبون الفضل لأمة محمد صلى الله عليه وآله على من تقدمهم من الأمة كان إيجابهم تفاضل أوائل هذه الأمة على أواخرها فاسدا وهذا ما لا نطلقه نحن أيضا في مذهبنا لكنا نقول إن أهل كل عصر يتفاضلون بينهم ومن سبق منهم إلى الإيمان فهو أفضل ممن تأخر عنه فلحق بالسابق من أهل عصره ولسنا نفضل أهل عصر الرسول على من جاء بعدهم في الأعصار المتأخرة كما لا نفضل أهل الأعصار المتأخرة على من تقدمهم لكنا نفاضل بين أهل كل عصر بعضهم على بعض بما وصفنا من السبق إلى الإيمان دون أن يكونوا فاضلين على من تقدمهم ولا على من تأخر عنهم فهذا ما تعلق به أهل الغفلة
صفحہ 24